ترسخت فى أذهاننا شكل الخاطبة فى القرن الماضى التى تكون فى الخمسين من عمرها، مرتدية العباءة والبرقع، تعرف أدق التفاصيل عن أهل الحارة وبناتها، وتتركز مهمتها فى البحث عن عرسان لهن. ولكن تغيرت هذه الصورة تمامًا فى القرن الواحد والعشرين، فاختفت صورة الخاطبة التقليدية التى خلدتها الأفلام القديمة، لتظهر الخاطبة الإليكترونية، أو «خاطبة الإنترنت» بأشكالها المختلفة من خاطبة إسلامية وسورية وللمسيحيات وخاطبة ذوى الإعاقة. فهناك أنواع وأشكال كثيرة لخاطبة الانترنت، تنقسم أحيانًا على أساس الديانة أو على أساس الالتزام الدينى أو الحالة الاجتماعية للشخص أو حتى حسب الموقع الجغرافى. الخاطبة الإسلامية هى الخاطبة التى تنعت نفسها بالشرعية أو الإسلامية، أو أى مسمى دينى لتستقطب الملتزمين دينيًا، فهى توفى حاجة المنتقبات والمحتشمات من السيدات والملتحين والملتزمين دينيًا من الرجال، فنجد رجلًًا يطلب زوجة منتقبة وملتزمة، وأخرى تريد رجلًا ملتحيًا. الخاطبة «الرجل» اعتدنا أن نجد الخاطبة دائمًا امرأة، ولكن الغريب أن نجد عددًا من الجروبات للزواج الإلكترونى مثل «أكبر جروب زواج حقيقى»، التى يقوم فيها رجل بدور الخاطبة. فيقول أحمد إنه بدأ فكرة الجروب عندما وجد كثيرًا من أصدقائه الشباب لا يجدون زواجًا، فضلًا عن أن بعض الشباب ظروفهم صعبة ويريدون مواصفات معينة فى العروسة ترتضى بظروفهم. خاطبة «لذوى الإعاقة» «جروب زواج فرسان الإرادة»، على موقع فيس بوك، به أكثر من 8 آلاف متابع، يعرف نفسه بأنه جروب مخصص لزواج ذوى الاحتياجات الخاصة، سواء من أصحاء أو من معاقين مثلهم، وسواء كان المتزوج صحيحًا أو معاقًا عن طريق كتابة منشور فى الجروب بالرغبة فى الزواج والاتصال بمدير الجروب. وفى حالة التوفيق بين الطرفين تتم دعوة جميع أعضاء الجروب لحفل الزفاف. خاطبة المسيحيات جروب «زواج مسيحى بجدية» هو جروب مخصص لزواج المسيحيين على موقع فيس بوك، فيكتب كل فرد مؤهله وعمره والكنيسة التى ينتمى إليها، والمواصفات التى يطلبها فى الطرف الآخر. كما يحل الجروب المشاكل العائلية والعاطفية والنفسية، ويمكنك أن تلاحظ أن التكرار اللافت لعبارة «شاب يبحث عن بنت كنيسة» أو «شاب يبحث عن بنت المسيح»، والمقصود بها أن تكون الفتاة على خلق. خاطبة المطلقين والأرامل عبارة عن جروبات على موقع فيس بوك، تحمل أسماء مثل «زواج المطلقين أو الأرامل»، الذى يضم 5 آلاف شخص، وهى خاطبة متخصصة لزواج هذه الفئة، وغالبًا تكون ذات فئات عمرية متأخرة. منى محمد، خاطبة من الإنترنت تحكى تجربتها هى وصديقاتها، فتقول إنهن ثلاث آنسات فى أواخر العشرينات، وهما منى محمد وندى أحمد وإيمان، قررن عمل جروب «جواز صالونات للمصريين» به أكثر من 6 آلاف عضو، بعدما مررن بتجارب خطوبة فاشلة، وتأخرن فى الزواج بسبب عدم وجود الشريك المناسب، فضلا عن معاناة صديقاتهن وأقاربهن فى عدم وجود عريس ملائم، خصوصًا البنات التى لا تذهب إلى العمل ولا تختلط بالناس فتكون فرصتهن أقل، فقررن أن يساعدن الفتيات والشباب على محاولة اختيار شريك الحياة المناسب بإنشاء جروب على الإنترنت لتوفيقهم فى الحلال. وتقول منى: إن الجروب يعمل وفق تعليمات وقوانين صارمة، فهم لا يكتبون أسماء المتقدمين للزواج على الجروب، ويرقمونهم بأرقام بها تفاصيل عن المتقدم، تتعلق بعمره وعمله وحالته الاجتماعية. كما يتم الحصول على صورة شخصية من الفتيات، وصورة شخصية وصورة بطاقة للرجال حتى يتم التأكد من هويته. وعندما يحدث التوافق بين طرفين، يتم التواصل مع الأهل حتى لا يتلاعب الشاب بالفتاة. وأشارت إلى أنها لا تتقاضى أى مقابل مادى غير حضور الزفاف، وأنها نجحت فى إتمام 4 حالات خطوبة وحالة زواج واحدة تمت فى العيد. وانتقدت وجود بعض الجروبات التى لا تراعى الخصوصية، ويملؤها المتلصصون الذين لا يريدون سوى التسلية، مطالبة الفتيات أن يتوخين الحذر عندما يبعثن ببياناتهن على جروبات الزواج. وتقول ياسمين محمد، وهى فتاة عشرينية: إنها لم تتوقع أن تُخطب من خلال جروب للزواج على الإنترنت، فكان الأمر مجرد محاولة للحصول على الشريك المناسب المتوافق مع عمرها ومؤهلها الدراسى، وأضافت أنها هى وخطيبها على توافق وانسجام تام. أما سعيد وسارة فتزوجا منذ وقت قريب من خلال جروب «زواج صالونات للمصريين»، على الإنترنت. وتقول الخاطبة إنها حضرت زفافهما السعيد، وكانت سعيدة بأنها ساعدت على التوفيق بين شاب وفتاة فى الحلال. وتقول «أمل»، مطلقة فى الثلاثينات، إنها كتبت على جروب للزواج أنها تريد رجلا يتقى الله فيها وملتزم دينيًا. وقد كلمها عدد من الرجال معظهم يريد التسلية والتحرش بها إلكترونيًا، وأنها كادت تتعرض ذات مرة للنصب من أحد الأشخاص. وتقول الدكتورة هالة محمد، أستاذة علم الاجتماع، إن العنوسة مشكلة تتفاقم كل يوم، فوفقًا لجهاز التعبئة والإحصاء بلغت نسبة العنوسة فى مصر 35 فى المائة، حيث تبحث حوالى 8 ملايين فتاة عن ابن الحلال، وأدت الظروف الاجتماعية والاقتصادية وانتشار البطالة بين الشباب إلى خفض مقدرتهم على الزواج، مما جعلهم يكتبون على تلك الجروبات عن ظروفهم المتدنية لربما تقبل إحداهن ظروفه. وأضافت أن التأخر فى سن الزواج للفتيات جعلهن يضطررن إلى جروبات الإنترنت، التى يمكن لها فعلًا أن تحد من أزمة العنوسة ولو بنسبة قليلة، وتحل محل الخاطبة. وطالبت الدكتورة هالة الفتيات بالتأكد من مصداقية الشخص المسؤول عن الجروب قبل إرسال بياناتها الشخصية.