خمسون عاما مرت على حصول دولة الكويت على استقلالها ، وانتقالها من مرحلة الخضوع للحماية إلى مرحلة التحرر والبناء ، ومن فترة همود وكمون إلى فترة انطلاق ونماء. وغدا السبت تحتفل الكويت بمرور خمسن عاما على تصديق الشيخ عبد الله السالم - الحاكم الحادى عشر للكويت - على دستورها ، الذى كان حلما راود الجميع بعد الحصول على الاستقلال ، تلك الذكرى التى تأتى والبلاد تشهد تطورا في جميع الأصعدة ، ونشاطا دؤوبا للنهوض بها في شتى المجالات ، وسعيا حثيثا نحو تبوئها المكانة التي تستحقها إقليميا ودوليا ، ونحو التنمية الكبيرة لأبنائها وتلبية احتياجاتهم ، وجعل بلادهم مركزا تجاريا واقتصاديا وماليا مهما في المنطقة.
ويرتبط تاريخ التاسع عشر من يونيو من عام 1961 فى اذهان الكويتيين بوداع تاريخ طويل سطره الآباء والأجداد بكفاحهم المرير في سبيل العيش الكريم والذود عن حمى الوطن ، لتدخل البلاد مرحلة جديدة في تاريخها وتطل من خلاله على أفق العالم الحر ولتساهم في صنع السلام وحضارة الإنسان ، ومع أن إعلان الاستقلال كانت أولى الخطوات إصدار الشيخ عبدالله السالم مرسوما أميريا في 26 أغسطس عام 1961 يدعو إلى إجراء انتخابات عامة لمجلس تأسيسي يتولى بعد إنشائه إعداد دستور للبلاد.
وهكذا بدأت مرحلة جديدة من مراحل الديمقراطية في الكويت ، و تمثلت في إجراء انتخابات أعضاء المجلس التأسيسي الذي عقد أولى جلساته في 20 يناير 1962، وكان من أهم ثمار ذلك المجلس إنجازه خلال تسعة أشهر مشروع دستور دولة الكويت الذي تكون من 183 مادة ، وقدمه للشيخ عبدالله السالم الذي صادق عليه وأصدره في 11 نوفمبر 1962 ، وكان العمود الفقري لهذا الدستور، الحفاظ على وحدة الوطن واستقراره ، فلقد امتاز الناس في هذا البلد عبر القرون ، بروح الأسرة تربط بينهم كافة ، حكاما ومحكومين ، ولم ينل من هذه الحقيقة ذات الأصالة العربية ، ما خلفته القرون المتعاقبة في معظم الدول الأخرى من أوضاع مبتدعة ومراسم شكلية أعدت بين حاكم ومحكوم ، لذلك كان الحرص على أن يكون رئيس الدولة ابا لكل ابناء هذا الوطن ، ونص ابتداء على أن عرش الإمارة وراثي في أسرة المغفور له مبارك الصباح " مادة 4 " ، ثم نأى بالأمير عن أي مسألة سياسية وجعل ذاته مصونة لا تمس مادة "54 " ، كما أبعد عنه مسببات التبعة ، وذلك بالنص على أن رئيس الدولة يتولى سلطاته الدستورية بواسطة وزرائه مادة " 55 " وهم المسؤولون عن الحكم أمامه مادة " 58 " وأمام مجلس الأمة المادتان " 101 و 102" .
وتعليقا على الاحتفالات التى تشهدها الكويت غدا ، اكد المدير العام لمؤسسة الموانىء الكويتية الشيخ الدكتور صباح جابر العلي الصباح اهمية الذكرى ال 50 لصدور دستور دولة الكويت (اليوبيل الذهبي) وهي الوثيقة الكبرى الأولى الاساسية فى حياة الشعب الكويتي ، وقال إن الكويتيين ارتضوا الدستور حكاما ومحكومين باعتباره اساسا لبناء مجتمعهم العصري الحديث الذي هو خلاصة حياتهم وتجاربهم منذ ان نشؤوا واستقروا على ارض الكويت وتتابعت بهم الحياة ابا عن جد ، وأضاف إن أحكام الدستور جاءت فى مجملها لترسيخ الأسس والثوابت التي سارت عليها الكويت منذ نشأتها وتشربتها نفوس أبنائها وجرت مجرى الدم فى عروقهم من حيث الاعتماد فى حياتهم وتصرفاتهم على أسس الشورى والديمقراطية والمشاركة الشعبية التى قررها وقننها الدستور للكويت فى تطورها ومسيرتها الديمقراطية النيابية الحديثة .
واكد رئيس اتحاد العقاريين توفيق الجراح ان الدستور الكويتي حدد العلاقة بين جميع السلطات التي ظهرت بعد الاستقلال وهي التشريعية والتنفيذية والقضائية ، وهذا اعطى الاستقرار والاطمئنان للكويت الحديثة بحيث اضحى القطاع الاقتصادي بالكامل يركز على تطوير ادائه في الفترة التي تلت اعلان الدستور ، وقال ان اغلب الانجازات الاقتصادية حدثت بعد صياغة الدستور الذي اعطى الاولوية للحريات بكل اشكالها ، ومن هنا استطاع الكويتي ان ينشىء كيانا اقتصاديا مستقلا بذاته وذا قوة وحرية في الحركة.
وعن الاحتفالات ، هناك استعدادات ضخمة وغير مسبوقة للاحتفال بالذكرى ال50 لصدور دستور الكويت ، غدا " السبت " ، على طول 5ر4 كم من شاطىء الخليج ، حيث يجري العمل على تركيب مكبرات للصوت ولوحات بروجيكتور على طول شاطئ الخليج ، بدءا من الجزيرة الخضراء ، وصولاً إلى أبراج الكويت ، فى احتفالية تبد ا فى الثانية والنصف ظهرا وتستمر حتى العاشرة مساء ، وتتضمن العابا نارية ، وجوائز وعروضا فى البحر والجو والبر ، تكلفت 4 ملايين و164 ألف دينار ، فى احتفال هو الأضخم بذكرى الدستور.
يذكر أن الشركة التي فازت بالمناقصة هي التي أشرفت على احتفالات دورة الألعاب الأولمبية ال20 عام 2006 ، وافتتاح استاد نادي يوفنتوس الجديد واليوم الوطني ال40 لدولة الإمارات .
وسيكون لابو الدستور الشيخ عبد الله السالم موقع خاص فى الاحتفال حيث ستذاع تسجيلات نادرة بصوته عام 1961 ، وبعض اعضاء المجلس التاسيسى ولجنة صياغة الدستور ، كما سيكون هناك متحفان مخصصان لوثائق الدستور ، وسيقوم أمير الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر برفع النصب التذكاري للدستور يوم الإثنين المقبل ، وهناك مصكوكة خاصة للذكرى الخمسين للدستور.
ويشرف على الاحتفال أكثر من 25 جهة حكومية وجهات خيرية كثيرة ، اضافة الى اكثر من الف متطوع يشرفون على الحركة فى المنطقة التى تشهد الاحتفال .