لماذا يتفتت الليبراليون؟ .. سؤال يؤرق اذهان القوى المدنية ومؤيديها من المجتمع، فقد أجبرت تلك القوى الليبرالية مؤخراً بمختلف ايديولوجياتها ان تعمل علي توحيد الصفوف وعلى هامش تلك الاجتماعات التي يتم تدشينها مؤخراً بغزارة من أجل الاستعداد لخوض انتخابات برلمانية بعد القرار النهائي بحل مجلس الشعب، يعود السؤال مرة اخرى هل يكون ذلك التشتت والتفتيت الذي يتمتع به الفكر الليبرالي سبباً في أن يخذل مرة اخرى في الانتخابات البرلمانية الثانية عقب الثورة المصرية أم تقف تلك القوى الليبرالية علي اسباب ذلك التفتت للوصول بأهدافها ألاسمى الى المراحل المتقدمة؟.. بداية يقول دكتور سعيد صادق استاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الامريكية أن اكثر ما يفتت الليبراليين هو الاختلاف الايديولوجي حيث يتمتع المشهد المصري الليبرالي بدرجة كبيرة من الاختلاف تجعله في شتات لأن الشكل الليبرالي يعتمد علي الحرية ومثال ذلك الانتخابات الرئاسية الماضية حيث تفتت القوى الليبرالية لعدة اتجاهات فتجد فئة عملت علي عدم انتخاب الفريق "شفيق" خشية عودة النظام القديم وفئة اخرى عملت لعدم انتخاب "شفيق" وانتخاب دكتور مرسي حتى يتم الدفع بالثورة للامام المحافظة عليها وفئة ثالثة انتهجت المقاطعة حيث لم ترى في دكتاتورية العسكر المتمثلة في "شفيق" والديكتاتورية الدينية المتمثلة في الاخوان المسلمين ومرشحهم دكتور محمد مرسي . فتشتت القوي الليبرالية بخلاف التنوع الايديولوجي الذي يرجع الى المواقف المتعددة للزعماء كل وفق رؤيته الخاصة وعقائده ومطامعه دون العمل على توحيد الموقف العام للقوى الليبرالية. وأضاف "صادق" أن الفكر الليبرالي السديد هو فكر اسلامي معتدل لأنه بطبيعة الحال وسطي مضيفاً ان التنظيمات الايديولوجية سواء حزبية تمثلت في حزب شيوعي أو ديني أو فاشي هي متطرفة قومياً بطبيعة الحال حيث تتبع سياسة الطاعة العمياء خاصة في القرارات والانتخابات فصوتك كما يقال لك وهذا سر نجاح التيار الاسلامي علي عكس التيار الليبرالي فليس لديه تنظيم حديدي مثل الاخوان، وبالتالي الانتخابات القادمة ستتطلب الالتفاف فيما بينهم تحت قيادة وزعامة واحدة مثلما حدث في تونس حيث كان المشهد المصري الليبرالي عبرة لهم في التوحيد تحت قيادة وزعامة قيادة واحدة وهذا سر تفوقهم الامر الذي يجب ان يراعيه المجتمع الليبرالي المصري خاصة القوى الليبرالية الخمس الكبري وبالتالي ضرورة تنازل احدهم للاخر خاصة حمدين أو البرادعي أو عمر موسي ليتثنى لهم النجاح. وتساءل صادق ما هي الفوارق الجوهرية بين احزاب مثل الوفد وحزب الدستور وما فائدة اكثر من 60 حزباً، فضرورة التوحيد امر حتمي حتي يكون هناك معارضة حقيقية في المجتمع المصري مستشهداً بالمجتمع الامريكي حيث الجمهوريين والديمقراطيين كقوتين أحدهما له غالبية الكونجرس والأخر الرئاسة فتتحقق القطبية الثنائية وتتعزز بديمقراطيتها لتعطي أكبر قدرة فعالية سياسية بالمجتمع الامريكي. واستبعد "صادق" ان يكون هناك كارت ابيض في المجتمع المصري مثلما حدث في عام 1967 م ابان كارت الزعامة الابيض الذي حصل عليه عبد الناصر والذي كانت نتيجته هزيمة فادحة، لذا المجتمع حاليا حريص كل الحرص علي عدم اعطاء كروت اخرى، خاصة وان الوضع في المجتمع الي الاستقرار وهناك وعي وإضرابات لكل فئة والتناحر فيما بينها وبين الحصول علي حقوقها المشروعة لذا يجب علي تلك القوي ان تعي ذلك وان تترك للمسئولية قادتها وعدم السعي وراء زعامة فردية بل تحقيق هدف الليبرالية الاسمي وإثراءه بتنمية وتطوير المشهد المصري السياسي . بينما يقول دكتور محمد كمال استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ان التقاليد الليبرالية جديدة علي المجتمع المصري ولا يوجد وضوح تام لها او تعريف محدد لها او تطبيق موحد لأحد انماطها فإمكانية التعريف بين القوى الليبرالية او المدنية اصبح مختلطا. وأضاف "كمال" ان مجمع القوى السياسية المصرية ليس لها الخبرة الليبرالية الكافية لان تحقق اهدافها وتعمل للانتشار علي المستوي المجتمعي وبالتالي تجد رفض من عدد كبير من المجتمع لهذا المفهوم فتارة تجد منهم اليميني وأخر وسطي وأيضا يساري كل وفق قراءته الشخصية وتطبيقه لهذا المفهوم. وأضاف ان الليبرالية تتخذ من الأيديولوجية انماط متعددة لذا تجد مفهومها في المجتمع المصري مغاير بعض الشيء فتجد اشخاص يقومون لتطبيق الليبرالية كل وفق مفهومه الخاص وعقائده الشخصية تحت سحابة كبرى تسمى الليبرالية لذا تجد ان هؤلاء كل منهم في اتجاه معين ومختلف يصعب اتفاقهم لذا من الاولى ان تعمل تلك القوى على التوحد على حد أدنى من المعايير تجمعهم لتحقيق وحدة الصف حتى يتثنى لهم تحقيق اهدافهم الامر الذي يؤدي الي وجود قوة معارضة وجبهة قوية مما يأخذنا لتحقيق القطبية الثنائية حيث القوى الليبرالية والمدنية والتيار الاسلامي . بينما قال دكتور عبد الخبير عطا استاذ العلوم السياسية أن تفتت القوي السياسية الليبرالية يرجع لعدم وجود جوهري بالمجتمع بمعنى ان التواجد الليبرالي هو تواجد لأشخاص بأعينهم وليس بالشارع لان التيار الليبرالي قائم على ايديولوجيات يرفضها اغلب فئات المجتمع حيث التوجه العام السائد لكافة اطياف المجتمع نحو التيارات الاسلامية، وهذا ما آلت إليه كافة الدراسات العلمية والمدنية والدولية أيضا حيث كان أغلب رصدها هو تحول الاقليم من افغانستان الى الربا بالمغرب الي التيار الاسلامي السياسي وبالتالي يرجع التفتت الليبرالي الي تلك العقائد الراسخة بالمجتمع المصري والتي ظهرت خلال الانتخابات البرلمانية الماضية وتبلورت أكثر خلال الانتخابات الرئاسية مضيفاً أن الجهود التي تبذل حالياً من القوي الليبرالية سيكون مصيرها مجهولا بطبيعة الحال وسيتحدد مصيرها وفق اجراءات وسياسات التيارات الاسلامية الأخرى وليس وفق وحدة الصف بينهما فقط .