الجوائز تذهب للمقربين من السلطة قبل وبعد الثورة رواية الجليد صدرت فى 25 يناير بالصدفة لا بد من انقسام سياسى لكن بآليات ديمقراطية حتى يظل سلميا الشباب عملوا الثورة و«العواجيز» تحدثوا باسمهم مستوى الرواية العربية متراجع بسبب ثالثوث المحرمات أكد الروائى صنع الله إبراهيم، الذى يرأس دورة مؤتمر أدباء مصر فى دورته السابعة والعشرين، فى حواره مع «الصباح»، أن جوائز الدولة التشجيعية والتقديرية تذهب للمقربين من السلطة قبل وبعد الثورة، نافيا وجود أى تغيير فى هذا المنهج بعد الثورة، وقال، أتمنى ثورة أخرى، لأن الشباب عملوا الثورة وكانت المفارقة هى أن «العواجيز» تحدثوا باسمهم، لافتا إلى أن إعادة المحاكمات لرموز النظام السابق هدفها إلهاء الرأى العام، وأكد الروائى صنع الله إبراهيم، أنه لا بد من انقسام سياسى لكن بآليات ديمقراطية حتى يظل سلميا، مشيرا إلى أن روايته «الجليد» صدرت فى 25 يناير بالصدفة وأكد أن مستوى الرواية العربية متراجع عالميا بالمقارنة مع روايات كتاب أمريكا اللاتينية، بسبب ثالثوث المحرمات.. وإلى نص الحوار.. * ما آخر نشاطاتك فى الفترة الحالية؟ أنا رئيس مؤتمر أدباء مصر الذى انعقد أمس الخميس الموافق 17 يناير فى شرم الشيخ، و هذه هى الدورة السابعة والعشرون للمؤتمر، الذى ينعقد كل سنة، وهذا العام انعقد تحت شعار «عقد ثقافى جديد» ويتم خلاله مناقشة هذه القضية، وهو مختلف عن المؤتمرات السابقة التى انعقدت منذ عام 1984، التى كانت دائما فى رحم السلطة الموجودة، وبالتالى كان يلقى بظلاله على المشاركين والأبحاث والتوصيات والنتائج، وأعتقد أن هذه المرة المسألة ستكون مختلفة، وبالتالى سننتظر قرارات، وتوصيات تهتم بالعديد من الأمور مثل أزمة المسرح، والأغنية، ودعم شعر العامية، وقضايا كثيرة، ومشروعات أخرى، فالمسرحى أحمد إسماعيل قام بعمل مشروع يسمى «مسرح الجورن» وهذا المشروع مفروض ان يكون موجودا فى كل قرية، وتم إنجاز الدراسات بشأنه ثم توقف لسبب غير مفهوم، وأعتقد أن المؤتمر هذا العام يتيح الفرصة لمناقشة هذه المشاكل، بالإضافة انه سيكون وقفة قوية جدا مع حرية التعبير والاعتقاد. * كيف تتصور مستقبل الثورة فى مصر ودول البربيع العربى.. وهل تعتقد انها حققت اهدافها ام علينا ان ننتظر؟ الثورات مستمرة رغم أنها لم تحقق أهدافها حتى الآن، وفى النهاية من الممكن أن تنتصر، لكن من الصعب تحديد الوقت لتحقيق هذه الأهداف، لكن دائما بداخلنا أمل طول الوقت لمستقبل أفضل. * ما الفرق بين جيل الثورات العربية والأجيال السابقة؟ اختفاء حالة الخوف التى كانت مسيطرة على الأجيال السابقة لأنها كانت خاضعة من قبل للأنظمة و«تمشى جنب الحيط» كما يقال، والمعارضة كانت هينة، قبل ظهور جيل 25 يناير، فهو جيل جديد متحرر من كل هذه القيود. * وهل فكرت أن تكتب عملا روائيا عن الثورة؟ قرار كتابة رواية عن الثورة ليس بهذه السهولة لأنها تتم من خلال تفاعلات تلقائية، ومن الممكن ان تتمخض عن شىء فى الوقت المناسب، لكن كل ما فعلته هو كتابة تمثيلية اذاعية قصيرة فى أول تجربة بالنسبة لى وكانت لراديو ألمانى. * كيف ترى وصول الإخوان للسلطة فى مصر؟ شىء طبيعى بسبب قوة تنظيمهم، وبسبب أن لغة الخطاب لديهم لغة بسيطة وساذجة تعتمد على استخدام الدين كوسيلة للوصول للسلطة، والتأثير باسم الدين على عقلية معظم الشعب المصرى البسيط. * رفضت جائزة الرواية منذ سنوات فهل لو عرضت عليك جائزة الآن سوف تقبلها؟ القبول أو الرفض يتوقف على أشياء كثيرة، ولا أستطيع الإجابة حاليا على ذلك، لأن الحكم يتوقف على اللحظة، وعلى مانح الجائزة.. وأشياء أخرى كثيرة. * كيف تقيم الأجيال الجديدة من الكتاب سواء فى رواية أو قصة؟ أنا قرأت روايات وأعمال كثيرة جيدة كتبت بعد الثورة، وأهمها عمل لدنيا كمال، اسمه «السيجارة السابعة»، وأيضا أشعار لمحمود شرف ورواية لعمرو العدلى واعمال كثيرة اخرى صعب ان اتذكرها الآن. * الصراع السياسى فى مصر الآن بين الإخوان والقوى المعارضة كيف تراه؟ صراع طبيعى، ومتوقع، والانتصار فيه يتحقق للطرف الذى يستطيع إقناع غالبية الشعب وأن يضمه إلى صفه. * ما رأيك فى الدستور الجديد؟ العملية بأكملها مرفوضة، وتمت بشكل غير قانونى وغير شرعى، بدءا من تكوين الجمعية التأسيسية التى انسحب عدد كبير من اعضائها، كما أن مواد الدستور نفسها لا تحقق سوى سيطرة السلطة الدينية فكل مادة مصاغة بطريقة تسمح باختراقها سواء ما يتعلق بحرية الابداع او الصحافة او الحقوق العامة للشعب. * ما رأيك فى من القول بأن الشعوب العربية غير مهيئة للديمقراطية؟ وماهو المطلوب لكى تكون هناك ديمقراطية صحيحة؟ توجد سلطة مستبدة وغاشمة وهذا لم يتغير من ايام السادات ولتحقيق ديمقراطية صحيحة لا بد ان الحكومة التى تحكمنا يجب أن تلتزم وتسير طبقا للقواعد ولا تسعى للاستحواذ على كل موارد الدولة، ولا تسعى لحجب الرأى الآخر أو تهميش الأطراف الأخرى. * وما رأيك فى تحويل الروايات إلى أعمال فنية وتجربتك فى تحويل «ذات» إلى عمل فنى؟ كل رواية فى الدنيا من الممكن أن تتحول بسهولة إلى عمل درامى أو وسيلة فنية أخرى، وبالنسبة ل«ذات» أنا لم يكن لى أى دخل أو علاقة سوى ببيع النص للشركة المنتجة، وهى التى كلفت كاتبة السيناريو مريم ناعوم والمخرجة كاملة أبوذكرى، ولم أطلب أن أرى السيناريو أو أعلق عليه لأننى اعتبرته «شغل خاص» بهم، ولم يكن لدى وقت للمتابعة، وأعتقد أن المسلسل تم تصويره ومن المنتظر عرضه فى رمضان المقبل. * تحويل الروايات إلى دراما هل هى إضافة للدراما وتشويه للعمل الروائى؟ طبعا هى إضافة للدراما، وعندما يوجد عمل روائى جيد فيصبح قاعدة قوية للعمل الدرامى. * ما آخر كتاباتك؟ آخر كتاباتى رواية اسمها «الجليد»، وصدرت يوم 25 يناير صدفة، ولم يكن لها علاقة بهذا التاريخ وأتحدث فيها عن الوضع فى موسكو فى بداية السبعينات من خلال حياة طلاب فى أحد المعاهد. * وما أهم الكتب التى صدرت فى المنطقة العربية فى العام الماضى من وجهة نظرك؟ يوجد كثير من الكتب المهمة، وأتيحت لى الفرصة أن أرى كتابا مهما صدر فى السودان عن يوميات الدولة الاسلامية فى السودان، عندما أقاموا الحدود الإسلامية بتقطيع الأيادى والأرجل، ووضع صور تمثل مأساة مؤلمة، وقرأت كتابا جديدا للمفكر الفلسطينى نايف حواتمة عن الوضع الحالى فى المنطقة، وكتاب للصحفى المصرى كارم يحيى عن ثورة تونس، وبعد ذلك قام بعمل كتاب آخر عن حسين سالم وقصته «الصندوق الأسود». * كيف ترى حملة هجوم السلفيين والإخوان على الإعلاميين؟ بشكل عام هو صراع بين طرفين، الاسلاميين من ناحية، ولديهم خطاب بشكل متعنت، ومتشدد فيما يتعلق بكل جوانب الحياة، كاتجاه لتحريم الفن بشكل ما، والتدخل فى حرية الإبداع، ومحاولة للسيطرة على جزء من قنوات التليفزيون الخاصة، وعلى الصحف الخاصة أيضا، وطبعا هذا الطرف يلاقى مقاومة من الطرف الثانى من الإعلاميين والمثقفين والفنانين إلى آخره. * انقسام الشارع المصرى سياسيا ظاهرة جديدة.. كيف تراها؟ لا بد من وجود انقسام سياسى، ولا بد من الاختلاف، وهذا شىء طبيعى، ولكن يجب أن يكون هذا الانقسام له آليات معينة لإدارته، مثل سيادة الديمقراطية وحقوق التعبير لتبقى المسألة سليمة، وصحيحة، فالانقسام موجود منذ الثمانينات، حيث حدث إضراب الأمن المركزى، وإضرابات سائقى القطارات وإضراب عمال المحلة، وهذه المسألة لم تتوقف وتصاعدت حتى جاء عام 2000، وفيه تكونت حركة كفاية، ونشأت تحت شعار لا للتوريث ولا للتمديد ونجحت فى تعبئة قوى كثيرة، وكانت طول الوقت هذه المظاهرات تتعرض للقمع الوحشى من جانب السلطة. * كيف تفسر تأييد الغرب للتيارات الإسلامية فى الدول العربية؟ هناك استراتيجية جديدة للغرب تحولت من معاداة الإسلام السياسى إلى محاولة احتوائه، وهذا ما يفسر التأييد الذى حصل عليه الإخوان فى الفترة الأخيرة، وأيضا فسر وجود محمد مرسى فى السلطة كرئيس للجمهورية، وفسر كل التطورات التى حدثت خلال ذلك. * وتم الاحتواء فى هذه الفترة، لأنهم أحسوا أن الأدوات السابقة لديهم أصبحت بمثابة كارت محروق فى كل المنطقة من اول النظام الملكى فى المغرب الى النظام فى الأردن إلى مبارك وزين العابدين وحكام السعودية، وكل هذه مسائل لم تعد تضمن لهم حماية مصالحهم الآن، ولا فى المستقبل، وبالتالى كان يوجد بحث عن قوى أخرى موجودة فى المنطقة بشكل واضح وبدأت تظهر انها قوى الاسلام السياسى. * هل كان لديك أصدقاء من الإخوان فى السجن.. وكيف كانت طبيعة العلاقة بينكم؟ نعم كان فى الواحات عنبر مخصوص للإخوان، وكانت توجد علاقات عامة عن طريق المقابلة فى فناءات السجن، وكانت تدور أحاديث سياسية، وكانوا متعجبين من موقفنا كشيوعيين فى تأييد نظام عبدالناصر بشكل واضح وقوى رغم الاعتقال والسجن والتعذيب، ومع ذلك كنا مصرين على تأييده، وهذا أوجد بينهم تيارا مؤيدا لعبدالناصر أيضا. * وكيف ترى اليسار المصرى الآن؟ اليسار المصرى موجود فى أشكال متعددة ونشاطات كثيرة، فمن ناحية التيارات الحزبية، يوجد حزب التحالف الشعبى ومجموعات أخرى ناشطة موجودة فى الشارع تلعب دورها فى كل نشاط سياسى موجود. * ما تقييمك لجوائز الدولة التشجيعية والتقديرية.. وهل هى تذهب لمستحقيها؟ العديد من الجوائز فى الأغلب تذهب الى الأشخاص القريبين من صانعى القرار، وكنت أتصور ان هذا ممكن ان يتغير بعد الثورة، لكن لم يتغير شىء وظلت تذهب لغير مستحقيها. * كيف ترى دور وزارة الثقافة فى الفترة المقبلة؟ وزارة الثقافة لها دور لا بد أن تحافظ عليه، لكنه يجب أن يكون مختلفا عما تقوم به الآن، فيجب أن يكون لها دور حقيقى فى دعم عملية الإبداع، فهى لم تقم بهذا الدور طوال عهد فاروق حسنى، فكانت عبارة عن وزارة مهرجانات واحتفالات وسفريات وإنفاق، وفضائح مالية، وهذا كان من المفروض ان يتغير. * لماذا لم تحقق الرواية العربية رواجا عالميا مثل روايات كتاب امريكا اللاتينية؟ ببساطة شديدة لأن مستواها أقل، بسبب الثالوث التقليدى الذى نشكو منه دائما، وهو وجود محرمات، وفى أمريكا اللاتينية هم متحررون منها، فالإبداع يجب ان يكون حرا فى تناول ما يتعلق بالسياسة او الدين او الجنس، وهذه كلها محرمات مازالت سائدة فى مجتمعنا، وبالتالى الرواية العربية لم تصل لمستوى حرية الإبداع مثل الروايات اللاتينية وحتى تكون مثلها فى الانتشار العالمى فهى تحتاج حرية كاملة. * أين شباب الثورة من التشكيلات الرسمية على الساحة السياسية الآن؟ الشباب الذى قام بالثورة، لم يكن ظاهرا فى المشهد السياسى الرسمى، بمعنى أنه يوجد لدينا أحزاب، ومجالس نيابية كلها مؤلفة من وجوه قديمة بعضها لعب دورا جيدا فى معارضة نظام مبارك، ومساندة الثورة، ولكن هم ليسوا من قاموا بالثورة على أرض الواقع، وبالتالى فهى مسألة مضحكة، وغريبة، أن من تعرضوا للقتل، وفقدوا عيونهم، وناموا فى الشوارع، وفى أقسام الشرطة، يصبح المتحدث باسمهم فى النهاية أشخاصا من كبار السن، بعضهم من النظام القديم، وبعضهم «كان ماشى جنب الحيط»، وبعضهم أحزاب صورية، لا تمثل شيئا فى الشارع، وبعضهم ب«ذقون» عارضوا الثورة فى الأيام الأولى حتى يوم 28 يناير. * ما رؤيتك ليوم 25 يناير المقبل؟ أتمنى قيام ثورة أخرى، ولكن لا أحد يستطيع التنبؤ بذلك. * ما تعليقك على المحاكمات الحالية؟ أعتقد انها اساليب يبدو الهدف منها تشتيت اهتمام الرأى العام، مثلما كان يفعل مبارك من قبل لشغل الرأى العام عن القضايا الحيوية، وهذا نفس الشىء الذى يحدث الآن، فالمحاكمات وإعادتها مجرد ستار فنحن بحاجة إلى محاكمات سياسية لمبارك وعصابته عن الفساد فى البلد طوال ثلاثين عاما من حكمه. * ما رأيك فى موقف الدول العربية تجاه مصر بعد الثورة؟ يجب علينا التفريق بين تونس وليبا واليمن وغيرها من الدول الأخرى، فمثلا المغرب وقطر والسعودية لديها حالة من الخوف والقلق من أن يتكرر عندهم ما حدث عندنا، والبعض الآخر يحاول أن يلعب دورا فى احتضان الإخوان ودعمهم مثل قطر، وهذا انعكس بوضوح شديد جدا فى موقف قناة الجزيرة التى لعبت دورا تخريبيا، كما وصفه الجميل بهاء طاهر. * ما رأيك فى تصريحات قياديين فى جماعة الإخوان عن عودة يهود مصر؟ هذه كلها تفاصيل تدل على الغباء والجهل، ودعوة عصام العريان لعودة اليهود تعد رسالة لمحاولة اكتساب التأييد الأمريكى مرة أخرى، والتأييد الأمريكى مرتبط بإسرائيل، والإحساس بأنهم فى لحظة حرجة بالنسبة لهم.. أما بالنسبة للقضية الفلسطينية فهى تمر بلحظات حرجة جدا بسبب انصراف الاهتمام إلى أمور أخرى عند الشعوب العربية والعالم كله، لكن من زاوية أخرى حقهم مشروع فى أرضهم ودولتهم، يتأكد يوما بعد آخر، وأتمنى أن يحدث توافق بين الجوانب الفلسطينية، وبعضها، والوضع العام فى المنطقة يتحسن بشكل يساند هذه الثورة المشروعة.