اليوم، انعقاد الجمعية العمومية للمحاكم الإدارية العليا    أولياء الأمور يرافقون أبنائهم في أول يوم دراسة بالمنوفية- فيديو    25 مليون طالبًا وطالبة ينتظمون بجميع مدارس الجمهورية اليوم    بالورود والأناشيد.. تلاميذ قنا يستقبلون وزير التعليم مع بداية العام الدراسي الجديد    أسعار الدواجن اليوم تتراجع 3 جنيهات في الأسواق    بعلو منخفض.. تحليق مكثف للطيران الحربي الإسرائيلي في لبنان    المصري في مهمة صعبة أمام الهلال الليبي بالكونفدرالية    موعد مباراة مانشستر سيتي وأرسنال في الدوري الإنجليزي والقناة الناقلة    "قصات الشعر الغريبة والبناطيل المقطعة"، التعليم تحذر الطلاب في ثاني أيام الدراسة    تجديد حبس المتهمين باحتجاز أجنبي وأسرته لسرقته في الجيزة    مدير أمن البحر الأحمر يتفقد الحالة الأمنية والمرورية بالغردقة مع بدء العام الدراسي الجديد    رفع درجة الاستعداد بالموانئ بسبب ارتفاع الأمواج    التنظيم والإدارة يعلن الاستعلام عن موعد المقابلة الشفوية للمتقدمين في 3 مسابقات    خطيب المسجد النبوي يُحذر من الشائعات والخداع على وسائل التواصل الاجتماعي    "دعونا نواصل تحقيق الإنجازات".. كولر يوجه رسالة لجماهير الأهلي    عبد العاطي يلتقي السكرتيرة التنفيذية للجنة الأمم المتحدة إسكوا    أحداث الحلقة 1 من مسلسل «تيتا زوزو».. إسعاد يونس تتعرض لحادث سير مُدبَّر    ساعات برندات وعُقد.. بسمة وهبة تكشف كواليس سرقة مقتنيات أحمد سعد في فرح ابنها (فيديو)    أسعار الخضروات اليوم الأحد 22 سبتمبر 2024 في الأقصر    الشيخ أحمد ترك لسارقي الكهرباء: «خصيمكم 105 ملايين يوم القيامة» (فيديو)    موجود في كل مطبخ.. حل سحري لمشكلة الإمساك بمنتهى السهولة    النائب إيهاب منصور: قانون الإيجار القديم يضر بالكل.. وطرح مليون وحدة مغلقة سيخفض الإيجارات    اليوم.. إسماعيل الليثي يتلقى عزاء نجله في «شارع قسم إمبابة»    نيكول سابا ومصطفى حجاج يتألقان في حفلهما الجديد    الإعلان عن نتيجة تنسيق جامعة الأزهر.. اليوم    والدها مغربي وأمها جزائرية.. من هي رشيدة داتي وزيرة الثقافة في الحكومة الفرنسية؟    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    حرب غزة.. مستشفى شهداء الأقصى يحذر من خروجه عن الخدمة خلال أيام    وزير الخارجية يلتقى المفوض السامي لحقوق الإنسان بنيويورك (صور)    قبل فتح باب حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2024.. الأوراق المطلوبة والشروط    «الصحة»: متحور كورونا الجديد غير منتشر والفيروسات تظهر بكثرة في الخريف    الجيش الإسرائيلي: إطلاق 10 صواريخ من لبنان باتجاه إسرائيل    أسامة عرابي: لاعبو الأهلي يعرفون كيف يحصدون كأس السوبر أمام الزمالك    زلزال بقوة 6 درجات يضرب الأرجنتين    ثقف نفسك | 10 معلومات عن النزلة المعوية وأسبابها    عاجل- أمطار ورياح.. تحديثات حالة طقس اليوم الأحد    بعد ارتفاعها 400 جنيه.. مفاجأة في أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة (بداية التعاملات)    حزب الله يستخدم صواريخ «فجر 5» لأول مرة منذ عام 2006    أحمد فتحي يوجه رسالة مؤثرة إلى جماهير الأهلي بعد اعتزاله.. ماذا قال؟    بلان يوضح سر خسارة الاتحاد أمام الهلال في الدوري السعودي    أمامك اختيارات مالية جرئية.. توقعات برج الحمل اليوم ألحد 22 سبتمبر 2024    اليوم.. محاكمة مطرب المهرجانات مجدي شطة بتهمة إحراز مواد مخدرة بالمرج    أضف إلى معلوماتك الدينية | حكم الطرق الصوفية وتلحين القرآن.. الأبرز    حقيقة تلوث مياه الشرب بسوهاج    وزير الخارجية: نرفض أي إجراءات أحادية تضر بحصة مصر المائية    خالد جاد الله: وسام أبو علي يتفوق على مايلي ومهاجم الأهلي الأفضل    لماذا ارتفعت أسعار البيض للضعف بعد انتهاء أزمة الأعلاف؟ رئيس الشعبة يجيب    نشأت الديهي: الدولة لا تخفي شيئًا عن المواطن بشأن الوضع في أسوان    مش كوليرا.. محافظ أسوان يكشف حقيقة الإصابات الموجودة بالمحافظة    محمد حماقي يتألق في حفل بالعبور ويقدم «ليلي طال» بمشاركة عزيز الشافعي    ثروت سويلم يكشف سبب سقوط قاعدة درع الدوري وموعد انطلاق الموسم الجديد    اندلاع حريق بمحال تجاري أسفل عقار ببولاق الدكرور    احذر تناولها على الريق.. أطعمة تسبب مشكلات صحية في المعدة والقولون    نشرة التوك شو| انفراجة في أزمة نقص الأدوية.. وحقيقة تأجيل الدراسة بأسوان    5 أعمال تنتظرها حنان مطاوع.. تعرف عليهم    خبير لإكسترا نيوز: الدولة اتخذت إجراءات كثيرة لجعل الصعيد جاذبا للاستثمار    قناة «أغاني قرآنية».. عميد «أصول الدين» السابق يكشف حكم سماع القرآن مصحوبًا بالموسيقى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024 في محافظة البحيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مثقفون وقانونيون:عقول الناس ما زالت فى قبضة التطرف ومادة ازدراء الأديان غير دستورية
نشر في الصباح يوم 09 - 01 - 2016


العدل:
التضامن مع بحيرى «رخو » خوفًا من السلطة.. والتيار الدينى مازال يحكم.. والشارع يفكر فى التدين الشكلى
حاورنا الأزهر عن فكرة ظهور الصحابة فنيًا.. والإمام الأكبر كان الأكثر استنارة
نجاد البرعى:
أسامة الأزهرى هو الذى أعد تقرير الأزهر فى قضية البحيرى رغم أنه كان خصماً له فى مناظرة شهيرة
مادة ازدراء الأديان وضعت للحد من نفوذ المتطرفين لكنها استخدمت ضد المجتهدين
حمدى الأسيوطى:
14قضية ازدراء أديان العام الماضى.. والأزهر والكنيسة قدما تقريرًا ضد صاحب كتاب «أين الله»
المادة 67 من الدستور هى مخرج قضية بحيرى والدعاوى بطلب العفو من الرئيس غير دستورية
جاءت قضية الباحث إسلام بحيرى لتثير التخوفات من تغول المؤسسة الدينية على الحياة المدنية.. ولتثير الأسئلة حول دعوات تجديد الخطاب الدينى.. وحول ما إذا كان الحبس هو العقاب الملائم لباحث حاول أن يجتهد حتى وإن أخطأ فى التعبير عن أفكاره أو استخدم ألفاظاً غير مناسبة.
القضية فتحت باب التساؤلات أيضاً عن المادة 98 أو مادة ازدراء الأديان فى قانون العقوبات.. وحول طبيعتها ..وتفسيرها الدستورى وماذا كانت تستخدم فى سياقها الطبيعى الذى وضعت من أجله.
كل هذه الأسئلة طرحتها ندوة «الصباح » التى استضافت كلاً من الأستاذ محمد العدل مؤسس جبهة الإبداع والمنتج السينمائى المعروف، والأستاذ نجاد البرعى المحامى والحقوقى المعروف.. والأستاذ حمدى الأسيوطى القانونى ومؤلف كتاب «ازدراء الأديان فى القانون المصرى ».. ليجيبوا عن كل هذه الأسئلة.
«الصباح»: كيف ترون العلاقة بين الأزهر والإصلاح وحرية الرأى والتعبير؟
المنتج محمد العدل: أفضل أن أبدأ أولًا بتهنئة إخواننا الأقباط بعيد الميلاد، فربما لا نستطيع فعل ذلك العام المقبل بشكل علنى، لأننى أرى أن هناك اتجاهًا ضمنيًا للمجتمع الدينى بامتياز وحكم رجال الدين، وذلك بغض النظر عن موافقتنا أو رفضنا، وحتى وإن بدا مظهر الدولة مدنيًا، والدليل على ذلك أنه عندما اعترض السلفيون على إدارة النائبة آمنة نصير للجلسة الأولى للبرلمان عينت الدولة شخصًا آخر أكبر سنًا، نزولًا على رغبة السلفيين، حتى يبدو الأمر عاديًا، وبشكل عام فإن قضية الرأى والتعبير تستند إلى أن الدستور الحالى كان واضحًا ومنحازًا لها، ومن أفضل الدساتير التى تحدثت عن الحريات ولكنه لم يفعل، على جانب آخر فهذا المجتمع الذى يرى أن البخارى خط أحمر، يجد أن حديث رئيس الجمهورية بشأن الخطاب الدينى مجرد كلام، ولو ردده أحد يحبس بتهمة ازدراء الأديان التى اعتبرها كلمة وقانونًا عاجزًا يستخدمه من لا توجد لديهم حجة، وأرى أن تقدم الوضع يحتاج إلى تفكير من المجتمع، فالمجتهد إذا أصاب له أجران، وإذا أخطأ له أجر الاجتهاد، وأطرح هنا التساؤل، ونحن فى هذا التوقيت بعد قرون من انتشار الدين الإسلامى: «لو لم يأت البخارى، فهل كان سيصبح إسلامنا ناقصًا أم أن مجتهدين آخرين كانوا سيأتون؟ فلا يمكن أن يقف الاجتهاد عند الأئمة الأربعة، وحتى وإن تحدث إسلام بحيرى بطريقة غير لائقة، لكن يظل المحتوى هو المضمون فى النهاية، وإذا لم يتكاتف المثقفون «هانتخطف كلنا»، فالخلاف الأساسى أو التناقض الرئيسى يَجُب التناقض الثانوى، وجميعنا نختلف مع محرك هذه الدعوة ضد إسلام بحيرى، وعلى كل من يرى أن حريته فى خطر أن يتحد ضد هذه الهجمة غير المقبولة فى عام 2016.
«الصباح»: هل ترى أن تضامن المثقفين فى هذه القضية فعالًا؟
العدل: اعتبرها ضعيفة، وإن كان التجاوب المكتوب منطقيًا، لكننا متضامنون برخاوة خوفًا من السلطة، وهذا ضعف إنسانى نحترمه، لكن الدور سيأتى علينا جميعًا.
«الصباح»: ما طبيعة المادة القانونية التى حُبس إسلام بحيرى استنادًا لها وما سوابقها فى القانون المصرى؟
حمدى الأسيوطى: المادة 98 الخاصة بازدراء الأديان الفقرة «و» أضيفت إلى قانون العقوبات عام 1982 عقب اغتيال الرئيس أنور السادات، وهذا الجانب يغيب عن أكثر المهتمين بقضايا الحقوق والحريات، ويتعاملون مع نص المادة على أنها جريمة قديمة، لكن على العكس فهى من أوائل التشريعات التى وقع عليها حسنى مبارك فيما سمى وقتها قانون مكافحة الإرهاب، وحدث تعديل عليها فى 10 فقرات، وأضيف إليها ما سمى بقانون مكافحة الإرهاب، ونادرًا ما نجد أحدًا - بما فيهم القضاة- يستند إلى المذكرة الإيضاحية بشأنها، والتى تتحدث عن مقصد الفقرة، وهى استغلال الدين فى إثارة الفكرة الطائفية وتكدير السلم العام، وللأسف العنوان الرئيسى للمادة هو جرائم الاعتداء على أمن الدولة من الداخل، ولا علاقة له بجرائم الاعتداء على الأديان الموجودة فى باب آخر، والتى حوكم على إثرها المدعو أبو إسلام فى إهانة الإنجيل، وقبل الثورة كانت هناك مؤشرات خطيرة، وهناك 14 قضية ازدراء أديان العام الماضى 2015، ولدينا حالة خاصة أصعب من إسلام بحيرى، وهى حالة كرم صابر فى مجموعة قصصية عنوانها «أين الله»، وتمت معاقبته بخمس سنوات سجنًا، والغريب أن المؤسستين الإسلامية والمسيحية قدما تقريرًا ضده.
نجاد البرعى: السبب الرئيسى لمشكلة إسلام بحيرى وقبله كرم صابر، هى أن المادة 98 من قانون العقوبات، كان الهدف الأساسى منها الإيقاع بالجماعات الإسلامية، لكن لم تستخدم ضد الإسلاميين، والفكرة قائمة على استغلال الدين لإهانة دين آخر، مثل اعتداء مسلم على مسيحى أو العكس، ولا تنطلق من فكرة نكران الأديان للملحدين أو ما يتعلق بأبناء الدين الراغبين فى التجديد الفكرى، الأمر الآخر يوضحه التذكير بأن الروائى علاء حامد، كان من أول من طبقت عليه المادة بسبب استخدام لفظ «الرب» الذى يحمل معانى كثيرة فى اللغة العربية بغير معنى الإله، ونتيجة قصور تعليم القاضى وضعف مَلَكة اللغة العربية عند الكثيرين، يلجأ القاضى للأزهر الذى يعانى نفس قصور التعليم، فالقاضى الذى حكم على إسلام بحيرى لا يعرف الكثير، والمشكلة فى رجوعه للأزهر الذى أصبح خصمًا وحكمًا، والحل فى أن هذه المادة يجب ان تُعدّل، بعد مناقشات قانونية ومقترحات تضمن عدم إهانة معتقدات الآخرين بشكل منضبط، وتتحول من مادة بها عقوبة جنائية إلى عقوبات مدنية، وإسلام بحيرى تم التغرير به إعلاميًا بعد أن أقنعه البعض برغبة الرئيس السيسى فى تجديد الخطاب الدينى، وهذا يكشف أن التيارات التجديدية التى ترقص على أوتار السلطة مصيرها السجن، فتجديد الخطاب الدينى لا يجب أن يرتبط بالدولة، وتغول الأزهر فى ملف الحريات يكون فى لحظات اضطراب الدولة التى تحتاج إلى ظهير دينى فى مواجهة تيار دينى آخر حتى لا تكون الحرب بين الإسلام والكفر.
«الصباح»: هل المشكلة فى الدولة، أم فى السلفيين، أم فى الأزهر؟
محمد العدل: المشكلة تكمن فى كل مؤسسة دينية ترى أحقيتها فى حكم هذا الوطن، سواء من خلال الشارع أو بالشكل الفعلى، فالبلد منذ أن تخلى عن المكتبات والثقافة العامة والسينما والمسرح، ذهب الشباب إلى الزوايا التى فعلها وقواها أنور السادات، فتحولت عمارات مصر إلى زوايا حكمها أشخاص غير مؤهلين من خلال المنابر، وكان من السهل التأثير على الشباب، والحكومة لم يكن يهمها سوى الاحتفاظ بالسلطة، وفعليًا فإن التيار الدينى مازال يحكم، والشارع يفكر فى ملابس المطربة «ياسمينا» القصيرة، وتحولنا إلى مجموعة تفكر فى القشور.
«الصباح»: هل هناك مبادرات للحوار بين الأزهر والمثقفين؟
محمد العدل: قمنا بمحاورة الأزهر مرتين والتقينا فضيلة الإمام الأكبر، وكان النقاش على هامش فكرة ظهور الصحابة فى الأفلام والأعمال الفنية، وكان أكثر المحاورين استنارة شيخ الأزهر، أما المجموعة الباقية فمتسلطة جدًا رغم أن أغلبهم يرتدى «بدل»، واعتقد أن أى شخص فى مؤسسة الأزهر يحاول التجديد يتم عزله، ورأينا هذا مع الدكتورة آمنة نصير، ومؤسسة الأزهر، والمؤسسات الدينية ترى أنها فى مرحلة ذهبية للسيطرة على المجتمع.
«الصباح»: ماذا عن السيناريوهات المتوقعة، المتعلقة بقضية إسلام بحيرى؟
حمدى الأسيوطى: هناك اتجاه للمناداة بطلب عفو لرئيس الجمهورية، وهو مطلب مخالف للدستور، ولن يجد صدى لدى الرئيس، لأن المادة 154 من الدستور تتحدث عن ارتباط العفو بحكم بات ونهائى، فإذا تم التقدم بهذا الطلب وحدثت الموافقة فستكون هذه الموافقة مخالفة دستوريًا، وهنا يجب الانتظار حتى يتم البت فى الحكم، وبعدها يكون تدخل الرئيس بالعفو أو تخفيف العقوبة، دستوريًا.
ثانيًا: المخرج الأساسى لهذه القضية ومثيلاتها هو مخرج دستورى قانونى فالمادة 67 من الدستور قد ألغت عقوبة الحبس وتقييد الحرية فى جرائم النشر فيما عدا 3 جرائم على سبيل الحصر وهم «التحريض على العنف، والتمييز بين الطوائف، والطعن فى الأعراض».
«الصباح»: هل هناك دور مرجو من مجلس النواب فى هذا الشأن؟
الأسيوطى: البرلمان المقبل يضم 99 محاميًا، ومن حقنا نحن المعنيون بالمسألة التقدم إلى أحد أعضاء مجلس النواب، بالشرح التاريخى لمسألة ازدراء الأديان، وعلى المجلس مهمة كبيرة فى ترجمة المواد رقم 64 و65 و67 من الدستور ترجمة فعلية، تتمثل فى تعديل التشريعات حتى تتماشى مع النصوص الدستورية، وهناك شىء مهم آخر، وهو الخاص بالادعاء المباشر والمادة 253 من قانون الإجراءات الجنائية، والتى تنص على أن كل من لحقه ضرر يمكنه التقدم بالادعاء المباشر ضد مرتكب الفعل، وليس بالضرورة أن يكون مجنيًا عليه، وهو ما يعنى أن هناك الحق لأى شخص أن يتقدم بعريضة ثم ترفع إلى المحكمة، ويتلخص دور النيابة فيها فى تحريك الدعوى فقط، وكمثال لذلك جنحة إسلام بحيرى التى تم فيها تقديم أكثر من 16 ورقة مملوءة بالاتهامات بالطعن فى البخارى وعدد آخر من الاتهامات، وفى مؤتمر العدالة الأول صدر عدد من التوصيات بخصوص الادعاء المباشر، تتعلق بأن أغلب وقائعه تكون دعاوى كيدية، ويجب التعامل معها إما بإلغائه، أو بالتحكم فى تلك الدعاوى المباشرة.
نجاد البرعى: بعض الدعاوى يجب ألا تكون دعوى مباشرة، ومنها ازدراء الأديان، فإذا أصبت بضرر نتيجة إهانة عقيدتى، من الممكن أن أرفع دعوى بالتعويض عن الضرر المعنوى أو المادى الذى قد يكون لحق بالمتضرر، ولكن لا يجب أن تصل إلى الحبس، فمصر مغرمة بالحبس، وبالتالى فالكثير من قضايا الحبس تصلح أن تكون محلًا للتعويض وليس الحبس، وعلى سبيل المثال، فى قضايا النشر تأخذ الحكومة المبالغ المالية كتعويض، وهو ما لا يحق لها، وفى قضية إسلام بحيرى، فالمتضرر يمكن له رفع الدعوى بالتعويض عن الضرر الحادث له، فهناك مسلمون آخرون لم يتأذوا بسبب تلك التصريحات ولم يعترضوا عليها، وهو ما يضعف من عقوبة الحبس ووجوبها.
«الصباح»: هل الأزهر هو من أقام الدعوى ضد بحيرى؟
البرعى: لا.. فمن قدم الدعوى محامٍ عادى، ولكن دور الأزهر كان فى التقرير الذى أصدره بناء على طلب القاضى الذى نظر القضية، وهو تقرير استشارى يمكن للقاضى عدم النظر إليه أو الأخذ به، ولكن المفارقة فى هذا التقرير أن من أعده هو الشيخ أسامة الأزهرى عضو مجمع البحوث، والطرف الآخر فى المناظرة الشهيرة التى جمعت الاثنين مع الشيخ على الجفرى، وهو طرف فى الخصومة، والموضوع معقد للغاية، وإذا تم الإبقاء عليها، فيجب أن يتم وضعها بيد النيابة العامة، فلا يتم عن طريقها الدعوى المباشرة. أما عن فرصة «إسلام بحيرى» فهى ضعيفة للغاية بل ليس لديه فرصة، فهو حتما سيقوم بتنفيذ الحبس لمدة سنة أو على الأقل ستة اشهر، ففى قضية مشابهة والمتعلقة ب«نصر حامد أبو زيد»، فقد كان لدى الدولة نية أو ميل لحل تلك القضية، وهو ما دفعها للأخذ بإجراءات استثنائية، وتم ذلك عن طريق أخذ حكم من قاضٍ مستعجل أوقف تنفيذ حكم محكمة النقض، وهو ما يمكننا من القول أن الدولة كانت لديها الدوافع والنية لإيقاف الحكم، وهذا غير موجود فى قضية بحيرى، كما لا تنطبق أى من شروط العفو الصحى على بحيرى، وفى الغالب هو ينتظر حكم محكمة النقض، وبالتالى سيكمل بحيرى مشروعه الفكرى فى السجن، وسيخرج بطلًا، ومكاسبه ستكون أكثر مما حصل عليه خصمه، وسيذكره التاريخ، ولكن المشكلة الأهم كيف نضمن أن حرية الفكر لا تكون هدفًا للملاحقة السياسية، وهو الدرس الذى نخرج به من قضية بحيرى، فيجب تكوين جبهة حقيقية لتطوير الأزهر ذاته، فلن يتطور الأزهر بتلك الطريقة التى يعمل بها ولو بعد ألف سنة، فما زالت طرق التدريس بالأزهر هى نفسها منذ قرون عديدة، وهناك تسرب لأفكار متشددة داخل مناهج التدريس.
«الصباح»: قد يقول البعض وما خطورة حبس فرد مثل إسلام بحيرى على المجتمع، وما أهمية ذلك مقابل قضايا أخرى مثل التعليم والصحة؟
البرعى: يمكن أن يكون هناك حق فى جزء من هذا التساؤل، فمن الممكن القول إنه لا ضرر من حبس بحيرى، ولكن المشكلة أنه مع حبس بحيرى لم يتم حل المشكلات الأخرى، فمن المقبول أن يتم حبس بحيرى، مقابل تعليم الناس أو معالجتهم ومساعدتهم صحيًا، ولكن الاثنين لم يحدثا حتى الآن، ولكن تلك القضية لا تقاس كذلك، فأنا كفرد جزء من الشعب وتلك القضية تؤرقنى، ولى حقوق طالما أدفع للضرائب، وهناك مجموعة تشغل بالها تلك القضية وتعتبرها قضية مهمة تريد لها حلًا، وتريد ضمانًا بعدم تكرارها، فلا أريد الأكل، ولكننى أريد حريتى، فلا مجال لفرض تلك المفاهيم بدعوى أنها بطلب من الجماهير.
«الصباح»: هل هناك وجود لقضايا مساس بالأديان فى الغرب وما التعامل الأوروبى مع قضايا مثل تلك؟
البرعى: هذه الأشياء موجودة، فالمحكمة الأوروبية أيدت حكمًا لمحكمة تركية على فرد أهان الدين الإسلامى، ولكن تظل هناك إشكالية فى كيفية رفع تلك القضية، وحجم ما قاله والظروف التى رفعت فيها تلك القضية، حيث يعد الحكم السابق فرديًا وسط آلاف القضايا التى لم يصدر بها حكم مماثل، وهو ما يختلف عما يحدث هنا، فمن 2011 وحتى الآن تم استخدام تلك التهمة العديد من المرات، وهذا يأخذنا لمنحى آخر، وهو أن المجتمعات تتقدم بالمناظرات والاختلاف، فالشعوب الأوروبية تحترم الآراء وكانت سببًا فى تقدمهم، فلا يمكن الاستماع لصوت واحد طوال الوقت.
«الصباح»: هل هناك مسلك معين لا يدخل المفكر أو صاحب الرأى فى نطاق الألفاظ الحادة؟
البرعى: العقاب لم يكن للألفاظ الحادة التى استخدمها بحيرى، ولكن بحيرى تم حبسه لأنه أخطأ فى البخارى، ويجب مخالقة الناس بخلق حسن، فهناك طريقتان أولاهما الصدمة، والطريقة الثانية هى الإقناع عن طريق الخطوات المدروسة، والتجربة التاريخية قالت إن من يتخذ المسلك الأول ينتهى نهاية مأساوية تكون بالقتل، والقانون نص وروح، وفكرة تطبيق القانون نصًا فقط أدت إلى مشاكل كبيرة، فدائمًا فى التشريع يجب الرجوع إلى تاريخ القانون، ويجب إعمال روح القانون بالموازاة مع إعمال النص.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.