أكد الكاتب و الروائى عمر طاهر على أن الكتابة في الأساس هي عمل أدبي يستلزم في بدايته موهبة ولكنها لن تستطيع الإنطلاق وحدها نحو الإبداع بدون تنميتها و ثقلها بالتعليم و التدريب و شغف المعرفة المستمر ، وذلك من خلال الدراسة الأكاديمية بجانب الإطلاع على كل ما هو جديد في مجالات الحياة المختلفة والقراءة المستمرة و مشاهدة الأفلام السينيمائية إضافة إلى التجارب الشخصية من الأخرين ، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من النماذج الإعلامية التى عوضت الجانب الأكاديمي بالإجتهاد المستمر لثقل موهبتهم ، جاء ذلك خلال اللقاء الثالث للموسم الثقافي لجامعة عين شمس والذي إستضافته كلية الآداب بالتعاون مع قطاع شئون خدمة المجتمع و تنمية البيئة فى ندوة بعنوان " الإعلام و الإبداع " و افتتحها أ.د.عبد الوهاب عزت نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع و تنمية البيئة . و شدد " طاهر" على أهمية تمييز كافة المًدخلات التى يتلقاها العقل من معلومات حتى يتمكن العقل من تحقيق أقصى درجات الإستفادة من الأفكار البناءة لتتحول إلى أفكار إيجابية تمكن الإعلامى من إستخدامها بالشكل الأمثل و توظيفها وفق سياقها السليم بهدف الحصول على منتج فكري متميز ، كما أن العمل الإعلامي يتطلب التميز بمعنى الإختلاف عن الآخرين فيجدر بالإعلامي الناجح أن يعبر عن أفكاره الشخصية بشكل سليم وتجنب إستخدام أفكار الآخرين . كما أعلن عن قرب إصدار كتابه الجديد بعنوان " صنايعية مصر " والذي يتناول يحكى تاريخ عدد من الشخصيات التى ساهمت فى تأسيس مصر الحديثة لكنهم لم يحصلوا على التقدير المناسب مثل " أنيس عبيد " أول من أدخل ترجمة الأفلام إلى مصر فى الأربيعينات وهو مهندس مصري سافر إلى باريس ترك مجال الهندسة و إلتحق بدورة لإعداد المترجمين للأفلام وعاد إلى مصر فأصبح أول من أدخل ترجمة الأفلام ، " عبد اللطيف أبو رجيلة " مؤسس شبكة المواصلات ، " محى الدين أبو العز" مؤسس أول جهاز للرقابة الإدارية فى مصر . وعن أول تجاربة في العمل الإذاعي مع نجوم FM أشار إلى أنه كان بمثابة نقطة إنطلاق فى حياته حيث أن العمل الإذاعي ينمي الخيال لكلٍ من المقدم و الجمهور ، فيسعى المقدم إلى رسم صورة وجدانة للمتلقى من خلال الكلمات فقط بدون أى وسائل بصرية مساعدة فيطلق العنان لمخيلة المتلقى فى رسم الصورة العقلية التى يرغب فى أن يراها و هي تختلف من مستمع إلى أخر وفق مخزونه الفكري و المعرفي . كما أوضح أنه بالرغم من عدم دراسته النظرية للإعلام إلا أنه تتلمذ علي يد مدرستين إعلاميتين كان لهما أكبر الأثر فى تكوينه الإعلامى و هما جريدة " الدستور" مع الصحفي إبراهيم عيسي عام 1998 ، ومجلة "نصف الدنيا" مع الإعلامية سناء البيسي عام 2000 ، وكانت تلك الفترة بمثابة إعداد لحياته الصحفية ، ولكن في الفترة الحالية وبعد إنتشار وسائل الإتصال الحديثة أصبح من الضروري أن يتم إعداد جيل إعلامي بشكل أكاديمي متخصص ، خاصة بعد ما آلت إليه أوضاع الإعلام في الأونة الأخيرة . وعن حال السينما المصرية أكد على أن هناك العديد من الأفلام التى تم تعريبها و تغيير بعض تفاصيلها لتلائم البيئة المصرية ، مؤكدًا على أن تعريب قصص الأفلام الأجنبية هي فكرة مشروعة بشرط عدم الإقتباس بشكل حرفي فهي مجرد فكرة يتم تحويلها إلى شكل مصري حيث أن جميع القصص السينمائية تقوم على عدد محدود من القيم الثابتة و منها تنطلق الأفكار لكتابتها ، و يستنكر الكاتب "عمر طاهر " الخطاء الفادح الذي يقع فيه العديد من القائمين على صناعة السينما في مصر هو عدم الكتابة على تتر الفيلم أن الفكرة مستوحاه من أحد الأفلام الأجنبية بما يحترم عقلية المشاهد و يضفي الأمانة و المصداقية على تعامل المتلقي للمادة الإعلامية ، مشيرًا إلى فيلم " كابتن مصر " الذي قام بإقتباس فكرته من أحد الأفلام الأجنبية ولكنه كان حريصاً على توثيق ذلك على تتر الفيلم معتبراً ذلك بمثابة رهان رابح على مدى إحترام عقلية المشاهد . كما تناول مسألة إقبال الشباب على القراءة مؤكدًا على أن العشر سنوات الأخيرة شهدت إقبالًا كثيفًا لدى الشباب المصري بمتابعة كل ما هو جديد من إصدارات و مؤلفات للعديد من الكتاب ، وهو ما عانت منه الأوضاع الثقافية في مصر من فترة ثبات إلى أن أدرك الشباب أهمية القراءة مرة أخرى و أعاد للقراءة هيبتها مرة أخرى من خلال إنتظار الإصدارات الأدبية المتنوعة ، وقد شهدت مصر إفتتاح العديد من المكتبات الكبرى و تزايد الإقبال عليها و على مهرجانات الكتب بشكل مستمر مما يعكس مدى الحس العالى لدى الشباب المصري و رغبته فى الإطلاع . وتطرق خلال حديثه إلى فكرة إنتشار الكتب الإلكترونية بين طبقات الشباب مؤكدًا على أنها ظاهر طبيعية مع إنتشار وسائل الإتصال التكنولوجية الحديثة ، لافتًا إلى أن القراءة الإلكترونية لم تترك أثر بشكل كبير على شراء الكتب فمازال هناك العديد من القراء الذين يفضلون قراءة الكتب بالشكل التقليدي و جمع الكتب فى مكتبة خاصة لديهم بل إن الأمر يصب فى مصلحة الشباب المصري حيث يصبح من اعتاد على القراءة مولع بشراء الكتب و الإحتفاظ بها ، كما أن هناك عددٍ من الشباب اللذين أقبلوا على قراءة الكتب كنوع من أنواع مواكبة الموضة بين أصدقائهم من اللذين يقرأون وقد نجحت تلك الفكرة لجذب عدد كبير من الشباب إلى قراءة الكتب و الأعمال الأدبية التى يجدونها فى طريقهم بالصدفة ، مما أصبح الكثير منهم شغوفين بالقراءة بعد ذلك و هو ما أكسب المجتمع المصري خاصة طبقات الشباب ثقافات متنوعة . وأكد على أن إنتشار وسائل الإتصال الحديثة قامت بدور هام فى إتاحة الفرص للعديد من المواهب الموجودة فى مصر حيث مثلت تلك الوسائل النافذة التى تطل من خلالها على مواهب لم تتاح لها فرصة الظهور ، أما عن ظهور العديد من النماذج الغير جيدة فإنها تختفى مع مرور الوقت ويستمر من استحق بالفعل فى الظهور ولدية مضمون هادف ، كما أنها أيضاً أتاحت الفرصة لظهور العديد من النماذج الإعلامية التى لا تستحق الظهور على شاشات التليفزيون . وفي ختام الندوة قام الدكتور عبد الوهاب عزت نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع و تنمية البيئة بتسليم درع الجامعة للكاتب عمر طاهر تقديرًا لتميز أعماله الأدبية ورقيها و إسهاماته فى رفع مستوى الثقافة المصرية من خلال كتاباته ، بحضور كلٍ من الدكتور سوزان القليني عميدة الكلية ، الدكتور هبة شاهين رئيس قسم الإعلام ، سمير عثمان أمين الجامعة المساعد لشئون البيئة و تنمية المجتمع ، الكاتب محمد عبد الرحمن رئيس تحرير موقع " إعلام دوت أورج " ، و وكلاء الكلية و لفيف من أساتذة وطلاب قسم الإعلام بالكلية .