عضو بمجلس نقابة الأطباء: الظاهرة تحمل بعدًا نفسيًا.. ولا علاقة لها بالمصابين بحروق وعيوب خلقية العمليات تبدأ من 10 آلاف جنيه للأنف.. وشد الرقبة ب20 ألفًا.. والحجز إلكترونى قبل الذهاب للمركز 2000مركز تجميل على الإنترنت.. والإقبال متزايد على شد الرقبة وشفط الدهون يوسف «صغّر» أنفه بسبب عدم رضاء خطيبته عن حجمها على الرغم من أنه فى العشرينيات من عمره، جلس «يوسف. ص» ينتظر دوره ضمن 5 شباب من نفس الفئة العمرية، لإجراء عملية تجميلية لأنفه بعد أن طلبت منه خطيبته تصغيرها لأنها «غير مألوفة» بالنسبة لها، وفى قاعة تشبه «البيوتى سنتر» لكنها للرجال بحى المهندسين انتظر الشاب دوره.
يوسف يقول إنه مثل أى شاب يسعى لتحسين مظهره، وإجراء عملية تجميلية بسيطة، ليكون لائقًا بشكل أكثر، لافتًا إلى أن كثيرًا من الشباب أصبحوا يتبعون هذا الأمر ليجدوا قبولًا فى الأوساط المحيطة بهم، ومشددًا على أنه لا يعتبرها مسألة محرمة من الناحية الدينية، فضلاً عن أنها تكلفه مبالغ بسيطة.
حالة أخرى لرجل فى بداية العقد الرابع وهو «ع.م» يعمل فى مجال المقاولات تحدث عن لجوئه لإجراء عملية تجميل اعوجاج الأنف، مؤكدًا أن زوجته كانت دافعًا كبيرًا له، وأن الجراحة التى أجراها أتت، على حد قوله، بثمارها، حيث تخلص نهائيًا من مظهر الأنف المنفر لتجميل مظهره أمام زملائه فى العمل.
الحالة الثالثة هى لشاب يدعى «أ.ط» فى منتصف الثلاثينيات تحدث عن تجربته مع زراعة الشعر بسبب معاناته الشديدة مع صلع وراثى ورغم اعتراضه الشديد على إجراء عملية زرع الشعر لكنه استجاب لإلحاح الزوجة التى أقنعته أن مظهره سوف يبدو كشاب جذاب فى العشرينيات، ومن هنا خاض التجربة التى تبدو مرضية إلى حد كبير بالنسبة له، رافضًا ما يسمى نظرة المجتمع التى تسخر من الرجل الذى يجرى مثل هذه العمليات، ومؤكدًا أنه شأن خاص وليس جدلًا مجتمعيًا.
أما «س.ع» 24 عامًا، فقد أجرى عدة جراحات مثل شفط الدهون وتكميم المعدة وشد الجلد بسبب معاناة شديدة مع وزنه الذى تجاوز 120 كجم وبعد عدة عمليات أصبح وزنه 80 كجم.
ورغم أنه غير متزوج لكنه أشار إلى عدم شعوره بغضاضة فى تحسين مظهره من أجل زوجته المستقبلية، مشيرًا إلى أن التجميل فى حالات كثيرة يصبح ضرورة وليس رفاهية كما كان فى السابق.
وانتشرت مؤخرًا عمليات التجميل داخل مصر بشكل ملحوظ، خاصة مع وجود «مراكز تجميل للرجال»، على الرغم من أن عمل أغلب المراكز سابقًا يعتمد على عمليات التجميل الخاصة بالمصابين بالحروق.
وساد اعتقاد فى السابق بين كثير من الدول العربية والإسلامية، عن إقبال بين السيدات على عمليات شد الوجه والتخسيس وغيرها من العمليات، إلا أن الرجال دخلوا مؤخرًا ساحة المنافسة على إجراء الجراحات نفسها، وكان من بين أبرز تلك الوقائع قيام النائب السابق عن حزب النور «أنور البلكيمى»، بإجراء عملية لتجميل أنفه.
وفى داخل أحد المراكز المشهورة بمنطقة المهندسين «ش.د»، ذهبنا للسؤال عن تكاليف إجراء عملية تجميلية لشاب مقبل على الزواج، فأخبرتنا السكرتيرة، أن المركز له طبيعة خاصة فى الحجز، حيث يعتمد الأمر على الحجز عن طريق الهاتف أو الموقع الإلكترونى الخاص بالمركز قبل الذهاب إلى مقر المركز.
وأضافت أنه يتم عمل بعض التحاليل والأشعة الخاصة بمرضى السكر وبعض الأشعة الخاصة بالقلب، ويعرض صاحب الحالة على طبيب لمراجعة الفحوص وذلك مقابل استمارة الكشف فى المرة الأولى والتى تبلغ 300 جنيه.
وأوضحت سكرتيرة المركز، أنه وفى أعقاب إجراء التحاليل يتم الاتفاق على موعد وتكلفة إجراء العملية، مشيرة إلى أن أسعار العمليات تختلف عن بعضها البعض، إذ تبلغ تكلفة إجراء عملية تج ميل الأنف من 10 آلاف جنيه حتى 12 ألفًا، بينما تتكلف عملية تجميل الرقبة وشد الدهون الخاصة بالمنطقة المحيطة من 15 إلى 20 ألف جنيه، أما عملية شفط الدهون من منطقة البطن فتتراوح من 20 إلى 25 ألف جنيه، وذلك وفقًا لسن الحالة وظروفها الصحية.
أحد القائمين على مركز تجميل آخر للرجال فى مدينة نصر، قال ل«الصباح»: «إن تكاليف تخدير المريض تكون خارج تكلفة عملية التجميل، وكاشفًا عن إقبال الرجال الكثيف على عمليات تجميل الأنف وشد الرقبة وشفط الدهون».
ويصل عدد الأطباء المتخصصين فى عمليات تجميل الرجال الخاصة بشد الوجه وتجميل الأنف، وشفط الدهون المترهلة، وكذلك زرع الشعر، أكثر من 2000 دكتور تجميل، و400 أستاذ جامعى، و700 استشارى فى أكثر من 30 تخصصًا لجراحات التجميل الخاصة بالرجال والسيدات، والذين دشنوا حسابات لعياداتهم ومراكزهم بالموقع الإلكترونى «vezeeta.com» والذى تصفحته «الصباح» للتعرف على الأطباء الذين يقومون بإجراء عمليات التجميل، وبمجرد أن اتصلنا بأحد المتواجدات فى هذه المراكز، أكدوا أن عمليات التجميل لها طابع خاص، حيث إن الحجز يكون مقدمًا وبعد ذلك يتم توقيع الكشف على الحالة.
أماكن تواجد المراكز كان ملفتًا للنظر، خاصة أن أغلب هذه المراكز منتشرة فى مناطق راقية، وعملائهم من شخصيات معينة، حيث إن أغلب هذه المراكز متواجدة فى مناطق مدينة نصر ومصر الجديدة والمهندسين وجامعة الدول العربية.
الجدير بالذكر أن عمليات التجميل ليست وليدة هذه الأيام، حيث لجأ إليها العديد من الفنانين ومن بينهم الفنان يوسف وهبى، هو أول فنان مصرى يخضع لعملية تجميل، وذلك بعد أن وقفت أنفه عقبة أمام تحقيق حلمه بالتمثيل حيث تم رفضه للعب أدوار كان يحلم بها فى بداية مشواره الفنى بسبب أنفه، وكان السبب وراء إصرار «وهبى» إجراء هذه العملية، هو أنه عندما أنتج فيلم زينب المأخوذ عن القصة الشهيرة للأديب محمد حسين هيكل، عام 1930، لم يمثل فيه وهبى بسبب أنفه التى كانت كبيرة، وكان صديق طفولته محمد كريم هو مخرج الفيلم، ونصحه بإجراء عملية تجميل لأنفه.
وقرر وهبى التغلب على هذه المشكلة مهما كان الثمن، وظل يتردد على عيادات أشهر أطباء التجميل فى مصر ليجد حلًا لهذه المشكلة لكنهم جميعًا اعتذروا فذهب إلى ألمانيا وأجرى العملية.
واعترض المخرج محمد كريم على وجود محمد فوزى فى فيلم «سيف الجلاد» لأن شفته العليا غليظة ولهجته ريفية وتهكم عليه واشترط على فوزى مقابل منحه الدور أن يغير لهجته ويذهب إلى طبيب تجميل لتصغير شفته العليا، ولم يجد فوزى مفرًا سوى أن يوافق على شروط المخرج وبالفعل أجرى عملية تجميل جراحية على يد طبيب بريطانى ومساعده المصرى الدكتور نادر سويلم ونجحت، وبذلك استطاع القيام بدور البطولة عام 1946.
تقول الدكتورة ريهام رامز، عضو مجلس نقابة الأطباء، إن لجوء الرجال مؤخرًا إلى إجراء عمليات التجميل يحمل أبعادًا نفسية فى الأساس، خاصة وأنه من الممكن أن يكون هناك أحد الأشخاص لا يحب ملامح شكله، وبالتالى يلجأ إلى مثل هذه العمليات لأنه لا يثق فى رأى الآخرين به، ويعتقد أن الآخرين ينصرفون عنه.
وأشارت رامز إلى أن جراحة التجميل تجرى بالأساس لضحايا حوادث الحروق أو من يعانون عيوبًا خلقية، موضحة أنها غير مُجرمة من قبل نقابة الأطباء، خاصة أن مثل هذه العمليات تندرج تحت بند الجراحات غير الضرورية، وهذا ما يضع طبيب التجميل أمام مسئولية كبيرة، وواجبه المهنى الأول هو تقديم النصح فى البداية إلى الشخص الذى يريد أن يجرى مثل هذه العمليات بأنه فى غير حاجة إليها.
من جانبها، تفسر الدكتورة فاطمة موسى، أستاذ علم النفس فى جامعة عين شمس، تزايد ظاهرة جراحات التجميل فى أوساط الرجال خاصة بين 20 إلى 40 عامًا، إلى سيادة فكرة الاهتمام بالمظهر فى المجتمع، وذلك على حساب الجوهر، مشيرة على أن العمليات مرتبطة بتقليد بعض الشباب فى الدول العربية خاصة تونس والمغرب.
وكشفت أستاذ علم النفس، أن بعض الشباب الراغبين فى إجراء جراحات تجميل أو من أجروها بالفعل، يتلقون العلاج النفسى لديها، ويعانون من اضطرابات نفسية يحاولون مداواتها بعمليات التجميل لتحسين مظهرهم أمام العامة.
ومن جانبه، يقول الدكتور عبدالله النجار، الأستاذ بجامعة الأزهر، إن من يغير فى خلقة الله بدون داعٍ أو سبب أو حجة مثل حادث أثر به أو عيب خلقى، وكان يستهدف فقط تحسين مظهره، فقد وقع فى فعل محرم، داعيًا الشباب الذين يلجأون لتلك العمليات من شد الوجوه وغيرها لتحسين مظهرهم فقط لأسباب اجتماعية، إلى الرجوع للدين والرضى بما أعطاه الله لهم.