رسالة الإخوان للقمة العربية محاولة للتنصل من الإرهاب.. ومصدر: بإيعاز من الدوحة مصدر: مصر لم تقدم تنازلات فى لقاء السيسى سلمان.. والرياض تجنبت طرق باب الخلاف للتقرب من القاهرة إعلان عمان يؤكد على خيار السلام ودعم المصالحة الفلسطينية.. والحل السلمى لأزمة سوريا تسريب خطاب الرئيس بالخطأ قبلها بيومين.. والبشير لم يستطع إخفاء تجهمه خلال لقائه السيسى اختتمت فى منطقة البحر الميت فى الأردن أعمال القمة العربية فى دورتها ال28، بإصدار إعلان عمان الذى تضمن 15 قرارًا مهمًا لتعزيز التضامن العربى المشترك، وأعاد القضية الفلسطينية للواجهة، وبمواقف لا تخلو من الغرابة والطرافة أحيانًا. ولم يخل الوضع من بعض المواقف والأحداث التى أضفت جوًا من الإثارة على الحدث، فالبعض أطلق على القمة (قمة السقوط) حيث سقط الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات وحاكم دبى، فور وصوله إلى الأردن؛ فعندما اقترب من إنهاء نزوله من على سلم الطائرة سقط على الأرض، وإن كان سقوطه هينًا أمام الارتطام الشديد الذى تعرض له رئيس لبنان العماد ميشيل عون، الذى سقط أرضًا أثناء محاولته الوقوف على المنصة لالتقاط صورة تذكارية مع القادة العرب، إلا أنه لم يصب بأذى، وغردت ابنة الرئيس عون على تويتر بالقول «الآن عرفت قيمة كرش أبى، فقد أنقذه». ومن لبنان إلى العراق، حيث ترددت أنباء، مصدرها قناة الجزيرة القطرية، عن انسحاب الوفد العراقى وذاع الخبر وأحدث ارتباكًا بين العراقيين المتواجدين؛ ما بين مؤكد وبين نافٍ للخبر، وخرج مصدر رسمى عراقى ينفى الانسحاب، مؤكدًا استمراره المشاركة إلى ختام القمة العربية، معربًا عن استيائه من سياسة «الجزيرة». كما وقع وفد وزارة الخارجية المصرية فى خطأ فنى قبيل انعقاد القمة بيومين، حيث وزع كلمة الرئيس السيسى فى القمة، بدلًا من أن يوزع كلمة وزير الخارجية، مما أدى إلى تسريبها لوسائل الإعلام، وألقى السيسى ذات الكلمة، إلا أنه تم إعادة صياغة بعض الفقرات. وكان غياب ملك المغرب محمد السادس عن القمة دون اعتذار مثار حديث الجميع، لأن جميع المسئولين ومن قاموا بمنح التصريحات للصحفيين أكدوا بشكل قاطع حضور العاهل المغربى للقمة، ولم يكتفوا بذلك بل أكدوا أن محمد السادس سيكسر تقليدًا ملكيًا مغربيًا يعود ل12 سنة، وهو عدم حضور القمم العربية، والاكتفاء بإيفاد مبعوث بدلًا منه، بل بلغ هذا التقليد ذروته حينما اعتذرت الرباط عن استضافة القمة العربية ال27، مما أدى إلى نقلها لموريتانيا. كما شهدت أعمال القمة غياب سوريا، إلا أن علمها كان حاضرًا. وبدا مشهد مقعد سوريا فى القاعة التى تحتضن أعمال القمة العربية ال 28، كما لو أن المكان ينتظر أصحابه، أو أن الوفد السورى غادره لفترة وجيزة. وطغت زيارة العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى عمان قبيل انعقاد القمة العربية بيومين على وسائل الإعلام الأردنية، أكثر من القمة العربية ذاتها، فيما وصف الإعلام السعودى استقبال خادم الحرمين فى الأردن ب«الأسطورى». وبرغم أن الوضع فى قمة «البحر الميت» كان يشبه اسم البحر بالنسبة للصحفيين، حيث فرضت السلطات حصارًا أمنيًا شديدًا على الصحفيين والمراسلين ولم يسمح بخروج ودخول أحد دون تصريح أو تفتيش، وفى مناطق محددة وخالية من المسئولين، وعانى الجميع فى تنفيذ مهام عملهم فى ظل هذا الحصار الأمنى الذى فرض عليهم ولم يتم السماح لأحد بالحضور لقاعة المؤتمرات وافتقد الجميع الحرية وممارسة عملهم فى تغطية أنشطة وفاعليات القمة، كما يجب.
المصالحات
وشهدت قمة البحر الميت مصالحات ثنائية بين الدول العربية، لعل أبرزها لقاءات القمة التى جرت بين الرئيس عبدالفتاح السيسى، مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ومع الرئيس السودانى عمر حسن البشير ومع التونسى الباجى قايد السبسى. وحمل اللقاء بين السيسى والملك سلمان عدة وجوه وكثيرًا من الأقاويل، فلحظة خروج الرئيس والوفد المصرى تزامنت مع كلمة أمير قطر، وخاصة أن الكثيرين لاحظوا تضايق الجانب القطرى من هذا المشهد، وبرغم خروج الملك سلمان ووفده إلا أن الحديث تردد بأن الرئيس السيسى هو من طلب ذلك حتى لا يحضر كلمة قطر وأيضا حتى لا يكون خروجه إحراجًا لملك الأردن. وأرجع أحد المصادر، التى حضرت القمة، أن الخطاب الذى أرسلته جماعة الإخوان وبالتحديد التنظيم الدولى للجماعة، إلى القمة العربية، تدعو فيه بالتوفيق والسداد للعرب، إلى قطر، بأنها صاحبة الفكرة لإظهار الجماعة أنها لا تزال حاضرة فى المشهد السياسى العربى، بعكس ما هو قائم حاليًا ومتحقق من كونها معزولة سياسيًا وجماهيريًا، ولإظهار الجماعة أمام العالم أنها ليست مسئولة عن الكوارث التى تعانى منها المنطقة العربية، وإعاقة استصدار قرارات عربية موحدة ومجمعة ضدها، وخاصة فى ظل أن المنطقة بأكملها تتجه لحظر التنظيم. وأكد المصدر أن كلمة أمير قطر تميم بن حمد، بالقمة أكدت ذلك، حيث قال «ليس من المنصف اعتبار تيارات سياسية نختلف معها إرهابية». كلمة تميم لم تشهد خروج الزعيمين المصرى والسعودى خلالها، فقط، بل زامنها نوم أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، كما بدا أكثر من زعيم عربى مشغولًا عن الكلمة بالحديث إلى الوفد المرافق له أو بالنوم أو بقراءة الأوراق المعروضة عليه، والذى يبدو أنه الرد البليغ على سياسات الدوحة الرامية إلى تمويل ودعم كل الأنشطة الهدامة والسياسات التى تضعف العرب وتنال من وحدتهم. واستغل الرئيس الجيبوتى إسماعيل عمر قيلى إرهاق الزعماء، واستغرق فى النوم هو الآخر، خلال كلمة الأمين العام لجامعة الدول العربية السفير أحمد أبوالغيط. وتطرق لقاء القمة بين السيسى والعاهل السعودى إلى العلاقات الاستراتيجية بين البلدين وسبل تعزيزها، حيث أكد الزعيمان حرصهما على دعم التنسيق المشترك فى ظل وحدة المصير والتحديات التى تواجه البلدين. كما أكد الزعيمان أهمية دفع وتطوير العلاقات الثنائية فى جميع المجالات، بما يعكس متانة وقوة العلاقات الراسخة والقوية بين البلدين، والتى تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، والتنسيق مع كل الدول العربية فى التعامل مع التحديات والأزمات التى تمر بها المنطقة. كما أكد أحد المصادر المقربة أن العلاقة شهدت انفراجة حقيقية، خاصة أن الرئيس السيسى تلقى دعوته لزيارة المملكة، وأيضًا الملك سلمان أكد حضوره إلى مصر فى القريب بدعوة من الرئيس، كما أضاف المصدر «اللقاء اتسم بالودية وتجنب الطرفان الخوض فى تفاصيل أو حديث عن خلافات، وإنما دار الحوار عن التقريب وتذليل الخلافات وتوحيد الصف، وهذا ينم عن نجاح عاهل الأردن فى احتواء الأزمة التى كانت بين مصر والسعودية، ووضع تصور جديد للعلاقة بينهما، فيما أكد المصدر أيضًا حرص الملك سلمان أن إبداء اهتمامه بالرئيس السيسى، الذى حرص هو أيضًا على أن يكون مبتسمًا طوال فترة اللقاء، والمشهد بدا إيجابيًا، خاصة أن كلا الرئيسين حرصا على إظهار الودية فى التعامل، ولكن أحد الحضور أكد أن «مصر لم تقدم تنازلات لتلك المصالحة، ولم تعط وعودًا بأى شىء محل خلاف فى المستقبل القريب أو البعيد»، مؤكدًا أن الجانب المصرى كان حريصًا على أن يتم التقريب دون تفريط، وأن الجانب السعودى كان حريصًا أيضا على عدم الخوض فى أى تفاصيل خلافية أو التطرق للمواضيع الجدلية، بل كان حريصًا على رأب الصدع فى العلاقة، مرجعًا ذلك إلى ما يمر به الجانب السعودى من أحداث فى اليمن، استنزفت قواه وموارده. وتعد هذه هى القمة الأولى التى تجمع العاهل السعودى الملك سلمان بن عبدالعزيز بالرئيس المصرى منذ توتر العلاقات بين البلدين، بسبب خلافات حول ملفات إقليمية، لا سيما الموقف من نظام الأسد بسوريا، وكانت العلاقة بين السعودية ومصر قد شهدت أزمة مكتومة أدت لإيقاف شركة «أرامكو» مد مصر بشحنات المنتجات البترولية، لكن لاحقًا استأنف الجانب السعودى تصدير البترول إلى مصر، وهو الأمر الذى اعتبره مراقبون بادرة تسهم فى تحسن العلاقات بين البلدين. وجدير بالذكر أن الخلاف المصرى السعودى لم يقتصر فقط على الملف السورى، ففى سوريا ترى مصر أن سقوط بشار سيأتى بالإسلاميين على رأس السلطة لاسيما المرتبطون بجماعة الإخوان، وكذلك فى اليمن ترى أنه إذا ما نجحت السعودية فى الإطاحة بالحوثيين فإنه سيكون بمساعدة الإخوان فى اليمن ولن تستطيع حينئذ السعودية التخلى عنهم بعد ذلك، وهو ما تراه مصر سينعكس على موقف السعودية من الإخوان المصريين، أما فى ليبيا فترى مصر وجوب توجيه ضربات عسكرية عربية للإسلاميين فى ليبيا على غرار عاصفة الحزم، ولكن السعودية ترفض بشدة هذا التوجه؛ ما جعل مصر توقن جيدًا أن السعودية لم تعد ترى أن الإخوان هم العدو الأول الذى يجب محاربته، كما أيقنت مصر أن القيادة السعودية الجديدة أجرت تعديلات على أجندتها الإقليمية جعلت الأولوية لمواجهة الخطر الإيرانى، وأجلت مواجهة الإخوان المسلمين، وتأتى تيران وصنافير وما أحدثته من صخب محل جدل وخلاف، ولتكتمل الروايات بالحديث عن رغبة السعودية فى استبعاد سامح شكرى وزير الخارجية من منصبه لعدم شعورها بالارتياح لوجوده، بزعم البعض أنه ينتهج سياسة معادية لتوجهات السعودية. وفيما يتعلق بلقاء القمة المصرية السودانية، أشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الزعيمين أكدا على ضرورة تعزيز العلاقات الثنائية وإذابة الخلافات فيما بينهما، وتفعيل التعاون بين البلدين الشقيقين، لا سيما بعد التراشقات الإعلامية التى وقعت مؤخرًا بين مصر والسودان. وكد مصدر مطلع أن اللقاء مع الجانب السودانى، وإن كان يبدو طبيعيًا، إلا أن الصورة لم تستطع أن تخفى حالة الجمود وعدم الاستحسان التى بدا عليها الرئيس البشير والوفد المرافق له أثناء حواره مع الرئيس السيسى والوفد المصرى، فلم تظهر علامات الارتياح على وجه الرئيس السودانى الذى كان يتطلع أن تكون المحادثات متمحورة حول نقاط خلافية ومهمة، رغم أنها اتسمت بالدبلوماسية الشديدة والحرص الشديد على إبداء مظهر التوافق وإن لم ينجح الرئيس والوفد السودانى فى إظهار ذلك، ودار اللقاء حول الحرص على العلاقات التاريخية وتفعيل التعاون بين البلدين. كما عقد الرئيس السيسى لقاءً مشتركًا مع العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى والرئيس الفلسطينى محمود عباس، جرى خلاله التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود المشتركة وتنسيقها لتحريك عملية السلام، وإعادة الزخم للقضية الفلسطينية بوصفها جوهر الصراع فى المنطقة. كما بحث الرئيسان المصرى والتونسى الباجى قايد السبسى التنسيق حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، بالإضافة للتشاور حول الأزمة الليبية. وأشاد السيسى بمبادرة الرئيس التونسى، بتعزيز دور دول جوار ليبيا (مصر وتونس والجزائر)، وما عكسه الاجتماع الوزارى الثلاثى الذى عقد بتونس فى شهر فبراير الماضى من انسجام الرؤى، حول سُبل التوصل لحل سياسى توافقى للأزمة الليبية، ورفض أية حلول عسكرية أو تدخلات خارجية فى الشأن الليبى، مؤكدًا دعم بلاده لتونس فى مواجهة خطر الإرهاب، الذى يمثل تهديدًا مشتركًا للبلدين. من جانبه أعرب الرئيس التونسى عن اعتزاز بلاده بما يربطها بمصر من علاقات متميزة ووثيقة، مشيرًا إلى أهمية العمل على تطويرها وتنميتها فى جميع المجالات. وأعلن العاهل الأردنى عن اختتام أعمال القمة مساء الأربعاء بالقول: «لقد قمنا خلال هذه القمة، بمناقشة جميع القضايا بمنتهى الشفافية، للخروج بجملة من القرارات والتوصيات المهمة، التى سنحرص خلال رئاستنا للقمة، على العمل معكم لترجمتها على أرض الواقع». وجدد العاهل الأردنى التأكيد «على أهمية تعزيز ومأسسة العمل العربى المشترك، على النحو الذى يمكننّا من تجاوز التحديات التى تواجهنا ويخدم قضايا أمتنا». فيما أعلن وزير الخارجية السعودية فى ختام أعمال القمة، عن استضافة بلاده لأعمال القمة العربية المقبلة فى العاصمة الرياض. وأكد القادة العرب فى ختام قمتهم على أن «حماية العالم العربى من الأخطار التى تحدق به، وبناء المستقبل الأفضل الذى تستحقه شعوبنا، يستوجبان تعزيز العمل العربى المشترك المؤطر فى آليات عمل منهجية مؤسساتية والمبنى على طروحات واقعية عملية قادرة على معالجة الأزمات ووقف الانهيار ووضع أمتنا على طريق صلبة نحو مستقبل آمن خالٍ من القهر والخوف والحروب ويعمه السلام والأمل والإنجاز». وجاء فى إعلان عمان الذى تضمن 15 بندًا؛ أهمها «تأكيد استمرارهم فى العمل على إعادة إطلاق مفاوضات سلام فلسطينية - إسرائيلية جادة وفاعلة وفق جدول زمنى محدد لإنهاء الصراع على أساس حل الدولتين، ثانيًا التشديد على تكثيف العمل على إيجاد حل سلمى ينهى الأزمة السورية، ثالثًا التأكيد على أن أمن العراق واستقراره وتماسكه ووحدة أراضيه، خامسًا التشديد على ضرورة تحقيق الاستقرار الأمنى والسياسى فى ليبيا من خلال مصالحة وطنية ترتكز إلى اتفاق الصخيرات، سادسًا نلتزم بتكريس جميع الإمكانات اللازمة للقضاء على العصابات الإرهابية وهزيمة الإرهابيين فى جميع ميادين المواجهة العسكرية والأمنية والفكرية، سابعًا نعرب عن بالغ قلقنا إزاء تنامى ظاهرة الإسلاموفوبيا ومحاولات الربط بين الدين الإسلامى الحنيف والإرهاب، ثامنًا: نؤكد الحرص على بناء علاقات حسن الجوار والتعاون مع دول الجوار العربى بما يضمن تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والتنمية الإقليمية، تاسعًا: نؤكد سيادة دول الإمارات على جزرها الثلاث، ونؤيد جميع الإجراءات والوسائل السلمية التى تتخذها لاستعادة سيادتها عليها، وعاشرًا: تهنئة الصومال على استكمال العملية الانتخابية، ونؤكد دعمنا لهم فى جهودهم لإعادة البناء ومواجهة التحديات الاقتصادية والتنموية ومحاربة الارهاب، فيما تمثلت باقى البنود فى: التزام دعوة بيان قمة الكويت للعام 2014، وتكليف المجلس الاقتصادى والاجتماعى لجامعة الدول العربية بإعداد خطة عمل لتنفيذ قرارات القمم السابقة، وأيضًا التشديد على دعم الجامعة العربية وتمكينها حاضنة لهويتنا العربية الجامعة». ووصف مراقبون ومحللون سياسيون أن القمة العربية حققت نجاحًا متميزًا، من حيث الأداء والتنظيم، وحضور القادة العرب على رأسهم الرئيس السيسى، الذى استطاع أن يحقق خروقات فى جمود العلاقات مع البلدان العربية الشقيقة.