المحتالون يضمون أجزاء من مزارعهم ومخازنهم إلى وزارة الأوقاف بدعوى أنها مساجد قد نسمع من حين لآخر عن الوعود الوهمية التى تطلقها الحكومة للمواطنين، لكن المثير للدهشة والاستغراب أن هناك مواطنين نجحوا فى خداع الحكومة للحصول منها على أموال بغير حق، من خلال مساجد وهمية، يتم فيها تعيين عمال وهميين يتقاضون رواتب حقيقية، بخلاف تقديم البعض أوراقًا غير حقيقية عن وجود هذه المساجد من أجل الحصول على أموال من وزارة الأوقاف لفرشها وصيانتها، بل وصرف حوافز للعاملين فيها، بدءًا من المؤذن وإمام المسجد ورورا بمقيم الشعائر وعمال النظافة وعامل العهدة المسئول عن جميع الأغراض الموجودة بالمسجد مثل ماكينة الكهرباء والسجاد. وفجر مصدر مسئول فى وزارة الأوقاف، رفض ذكر اسمه، مفاجأة من العيار الثقيل عندما أكد أن هناك أكثر من 5 آلاف مسجد وهمى لا أساس له على أرض الواقع فى مختلف المحافظات، وذلك بعد أن كشف آلاف من عمال المساجد أنهم ضموا على مساجد غير موجودة على أرض الواقع. وأوضح أن عددهم بالإسكندرية وحدها يقدر بأكثر من 7 آلاف عامل، بينما يصل العدد على مستوى الجمهورية إلى أكثر من 15 ألف عامل. وقال: «لو قلنا إن المسجد عندما يضم إلى الأوقاف يكون فيه 3، وهم: مؤذن ومسئول عهدة وعامل، فإننا نقسم 15 ألفًا على 3 فيكون عدد المساجد الوهمية تقريبًا 5 آلاف مسجد. وأوضح أن ظاهرة المساجد الوهمية بدأت عام 1989، عندما صدر قرار من وزير الأوقاف حينذاك بالسماح لمديرى المديريات بتعيين جميع عمال المساجد التابعة لهم، لكن للأسف هذا الأمر استفحل وزاد بعد ثورة يناير 2011، وقت الانفلات الأمنى، حيث قام عدد كبير بتقديم أوراق العديد من المساجد الوهمية، التى ليس لها وجود على أرض الواقع، للمطالبة بضمها إلى وزارة الأوقاف، مشيرًا إلى أن معظم المساجد الوهمية منتشرة فى قرى محافظتى الشرقية والبحيرة، حيث يقوم محتال يمتلك مسجدًا وهميًا بضم جزء من مزرعته إلى وزارة الأوقاف على أساس أنها مسجد يقام فيه الشعائر. وقام آخر بضم جزء من أرضه الزراعية على أنها مسجد، وقام آخرون بضم مخازن الغلال والأعلاف إلى وزارة الأوقاف على أنها مساجد، وغيرهم الكثيرون. فى المقابل، قام أكثر من 13 ألف عامل بتقديم بلاغات إلى النائب العام ضد وزير الأوقاف لتعنته ضد قرار تعيينهم، لأنه يعتبرهم عمالة وهمية وغير قانونية، قائلًا إن عقود تعيينهم وهمية وغير صحيحة. ورد أصحاب الدعوى بأنه قد مر على عملهم ثلاث سنوات، وتجاوزت مدة عمل أغلبهم 6 سنوات، كما أنهم يقومون بالتوقيع فى كشوف الحضور والانصراف للعمال بالمساجد. وطالب العاملون بتطبيق الحد الأدنى للأجور، أسوة بزملائهم فى الوزارة والاعتراف بهم كموظفين. «الصباح» التقت عددًا من هؤلاء العمال فى محاولة لمعرفة مغزى المشكلة، فقال صبرى شحاتة، أحد المتضررين بالوزارة، إنه تم تعيينه فى يوليو 2010 بمديرية أوقاف الجيزة أثناء انتخابات مجلس الشعب، لكنه فوجئ فى ديسمبر 2011 بأن الوزارة أوقفته عن العمل بحجة أنه عمالة وهمية، وتم تعيينه فى عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك. وأضاف: «قابلت الشيخ محمد عبد الرازق، وكان يتولى منصب وكيل الوزارة حينذاك، ووعد بحل مشكلتنا وتقنين أوضاعنا الوظيفية، وقابلت أيضًا الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى، وزير الأوقاف وقتها، حيث رشحنى عمال المساجد أن أتحدث بالنيابة عنهم، واستنتجت من كلام الوزير أنه لا يعرف شيئًا عن المشكلة، وقام بتكليف لجنة لتقنين أوضاعنا، وبعدها تولى طلعت عفيفى، وزير الأوقاف الإخوانى، ولم ينتبه أبدًا لمشكلتنا، ولم يسع إلى حلها، ولكننا استمررنا فى الحصول على كامل حقوقنا المادية». ونفس الأمر مع محمد عبدة، العامل بإدارة أوقاف الجيزة، حيث قال إنه عين بالقرار رقم 1 لعام 2008، وحصل على حوافز وراتب شهرى بكامل البدلات، ثم تم استبداله بآخر، وتم تخفيض راتبه، ونقله إلى بند عامل مقابل أجر، ولم يتم تعيينه، رغم عمله لأكثر من 7 أعوام متتالية، وعلى الجانب الآخر، أكد الدكتور محمد عز، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد، أنه تم إيقاف تعيين هؤلاء العمال نتيجة الفساد الذى انتشر خلال الأعوام الماضية فيما يتعلق بضم المساجد وإلحاق العمالة بها، وأشار إلى أن عدد العمال الوهميين بمختلف المساجد على مستوى الجمهورية يبلغ نحو 13 ألف عامل، حيث يوجد 11500 عامل بمحافظة الإسكندرية و1200 عامل بمحافظة الجيزة، رافضًا التعيين إلا بقرار من النيابة العامة يفيد بأحقية المتقدمين لشغل الوظائف، لافتًا إلى أنه لم تصدر النيابة العامة قرارًا حتى الآن بشأن هؤلاء العمال وستقوم الوزارة بتنفيذ قرار النيابة سواء بتعيينهم أو غير ذلك. وأكد الشيخ محمد عز، مستشار وزير الأوقاف لشئون الدعوة، أن الوزارة تعمل حاليًا على حصر كل المساجد الوهمية التى لا تعمل، وهناك من يحققون من ورائها أموالًا طائلة، لافتًا إلى أن الوزارة تقوم حاليًا باستحداث قاعدة بيانات جميع المساجد على مستوى الجمهورية، لمحاربة العمالة والمساجد الوهمية، التى كانت تحدث لعدم وجود نظام توثيقى.