*طلعت مسلم: المعلومات الأمنية غير كافية *يعقوب: إدارة العملية تمت من غرفة مركزية بالشيخ زويد إرهاب جديد، وشهداء جدد، وعمليات إرهابية متكررة بطرق متشابهة، ومع ذلك لا تستطيع القوات الأمنية إحباطها من المنبع، حتى أصبحت هذه العمليات تستهدف الوطن كله وليس فقط أفراد الجيش والشرطة أو كبار المسئولين. العملية الإرهابية التى أدت إلى استشهاد 17من أبناء الجيش حسب البيان العسكرى للقوات المسلحة، لم تكن الأولى من نوعها التى استخدمت بهذا التكتيك، لكن عدد الأكمنة التى تم استهدافها فى وقت واحد، بعد 48 ساعة من نجاح إخوان الإرهاب فى اغتيال النائب العام المستشار هشام بركات، أظهر ثغرات أمنية خطيرة، بحسب خبراء أمنيين وعسكريين استطلعت «الصباح» آراءهم. وكشف عدد من الخبراء العسكريين والأمنيين عن عدد من الثغرات ونقاط الضعف التى استغلتها الجماعات الإرهابية فى تنفيذ عملياتها الغادرة ضد قوات الجيش بسيناء، وحادث اغتيال النائب العام. من جانبه اعتبر اللواء رضا يعقوب، مؤسس وحدة مكافحة الإرهاب الدولى، أن هناك قصورًا فى استعدادات القوات فى سيناء، ومدى جاهزيتها لابد من معالجته بشكل عاجل، وقال: «يجب تزويد القوات بأجهزة حديثة جدًا يمكنها كشف المتفجرات عن بعد وكذلك مراقبة أية عناصر مسلحة عن بعد أيضًا. وحول طريقة الهجمات على الكمائن الأمنية والأقسام، أوضح يعقوب أن هذه الطريقة تدل على أن هناك قيادة مركزية، كانت تقود هذه العملية وتمكنت من التنسيق بينهم ومتابعة تحركاتهم وإمدادهم بالمعلومات اللازمة للتحرك، وكذلك إحكام عملية الحصار بتلغيم الطرق، أن هذه العمليات لا يقوم بها إلا من يمتلكون خبرة كبيرة فى الحروب وكيفية إدارتها. وشدد يعقوب على أن نوع الأسلحة الموجود معهم سواء كان الروسى أو الأمريكى يشير إلى تورط جهات أجنبية مدتهم بالمال وسهلت دخول هذه الأسلحة إلى سيناء عن طريق مناطق حدودية منها بعض الأنفاق التى مازالت تعمل حتى الآن بشكل سرى. وشدد يعقوب على أن شباب الإخوان وقياداتهم وراء تسهيل عمليات دخول السلاح أو تزويد هذه الجماعات بالأسلحة والأموال من خلال عناصرهم الموجودة فى كل الدول الحدودية وهو ما يستلزم وضع الجماعة على قائمة الإرهاب الدولى حتى يتم تجفيف منابع التمويل. وقال اللواء متقاعد محمد على بلال، قائد القوات المصرية فى حرب الخليج، أن تلك العملية لا يمكن أن تنفذها جماعة إرهابية عادية، وأن خطة التنفيذ تدل على أن هناك عناصر ذات خبرة عالية فى الحرب البرية وقامت بوضع خطة على أعلى مستوى كما أنها استخدمت المتفجرات بشكل كبير جدًا، وهو ما يدل على أن هناك معلومات مؤكدة بطبيعة القوات وأعدادها وأماكن تواجدها. وأشار بلال إلى أن هذه العناصر وافدة من ميدان الحرب فى سوريا، خاصة أن هذه التقنية تستخدمها العناصر الإرهابية فى سوريا والعراق لقطع الإمدادات عن بعض الكتائب فى المناطق المختلفة. وشدد على أنه بات من الضرورى أن تكون هناك أبراج مراقبة عن بعد إلى جانب الأقسام والأكمنة الأمنية حتى يسهل رصد تلك المجموعات عند اقترابها من النقاط الأمنية أو الأقسام، وأن هذا الأمر يعد أحد أوجه القصور الموجودة فى سيناء فى الفترة الراهنة. فيما قال الخبير العسكرى اللواء طلعت مسلم، إن ما حدث من عمليات إرهابية أمر طبيعى، ولكن هناك بعض النقاط التى لا يمكن أن نطلق عليها ثغرات، ولكن نطلق عليها استغلال من قبل الجماعات الإرهابية، وأولها الحصول على المعلومات، وعدم قدرة الأجهزة الأمنية والمخابراتية على الحصول على معلومات مسبقة عن هذه العمليات، وهو ما يعنى أن الوسائل التى تملكها غير كافية للحصول على مخططات وأهداف العناصر الإرهابية وأنصار بيت المقدس. أشار «مسلم»، إلى عدم وجود تعاون كافٍ بين أهالى شمال سيناء وبين قوات الأمن، لعدم وجود وعى بين الأهالى، إضافة إلى نقص ضعف وسائل التصنت وكاميرات المراقبة غير المتوافرة بالشكل الكامل، مؤكدًا على أن الأنفاق وعدم تأمين الحدود بالصورة الكافية، سبب تمرير الأسلحة والعناصر الإرهابية إلى داخل الحدود المصرية. فى حين أكد اللواء محمد نور الدين الخبير الأمنى، أن الجهات الأمنية لم تتعلم الدرس من حادث محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، فى تأمين موكب النائب العام هشام بركات، قائلًا: حادث اغتيال النائب العام كوبى من حادث محمد إبراهيم، «إزاى متعلمناش الدرس»، مؤكدًا استغلال الإرهابيين لضيق الشارع الذى يمر به النائب العام، قبل التفرع للطرق الفرعية. وأشار إلى أن فترة ما بعد الثورة شهدت ضعفًا أمنيًا، ما ساعد على مرور العديد من العناصر الإرهابية إلى سيناء، من أفغانستان والشيشان، ونقل كميات كبيرة من الأسلحة عبر الحدود الليبية، مؤكدًا وجود مخازن من الأسلحة تحت الأرض لهذه الجماعات تكفيها لمدة عشر سنوات مقبلة، وأنه بات من الضرورى البحث عن هذه المخازن واغتنامها أو تدميرها لمنع إمداد هذه الجماعات بالأسلحة والعتاد. وأوضح أن هذه الجماعات الإرهابية تتخذ من أهالى سيناء دروعًا لهم، وتجند شباب بعض القبائل بشمال سيناء، لدرجة أن منازل بعض الأهالى تحولت إلى أوكار للإرهابيين، وأن عدم تعاون الأهالى يعد نقطة الضعف الرئيسية فى رصد هذه العناصر. فيما قال الخبير الأمنى، اللواء جمال أبو زكرى، إن قوات الجيش والشرطة لا تستطيع منع هذه العمليات ولكن يمكن الحد منها، وأنه مهما تم وضع خطة أمنية لابد من وجود ثغرات، مؤكدًا أن حماس هى من تصدر هذه العناصر الإرهابية وأسلحتها إلى سيناء، مشيرًا إلى أن القضاء على الإرهاب فى سيناء يعتمد على القضاء على حماس. وأوضح أن أمن سيناء يعتمد بصورة أساسية على تعمير سيناء، ويجب على الدولة تنمية سيناء وتعميرها، وهذه من أهم الثغرات التى تعتمد عليها الجماعات الإرهابية فى تنفيذ عملياتها ضد قوات الجيش والشرطة. فيما أكد مصدر من داخل الشيخ زويد، أن هناك عناصر أجنبية فى صفوف هذه الجماعات تمت مشاهدتها أثناء العملية الإرهابية لكنها لاذت بالفرار إلى الجبل مرة أخرى، وأن هناك بعض المتعاونين معهم من أبناء القبائل الذين انضموا إليهم فى وقت سابق، يسهلون لهم كيفية التحرك ومراقبة تواجد القوات الأمنية. وأشار المصدر إلى أن تنفيذ العملية تم بناء على عمليات مراقبة من قبل بعض العناصر التى تعرف جغرافية المناطق بشكل جيد وهم من يسمون بالناضورجية الذين قاموا بهذا الأمر خلال فترة طويلة، ويعدون من أهم العناصر التى سهلت هذه العملية. وأشار المصدر إلى أن الاعتماد على الكمائن الثابتة سهل استهدافها من قبل الإرهابيين فى ظل الحاجة إلى دوريات متحركة باستمرار، وكذلك من خلال سلاح الطيران. من جانبه، وصف اللواء محمود قطرى، الخبير الأمنى، حادث اغتيال النائب العام بأنه «وصمة عار على جبين الداخلية»، منوهًا بأن القصور لا يمكن إنكاره خاصة فيما يتخذ من إجراءات فى تأمين الشخصيات العامة المستهدفة، منوهًا إلى أن الداخلية تحتاج لإعادة هيكلة، ولو ظلت على هذه الحال ستتسبب فى إسقاط الدولة المصرية. وطالب الأجهزة الأمنية بأن تتخلى عن السياسة القديمة المتمثلة فى «رد الفعل» والعمل على أن يكون الدفاع الأمنى استباقيًا للأحداث، من أجل كشف المخططات وإجهاضها قبل حدوثها. أضاف قطرى: «يجب أن تشمل الخطط الأمنية فحص قاطنى المناطق المجاورة للشخصيات المستهدفة، وإجراء تحريات جدية لمعرفة هوية كل ساكن بدقة، حتى لا يسهل على منفذى العمليات الإرهابية الاختباء فى هذه المناطق القريبة من الشخصيات المهمة والمستهدفة». وأشار إلى أن الاكتفاء بطاقم حراسة ملاصق لتأمين الشخصيات المستهدفة يمثل قصورًا أمنيًا، والمفروض أن يكون التأمين بشكل أكبر وأوسع، كتأمين مخارج ومداخل منطقة سكنه ووضع كمائن متحركة وثابتة فى مناطق إقامة الشخصيات المستهدفة، منعًا لدخول أى عناصر إرهابية بسيارات مفخخة أو متفجرات. فى السياق ذاته، قال اللواء حسام سويلم، الخبير الاستراتيجى، أن الأمن لم يستفد من درس محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم، رغم أن المتهمين بمحاولة الاغتيال السابقة توصلوا بدقة لمعرفة خطوط ومواعيد سير موكب الوزير ووضعوا سيارة مفخخة فى طريقه إلا أن القدر شاء أن يتم إنقاذه من هذه المحاولة فى الوقت الذى لم تسعفه الحراسة التى تواجدت معه بما يؤكد التقصير الشديد. اللواء سويلم، أكد أن اغتيال النائب العام بهذه الطريقة يدل على أن مرتكبى الجريمة أشخاص يملكون آليات اختراق دوائر أمنية والتعرف على خطوط سير المسئولين، واعتبر اغتيال النائب العام رسالة من الإرهابيين للحكومة والجهات الأمنية بأنهم قادرون على اختراق المنظومات الأمنية وإصابة شخصيات كبرى.