«ارتباك الحكومة والبنك المركزى قبل التعويم.. وتحذير من تكرار تجربة الانهيار الاقتصادى فى ألمانيا» فريد خميس: اجتماعات مع الرقابة الإدارية للسيطرة على الأسعار ومواجهة المحتكرين للسلع يواجه الاقتصاد المصرى حالة من عدم الاستقرار بسبب الاتجاه إلى تعويم الجنيه خلال فترة قريبة، الأمر الذى قد يزيد من معدلات التضخم بشكل كبير وتآكل العملة المحلية. ومع الارتفاع الجنونى فى الأسعار يحدث ركود كبير فى التعاملات التجارية فضلًا عن زيادة معدل الفقر، وحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، فإن التضخم سجل 14.6 فى المائة لشهر سبتمبر الماضى، وأمام تزايد معدل التضخم يستمر الجنيه المصرى فى الانخفاض أمام الدولار مع تراجع احتياطات النقد الأجنبى بما قد يزيد من معدلات الفقر. وأمام هذه الأزمات التى يواجهها الاقتصاد، حذر خبراء من أن يؤدى التضخم المتزايد مع ارتفاع الأسعار وتآكل العملة من تكرار تجربة الانهيار الاقتصادى فى الأرجنتين، حيث ترتفع الأسعار بمعدلات مرتفعة بشكل يصعب السيطرة عليه. وقالت مصادر إن التضخم المرتفع الذى يشهده السوق أدى إلى ارتباك شديد بين البنك المركزى والحكومة، وأن هناك ضغوطًا من قبل مسئولين فى الحكومة للمطالبة بوقف تعويم الجنيه أو تأجيل اتخاذ القرار فى الوقت الحالى لمواجهة غليان ونزيف غير أن هذه المطالبات تصطدم بالاتفاقيات التى وقعتها الحكومة مع صندوق النقد الدولى كشرط للحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار. المصادر أكدت أن الحكومة والبنك المركزى فى ورطة شديدة نتيجة التضخم التصاعدى الذى يطلق عليه البعض «التضخم الحلزونى» بشكل أفقد الجنيه المصرى قيمته، محذرين من أن ذلك قد يكون طريق الإفلاس لأى دولة. وكشف المصدر الذى فضل -عدم ذكر اسمه- فى تصريحات خاصة ل«الصباح» بأن رئيس الوزراء ومسئولين بالحكومة ومحافظ البنك المركزى تلقوا تقريرًا من جهة سيادية تطالبهم بوقف أى عملية لتعويم الجنيه أو أى إجراءات لرفع الدعم عن بعض السلع أبرزها البنزين والسولار، انتظارًا ليوم 11 نوفمبر المقبل، كما تحذر هذه التقارير من أن التضخم قد يؤدى إلى الانهيار والإفلاس. وقال وائل النحاس، الخبير الاقتصادى: «إن الوضع الاقتصادى المصرى فى غرفة الإنعاش حاليًا، خاصة بعد مجموعة القرارات الخطيرة التى اتخذتها الحكومة الحالية، أسهمت فى الحالة الصعبة التى نعيشها الآن، متهمًا الحكومة بالفشل فى إدارة الملفات الاقتصادية ومحذرًا من المزيد من التضخم الذى يدفع الأسعار لارتفاع إضافى يصل إلى 50 فى المائة فى حالة تعويم الجنيه». فيما أكد الخبير الاقتصادى، رضا عيسى، أن عملية الإنتاج والتصدير وحدها هى القادرة على تراجع الأسعار بعد إحلال السلع المحلية محل المستوردة بشكل يحقق طفرة حقيقية فى سعر الجنيه مقابل العملات الأجنبية، بالإضافة إلى توفير العملة الأجنبية فى السوق والقضاء على السوق السوداء. واعتبر خبراء الاقتصاد أن التضخم التصاعدى يجعل الحكومة أو الجهات الرقابية غير قادرة على مقاومته، وهو ما حدث فى ألمانيا فى أوائل العشرينيات من القرن الماضى، حين قامت الحكومة بطبع النقود بمعدلات مرتفعة للغاية لتغطى نفقاتها، وفى عام 1923 تجاوز التضخم بشكل جنونى حاجز المعقول حتى أن كثيرًا من الشعب الألمانى لجأ لنظام المقايضة، واستخدام السلع بدلًا من النقود فى التعاملات وحدث انيهار اقتصادى. وأكد الخبراء أنه مع تزايد موجة الغلاء تفقد النقود قيمتها، ما يسبب اضطرابًا بين البائعين والمشترين، وبين المنتجين والمستهلكين. وأمام هذه الأزمات طالبت هيئة الرقابة الإدارية بسرعة التدخل لإيجاد حلول فورية للسيطرة على الأسواق ومنع المحتكرين من تخزين السلع، واجتمع اللواء محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية مع رجل الأعمال محمد فريد خميس رئيس اتحاد المستثمرين مؤخرًا لإيجاد حلول لإنقاذ الصناعة المصرية من الضياع والقضاء على كل التحديات التى تواجه الاقتصاد والمتمثلة فى ضبط الأسواق ومواجهة تزايد العجز فى الموازنة العامة للدولة والتعامل مع عجز ميزان المدفوعات الخاص بوقف التدهور فى حصيلة الصادرات. ومن جهته قال فريد خميس ل«الصباح»: إن الاجتماع تم خلاله التأكيد على ضرورة ضبط عملية الاستيراد والحد من كل السلع التى لها بديل مصرى، وتشجيع الإنتاج وحل جميع المشاكل العالقة التى تواجه الصناعة وتشجيع الاستيراد. وأضاف: تم المطالبة خلال الاجتماع على ضرورة إنهاء البيروقراطية المتأصلة فى جميع أجهزة الدولة والوزارات المختلفة والتى تعرقل حصول المستثمرين على التراخيص والموافقات اللازمة لمشروعاتهم.