" أنني لا أبدأ من مسودات أو تخطيطات مسبقة، لأن لوحاتي تولد مباشرة، أريد أن أعبر عن مشاعري أكثر مما أريد أن أرسم هذه المشاعر، وعندما أرسم تتكون لدي انطباعات عامة عما أفعل ، وهكذا استطيع أن اسيطر علي تدفق اللوحة ، فليس ثمة مصادفة وإنما يبدو الأمر كما لو أنه ليس هناك بداية أو نهاية "هذه إحدي مقولات الرسام الأمريكي بول جاكسون بولوك الذي كانت لحياته البائسة انعكاس واضح علي مشاعره ولوحاته، فهو لم يكن يخطط ويتأمل ويختار موضوع اللوحة وألوانها وخطوطها ،وإنما كان يصارع اللوحة ولأن صراع جاكسون بولوك كان عنيفاً مع اللوحات ،وهذا ما اضطره أن يهجر الريشة في عام 1947 لمدة ست سنوات ويرش الألوان بحركات سريعة علي لوحاته المفروشة .. والذي نحيي ذكري وفاته اليوم وقد رصد المخرج هانس ناموت مشاهد من رسم بولوك حينما صور عنه فيلماً تسجيلياً وقال " كان مشهداً عظيماً ذلك الانفجار الملتهب للألوان التي يصبها علي القماش ، والحركات الراقصة التي يؤديها ، والعذاب الواضح في عينيه قبل تحديد الموضع الذي سيرش عليه الألوان مع التوتر ثم الارتخاء". ان الفعل الحركي لدى بولوك يرتبط بالزمن, بمعنى ان كل لوحة من أعماله مرتبطة بقطعة زمنية من حياته, واختلاف هذه اللوحة عن تلك مرتبط باختلاف الانفعالات بين زمن وآخر. ولد جاكسون بولوك في 28 يناير عام 1912 في مدينة كودي بولاية وايومينغ الأمريكية ، ثم انتقل إلي نيويورك عام 1929 حيث درس له توماس هارت بنتون . يعد أحد رواد حركة التعبير المجرد ، رسم في بدايات احترافه مجموعة من اللوحات تحت عنوان " البحث عن رمز " ، لكن أكثر أشكال الرموز التي شدت بولوك إليها كانت رموز الهنود الحمر ، فهم- كما يقول بولوك – يظهرون حساً فنياً مباشراً من خلال مقدرتهم علي استيعاب الأفكار التي تلائمهم وفهم معني الإنجاز الفني ، وتعتبر أشهر لوحاته كانت مرسومة بواسطة تنقيط ورش الأصباغ علي لوح جنفاص كبير . تزوج من الرسامة المعروفة لي كراسنر التي كان لها تأثيراً هاماً علي حياته ومسيرته الفنية ، وقد عرف بولوك بمزاجه الصعب والمتقلب ، اكتسب شهرة في الوسط الفني من خلال لوحاته المميزة بالتنقيط خلال عامي 1947، 1950. في عام 1949 نشرت مجلة " الحياة" مقال عن بولوك من أربع صفحات تحت عنوان هل هو أعظم رسام يعيش في الولاياتالمتحدة ، ومن جهة أخري كان هناك الكثير ينتقدوا رسوماته ولقبوها بالعبثية وبأن ليس لها أي معني . توفي بولوك في حادث سيارة نتيجة تعاطيه الكحول في 11 أغسطس عام 1956 عن عمر يناهز 44 عاماً ، أعد له بعد عدة أشهر معرض تذكاري في متحف الفن المعاصر في نيويورك ، ومعارض عديدة في مختلف أرجاء العالم حيث تم تكريمه علي نطاق واسع ، وتم إنتاج عدة أفلام حول سيرته الذاتية والفنية .