بعد أيام عديدة على بثّ براءة المسلمين لسام باسيل (نقولا باسيلي نقولا)، وما أثاره من اضطراب في العالم الإسلاميّ تحديداً، انفجرت مسألة جديدة مرتبطة بشعور مسيحي أرثوذكسي بالإساءة إليهم على أيدي أناس أتراك، من خلال فيلم "فتح 1453" لفاروق آكصوي، الذي تناول قصّة فتح القسطنطينية من قبل جيش المسلمين، في العهد العثماني بقيادة محمد الفاتح. الفيلم، الذي يُعد أكثر الأفلام تكلفة في تاريخ صناعة السينما التركية (بلغت ميزانية إنتاجه 18 مليونا و200 ألف دولار أميركي)، وحرّض على مواجهته في بقاع مختلفة من العالم، احتجاجاً على وجهة نظر تركية للفتح المذكور، وعلى ما اعتبِر إساءة للروم وللكنيسة على حدّ سواء. وعلى الرغم من أن الغليان الإسلاميّ لا يزال في ذروته، إلاّ أن الحملة الموجّهة ضد الفيلم بدت كأنها مطلوبة لعدم التفريط بما يُسمّى تعايشاً مشتركاً، أو عيشاً مشتركاً بين الديانتين المسيحية والإسلامية وأبنائهما. ودعا ناشطون إلى اعتصام يُقام عند الرابعة من بعد ظهر السبت المقبل في ساحة ساسين (الأشرفية) في لبنان، تحت عنوان يداً واحدة في مواجهة الفيلم المسيء لحضارة الروم المسيحية، احتجاجاً على الفيلم التركي، الذي يروي فتح العثمانيين للقسطنطينية من وجهة نظر تركية. يُذكر أن الحملة ضدّ الفيلم بدأت في اليونان على الانترنت، بعد إعلان جريدة بروتوثيما وهي من أكثر الجرائد انتشاراً تفاصيل الفيلم وحبكته وإساءته إلى الكنيسة وأبنائها الأرثوذكسيين. في ألمانيا، دعت مؤسّسة فيا دولوروسا (مؤسّسة نصرانية متشدّدة) إلى مقاطعة الفيلم قبل تحديد موعد إطلاق عرضه التجاري، معلنة: بدلا من الاحتفال، على الأتراك أن يستحوا من فعلهم في إلحاق الضرر بالنصارى. إلى ذلك، أشادت تعليقات عديدة بالفيلم، معتبرة إياه حدثاً سينمائياً مهمّاً. لكن هذه التعليقات نفسها لاحظت ما وصفته بعدم احترامه حقائق تاريخية. يلماظ كورت، مدير كلية التاريخ في جامعة أنقرة، قال إن الفيلم حدث على مستوى كبير من النوعية والتقنية، لكن التضحية بالواقع التاريخي تمّت لاعتبارات تجارية، وعلّق كورت على مشهد ظهر فيه الإمبراطور البيزنطي آمراً قواته العسكرية بالخروج من المدينة، بقوله: إخراج الجيش بهدف مواجهة العثمانيين أمر سخيف في مدينة كانت في موقع الدفاع. يُذكر أن الفيلم عرض للمرّة الأولى في 16 شباط 2012، وشاهده في ذلك اليوم 300 ألف مُشاهد