"القومي للامتحانات": كثافة الطلاب تتخطي 180 في الفصل الواحد.. وأجور المعملين المتدنية سبب تراجع التعليم وخبراء يطالبون بدورات تأهيلية للمدرسين والتوسع فى إنشاء المدارس.. ونسف المناهج والطرق القديمة.. وإلغاء حصص "الأنشطة" قال المركز القومي للامتحانات والتقويم التربوي، أن مستوى التلاميذ في مواد اللغة العربية والرياضيات والعلوم، تراجع بنسبة كبيرة، وتراوحت نسبة الإخفاق فيها من 74% إلى 86% بين تلاميذ المرحلة الابتدائية، وأكد أن 78% من طلاب المرحلة الابتدائية لا يجيدون القراءة والكتابة حتى الصف السادس الابتدائي. وأوضحت دارسة صادرة عن المركز، أن الطلاب يدخلون المرحلة الإعدادية وهم في "عداد الأُميين"، ولا يجد المعلمون سوى التعامل مع الواقع، وأشارت إلى أن سبب التراجع يعود إلى عدم الاهتمام بالعملية التعليمية بالمدارس الابتدائية، وخصوصًا الحكومية منها، واتجاه أولياء الأمور إلى الدروس الخصوصية، الأمر الذي يجعل الطلاب الذين لا يحصلوا على تلك الدروس لا يستطيعون الإلمام بالقراءة والكتابة. وطالب المركز بعقد دورات تدريبية لتأهيل مدرسي تلك المرحلة والاهتمام بإدارة المدارس، وإعادة هيكلتها، وتعيين مديرين أكفاء قادرين على التطوير، وعودة دور المعلمين والمعلمات، والتركيز على مهارات اللغة العربية والعلوم والرياضيات. من جهته قال الدكتور عصام المغازي الخبير التربوي، وأستاذ نظم المناهج، أن عوامل الفشل تتمثل في عدم إعداد معلم هذه المرحلة إعداداً صحيحاً، علاوة على أن مديري المدارس لا يحملون مؤهلات تربوية مناسبة. وشدد على ضرورة البدء في إعداد معلم تلك المرحلة عن طريق دورات فعلية من جانب المتخصصين، وإعادة هيكلة إدارات تلك المدارس فوراً بعناصر متميزة، والنظر في عودة دور المعلمين والمعلمات التربوي والنفسي، والتركيز على مهارات اللغة العربية والعلوم والرياضيات، وإبعاد ما يسمى ب"الأنشطة" التي اعتبرها مضيعة للوقت، وإلغاء مشروع محو الأمية وتعليم الكبار واستغلال ما يصرف عليه في بناء المدارس، ومنح حوافز لمعلمي تلك المرحلة لأن مشروع الأمية ثبت فشله. وأكد المغازي، على أهمية بناء مدارس جديدة لتقليل الكثافة في الفصول وتوجيه كل الموارد المالية لتدريب المدرسين الجدد المعينين في التعليم الابتدائي، ولفت إلى جهلهم بطبيعة التعامل مع هذه المرحلة من العمر، إضافةً إلى ضرورة نسف المناهج القديمة، واستبدالها بأخرى حديثة، تعتمد على الاستنتاج والابتكار، وعلى البساطة والتكنولوجيا في نفس الوقت. فيما قال الدكتور عادل الصاوي الخبير التربوي، إنه يجب التركيز علي المرحلة الابتدائية، والتي "تعبر بالإنسان المصري إلي تعلم كل اللغات، إذا أتقن تعلم اللغة العربية، مع التركيز علي تعليم القراءة والكتابة فقط وليس تعليم المنهج”. وأشار إلى أن الحاصلين على دبلومات مازالوا يقومون بالتدريس في المرحلة الابتدائية، ولا يريدون تطوير أنفسهم، فهناك الخبرة والتطور، منوهاً إلى أنه في الدول المتقدمة يهتمون بمعلمي المرحلة الابتدائية، لأنهم الأساس، لذلك يقوم عليها أعلى المؤهلات، مؤكداً على أن نظام الامتحانات في المرحلة الابتدائية فاشل بكل المقاييس، فهناك غش جماعي واعتماد على الحفظ واستظهار واستخدام الامتحانات أداة للضغط على الطلاب للدروس الخصوصية وليست للتقويم. أكد الصاوي أن الأميّة منتشرة في المرحلة الابتدائية، مما يؤثر على المراحل التالية حتى بعد التخرج، والسبب في ذلك كثافة الفصل وتدني مستوى المُعلِّم، مقترحاً أن تكون كثافة الفصل في الصف الأول الابتدائي 20 تلميذاً فقط، تزيد في الصف الثاني إلى 25، ثم في الصف الثالث إلى 30، حتى يستطيع الطالب تعلم أدنى شيء في التعليم، وهي القراءة والكتابة، ثم بعد ذلك تضع الوزارة ما تشاء من كثافة في الفصول. في حين يعترف الدكتور إبراهيم غنيم وزير التربية والتعليم، بأن هناك قصور في التعليم الابتدائي، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يعود إلى اتجاه أولياء الأمور للمدارس الخاصة، التي اتجه معلموها بدورهم إلى الدروس الخصوصية، موضحاً أن طرق التدريس في المرحلة الابتدائية عقيمة، والمدرسة لم تعد وسيلة جذب للطالب، مؤكداً أن المرحلة المقبلة سوف تشهد تغييراً لوسائل التدريس وتطبيقاً لنظام التقويم الشامل. من جهته قال الدكتور كمال مغيث الخبير بمركز البحوث التربوية والتنمية، أن سبب المشكلة يتمثل في تدهور العملية التعليمية بمراحل التعليم الأساسي، نتيجة كثرة الطلاب في الفصول، خصوصاً وأن وزارة التعليم لديها أكثر من 17 مليون طالب في مراحل التعليم ما قبل الجامعي، مع عدم توفر أماكن داخل المدارس لاستيعابهم، إضافةً إلى تدهور أجور المعلمين، التي لا تتعدى 150 جنيه. وأكد مغيث أن المشكلة ستستمر مع وجود عشوائية إدارية، لافتاً إلى أن الخروج من هذه الأزمة متعلق بالإرادة السياسية، التي ترتبط بنظام حكم، مضيفاً أن قضية التعليم من أخطر القضايا التي لا تقل أهمية عن الصحة أو البيئة، مشدداً على ضرورة تصدي نظام الحكم لأية عقبات تواجه التعليم، وتدبير كل الموارد والإمكانيات والتمويل، ووضع الخطة الزمنية لخدمة العملية التعليمية، وضرورة وجود رؤية مستقبلية للتعليم للنهوض بالدولة. فيما رأى أحمد الأشقر نقيب معلمي 6 أكتوبر والشيخ زايد ومنسق الجبهة الحرة لنقابة المهن التعليمية، أن أزمة التعليم الأساسي بالتحديد في المرحلة الابتدائية، وانتهاء الطلاب منها دون القراءة أو الكتابة، لها أبعاد سياسية هدفها خدمة أنظمة الحكم، عن طريق استخدامهم مستقبلاً في دعم قرارات النظام نتيجة عدم تفتحهم ذهنيا وتعليمياً، وبالتالي سيخسروا تأييديهم لكل قراراتهم السياسية دون فهمهم لها، كما حدث في استفتاء الدستور، فنسبة من صوّت ب "لا" كانت قليلة لأنهم أصحاب التعليم العالي من دون الانتماءات السياسية. وأضاف أن كل أنظمة الحكم تتلاعب بالتعليم وتوّرثه لمصلحتها، خصوصًا وأن المعلمون أثناء اجتماعهم بلجنة التعليم في مجلس الشعب "المنحل"، والتي ينتمي أعضاءها للتيارات الإسلامية، ثبت أنه لم يكن في أولوياتهم حدوث تغيير جذري للتعليم، إضافةً إلى عدم الاهتمام بالمعلم مادياً واجتماعياً، مع كثرة الكثافة الطلّابية داخل الفصول، التي تصل أحيانا إلى 180 طالباً في الفصل. الأشقر أكد أن الحلول تكمن في تخصيص جزء من الحصة لتقوية الطلّاب، وعقد تدريبات حقيقية للمعلمين، وتمييز الكفاءات منهم في المرحلة الابتدائية وترقيتهم، مشيراً إلى ضرورة توفير أماكن لاستيعاب كثافة الطلّاب داخل الفصول.