كشف التقرير الرسمي لإدارة الدولة للنقد الأجنبي في الصين، أن البلاد تواجه خسائر واسعة النطاق في تجارة الخدمات مع الدول الأجنبية. وذكر التقرير أن عجز التجارة الخارجية للخدمات في الصين ارتفع بنسبة 5ر75 \% في الثلاثة أرباع الأولى من العام الجاري ليصل إلى 2ر70 مليار دولار أمريكي ؛ ما أدى إلى تراجع وضعف قدرة العلامة التجارية الشهيرة في العالم (صنع في الصين)، وهذا يتنافي مع اتهامات الغرب للصين من أن اقتصادها يكتسب وقودا من تكديس فوائض التجارة الخارجية الضخمة من خلال "تلاعب الصين بعملتها". ويرى محللون صينيون أنه بهذا المعدل ، من المتوقع أن يصل العجز إلى مئات المليارات من الدولارات للعام بأكمله ، في قطاعات تجارة الخدمات كالسياحة والنقل والتمويل ومنتجات الملكية الفكرية. وأوضحوا أنه كان من الطبيعي رؤية شعار (صنع في الصين) في كل ركن من أركان المعمورة وأصبح إلى حد كبير رمزا للصين التي يطلق عليها "ورشة العالم" لكن هذا الشعار أصيب ببعض الضعف نظرا لأن صادرات الخدمات في البلاد أصبحت ضعيفة أيضا. وقال الخبير الاقتصادي بمركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية وانغ جون "إن هذا الوضع غير المتوازن لن يتغير في المستقبل القريب ، حيث شهدت تجارة خدمات السياحة والنقل والتأمين وبراءات الاختراع والامتيازات خسائر كبيرة في الصين في الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام". واستشهد الخبير الصيني ، بتقرير صادر عن أكاديمية الصين للسياحة، والتي ذكرت أن الرحلات الخارجية التي يقوم بها السياح الصينيون ، والتي تعتبر واردات للسياحة وصلت إلى 82 مليون شخص هذا العام ، بنسبة 7ر16 \% على أساس سنوي ، فيما حققت الرحلات الداخلية نسبة انخفاض بلغت 2ر2 \% لتصل إلى 132 مليون شخص هذا العام. وأوضح أن ذلك يرجع جزئيا إلى تعثر الاقتصاد العالمي ، فيما قد تشهد الصين عجزا في تجارة السياحة يتجاوز 40 مليار دولار خلال العام الجاري. وأضاف الخبير بمركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة "مجلس الوزراء الصيني" لونغ قوه تشيانغ ، أنه إلى جانب العدد الضخم للصينيين المسافرين إلى الخارج ، فإن شهية الاستهلاك الهائلة للسائحين الصينيين في الخارج أضافت إلى عجز قطاع السياحة في الصين ، كما شهدت الخدمات المرتبطة بشكل وثيق بقطاع الصناعات التحويلية وقتا عصيبا بدورها هذا العام بسبب انكماش الاقتصاد العالمي. وأكد فنغ أن صادرات الصين شهدت في خدمات النقل عجزا وصل إلى 8ر34 مليار دولار في الثلاثة أرباع الأولى من العام الجاري ، وخسر قطاع التأمين 9ر12 مليار دولار في التجارة الخارجية للصين. وقال الخبير الصيني لونغ قوه تشيانغ "إنه على الرغم من تباطؤ الاقتصاد العالمي، فلا يزال حجم التجارة الخارجية للصين من السلع يعد الأكبر في العالم، ما خلق فرصا عظيمة لمقدمي الخدمات الإنتاجية، بيد أن الشركات الصينية ذات التنافسية العالمية الضعيفة لم تغتنم هذه الفرصة وتركت أوامر التوريد تذهب إلى نظيراتها الأجنبية. وأضاف لونغ :" إلى جانب الخدمات التقليدية مثل النقل والسياحة والتأمين، فإن التجارة الخارجية الصينية فيما يعرف "بالخدمات الصاعدة" بما في ذلك براءات الاختراع والامتيازات والأفلام السينمائية وغيرها من منتجات الفيديو، زادت من العجز، حيث أنفقت الصين نحو 9ر12 مليار دولار للحصول على براءات إختراع وإمتيازات في الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام ، كما أنفقت 5ر2 مليار دولار لاستيراد الإعلانات والأفلام السينمائية والمنتجات السمعية والبصرية". من جهته، أشار كبير الاقتصاديين بشركة (هواتاي) للأوراق المالية الصينية ليو يوي هوي، إلى أن الصين لن تحتمل استيراد المزيد من الخدمات الصاعدة خلال السنوات المقبلة. بدوره، أوضح نائب رئيس الجمعية الصينية الدولية لوكلاء الشحن ليو شيويه ده ، أن الشركات الصينية يجب أن تستثمر مباشرة في الموانىء والمطارات والمرافق اللوجستية في الخارج، وأن شبكة النقل الدولية تعتمد على هذه البنى التحتية، وأشار إلى أن وزارة التجارة الصينية تبحث إصدار دليل لمساعدة شركات اللوجستيات في تتبع الفرص في الخارج. وطبقا للتقارير الاقتصادية الرسمية في الصين فإن الشركات الصينية استثمرت نحو 2ر42 مليار دولار في القطاعات غير المالية في الدول الأجنبية خلال الفترة من يناير إلى يوليو هذا العام ، مع وضع 8ر56 \% من رأس المال في قطاع الخدمات التجارية ، إلى جانب الخدمات التقليدية ، التي تحاول الصين تحسينها ، فيما يصفها العاملون بهذه الصناعة بأنها المفتاح لعكس الاتجاه المتراجع لتجارة الخدمات المثقلة بالعجز. وتضيف التقارير أن حجم التجارة الصينية من الخدمات الصاعدة، بما في ذلك الخدمات الاستشارية، وخدمات الاتصالات، وخدمات تكنولوجيا المعلومات، شهد ارتفاعا سريعا عام 2011، وذلك بنسبة 26 و24 و30 \% على التوالي على أساس سنوي. من جانبه ، قال مساعد وزير التجارة الصيني لي رونغ تسان "إن تعهيد الخدمات كان الأكثر نموا عام 2012 ، كما أن الشركات الصينية تلقت أوامر خاصة بتعهيد الخدمات بقيمة 8ر30 مليار دولار في الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام ، فيما أعرب من مي شين يوى الخبير بالعلاقات الخارجية بوزارة التجارة الصينية أن تعهيد الخدمات أصبح ميزة رئيسية ومحركا لصادرات الخدمات في الصين في الثلاثة أرباع الأولى من هذا العام.