بعد مرورأكثر من عام ونصف علي ثورة يناير مازال ميدان التحرير ممتليء بالحكايات والذكريات ؛ التي تفوح منها رائحة المقاومة بما تحمله من تاريخ منسي للشهداء. ومن تلك القصص قصة"مجدى اسكندر" والد الشهيد مينا الذي ظل منذ جمعة الغضب بميدان التحرير يضع أمامه عشرات اللافتات التى كتب عليها شعارات يتهم فيها الداخلية والقوات المسلحة بقتل ابنه الأكبر مينا. توافد عليه خلال هذه الفترة الثوار والسائحون المترددون على الميدان ؛ وبعد إخلاء الميدان وضع خيمته أمام سور مجلس الوزراء وهدد بالاضراب عن الطعام. وأكد لنا أن ابنه مينا استشهد فى يوم الجمعة 28 يناير أما هو فقد أصيب بعاهة مستديمة فى قدمه فى موقعة الجمل ومع ذلك لم يحمل معه أوراقا رسمية تثبت صحة أقواله. وعن قصته وقصة استشهاد ابنه على لسانه يقول: عمرى 64 عاما ؛ وأسكن في منطقة الشرابية بالقاهرة ، وكنت أعمل فنى اليكترونيات ولدى أربعة أبناء أكبرهم ابنى الشهيد مينا عمره 28 عاما و كان يعمل خراط معادن ومتزوج وزوجته كانت حاملا فى طفله الوحيد حينما لقى حتفه. قبل الثورة كنت أعانى مثل غيرى من فساد كبار رجال الدولة والمسئولين وغلاء الأسعار والفقر والحرمان والاضطهاد . لذلك عندما سمعت عن ثورة 25 يناير قمت بصنع اللافتات وكتبت حوالى 300 لافتة بها شعارات تعبر عن حالنا فى مصر فلم تهمنى القنابل المسيلة للدموع ولا طلقات الرصاص الحى ؛ وظللت أهتف بأعلى صوت لإسقاط الرئيس مبارك والنظام الفاسد. واضاف ..سرت فى عشرات المسيرات وكنت ضمن الذين ضربهم الأمن المركزى امام نقابة الصحفيين وفى هذا اليوم مزقوا ملابسى وأصيبت بكدمات فى جميع أنحاء جسدى وذهبت لمنزلى لأبدل ملابسى وكنت حريصأ على ألا يرانى ابنى مينا بهذا الشكل لأنه لن يتحمل وسيثور غاضباً مما حدث لى ولن يتركنى اذهب للميدان وحدى . وقد كان ،، ففى البداية أصر على عدم نزولى الميدان وأعود لعملى لكنى رفضت وقلت له هذه رسالتى حتى لو استشهدت فسيكون من أجل اصلاح حال بلدى وحالنا نحن الأقباط المنبوذين فى وطننا وحالنا المتدهور يوماً بعد يوم اقتنع ابنى بكلامى وأقسم بأنه سيرافقنى فى كل خطوة فطلبت منه أن يظل يرعى أمه وأشقائه وزوجته التى أسعدتنا منذ أيام قليلة بنبأ حملها ويكون لدى اول حفيد. لكن مينا رفض ونزل قبلى للشارع وهو يحمل عنى اللافتات وودع زوجته وامه واشقائه الوداع الأخير. و يضيف مجدي قائلا: ذهبنا سوياً لميدان التحرير وظللت أكتب فى لافتات جديدة وشاهدنا الحزب الوطنى يحترق فإستاذن مينا للذهاب إلى هناك ربما يجد ما يفعله وينقذ ما يمكن إنقاذه لكنها كانت خطوات قليلة منه وسرعان ما سقط أمام عينى هو وعشرة آخرين أصابهم القناصة من فوق سطح فندق سميراميس. أسرعت إلى ابنى وأخذته فى حضنى ورغم ثقتى من وفاته إلا أننى أسرعت به إلى مستشفى شبرا العام علي أمل أن يكون ما زال على قيد الحياة لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة وحصلت على تقرير من المستشفى بأنه قتل بمقذوف نارى . ومع ذلك الحكومة رفضت الاعتراف به كشهيد وأسقطوا عن عمد اسمه من كشوف الشهداء ولم يقروا سوى 341 شهيدا فقط فى حين أن لجنة الاطباء الشرفاء أقروا بأن عددهم بلغ 864 شهيدا فى جميع محافظات الجمهورية . وفى موقعة الجمل كنت من الدروع البشرية التى تصدت لراكبى الجمال والأحصنة القادمين من نزلة السمان ,وأصابنى أحدهم بكسر مضاعف فى عظمة الساق اليسرى وعجز بالمشط والقدم ومع ذلك رفضوا الاعتراف بإصابتى أنا أيضاً, وحتى أحافظ على حقوق ابنى وحفيدى كرولس الذى جاء هذه الدنيا يتيماً قمت برفع دعوى قضائية لإثبات أن مينا شهيد الميدان حتى يحصل على معاش الشهيد مثل غيره من الشهداء. والى الآن لم أحصل على حكم لصالحى وتم إخلاء الميدان بالقوة الجبرية فإنتقلت إلى هنا وظللت أكتب اللافتات وسوف اضرب عن الطعام ولن اتنازل عن حقى أنا وابنى وطفله الرضيع.