*ثلاثة أطفال ب«المراغة» يستدرجون نجل خالتهم لسرقته ويتركونه جثة هامدة والسيناريو يتكرر فى «العسيرات» للطفولة ملامح مشتركة.. ترتسم على وجه كل الصغار، تمنحهم جمالًا.. وقبول لدى الجميع، لكن هذه الملامح تتبدل بمجرد خروجهم للشارع، الذى يكتسبون منه ملامح جديدة، وسلوكيات.. قد تجعل منهم مصدر فخرًا لذويهم.. وقد تعجل منهم مجرمين، وهذا ما كشفت عنه حادثتا قتل.. وقعتا فى أسبوع واحد.. تقريبًا، بمحافظة سوهاج، والمدهش أن الجناة والضحايا لم يغادروا سنوات الطفولة.. الحادثة الأولى جرت تفاصيلها فى مركز العسيرات، 3 أطفال لا تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة، فشلوا فى التعليم، هجروا المدارس.. وذهبوا إلى ورشة لتصليح السيارات، ومن هنا بدأ فصل جديد فى حياتهم، تقمصوا للحظات أدوار الرجال، أصبحوا يتكسبون من عمله.. بينما أقرانهم يعتمدون على «مصرف» المدرسة، ولم تتوقف مشاعر الرجولة بداخلهم عند هذا الحد.. بل امتدت إلى «الكيف، باعتباره الاختبار الأول للقوة فى عالمهم الجديد، فترددوا على «الغرز، وتذوقوا طعم «الحشيش»، أعجبتهم دنياهم الجديدة الخالية من الرقابة.. أو التوجيه، لكن عالم «الكيف» تمكن منهم، ولم يعد بإمكانهم الابتعاد عن أجوائه، فطردوا من العمل، ولم يعد بإمكانهم الحصول على نصيبهم من المكيفات. الرجال بحكم خبراتهم الحياتية يجيدون التحايل على الظروف لتحقيق رغباتهم، لكن العقول الطفولية تفضل الطريق الأسهل لتحقيق المتعة، من هنا فكر الأطفال الثلاثة جلب المال عن طريق السرقة.. وكانت بيوتهم هى المسرح لأولى جرائمهم، وسرعان ما يكتشف الأهل.. وينتهى الأمر بالتعنيف.. دون الانتباه لخطورة المرحلة التى يمرون بها، اعتبروا أن حرمانهم من عطف الأسرة هو العقاب، دون أن يدركوا أنهم يفتحون لهم بابًا أخطر للتمادى فى جرائمهم، فعالم الكيف الذى رحب بهم لن يتركهم يغادرونه بسهولة، بل إن عقولهم التى لم تطق الغياب عنه.. زينت لهم طريقًا جديدًا للحصول على المال، واتجه تفكير أحد الأطفال الثلاثة إلى نجل خالته الذى يمتلك «توك توك».. خاصة أنه طفل فى نفس عمرهم، لكنه اختار طريقًا مختلفًا عما سلكوه، كان هو رب أسرته، و«التوك توك» هو باب رزقهم، لذا حين استدرجوه لسرقته.. قاومهم، كان يستميت فى الدفاع عن مصدر حياة عائلته، بينما الأطفال الثلاثة يرونه بوابة العبور لعالم الكيف. كانت نتيجة المعركة الطفولية محسومة مسبقًا، لم يستطع طفل أنهكته رحلة البحث عن الرزق.. أن يتفوق على هلاوس الباحثين عن المتعة، شنقوه بحبل.. وتركوا جثته وحيدة داخل الأراضى الزراعية، وحين تمكنت قوات الأمن من ضبطهم.. راح كل واحد منهم يلقى باللوم على صديقه، واتفقوا جميعًا على أن المخدرات كانت هى السبب فى سعيهم لسرقة «التوك توك» وبيعه للحصول على جرعات الكيف. الأطفال الأربعة تحولت حياتهم إلى فصل من محضر شرطة العسيرات، الذى بدأ بالبلاغ المقدم من والد المفقود، السيد مرزوق 14 عامًا، سائق «توك توك»، وتم تشكيل فريق بحثى لكشف غموض الحادث، وضبط الجناة بإشراف اللواء حسين حامد مدير إدارة البحث الجنائى بالتنسيق وفرع الأمن العام بسوهاج، العقيد هشام فوزى مفتش المباحث، وأسفرت جهود فريق البحث إلى أن وراء غياب المذكور كل من «حاتم. م» سن 19 عامًا، نجل خالة المجنى عليه، و«محمد. م» سن 19عامًا، و«رائد . م» سن 17عامًا، ويقيمون بذات الناحية، حيث إنهم كانوا جميعًا برفقة المذكور قبل تغيبه عقب تقنين الإجراءات تمكن ضباط فريق البحث بقيادة الرائد عمرو عبدالراضى، رئيس مباحث العسيرات، والضباط المعاونين من ضبط المتهمين، وبمواجهتهم اعترفوا بأنهم اتفقوا فيما بينهم على قتل المذكور، وعقب التخلص منه قاموا بإلقاء جثته بترعة الثلاثينى بناحية النويرات دائرة المركز. تحرر عن ذلك المحضر رقم 123 إدارى المركز لسنة 2015، وباشرت النيابة العامة التحقيق، وقررت انتداب الطبيب الشرعى لتشريح الجثة لبيان سبب الوفاة. المأساة تتكرر فى مدينة المراغة التابعة لمحافظة سوهاج، الأهالى يعثرون على جثة الطفل «إبراهيم عبدالموالى» البالغ من العمر 13 عامًا، مذبوحًا وملقى داخل الأراضى الزراعية، والضحية هو الابن الوحيد لوالده، والعائل الوحيد لأسرته. والجناة فى نفس العمر، «محمد وسيد وبندارى»، الثلاثة جمعت بينهم جلسات الكيف، وبسببها احترفوا مهنة النشل، وحين أصبح الحصول على الأموال سهلًا.. تعددت مظاهر الكيف.. ما بين مواد مخدرات.. ومشاهدة الأفلام الإباحية.. ووصل الأمر للعلاقات النسائية. ولأن النعيم هو أحد وجوه عالم الكيف، فإن وجهه الآخر هو الشقاء، وهو الوجه الذى يدركه الضحايا بعد فوات الأوان، حين تنفذ الأموال، وتبدأ رحلة البحث عن جريمة، والمدهش أن الجناة اختاروا ضحية مشابهة للحادث الاول، اختاروا طفلًا يقود «توك توك»، استوقفوه داخل مدينة «المراغة».. طلبوا منه توصيلهم، استدرجوه إلى قطعة أرض زراعية.. وذبحوه.
وكان الرائد نصر طه رئيس مباحث مركز المراغة، قد تلقى بلاغًا من الأهالى بالعثور على جثة طفل مذبوحًا بالزراعات.. بالانتقال والفحص تبين أن الجثة لطفل يدعى إبراهيم عبدالمولى، تم تشكيل فريق بحث.. ومن خلال إجراء التحريات التى أشرف عليها المقدم إسلام فاروق مفتش المباحث، تبين أن وراء ارتكاب الواقعة «محمد.م» و«سيد.ا» و«بندارى م» لسرقة «التوك توك»، وتم ضبط المتهمين وإحالتهم إلى اللواء إبراهيم صابر مدير الأمن الذى أحالهم إلى النيابة العامة.