-اسمه الحركى «أبوالبراء المصرى » ويقيم بالقرب من حلوان -الرسائل تتحدث عن إرهابيين فى صفوف الجيش والشرطة بأسماء حركية وتكشف وجود أكثر من معسكر تدريب منذ شهور قليلة لم يكن أحد قد سمع باسمها، لكن فجأة صارت جماعة «أنصار بيت المقدس» ملء السمع والبصر فى الشارع المصرى، بعد أن أعلنت عن كونها الكيان الإرهابى الأول الذى يخرب الدولة المصرية. بدايتها كانت بتفجير خطوط الغاز والقيام بعمليات إرهابية فى سيناء ومحاولة اغتيال وزير الداخلية، ثم تفجير مبنى المخابرات بالإسماعيلية، وتفجيرات بمبانٍ سيادية فى سيناء، والهجوم على محطة القمر الصناعى بالمعادى، وتصفية ضباط القوات المسلحة بطرق الإسماعيلية والسويس وسيناء، وغيرها من الأفعال الدموية التى كونت حصيلة العمليات الإرهابية التى تبنتها «أنصار بيت المقدس». الجماعة ظلت عصية على الاختراق، ولم تستطع أجهزة المخابرات والجهات الأمنية جمع معلومات كافية عنها أو معرفة هيكلها التنظيمى الداخلى، رغم أنها أصبحت كابوسًا يؤرق الشعب المصرى بأكمله، لكن اتضح أخيرًا أنها تحوى عددًا من المطرودين من الخدمة العسكرية، وهو ما بدأت بشائره فى محاولة اغتيال وزير الداخلية. «الصباح» استطاعت لأول مرة أن تخترق المراسلات الخاصة بجماعة «أنصار بيت المقدس»، وأن تعرف كواليس ما يحدث داخل هذا التنظيم، الذى استغل الغياب الأمنى والفوضى والصراعات السياسية الداخلية والخارجية ليمد أصابع الإرهاب فى أركان مصر. البداية كانت من إحدى قيادات التنظيم الذى كان مسئولًا عن نشر البيانات على بعض المنتديات مثل «شبكة شموخ الإسلام» و«شبكة فداء»، قمنا بتتبع حسابه الشخصى على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، والذى كان يضع علم تنظيم القاعدة كصورة شخصية له كغطاء لشخصيته الحقيقية. استعنا بأحد الهاكرز «القراصنة» المحترفين من أجل اختراق هذا الحساب الفيسبوكى، وبعد عمليات قرصنة طويلة استطعنا التسلل إلى داخل صفحته الشخصية والتفتيش فى صندوق رسائله، وهو الأمر الذى كان مفاجأة بكل المقاييس. الهاكر قال لى إن ال IP الذى يدخل منه هذا القيادى يشير إلى أنه يقيم فى إحدى مناطق حلوان، وعن طريق رسائله عرفت أن اسمه أبوالبراء المصرى، وقد عرفت بعد ذلك أنه مطلوب أمنيًا فى عمليات إرهابية كثيرة. عبر حساب الفيسبوك كان أبو البراء المصرى يراسل بانتظام أحد الأشخاص يدعى «أبو معاذ المصرى»، والذى عرف نفسه له بأنه كان يخدم مع مسئول أمنى يدعى «فارس الشامى» والذى كان أميرًا لكتائب الاغتيالات، وكان من أسوان، كما تبادلوا الحديث عن شخصين يدعى الأول ب«خطاب» والثانى يدعى «حبيسو»، وأكد له أنهم متواجدون بمعسكر التدريب وصحتهم وأحوالهم جيدة. خلال المراسلات التى استخرجنا نسخة منها أكد أبو معاذ لأبو البراء أن هذين الشخصين سيخرجان من المعسكر بعد شهر واحد فقط، كما تحدث عن شخص آخر يدعى «مالك» مؤكدا أنهم مراقبون وأن الأمن يبحث عنهم، فرد عليه بأنه يجب ألا يتحدث فى الموبايل كى لا يتم تتبعه، وأن قوات الأمن داهمت منزل شقيقته بحلوان وسألوا عنه زوج أخته. فى الرسالة الثالثة يتحدث «أبومعاذ المصرى» مع شخص يدعى «عزام الأنصارى الشامى» والذى يسأله عن تفجير المنصورة وعدد القتلى الناتج عنه، فرد عليه أبو معاذ بأنه يجب أن يدخل فى المجموعة ويضيف أصدقاءه، وعاود الأنصارى سؤاله «هل توجد صولات وجولات اليوم من قبل الإخوة المجاهدين؟» فرد عليه «أبومعاذ قائلًا «نعم فى سيناء كل يوم»، ولكن الأنصارى عاوده بسؤال جديد: هل الإخوان المسلمين سينتفضون ويحاربون الجيش أم لا؟ وهنا كانت الإجابة «لا». تلك الرسائل تؤكد لنا أن مواقع التواصل الاجتماعى مثل «فيسبوك» و«تويتر» أصبحت مرتعًا للإرهابيين ووسيلة توصيل معلومات وجمع بيانات كاملة عن أهدافهم المستقبلية، والتخطيط المشترك لعملياتهم الدامية، وهو المجال الذين تم تدريبهم عليه بتقنية شديدة، وتعودوا على استخدام حساباتهم سواء من هواتف محمولة أو من أجهزة الكمبيوتر «لاب توب». من جديد عاود «أبومعاذ» الحديث مع شخص يدعى «إسلام اليسر» كى يؤكد له أن صديقهم الجهادى «خطاب» لم يُقتل، لأنه وصل ساحة المعركة فى سوريا بالأمس وحدثه تليفونيًا، لكن لأن الخطوط كانت مقطوعة اضطر للتواصل معه عبر «فيسبوك» من حسابه المسمى «جندى الدولة»، كما تداولوا خبرًا عن استشهاد شخص يدعى «محمد المهد» فى عملية تدعى «الصهوات» فى مالى، والذى طلب عدم إقامة عزاء له خوفًا من الأمن، لكن الثانى رد عليه بأنه لن يخبر والده أو والدته بهذا الخبر حتى لا يحدث لهم شىء. عندما نقلنا هذه المعلومات إلى اللواء محمد على بلال، الخبير العسكري، قال إنه من المستحيل أن تكون الجهات الأمنية قضت على كل أعضاء تنظيم أنصار بيت المقدس، فحاملو هذا الفكر للأسف كثيرون فى جميع أنحاء مصر ويستغلون فرصة التسيب الأمنى، موضحًا أن هذا التنظيم تم تكوينه فى عهد الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى، وإنه يتكون من الجماعات الإسلامية فى ليبيا والعائدون من أفغانستان وألبانيا والمعتقلين الإسلامين الذين تم الإفراج عنهم بقرارات عفو رئاسى من مرسى، لهذا فإن رسائلهم تهتم بأحداث فى سوريا ومالى وغيرهما من البلدان التى ينشط فيها الجهاديون، كما ساعد على ذلك فتح الحدود بين سيناء وغزة فى عهد الإخوان. بلال قال إن أعضاء التنظيم يتعاملون بحرص كالمهربين ويصعب السيطره على خلاياهم العنقودية، وإحدى طرق التخفيف من ضرباتهم هى تشديد الرقابة على الحدود المصرية مع الدول المجاورة، كما أن فكرة متابعاتهم على «الفيس بوك» مفيدة جدا لأنه بالنسبة لهم منجم للبيانات وطرق التخطيط، لكنه اعتبر أن الحكومة لا تستطيع القرصنة على حساباتهم بشكل رسمى لأنها مواقع عالمية تمتلك حقوق خصوصية، منبهًا إلى أن قيام السلطات المصرية بقطع خدمة الإنترنت مرة أخرى سيكون خطأ من جانب الدولة مثلما حدث فى 28 يناير 2011. على الصعيد الفنى، أكد المهندس محمد عبدالغنى، الخبير فى البرمجيات وأنظمة الحاسب، أنه فى إمكان الدولة أن تقوم بإرسال بيانات وأسماء هؤلاء الإرهابيين لإدارة موقع «فيسبوك» وتحاول الحصول على إذن بمراقبة حساباتهم، أو محاولة طلب غلق حساباتهم على موقع «فيس بوك» لأنه يضر بالأمن القومى المصرى، ولكن هذا يلزم معرفة وتحديد الشخصيات اسمًا على الأقل لكى يسهل التعامل معها، لكنه وضح أن هذا الأمر يحتاج لشيئين أساسيين: إصدار حكم قضائى يتيح هذه الإجراءات،، أو اتخاذ قرار سياسى سيادى لأن تلك المواقع تضر الأمن القومى ولا بد من تحقيق السيادة وحماية الوطن.
مهندس البرمجيات اختتم بأن هناك طريقة تقنية أخرى وهى تتبع «الآيبيهات» التى يدخل بها الإرهابيون من مصر على تلك المواقع العالمية، ومحاولة تتبعهم والقبض عليهم.