شهدت العاصمة الأردنية عمان اليوم "الجمعة" مسيرة حاشدة للمطالبة بالإصلاح الشامل ورحيل الحكومة الحالية برئاسة الدكتور عبد الله النسور ورفض قرارها الأخير برفع أسعار المشتقات النفطية . وأكد آلاف المشاركين في المسيرة الجماهيرية الحاشدة التي دعت إليها الجبهة الوطنية للاصلاح برئاسة رئيس الوزراء الأردني الأسبق أحمد عبيدات تحت شعار " الانتفاضية الشعبية من أجل الإصلاح " في منطقة "جبل الحسين" بوسط العاصمة عمان ووسط إجراءات أمنية كثيفة ومشددة، رفضهم لقرار الحكومة الأردنية الأخير برفع الدعم عن المشتقات النفطية. وطالب عبيدات - في كلمة ألقاها في المسيرة - بإصلاح النظام ورحيل الحكومة الأردنية ، مشددا على رفض قانون الانتخاب ومقاطعة الانتخابات والاستمرار في الحراك المطالب بالإصلاح ، واصفا قانون الانتخاب النيابية بأنه " فاقد للشرعية الشعبية لأنه فرق الأردنيين لمعارضة وموالاة " على حد وصفه ، مطالبا بقانون انتخابي عادل يفرز مجلس نواب قوي . كما طالب عبيدات الحكومة بإلغاء قرار رفع الأسعار الذي أجج الشارع ، ووجه التحية إلى الشاب قيس العمري والذي قتل خلال الاحتجاجات الشعبية الأخيرة على قرار رفع أسعار المشتقات النفطية - ووصفه بأنه "شهيد هبة تشرين ". ودعا عبيدات إلى إقامة مؤسسات دستورية فاعلة تضمن حرية الفكر والتعبير للجميع ، وحيا معتقلي الحراك الذين يواجهون التهم في محكمة أمن الدولة الأردنية، مشيرا إلى أن الشعب الاردني متعطش للاصلاح ويدين الاعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة. ورفع المشاركون في المسيرة شعارات تطالب بإسقاط قرار رفع أسعار المحروقات، والدعوة للافراج عن الموقوفين، وضرورة التزام الحكومات باستراتيجية واضحة للاصلاح ومعالجة ما آلت إليه البلاد وإعادة النظر في قوانين الانتخاب والأحزاب والمطبوعات والنشر وقانون محكمة أمن الدولة. ووضع ناشطون أسماء المعتقلين على شجر النخيل الموجود بين دواري " فراس" و "الداخلية"، فيما نصب بالساحة المجاورة لموقع المسيرة "سجن حديدي" ، قال ناشطون "إنه للتذكير بالناشطين الذين اعتلقوا على خلفية احتجاجات رفع الأسعار". وتمركزت المسيرة في صورة اعتصام بالمنطقة الواقعة بين دواري "فراس" ، و"الداخلية" بمنطقة جبل الحسين في وسط العاصمة الأردنية "عمان" وتوزعت مراكز الانطلاق في الساحة المقابلة لوزارة الصحة، التي شهدت إقامة صلاة الجمعة من قبل منظمي المسيرة وألقى خطبة الجمعة خلالها الشيخ سالم الفلاحات رئيس المجلس الأعلى للاصلاح التابع لجماعة الإخوان المسلمين بالأردن والمراقب العام الأسبق للجماعة دعا فيها إلى الترفق بالمواطنين وبمن خرج يطالب بالإصلاح ، وحذر من " ثورة الكريم إذا جاع ومن اللئيم إذا شبع ". وعبر الفلاحات عن استغرابه ممن يقسمون الأردنيين إلى أحباء وأعداء للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ، وقال "إننا أحباء صادقون ، وهناك عدو مفتري يدعي الوطنية والإنتماء". وتوزعت نقاط الانطلاق الأخرى للمسيرة ما بين مسجد الملك المؤسس عبد الله بمنطقة "العبدلي"، ومسجد المغيرة بن شعبة مقابل "الاستقلال مول"، ومسجد "المحسنين" المطل على شارع الأردن. وكانت الجبهة الوطنية للاصلاح أكدت أن المسيرة ستلتزم بشعار "إصلاح النظام"، وأن كل من يخرج عن ذلك الشعار يتحمل مسئولية ذلك، فيما شدد رئيس الجبهة أحمد عبيدات على أن الجبهة "لن تقامر باستقرار البلاد". وشارك في المسيرة حراكات وقوى سياسية وشخصيات مستقلة منضوية في إطار الجبهة، بمن فيهم الحركة الإسلامية وحزب الوحدة الشعبية وممثلو تيارات يسارية وأحزاب وسطية وحراكات عشائرية. وكان تجمع "الولاء والانتماء" قد أعلن عن عدم تنظيم مسيرة له اليوم في نفس منطقة المسيرة التي نظمتها الجبهة الوطنية للاصلاح وذلك للحفاظ على أمن الوطن وعدم الانجرار الى ما لا تحمد عقباه "وفق بيان أصدره بهذا الخصوص". وكانت قوات الأمن العام والدرك الأردنية قد أغلقت الطرق المؤدية إلى موقع المسيرة في منطقة وسط العاصمة عمان منذ صباح اليوم "الجمعة" وعملت على تأمين حمايتها بشكل كامل ، حيث شهدت مداخل "دوار الداخلية" تواجدا أمنيا كثيفا وإغلاقات كاملة ومنع المشاة من الدخول الى مكان الاعتصام إلا عبر الطرق الفرعية البعيدة قبل أن تعود الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى في المنطقة عقب انتهاء فعاليات المسيرة. وتأتي تلك المسيرة التي التي دعت إليها الجبهة الوطنية للاصلاح استمرارا للحراك المطالب للاصلاح الشامل بالأردن منذ ما يقرب من عامين ورفضا لقرار الحكومة الأردنية الصادر في الثالث عشر من الشهر الجاري برفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية وسط إصرار حكومي بالمضي في تنفيذه وعدم العدول عنه رغم استمرار التظاهرات الاحتجاجية على القرار والذي أدت مؤخرا إلى إندلاع أعمال شغب خلفت قتيلا واحدا وعشرات المصابين بينهم عناصر من قوات الأمن العام والدرك الأردنية فضلا عن عشرات الاعتقالات التي طالت المحتجين والناشطين من الحراكات المختلفة. من ناحية أخرى، نفذت حركة اللجان العربية للانقاذ وناشطون في لواء المزار الجنوبي وقفة احتجاجية في دوار وسط بلدة المزار الجنوبي بمحافظة الكرك (140 كم جنوب عمان) رفع المشاركون فيها " نعشا رمزيا" للحكومة الأردنية الحالية برئاسة الدكتور عبد الله النسور التي دعوا إلى اسقاطها فورا. وأكد المتحدثون في الوقفة الاحتجاجية رفضهم الحكومة الحالية والمطالبة برحيلها ، وقالوا "إن قرارات هذه الحكومة أفقرت الشعب وتمادت في تجويعه وإذلاله من خلال التضييق عليه في لقمة عيشه والتشدد في أحكام القبضة الأمنية وتجاهل قضايا الفساد " . وطالبوا بالإسراع في وتيرة الاصلاحات السياسية والاقتصادية وإعادة النظر في أسعار المشتقات النفطية وقانون انتخاب مجلس النواب الأردني. ودعوا الحكومة إلى إعادة النظر في خصخصة الشركات الاقتصادية ومحاسبة الفاسدين والمفسدين والحفاظ على اقتصاد الوطن وموارده المالية، مطالبين بتعديل قانون الانتخابات النيابية وإطلاق الحريات العامة لتمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم ومطالبهم والكشف عن الأخطاء والتجاوزات التي تعيق مسيرة الأردن الاصلاحية. يشار إلى أن الأردن يشهد مسيرات واعتصامات ووقفات احتجاجية وتظاهرات منذ شهر يناير 2011 للمطالبة بالإصلاح الشامل ومكافحة الفساد ومحاكمة المفسدين.