صدر حديثاً عن مؤسسة غراب للنشر والتوزيع بالقاهرة المجموعة القصصية "أحمر شفاه" للدكتور شريف عابدين وهي المجموعة الرابعة فقد صدر له من قبل تلك الحياة حياة الموت، و الربيع المنتظر ، سياج العطر، و تلك الأشياء 2013. "أحمر شفاه" حالة من الكتابة القصصية، التفاعلية مع القارئ إلى حد كبير، يمتزج فيها الواقعي والتقليدي بالحداثي والفلسفي والماورائي والغيبي .. ولعلها إضافة تؤكد على استمرار هذا المشروع الإبداعي الذي يحاول تنمية الوعي بالقصة القصيرة جدا التي قطع فيها الكاتب خطوات مؤثرة، ما يدل على علو الطاقة الاستيعابية لمفهوم السرد الذي يبدأ من ذرة متناهية في الصغر ربما انفجرت ليبلغ تأثيرها من خلال النص القصصي الطويل نسبيا لتعطي ذات التأثير من خلال التوغل في التركيز والتكثيف النفسي الذي يجعل الحالة تدور في حيز زماني متلاشي، من خلال نصوص لا تعطي في الغالب للزمن أهميته المعتادة، بل وتنسفه لتحقق معيارية النص القصصي المغاير. يعانق الدكتور شريف عابدين هذا الوجود بلغة راقية، أشبه ما يكون بلغة " جون غاردنر " حيث لغة القصة تطغى عليها لغة الحوارية والحماسة والقدرة على الرؤية والإبصار ، فتجربة روحية لديه في اوسع معانيها تهدم اسوار المعتاد الى اللا معتاد ، ويحرص الكاتب على التمييز بين الفكرة الاعتيادية والحبكة في نسق وتصميمين كلاهما يصلان الى القاريء في ابهى طرق الجمال. وبتناول موضوعاته القصصية التي بين أيدينا " لا اريد أن ابكي أحمر شفاه مؤاخذة غين بغمزة عين ...إلخ" تجد نفسك بين نصوص محبكة بين القصيرة والقصيرة جدا ، كما سيبرز لك هوسه بالقراءة متأثرا بشيخ القصة المصرية يوسف ادريس وهو يصوغ العبارة بتعدد الدلالات . وكما قال الكاتب فيصل عباس :" إن كتابة الدتور شريف عابدين تستوحي أقولا مأثورة عليها جمالية تحرك ذائقتنا ، فهناك استرسال يبحث على فعل غير مبرر يثير الدهشة واستغراب الفاعل.. مما يجعل القصة القصيرة تجيب عن افق التوقعات وهي ترتدي حلة جديدة غير مألوفة ، وهنا تكمن جمالية القصة لدى الكاتب شريف عابدين .... وعنده أيضا تجد اللكنة الصادمة الحارقة التي لا تترك للقاريء المتعلق بأسوار سرابات الإنحناء فرصة تجريع المقصود بلغة راقية تهدف الى المعنى في تركيب بنيوي صارخ بكل اشكال الدفاع عن القضية الانسانية دفاعا عن كرامة الانسان في أبعد معانيها الروحية والجمالية ، وبذلك يكسر اسوار المعتاد لطقوس جغرافيا متكررة.... بالكاد كمن ينسج البلورات في السماء، أو كمن يجدف في ملكوت الصحراء وفي رغبته أن يعد نخيلا غير محدود ، كل هذا مصاحبا لجغرافيا الأخلاق وتاريخ سمو الفكر والإبداع بلا منعرجات ولا ردهات مظلمة" .