فى تاريخ كل وزارة، يوجد وزير لا يستطيع موظفو الوزارة نسيانه، بسبب أفعاله الطيبة على المستويين «الشخصى» و«العملى»، فلا يترك مناسبة إلا ويشارك فيها مع أبناء وزارته، ولا يترك مناسبة للحصول على مزيد من الامتيازات للموظفين إلا وحصل عليها، وهو ما جعل بعض وزراء الحكومات المتعاقبة يحصدون لقب «الوزير المحبوب» عن جدارة، لدرجة جعلت الموظفين حتى الآن يقسمون بحياة الوزير ويترحمون على أيامه. وفى ظل التشكيل الوزارى الحالى وافتقاره لمصطلح «الوزير المحبوب» تستعرض «الصباح» فى السطور المقبلة، سر ارتباط موظفى بعض الوزارات بأسماء معينة دون غيرها. رغم وفاته، ورغم تركه الوزارة منذ 18 سنة، ما زال يتردد اسم ماهر أباظة، على ألسنة العاملين بوزارة الكهرباء بعدد ضربات القلب ومرات الشهيق والزفير التى تدخل وتخرج من رئة الإنسان دون مبالغة أو تهويل، إنه وزير الكهرباء نصير العمال وصاحب الشعبية الجارفة والسمعة الطيبة ماهر أباظة، الملقب بأبو الكهرباء فى مصر. فطوال 20 سنة شغلها أباظة وزيرًا للكهرباء كانت بمثابة عيدًا للعاملين بالوزارة، فبشهادة عدد لا بأس به منهم، «كان ماهر بك أباظة -كما يلقبونه- سندًا لهم وعونًا، يستجيب لمطالبهم ويمنحهم مزايا مالية عديدة. سامح فهمى.. زعيم البترول مشكلاتهم كثيرة ومطالبهم أكثر، يعانون ولا يلتفت لهم أحد؛ إنهم العاملون بالبترول يقال عنهم «يابخت اللى بيشتغل فى البترول» وهم يقولون «الصيت ولا الغنى»، لكن أوضاعهم لم تمكن هكذا فى عهد سامح فهمى. وخلال 12 سنة كان فيها فهمى وزيرًا للبترول، عاش العاملون بهذا القطاع أوقاتًا طيبة باستقرار أوضاعهم المالية. وإذا قررت الدخول إلى إحدى صفحات وزارة البترول والمجموعات الخاصة بموظفيها والعاملين بها سوف تجد اسم سامح فهمى حاضرًا فى كل منشور بل فى كل تعليق.
أحمد جويلى.. خادم برتبة وزير الدكتور أحمد جويلى وزير التموين والتجارة الداخلية، تولى مهام منصبه عام 1994، اتبع سياسة توفير جميع السلع للمواطنين، فقضى على الاحتكار، ووجه ضربات موجعة لأباطرة السوق السوداء، وذاع صيته فى التسعينيات على أنه وزير مبتكر صاحب فكر بناء، يؤدى عمله على أحسن وجه ومنحاز للغلابة، أحبه العاملون بالوزارة وأحبه المواطنون أيضًا.
عادل لبيب.. شيخ التنمية المحلية عمل محافظًا لعدد من المحافظات، ومنها «قنا والإسكندرية والبحيرة»، وخلال تلك الفترة التى قضاها محافظًا تمكن من حل عدد كبير من خصومات القبائل والعائلات، وتمت الاستعانة به بعد ثورة يناير وخلال توليه حقيبة التنمية المحلية لإنهاء ثأر بين عائلتين بسوهاج. مصدر من داخل الوزارة، أكد أن اللواء عادل لبيب، والذى تولى الحقيبة الوزارية منتصف العام 2013، كان شديد الحرص على حضور المناسبات العائلة لجميع موظفى الديوان والسعى لزيادة حوافز العاملين، وقد حاول ذلك أكثر من مرة، وسبق له تصفية الأجواء النفسية بين رؤساء القطاعات والتأكيد على مفهوم العمل كفريق.
عبد الحليم محمود.. الشيخ والوزير خلال تولى الدكتور عبد الحليم محمود منصب شيخ الأزهر توسع فى الكليات المدنية بجامعة الأزهر، وذهب بنفسه إلى القرى والنجوع ليجمع التبرعات لبناء المعاهد الأزهرية ليشكل قاعدة عريضة لإمداد الكليات بالعدد اللازم من الطلاب. واستطاع محمود، أن يحفر لنفسه مكانة بارزة فى وزارة الأوقاف رغم المدة البسيطة التى تولى فيها منصب الوزارة، فأعاد إلى وزارة الأوقاف أملاكها، التى سبق ضمها إلى هيئة الإصلاح الزراعى. وتنبه «شيخ الصوفية» كما يلقب، إلى خطورة المساجد والزوايا الأهلية مبكرًا، فحاول ضم العديد منها إلى وزارة الأوقاف ليضمن توافق الخطاب الدينى مع فكر الإسلام الوسطى.
حسب الله الكفراوى.. أبو المدن الجديدة تولى حسب الله الكفراوى حقيبة وزارة الإسكان لمدة 16 سنة، أنشأ خلالها أهم المدن العمرانية الجديدة، منها السادس من أكتوبر والسادات والعاشر من رمضان ودمياط الجديدة ومراقيا، التى تعتبر الرئات السكانية لمصر فى الوقت الحالى، ولذلك يعتبر الأكثر شعبية داخل وزارة الإسكان بين الشخصيات التى تولت المنصب مدى تاريخه. ويعتبر نموذج العاصمة الإدارية الجديدة التى بدأت الدولة فى تنفيذها نموذجًا مستنسخًا من فكرة ل«حسب الله الكفراوى»، فهو أول من اقترح فكرة مدينة واحدة لتجميع وزارات الدولة والمصالح الحكومية لتخفيف العبء عن القاهرة، بنقلها إلى مدينة السادات.
هاشم فؤاد.. طبيب «الصحة» كان هاشم فؤاد شخصية من القليلين الذين رفضوا تولى منصب وزير الصحة، ورغم أنه لم يتول المنصب لكن شعبيته داخل قطاع الصحة فى مصر فاقت وزراء خلدوا فى المنصب لسنوات. فنجح هاشم فؤاد فى إعادة الهيبة والاحترام لمهنة الطبيب فى مصر، بعد توليه عمادة كلية طب قصر العينى، ليحول قصر العينى من مؤسسة منهارة إلى أعظم مؤسسة طبية. كانت كتب فؤاد توزع بالمجان على طلبة الطب، وكان كشف عيادته لا يزيد على 10 جنيهات، فضلًا عن أنه كان يُعطى العلاج للمرضى على حسابه الشخصى ويُعيد ثمن الكشف لمن يشعر أنه «غلبان»
أحمد رشدى.. وزير داخلية الشعب تولى أحمد رشدى منصب وزير الداخلية عام 1984، ورغم أن منصبه لم يدم سوى عامين فقط إلا أنه يكاد يكون وزير الداخلية الوحيد، المحبوب لدى جميع فئات الشعب. قاد رشدى حملة ناجحة ضد تجارة المخدرات، ولقب ب «قاهر المخدرات» ويروى أنه بعد خروجه من وزارة الداخلية ظهر نوع جديد من المخدرات اسمه «باى باى رشدى».