مراقبون: « سلمان » سيتنازل عن الحكم لنجله فى غضون خمسة أشهر الأمير الشاب يسعى لتغيير النظام الاقتصادى للبلاد.. ويمنح المرأة دورًا قياديًا غطاس: القرار كان متوقعا وجاء تفاديا للصراع الداخلى بالسعودية بين ليلة وضحاها، تولى محمد بن سلمان ولاية العهد بالسعودية، وعلى الرغم من أن تعيينه وليَّا للعهد كان متوقعًا خاصة فى ظل التطورات التى تشهدها المملكة، لكن الأمر كان بالنسبة للبعض مفاجأة، خاصة المتابعين للشأن الداخلى السعودى فالقرار بالنسبة لهم جاء فى وقت غير متوقع، فالجميع كان يعلم نية الملك سلمان بتعيين نجله وليَّا للعهد لكن القرار جاء أسرع مما توقعوا. الرئيس الأمريكى دونالد ترامب لم ينتظر كثيرًا ليهنئ ولى العهد الجديد، إذ أجرى اتصالًا هاتفيًا بالأمير الشاب هنأه بالمنصب الجديد، علاوة على بحث العديد من القضايا الأمنية والاقتصادية، وتطرقا إلى الأزمة القطرية وسُبل حلها، كما بحثا سبل حل الصراع الفلسطينى الإسرائيلى. وكالة أنباء «رويترز» تحدثت عن محمد بن سلمان الذى تولى منصب ولى العهد بقرار ملكى، إذ قالت إن الأمير السعودى الشاب اختار لنفسه لقب «المصلح الجرئ»، خاصة أنه قرر تغيير النظام الاقتصادى السعودى القائم على الاعتماد على النفط، علاوة على تزعمه سياسة خارجية هدفها دحر النفوذ الإيرانى، مضيفة أن «محمد» الذى يبلغ من العمر (31 عامًا) حل محل ابن عمه الأمير محمد بن نايف الذى يكبره بستة وعشرين عامًا، وهو ما يجعل الأمير الشاب المشرف على سياسة الدفاع والطاقة، أقوى شخصية فى البلاد بعد والده، وتتعاظم أهمية هذا القرار كونه يمثل تغيرًا اجتماعيًا وثقافيًًا هائلًا، فوصوله إلى ولاية العهد تكون هى البداية الفعلية لانتقال الحكم فى السعودية من جيل أبناء ابن سعود المؤسس إلى جيل الأحفاد. بن سلمان هو أول من تمردوا على تقاليد الأسرة الحاكمة من حيث تسليط الأضواء على الأبناء وأنشطتهم، لكن الأمير الشاب كان يعشق دائرة الضوء وكان ضيفًا دائمًا فى جميع وسائل الإعلام. وعلى الصعيد الاقتصادى، كان «محمد» قد أعلن عن حزمة من التغييرات الجذرية فيما أسماه «رؤية 2030» التى تهدف إلى إنهاء اعتماد المملكة على النفط، كما ساهم فى تقلد النساء لمناصب اقتصادية كبيرة، بالإضافة إلى خصخصة جزء من مؤسسة أرامكو النفطية المملوكة للدولة. وخارجيًا، يرى الأمير الشاب أنه يجب إعادة هيكلة دور المملكة على الساحتين الإقليمية والدولية. الآراء داخل السعودية منقسمة حول خطط الأمير الشاب الإصلاحية، فكبار السن يشكون فى نجاح أفكاره، لكن جيل الشباب يراهن على نجاح رؤية «2030»، معتقدين أن صعود الأمير لولاية العهد دليل على أن جيلهم يحتل الصدارة فى إدارة البلاد للمرة الأولى. فيما قال كريستيان أولريخسن، الخبير فى شئون الخليج بمعهد بيكر الأمريكى، إن محمد بن سلمان يتمتع بشعبية كبيرة بين الشباب السعودى ولديه فرصة لمحاولة إعادة تشكيل المملكة من خلال رؤية 2030، مضيفًا أنه إذا نجح فقد يجلس على العرش لعقود. موقع سكاى نيوز، أكد أن الأمير الشاب يملك مسيرة كبيرة فى العمل السياسى والعسكرى، بالإضافة إلى العمل الاقتصادى والتنموى الذى تجلى فى «رؤية 2030»، التى تحضر المملكة العربية السعودية لمرحلة ما بعد النفط، مضيفًا أن بن سلمان المولود فى 31 أغسطس عام 1985 بالرياض، وهو الابن السادس للعاهل السعودى الملك بن سلمان، والحاصل على درجة البكالوريوس فى القانون من جامعة الملك سعود، وكان يشغل عدة مهام أهمها وزارة الدفاع ونائب رئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس الشئون الاقتصادية والتنمية. وأبرز الموقع دور مؤسسة «مسك» فى مسيرة الأمير المهنية، مضيفًا أنه تقلد عدة مناصب خلال مشواره المهنى، الذى امتد إلى عشر سنوات، وابتدأه بممارسة العمل الحر، علاوة على أنه أسس عددًا من الشركات التجارية قبل أن يتفرغ للعمل الحكومى، إذ بدأ بالعمل مستشارًا بهيئة الخبراء فى مجلس الوزراء فى 2007، ثم مستشارًا لأمير منطقة الرياض عام 2009، وشغل لاحقًا مناصب أخرى منها رئيس ديوان ولى العهد ووزير دولة فى مجلس الوزراء. وأشار الموقع إلى أنه على المستوى العسكرى، تولى الأمير الشاب قيادة التحالف العربى فى اليمن بعملية «عاصفة الحزم» التى انطلقت فى نهاية مارس 2015، إذ كان يشغل حينها منصب وزير الدفاع الذى تولاه فى يناير من العام نفسه، واستهدفت عملية التحالف، دعم الحكومة التى يمثلها عبد ربه منصور هادى، وردع ميليشيات الحوثى. نيك روبرتسون، مراسل«CNN» للشئون الدبلوماسية قال فى مقال له، إن ما حدث هو إعادة ترتيب دراماتيكية لخط الخلافة فى المملكة، الأمر الذى سيكون له تداعيات بعيدة المدى على الحليف الرئيسى للولايات المتحدة فى الشرق الأوسط، مضيفًا أن تعيين بن سلمان نائبًا لرئيس مجلس الوزراء مع استمراره وزيرًا للدفاع، هو خطوة مهمة، فقد أشرف على عمليات التحالف العربى بقيادة السعودية فى اليمن. واستطرد: «هذا الإعلان فاجأ الكثيرين، إلا أنها خطوة توقعها البعض منذ فترة طويلة، حقيقة أن الملك سلم نجله الكثير من السلطة داخليًا فى السنوات الأخيرة، ما أعطى المراقبين انطباعًا بأنه يجرى تحضيره للقيادة». وتحدث «روبرتسون» عن نظرة الولاياتالمتحدة لذلك القرار، مؤكدًا أن الأولويات الرئيسية فى الشرق الأوسط هى الاستقرار والقدرة على التنبؤ بالأحداث، وتعيين محمد بن سلمان ذى الخبرة القليلة نسبيًا يعد تحولًا عن ذلك، لكن بصفته وزيرًا للدفاع، اتخذ الأمير نهجًا متشددًا مع قطروإيران واليمن، ويجب على الولاياتالمتحدة أن تتوقع أن تجد نفسها وسط ازدياد التوتر السياسى فى المنطقة. وقال مراسل«CNN»، إن الأزمة الدبلوماسية الحالية بين السعودية وقطر يمكن أن تمثل درسًا للولايات المتحدة فى المشى لمسافات طويلة على حبل دبلوماسى رفيع، فواشنطن تؤيد السعوديين فى الأزمة التى قادها ولى العهد الجديد بعد قرار مقاطعة الدوحة، مع الحفاظ فى الوقت نفسه على قاعدتها العسكرية الكبيرة فى قطر. وأضاف: «بالنسبة لقطر فعلى المدى القصير من الصعب تحديد كيف سيؤثر تعيين الأمير محمد بن سلمان على الأزمة الدبلوماسية، الرسالة إلى قطر واضحة مفادها: نتوقع أكثر مما تقدمون»، مؤكدًا أن تعيين محمد بن سلمان يعنى أن الخط الثابت الذى يتخذه السعوديون سيبقى ولا أصوات أقدم وأكثر حكمة ستتدخل لتعدل من الموقف السعودى فى أى وقت قريب. وأوضح أن الإيرانيين كانوا قد وجهوا أصابع الاتهام إلى السعوديين بعد الهجوم الإرهابى فى العاصمة طهران، ثم استخدموا ذلك سببًا لإطلاق صواريخ باليستية على سوريا. وأكد «روبرتسون» تصاعد التوتر بين الدولتين ببطء مؤخرًا، خاصة بعد اتخاذ الأمير الشاب نهجًا صارمًا ضد إيران، إذ قال فى مقابلة مؤخرًا: «نحن هدف رئيسى للنظام الإيرانى، لن ننتظر حتى تصبح المعركة فى السعودية، بل سنعمل لكى تكون المعركة عندهم فى إيران وليس فى السعودية». وشدد على أن محمد بن سلمان ولى عهد السعودية تولى منصبه الجديد بمباركة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب الذى غيرت زيارته إلى الرياض قبل شهرين الكثير من ملامح المنطقة العربية. وقال الدكتور خالد رفعت رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن محمد بن سلمان ولى العهد الجديد هو رجل أمريكا الأول فى المنطقة، ودخل باب المملكة من خلال مباركة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب. وأوضح «رفعت» أن بن سلمان كان أول مسئول عربى يزور الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بعد توليه رئاسة الولاياتالمتحدة، وتمت الصفقة من خلال ضخ السعودية استثمارات فى البنية التحتية لأمريكا تقدر بنحو 100 مليار دولار، ما جعل «ترامب» يوقف تصريحاته عن قانون «جاستا» الذى وضع لمعاقبة المملكة العربية السعودية وفرض تعويضات عليها لتورطها فى أحداث 11 سبتمبر 2001. وتابع: «الأمير بن نايف كان رجل أمريكا الأول فى المملكة العربية السعودية، والإطاحة به كانت تستلزم تقديم قربان أو صفقة تجبر الولاياتالمتحدةالأمريكية على التضحية برجلها، وتصعيد آخر بدلًا منه فكانت صفقة السلاح، بالإضافة إلى ال 100 مليار دولار التى قدمها محمد بن سلمان بنفسه هدية للرئيس الأمريكى دونالد ترامب. وأكد رئيس مركز طيبة للدراسات السياسية والاستراتيجية أن المملكة العربية السعودية ستشهد تغييرًا فى الحكم خلال الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن عملية التغيير ستتم فى غضون ال 5 أشهر المقبلة، ومن المحتمل أن تكون بعد موسم الحج مباشرة، بتنحى الملك سلمان بن عبدالعزيز وإعلانه عدم تحمله الاستمرار فى حكم المملكة لظروف مرضه، وتولى ابنه فى حياته حتى يضمن عدم حدوث أى انقلابات ضد وريثه فى الحكم. وشدد على أن الفترة المقبلة ستشهد التضحية برجل آخر من أهم المسئولين داخل المملكة العربية السعودية، وهو الأمير متعب بن الملك عبد الله بن عبد العزيز، وهو الرجل الذى يشكل خطرًا الآن على عرش الملك سلمان وتدين له العديد من القبائل فى السعودية بالولاء، لذا سيكون التخلص منه ضرورة الفترة المقبلة. وأكد «رفعت» أن المنطقة ستشهد بعض التغيرات خلال حكم الملك الجديد للسعودية محمد بن سلمان أهمها تشكيل حلف سنى بمشاركة مصر والإمارات، فى مواجهة حلف شيعى تقوده إيران ويضم العراقوسوريا وحزب الله. وأشار إلى أن الأمير محمد بن سلمان كان على تواصل دائم مع الإدارة الأمريكية منذ عهد الرئيس بارك أوباما، وأقنعهم أنه يستطيع إحداث تغييرات فى المجتمع السعودى تخص المرأة، مؤكدًا أنه أجرى العديد من الحوارات الإعلامية فى الولاياتالمتحدة خلال العامين الماضيين. وأكد الدكتور سمير غطاس عضو مجلس النواب أن قرار تولى محمد بن سلمان ولاية العهد فى المملكة العربية السعودية كان متوقعًا بل جاء مبكرًا عما كان مرتب له، مشيرًا إلى أن محمد بن سلمان هو الذى يدير المملكة العربية السعودية منذ فترة، وجاءت الخطوة تفاديًا للصراع المرتقب فى المملكة العربية بعد موت الملك سلمان بن عبد العزيز. وأوضح «غطاس» أن الصراع فى المملكة سيبقى قائمة بين أبناء الجيل الثالث من أبناء الملك عبد العزيز آل سعود، وننتظر فقط لحظة الانفجار المقبلة.