من المؤكد أن تعيين رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية بصفة رسمية، لايجب أن يمر مرور الكرام، لأن الأمر لا يتعلق بشأن محلي أكثر من كونه اهتمام دولي، خاصة وفي الأماكن المعنية بالأمر كالمخابرات الأمريكية وأجهزة الموساد الإسرائيلي، ومايعادلها من أجهزة في دول مختلفة، متطلعة إلى الشأن المصري، ويبدو أن اللواء محمد رأفت شحاتة الرئيس الجديد، سيمثل علامة في تاريخ الجهاز، لأنه أحد أبناء الجهاز، بعدما جرت العادة على اختيار من يتولى المنصب من وزارة الدفاع، وأحد قادتها السابقين . حينما تولى "شحاتة" منصب قائم بأعمال رئيس جهاز المخابرات وذلك في أعقاب إقالة اللواء مراد موافي من منصبه في سبتمبر الماضي_ يواجه تهما حالياً من جراء حادث رفح _ ذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية حينها أن قرار الرئيس محمد مرسي بإقالة اللواء مراد موافي وبعض القيادات الأمنية الأخري كان قراراً درامياً لم يتوقعه الكثيرون، بل إنه فاجأ البعض في الدوائر المصرية نفسها، أكدت الصحيفة على أن خليفة موافي، اللواء محمد رأفت شحاتة، هو ضابط برتبة موازية لرتبة لواء في الجيش الإسرائيلي، وعمل نائباً للواء موافي في العام الأخير، مشيرة إلى أن شحاتة ضابط يحترمه الجميع، ولديه "علاقات وصلات عملية مميزة مع مصادر إسرائيلية"، وفي حماس، وفي السلطة الفلسطينية، كما أنه يحظى بثقة الأطراف الثلاثة بشكل كامل. ومن المعروف ان شحاتة تولى منصب وكيل الجهاز، وسبق أن تولى الأمانة العامة لجهاز المخابرات، وهو شخصية معروفة جداً لدى الفلسطينيين والإسرائيليين، وكان له دور في إتمام صفقة مبادلة الأسرى الفلسطينيين بالجندي الإسرائيلى جلعاد شاليط، وشارك في استلام شاليط على الحدود المصرية مع قطاع غزة، قبل تسليمه للسلطات الإسرائيلية بعد الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين. وسبق أن ترأس شحاتة الوفد المصري الأمني في قطاع غزة عامي 2005، و2006، مع اللواء محمد إبراهيم، وسبق أن منحهما الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبومازن وسام نوط القدس تقديراً لجهودهما في خدمة الشعب الفلسطيني. حتى وقت قريب كانت تعتبر شخصية رئيس المخابرات المصرية سرية وغير معروفة إلا لكبار قيادات الجيش ولرئيس الجمهورية بالطبع، الذي يقوم بتعيينه بقرار جمهوري، ولكن اللواء الراحل عمر سليمان كسر هذا التقليد حيث أعلنت الصحافة اسمه عدة مرات قبل أن يصبح شخصية معروفة بعد مصاحبته للرئيس السابق مبارك في جولاته إلى فلسطينوالولاياتالمتحدة، تباعاً تم إعلان تعيين اللواء مراد موافي مديراً للمخابرات في 31 يناير 2011، بعد تعيين عمر سليمان كنائب للرئيس السابق لجمهورية مصر العربية، وقام الرئيس محمد مرسي بإقالة اللواء مراد موافي عصر يوم الثلاثاء، الموافق 8 أغسطس عام 2012 وتعيين اللواء محمد رأفت عبدالواحد بدلاً منه كقائم بالأعمال إلى أن أصدر له قراراً رسمياً اليوم بتوليه منصب مدير الجهاز . يعتبر جهاز المخابرات من الأجهزة التي تعاقب عليها أشخاصاً أصبحوا علامة في تاريخ مصر الحديث سواء كان بالسلب أو الإيجاب، ومن هؤلاء أول رئيس للجهاز زكريا محي الدين عضو مجلس قيادة الثورة الذى تولى لمدة عامين، كما يعتبر صلاح نصر علامة فارقة _ بالسلب_ ، في تاريخ الجهاز، فكما تذكر الكاتبة اعتماد خورشيد في كتابها "مذكرات صلاح نصر" والذى تسبب في تقديمه للمحاكمة العسكرية وعُزِل من منصبه، أشارت الكاتبة أن " نصر" استعمل الجهاز لملاذاته الخاصة، فكانت تقام حفلات للجنس الجماعي، وكان يدفع ببعض الفنانات لممارسة الجنس مع الرموز السياسية وذلك بهدف تصويره في وضع مخل، مما يُسَهِل من السيطرة عليه، والكلام للكاتبة، وهي الشهادة التي طرحتها على جمال عبدالناصر عام 1967 وقدم حينها " نصر" للمحاكمة العسكرية كما ذكرنا . ومن الشخصيات التي أثرت في الجهاز الراحل عمر سليمان والذى عُيِنَ نائباً لرئيس الجمهورية أثناء الثورة وبعد سقوط النظام قدم نفسه للانتخابات الرئاسية قبل أن يخرج بقرار من اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية هو وأثنتي عشر مرشحاً آخر أبرزهم المحامي حازم أبواسماعيل والمهندس خيرت الشاطر، فيما اعتبره البعض حينها، أن الخروج في إطار سياسي، وبعدها توفى في الولاياتالمتحدةالأمريكية، في ظروف غامضة، لم تعرف ملابساتها حتى الآن وإن كان أذيع أن ظروفه المرضية هي السبب الرئيسي في وفاته !!!. وأيضا يعد اللواء مراد موافي رئيس الجهاز السابق من الشخصيات التي سيظل يذكر إسمها في تاريخ الجهاز، نظراً لأن الرئيس مرسي اعتبره فاتحة الكتاب في إقالة المجلس العسكري بأكمله وذلك عقب أحداث رفح، ووقتها صرح بأنه أبلغ القيادة بما لديه من معلومات عن وقوع أحداث رفح وهو مالم يثبت حتى الآن هل تم إبلاغ المشير أم الرئيس مرسي. وبذلك يكون اللواء محمد رأفت عبدالواحد شحاته أول رئيس لجهاز المخابرات العامة في عهد الجمهورية الثانية، ومن المنتظر أن تواجهه مشاكل كثيرة، منها عودة الجهاز لدوره الأصلي في المراقبات الخارجية، وليس كما صرح اللواء عمر سليمان قبل وفاته بأن الجهاز كان له دور مع الجماعات الإسلامية، وأيضاً سيواجه اللواء شحاته بعض المطالبين بعودة اللواء مراد موافي لرئاسة الجهاز، وهو ما قد يصعب تحقيقه، وفي ظل الصراع المخابراتي العالمي يظل الدور المخابراتي المصري ملموس، فهل يعيد رأفت شحاتة دور جهاز " رأفت الهجان " . يقول الفريق حسام خيرالله وكيل جهاز المخابرات السابق أن المخابرات العامة المصرية لها مايميزها وعملها مشهود له في الأوساط العسكرية، وذلك في إطار الإمكانيات المتاحة والتي تتميز بأنها على أعلى المستويات، مشيراً إلى أن الجهاز يجب أن ينظر له بفكر جديد يواكب الأحداث التي تدور على الساحة العربية والمصرية الآن . وعن العلاقة مع إسرائيل يشير اللواء مجدى عمر الخبير العسكري أن العلاقة بين أجهزة الأمن والدول يحددها القرار السياسي وذلك كله يتم عبر توجيهات عامة من القيادة السياسية، مؤكداً أن قسم الولاء الذى أقره أمس اللواء محمد رافت شحاتة هو قسم معمول به في الجهاز، وذلك تأكيداً منه لرئيسه انه سيحافظ على الوطن وعلى ما لديه من معلومات، وسريتها وذلك حتى لو خسر حياته. بينما يشير اللواء محمد بلال أن دور جهاز المخابرات والأجهزة الأمنية من المنتظر أن يتغير إلى الأفضل، لأن الثورة إنما جاءت للمصريين جميعهم، والعسكريين من ضمن هؤلاء، وكذلك رجال المخابرات، متوقعاً أن تشهد الفترة القادمة إعادة توزيع للدور الذي تقوم به الأجهزة بما لا يضر الصالح العام.