بيته ليس بيتًا عاديّا.. لن تنسى زيارته فور أن تغادره، فنادرًا ما تجد متحفًا كاملاً موضوعًا فى شقة، لدرجة أنك لن تجد مكانًا مناسبًا للجلوس. المستشار عادل فهمى معروف فى أوساط هواة جمع التحف ب «إمبراطور»المقتنيات القديمة على مستوى العالم العربى، فالرجل ليس من الهواة التقليديين الذين يتخصصون فى شىء واحد، بل هو شغوف بكل المقنيات الخاصة بالطبقات الارستقراطية فى العالم، وعاش مستأنسًا بها ، وبالحكايات التى ترويها دون أن يكون له زوجة او ابن، فحياته الخاصة كلها تصب فى عشق التحف حتى لم يعد له مجال لحب شىء آخر. خمسون عامًا عاشها المستشار عادل فهمى فى تكوين مجموعته المبهرة، لذلك ستجد فى شقته «موزايك» متنوعا من التحف، فيها أباجورات ونجف سجاد وقطع موبيليات وكريستال والكثير من زجاج المورانو والولاعات القديمة وسن الفيل والساعات النادرة الذهبية التى يبلغ عمرها مئات الأعوام .. بل طوابع بريد أيضًا. الرجل يقول إن الفضل يعود لوالده الذى كان يعمل مديرًا بالسكة الحديد ويهوى جمع الطوابع، فورث عنه هواية الاقتناء، وظل يمارسها إلى جوار عمله الأصلى كمدرس، ومن خلال رحلاته إلى أكثر من 20 دولة ما بين أمريكا وأوروبا ودول عربية استطاع جمع آلاف من التحف حتى تحول منزلى إلى متحف متنوع يثير الدهشة والانبهار. يحكى «فهمى» عن البدايات فيقول: «عام 1958 بعد تخرجى فى كلية التربية جامعة عين شمس؛ سافرت إلى حلب فى سوريا، وعندما حدث الانفصال بين مصر وسوريا عدت إلى القاهرة وعملت مدرسًا فى مدرسة مصر الجديدة الثانوية، ووصلت إلى منصب مستشار للغة الإنجليزية وعندما أحلت للتقاعد تفرغت لهواياتى التى عشت من أجلها» وعند سؤاله عن مصدر الأموال التى اشترى بها كل هذه التحف قال إنه لم يبخل عليها بكل مدخراته وكل ميراثه، ورغم ذلك فهو لا يبيعها ولا يتاجر فيها، مضيفًا: «أعتبر جميع التحف أولادى الذىن لم أنجبهم، فأنا لم أتزوج وسخّرت حياتى كلها لها لأن لدى شعورا بأننى ولدت لكى أعيش مع هذه التحف، وأنوى أن تتحول شقتى بعد مماتى إلى متحف باسمى تشرف عليه منظمة اليونسكو لأننى أمتلك تحفًا لا تقدر بثمن». عاشق التحف أوضح لنا أيضًا أنه يملك مكتبة أدبية بها كتب نادرة، وأيضا أمتلك مئات السبح بعضها مطعمة بالذهب والفضة والنحاس ومكتوب عليا أسماء الله الحسنى، ومنها الكهرمان والفيروز والعاج وعليها زخارف رائعة، وهو يحمل عشقًا خاصّا للسبح المصنوعة يدويا. ومن أهم مقتنياته مصحف الرئيس ياسر عرفات، واشتراه من معرض أقامته سفارة فلسطين ب700 جنيه من 20 عام. وأيضا يفتخر المستشار بمجموعة من الراديوهات النادرة، منها على هيئة مدفئة وشكل سيارة وسفينة. ومن المقتنيات الغريبة التى يهتم بها جمع قطع الصابون الفريدة من جميع أنحاء العالم، وهو يعتبرها مثل اللوحات الفنية، ومن أشهر المعارض فى هذا المجال معرض مدينة «بال» الفنى فى إيطاليا، ومن أغرب القطع قطعة صابون عرضت وسط مربع من المخمل الأسود صنعت من دهون جمعت أثناء عملية شفط دهون لرئيس الوزراء الإيطالى السابق سيلفيو برلسكونى. البيت معقّد ومتداخل مثل المتحف، فيوجد ممر جانبى توجد به لوحات يدوية وتماثيل مصنوعة من البرونز على الحائط، وهذا الممر يؤدى لغرفة الاستقبال وبها مجموعة من قطع الموبيليا المرصعة بالصدف رائعة الجمال، ومن غرف الاستقبال إلى ركن آخر ملىء بكاسات الكريستال المطلية بماء الذهب وعددها 150 كأسًا جاءت من النمسا وإيطاليا، وبجوارها ساعات جميلة الوصف، منها ساعة أحضرتها من الصين تدق فقط الساعة السادسة صباحًا والساعة العاشرة مساء، وبها أنواع أخرى من الساعات يعود عمرها إلى 100 عام، منها ما يخص ملوك وأمراء ومشاهير العالم العربى، حتى الحمّام توجد به تماثيل من البرونز المرصعة بالصدف، وعندما سألناه عن السر قال: «حتى غرفة نومى بها راديوهات ولوحات ومكواة قديمة، وتمثال العدالة الإيطالى، وهذا التمثال أشعر بأننى أتحدث معه ليلا ويؤنس وحدتى». وفى المطبخ جميع الأدوات عبارة عن تحف مثل براد الشاى على شكل ديك وطقم شاى عليه صور ذكرى وفاة الأميرة ديانا اشتريته ب600 دولار. جامع التحف له حكايات طويلة فى حياته لأن من يملكون هذه التحف طبقة أرستقراطية راقية جدّا يعشقون الفن والجمال، وأنا كنت أتعامل مع هذه الفئات وأشترى منها. وأكد أن لديه مجموعة من الفازات الكلوازنية المصنعة فى الصين وفازات حمراء وأخرى مورانو تصل أعمارها ل 50 عامًا. ومن أهم التحف إلى قلبى هى الزجاجة المصنوعة من الفضة عيار 925 التى تحتوى على برفان راقٍ جدّا أهداها الملك فاروق إلى الملكة الجميلة الرقيقة ناريمان. واختتم حديثه بأنه يتمنى بعد مماته أن تتحول شقته لمتحف باسمه.