مخاوف من انعزال المرشح الرئاسى عن الشعب.. وأنصاره يحذرون من مراكز القوى داخل الحملة «اللهم اكفينى شر أصدقائى.. أما أعدائى فأنا كفيل بهم»، ربما يحتاج المشير السيسى إلى ذلك الدعاء بشدة الآن أكثر من أى وقت مضى، فالرجل يواجه تحديات تاريخية غير مسبوقة، فعلى الرغم من كونه المرشح الأوسع حظًا لشغل منصب رئيس الجمهورية، إلا أن ارتفاع سقف التوقعات من الرجل نفسه ومن الشارع المصرى تجعله يدخل اختبارًا صعبًا على مدى قدرة شعبيته على حصد التأييد الكاسح الذى يحلم به ليبدأ مشروعه التنموى الضخم الذى يكفل بنقل مصر إلى مقدمة الدول الأكثر نموًا. أهم التحديات التى يواجهها السيسى ليست فقط المعتادة أمام أى مرشح لوطن تتراكم عليه الأعباء مثل مصر، بداية من الموقف الاقتصادى المنهار إلى الوضع السياسى المضطرب، لكنه يواجه تحديات متفردة بتفرد الظرف التاريخى بين حكمين يريد أن يتخلص من فلولهما، فيما يواجه ظرف أمنى معقد لا يخص أمن البلاد وحدها، لكنه يهديد حياته بشكل مباشر بصورة تعوقه عن طرح نفسه شعبيًا كما يحلم.. ولأول مرة نجد مرشحًا لرئاسة الجمهورية مضطرًا إلى استقبال كل الفئات كونه لا يستطيع أن يذهب إليهم. مخطط اغتيال السيسى لم يتوقف عند المحاولتين التى أعلن عنهما عند انطلاق الحملة الرسمية، والدليل تأكيدات مصدر أمنى ل«الصباح»، بأن المحاولتين التى قصدهما السيسى هما المباشرتان التى تم وقفهما فى اللحظات الأخيرة، لكن هناك ثلاث محاولات أخرى تم الكشف عنها فى صورة مخططات أو شهادات لأعضاء خلية بيت المقدس. وتعد من أهم التحديات التى تعوق السيسى، ما رصده سياسيون من أخطاء ضخمة وقعت فيها حملة المشير ويتحمل تبعاتها السيسى، وجميعها ينتقص من شعبيته الجارفة التى لم تكن تحتاج إلا التأكيد عليها والاستفادة منها. وأولى تلك الخطايا التى وقعت فيها الحملة، أنها قليلة العدد وغير محترفة بالمعنى المعروف، فرغم الإعلان عن وجود أسماء كبرى فى خلفية المشهد مثل عمرو موسى أو السفير محمود كارم، الا أنهم لم يظهروا بصورة مباشرة تاركين الدور لشباب الحملة مثل الدكتور عبد الله المغازى المتحدث الرسمى الذى لم يتحدث إلا فيما ندر، ولا يتواصل مع وسائل الإعلام مكتفيًا بالإشراف على مجموعة من الشباب لتسجيل مقابلات السيسى وإعلانها فى بيان مسائى متأخر على صفحاته الرسمية. ويبدو أن الحملة تتعامل مع السيسى بصفته رئيسًا فعليًا لا يحتاج إلى كسب تأييد، حيث وضعت الحملة أجندة للقاءاته بصورة انتقائية أغضبت الكثيرين..وفى أحيان كثيرة تفتح الباب أمام مخاوف من انفصال الرجل عن الشارع بشكل مباشر، واحتمال ظهور مبكر«لمراكز القوى» أو«حاشية الرئيس»، هؤلاء الذين يثق فيهم من أهل الثقة. الحملة الانتخابية متهمة بأنها اكتفت بالتواصل الإعلامى عبر شاشات التليفزيون وحبست الرجل فى التواصل مع الجمهور النخبوى بالميادين الكبرى، وأهملت الشارع والمناطق العشوائية، بما يهدد بفقدان المشير جزءًا من شعبيته خلال الفترة القادمة إذا لم يتم تدارك هذه الأخطاء، خاصة مع النشاط الملحوظ لمنافسه حمدين صباحى، فى التواصل مع الجماهير. ولا ينكر المتابعون وجود نشاط إيجابى للجنة الشباب التى تنظم فعاليات فى المحافظات تعتمد على السلاسل البشرية والمتطوعين والحملات الشعبية. ويقف فى جانب آخر يبدو أنه يعمل بشكل منفصل الجانب الإلكترونى للحملة ومن أهم الاسماء التى تدير الحملة إلكترونيا، يبرز اسم أحمد كامل كمتحدث رسمى لحملة المشير عبد الفتاح السيسى الانتخابية مؤخرًا وتردد اسمان آخران هما لمياء كامل ويارا خلف. وكان الثلاثة ضمن المكتب الإعلامى لحملة عمرو موسى الانتخابية خلال عام 2012. ويعمل الأفراد الثلاثة فى شركة للعلاقات العامة تدعى «سى سى بلس» Corporate Communications Plus حيث تضم أحمد كامل كبير الاستشاريين فى الشركة، ولديه خبرة فى مجال العلاقات العامة، وهو فى الأصل أستاذ جراحة أعصاب فى كلية طب قصر العينى جامعة القاهرة. واستشارى جراحة أعصاب فى مستشفى شرم الشيخ الدولى. وكان كامل عضوًا بارزًا ومتحدثًا باسم المكتب السياسى للسيد عمرو موسى خلال ترشحه للانتخابات الرئاسية 2012. وعمل مستشارًا ومتحدثًا إعلاميًا لوزارة الصحة خلال الفترة التى تولت فيها الدكتورة مها الرباط وزارة الصحة، لكنه ترك المنصب بمجرد إقالتها فى التغيير الوزارى الأخير، لكن التكنولوجيا وحدها لا تكفى، ونجاح مجموعة عمرو موسى لم يشفع لها أبرز أخطاء حملة السيسى، وكونها لم ترتب لعقد لقاء مع الناس وجهًا لوجه حتى الآن ولم ينزل إلى الشارع. وقال أمين إسكندر عضو مؤسس بحزب الكرامة، إن أبرز أخطاء حملة السيسى عدم تواصلها مع الناس بصورة جيدة، مشيرًا إلى أن المرشح الرئاسى، لم يلتق الناس وجهًا لوجه حتى الآن، ولم ينزل إلى الشارع، مكتفيًا باللقاءات التليفزيونية، والتواصل مع الناس عبر الكونفرانس، فى حين يكثف المرشح المنافس حمدين صباحى مؤتمراته الشعبية وسط الجماهير. وأشار إسكندر، إلى أن معظم الشعب المصرى يشعر باختباء المشير خلف ستار، على حد تعبيره، معتبرًا أن الحملة إذا استمرت على هذا الدرب فسينخفض معدل مرشحها من الأصوات الانتخابية، وشدد على ضرورة لقاء السيسى بحملته حتى ينسق معها مسألة التواجد بالشارع المصرى والالتقاء بالشعب. وأضاف: «عدم تواصل السيسى مع المصريين بالخارج على عكس المرشح المنافس حمدين صباحى، سيؤثر بالسلب على الأصوات الانتخابية، التى سيحصل عليها خلال الانتخابات الرئاسية». من جانبه انتقد الدكتور محمد الخولى، خبير الإعلام الدولى الشعارات التى تستخدمها حملة السيسى فى الدعاية الانتخابية، مثل «مصر فوق الجميع»، موضحًا أن هذا الشعار عنصرى ويشبه الشعارات النازية لهتلر، كما انتقد شعار «نعمل من أجل مصر»، معتبرًا أن هذا الشعار يليق بمرشح برلمانى وليس رئاسيًا. كما اعتبر أن الدعاية الخاصة بحملة السيسى متكلفة إلى حد كبير، مناشدًا السيسى وضع برنامج واضح المعالم، يلتزم بتوقيت زمنى محدد، ويناسب كل طبقات الشعب المصرى، مؤكدًا على أنَّ عدم وجود برنامج انتخابى خاص بالمرشح عبدالفتاح السيسى سيفقده جزءًا كبيرًا من شعبيته. مسألة تكرار اللقاءات التليفزيونية دفعت للتكرار وربما التملل، ومن جهته، قال عبدالغفار شكر، رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى، إن ما يؤخذ على السيسى نبرته الثابتة خلال لقاءاته التليفزيونية، معتبرًا أنه لا ينفعل أو يتحمس، ومن غير الممكن استنتاج شىء من ملامحه. وأضاف «المواطن المصرى يريد أن يشعر أن هناك من يهتم به أو يحدثه بصفة شخصية». واعتبر أن الدعاية الانتخابية لم يعد لها تأثير كبير على تصويت الشعب المصرى، مشيرا إلى أن تصويت المواطنين سيتم على أساس شخصيات مرشحى الرئاسة. وأضاف أن المواطنين المصريين بالخارج، لن يتأثروا بفكرة الدعاية الانتخابية، أو بحديث خاص لهم من قبل المشير السيسى، موضحًا أن الأهم بالنسبة لهم هو مواقف مرشحى الرئاسة وليس مجرد الكلام. السيسى يواجه أيضًا مخطط التنظيم الدولى وشفراته التى يطلقها رؤساؤه من داخل السجون أو من خارج البلاد. وكشف مصدر أمنى أن الأمن الوطنى ألغى مؤتمرًا جماهيريًا للسيسى فى الصالة المغطاة، بعد ضبط 15 طنًا من المواد المفجرة.. بالتزامن مع رسائل تم رصدها من قادة الإخوان وعلى رأسهم محمد بديع. أولى تلك الرسائل التحريضية المباشرة رصدتها الأجهزة السيادية، وتحرض على موجة من العنف هى الأقوى منذ خلع نظام الاخوان فى 3يوليو.. والدليل ما تم ضبطه من 15 كيلو من الجرافيت المستخدم فى صناعة المتفجرات فى سيناء والقنطرة غرب.. وقال مصدر سيادى ل «الصباح» ما تم كشفه من المواد المهربة لا يمثل إلا نسبة لا تتجاوز بين 5% و10% من المواد التى تم تهريبها لأن الإرهابيين لا يستخدمون مسارات واحدة، مما يدفعنا الآن إلى تكثيف البحث عن باقى المتفجرات المحتملة قبل نشر القوات لتأمين الانتخابات». وكان محمد بديع مرشد الجماعة، قد بعث برسالة إلى من أسماهم أحرار وحرائر بورسعيد خاصة، عبر من التقى بهم من المعتقلين فى المحاكمة بمعهد أمناء الشرطة لمحاكمة 191 من مؤيدى الشرعية ببورسعيد، من بينهم محمد بديع ومحمد البلتاجى والدكتور صفوت حجازى. المرشد دائمًا ما يرسل شفرات ينشرها موقع إخوان أون لاين، والذى لايزال يبث أخبار الجماعة إلى الآن عبر مواقع مختلفة داخل مصر أو من المملكة السعودية. فقد رصدت «الصباح» إحدى تلك الرسائل المشفرة، والتى يبشرهم فيها المرشد بنصر قريب من الله تعالى قائلاً: «إننا فى مرحلة تمايز واصطفاء، والتمايز لا يكون بين ثلاثة أو أربعة اختيارات، وإنما يكون بين اختيارين فقط: الأبيض والأسود، حتى إذا تم التمايز بينهما يأتى الله بالفتح، يقول تعالى: (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق)، ووجود حرف الفاء هنا يفيد السرعة فى موعود الله، مثل قوله عن الباطل الخبيث: (فيركمه جميعًا فيجعله فى جهنم). والتمايز من فضل الله علينا، ومن معنا اليوم وليس لهم أعمال سابقة جاءوا باختيار الله وليس باختيار أحد منا، انظروا إلى من ثبتهم الله منا ومن كانوا معهم على نفس الطريق ثم زاغت قلوبهم، إنها إرادة من يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، الله يميز. وأضاف: إننا كنا نربى الأفراد فى مجموعات خمسة خمسة، ونقول إن الشعب يحتاج إلى التربية وكيف لنا أن نربى كل الناس، فجمع الله عز وجل هذه الجموع لتتربى معًا وتعيش معًا وتتعايش، كيف كنا نقدر على مثل هذا؟ فمن الذى دبر وأراد؟ وأكد أنه لم يأتِ أحد إلى السجن خطأ.. الله هو الذى أراد ذلك بمشيئته وقدرته لحكمة يعلمها، وتدبيره هو الخير لنا جميعًا. وأضاف المرشد- فى رسالته، أنه قد سُرق بيته وحُرق فى بنى سويف بقوله: الحمد لله أن حدث ذلك بعد استشهاد ابنى عمّار، لو أن بيتى سرق وحرق قبل استشهاد عمّار لحزنا، ولكن المصيبة الأكبر هونت ما بعدها، والحمد لله، إن مع العسر يسرًا، لا بد أن نعلق قلوبنا وآمالنا بالله وحده، يقول تعالى: (فعسى الله أن يأتى بالفتح أو أمر من عنده) الآية بها تقديم لاسم الله قبل الفعل «يأتى»، حتى يتعلق الناس بالله وليس بفعل الله، فى حين أن التعلق بفعل الله جائز، ولكن التعلق بالله أقوى بعيدًا عن الأسباب. وعن رئيسهم محمد مرسى، قال المرشد إنه بخير والحمد لله، مؤكدًا أن الرئيس مستبشر جدًا بالنصر القريب إن شاء الله، ويصاحبه فى الزنزانة السفير الطهطاوى، ونعم الرجال هذا الرجل على حد وصف المرشد العام. وأضاف أن الرئيس مرسى رأى رؤيا لمدة ثلاثة أيام متتالية بأنه يتلو قول الله تعالى: (أُذن للذين يُقاتلون بأنهم ظُلموا وإن الله على نصرهم لقدير). واختتم الأستاذ رسالته الغريبة ، بالسلام والتحية لأحرار بورسعيد والإسماعيلية وسيناء والعريش وبئر العبد، وكل المعتقلين فردًا فردًا وأسرهم جميعًا. مصدر سيادى أكد أن رسائل المرشد تحديدًا وتضمنيها آيات قرأنية هى رسائل بمهمات محددة، حيث تتضمن شفرة لعمليات إرهابية محددة المكان والزمان، كما دعا د. محمد محسوب نائب رئيس حزب الوسط الهارب، الثوار إلى ضرورة الاصطفاف فى الميادين لمواجهة ما أسماه نظام مبارك منددًا برفع شعارات ثورة يناير فى انتخابات انقلاب دموى. وقال عبر «تويتر»: عار أن تُرفع شعارات ثورة يناير بانتخابات انقلاب دموى.. لم يعد لثوار يناير سوى الاصطفاف من جديد لمواجهة نظام مبارك بالميادين لا فى السرادقات». وبذلك يضاف إلى الهواجس التى تطارد السيسى داخليًا دفع الإخوان بأن الانتخابات محسومة وتوسيع نطاق عدم المشاركة اعتمادًا على سلبية نسبة كبيرة من المواطنين واستفادة من ضعف التواصل الشعبى للحملة على الأرض، وهى الخطة التى سبق وتم تنفيذها مع أحمد شفيق حيث تم تعمد تسريب أنه فائز وأن نتيجة الانتخابات محسومة لخليفة مبارك...فكانت النتيجة توجه أكثر من 2 مليون للساحل لقضاء إجازة الصيف غير عابئين بمستقبل البلاد، فى الوقت الذى نجح الإخوان فى الحشد بوسائلهم فى التعبئة الشعبية المباشرة وغير المباشرة من شراء الأصوات إلى ضغوط دينية إلى غيرها مما يتكشف حتى اللحظة. أخيرًا:
السيسى يرغب فى تأكيد شعبيته أمام العالم سواء الداخلى أو الدولى أو العربى، يحتاج إلى فوز بنسبة 70% على الأقل، وليس مجرد نجاح بفارق ضئيل، فهل تسعفه حملته ؟