في كل أزمات السولار والبنزين السابقة كان المنظر المألوف هو طوابير السيارات أمام محطات البنزين مما يعطل حركة المرور لكن في الأزمة الحالية أصبح المشهد غير مألوف. فالعديد من المحطات مغلقة أمام السيارات لتعلن خلوها تماما من الوقود ولكن السيارات تتزاحم في بعض الطرق العامة ليشتري قائدوها البنزين والسولار بالجراكن بأسعار مضاعفة علي مرأى ومسمع من الجميع، فالسوق السوداء لم تعد تتخفى، لكنها تعلن عن نفسها بكل صراحة وكأنها تتحدى الجهات الرقابية ومفتشي التموين ورجال الشرطة، والأخطر أنها تتحدى المواطنين أنفسهم الذين يضطرون لدفع ثمن مبالغ فيه ليتمكنوا من الحصول على احتياجاتهم من البنزين والسولار، وهذا ما رصدناه في جولة الصباح بمحطات البنزين والمناطق المحيطة بها.
يقول السيد سلامة سائق: إن الأزمة هذه المرة هي الأسوأ على الإطلاق، واتهم أصحاب المحطات بأنهم السبب وأنهم يفتعلون الأزمة والدليل أن هناك صاحب محطة بنزين بدمياط يحمل السلاح الآلي ويغلق المحطة في وجوه قادة السيارات ليجبرهم على الإنصراف والشراء من السوق السوداء دون خوف من الرقابة لأنها غائبة! الأغرب كما يقول محمد أبو عمر "سائق سيارة نقل": إن بعض المواطنين أعدوا خزانات داخل منازلهم لملئها بالبنزين أو السولار ثم تعبئتها في جراكن لبيعها بأسعار مضاعفة علي الطريق العام ، وهذا الأمر منتشر خاصة في مركز كفر سعد وتحديدًا في مدينه كفر سعد البلد. ويقول محمد محمد الدهري صاحب سيارة ملاكي: إنه اضطر للشراء من أشخاص علي الطريق العام الزرقا ، وكان لدى هؤلاء أكثر من 40 جركنًا . وأضاف الدهري أن سوء الرقابة الحكومية شجع مافيا السولار والبنزين خصوصًا أننا نعيش حالة من الفوضى والانفلات الأمني واستغلال فئات معينة لتلك الحالة للتربح غير المشروع مما يزيد الأمر سوءا، ففي ظل النظام السابق كنا نعيش حالة من الفساد الكبير أما الآن نحن نعيش أيضًا حالة الفساد الصغير الذي سيدمر البلد ، فيجب أن تعود هيبة الدولة والتطبيق الصارم للقانون ، وتشديد الرقابة على سيارات نقل المواد البترولية وعلى توزيعها داخل المحطات حتي لا تسول نفس أحد له بيعها في السوق السوداء وازدياد الأزمة سوءًا.
كما أكد محمد الدهري أنه لضمان وجود عدالة توزيع للمواد البترولية لابد من وجود جهة مستقلة عن البترول لتتابع توزيع المواد البترولية وتراقبها وتقيم مستحقي الدعم من عدمه بحيث يتم رفع الدعم عن شركات الأسمنت وشركات المحمول والفنادق الكبرى الذين يكسبون الملايين.
الموضوع يحتاج إلي إعادة نظر فالغريب في الموضوع هو أن تمنح تلك القطاعات المواد البترولية وتفضيلها على محطات البنزين.
من جانبه أوضح محمد صابر - بائع في السوق السوداء قائلا: ''بصراحة أنا أبيع في السوق السوداء، أذهب الفجر أملي 400 لتر من بنزينة التعاون ومصر للبترول ، وأشتري اللتر بجنيه وربع، وهو أصلاً بتسعين قرش، والناس إللي شغالين في البنزينة بيدو أي حد.
ولمعرفة تأثير البيع في السوق السوداء على المواطنين تحدثنا مع أحد سائقي التاكسي، يُدعى محمد كمال الحسيني قال لنا: لا تستخدم كل سيارات التاكسي بنزين 80، ولنتمكن من تموين السيارة نقف في طوابير تمتد طوال الليل، لأن حمولات البنزين تصل ليلاً، وبالنهار تظل الطوابير للساعات، وأحيانًا لا نتمكن من التموين، هذا بخلاف طوابير السولار، وفي كافة الأحوال مفيش حد عارف يشتغل، ده غير إن فيه بنزين بيتباع في السوق السوداء لأصحاب التكاتك اللتر بجنيه وربع، وهو أصلا ب 90 قرشًا، ودي أزمة مصطنعة من الحكومة عشان يشغلوا الناس عن السياسة، ولازم الحكومة تلاقي بدائل وحلول.
ويقول المقدم هشام بركات رئيس مباحث التموين بدمياط: إنه توجد أزمة في المواد البترولية نتيجة نقص المعروض، وذلك يؤدي إلي استغلال البعض للأزمة وبيع المواد البترولية في بعض المناطق إلا أن مباحث التموين تعمل بكل جهد لضبط التسريب للمواد البترولية من المنبع وبالفعل تم مساء أمس ضبط كل من كمال أبو المحاسن 50 عامًا مستقلاً دراجة نارية (تروسكل) محملة بعدد (14) جركن بنزين سعة 20 لتر بنزين بإجمالى 280 لترا،ً والبحراوى محمد حسانين 41 عاماً، مقيم بدائرة مركز كفرالبطيخ مستقلاً دراجة نارية (تروسكل) محملة بعدد (13) جركن بنزين سعة 20 لتر بنزين بإجمالى 260 لترا. وبسؤال المذكورين اعترفا بقيامهما بتجميع البنزين لإعادة بيعه بالسوق السوداء بأزيد من السعر المقرر. تحرر عن ذلك المحضرين رقمى (3792، 3791) جنح قسم دمياطالجديدة لسنة 2012.