كان صعود الفريق أول صدقى صبحى من رئاسة الأركان إلى منصب وزير الدفاع أمرًا محسومًا منذ توقع الجميع إعلان المشير عبدالفتاح السيسى استقالته تمهيدًا للترشح لانتخابات رئاسة الجمهورية، فالرجل يدير أهم الملفات داخل الوزارة، ويتولى مهمة عقد صفقات السلاح، ويتابع الموقف على الأرض فى جميع النواحى العسكرية، بخلاف مشاركته فى وضع خطة إنقاذ مصر، كونه قائدًا ميدانيًا من الطراز الأول، وهى الأسباب الأربعة الجوهرية التى أهلته لتولى حقيبة الدفاع فى هذه اللحظة الفارقة من تاريخ مصر. وعلى الرغم من مظهره العام الذى يوحى بالصرامة الشديدة، إلا أن المحيطين به يعلمون أن هدوء الرجل وملامحه الحادة، تعكس مسئوليات جسيمة يحملها على عاتقه، مؤكدين أنه يولى أسر شهداء الجيش اهتمامًا خاصًا، حيث يحرص على زيارتهم والوقوف إلى جانبهم ودعمهم ماديًا ومعنويًا. على المستوى العسكرى، رافق صدقى صبحى، المشير السيسى رحلة تحديث القدرات القتالية للقوات المسلحة، وبصدور القرار الجمهورى من الرئيس «المؤقت» عدلى منصور بتعيين الفريق أول صدقى صبحى وزيرًا للدفاع وقائدًا عامًا للقوات المسلحة خلفا للسيسى، أصبح عليه أن يتحمل مسئولية مزدوجة، باستكمال ملف دور الجيش فى إنقاذ البلاد، بالتزامن مع خطة رفع الكفاءة القتالية للوحدات والعناصر المقاتلة تدريبًا وتسليحًا، وذلك فى ظل محاولات تشويه متوقعة بزعم انحياز المؤسسة العسكرية لرجلها السابق فى الانتخابات القادمة.
ولعل نظرة سريعة على تاريخ الفريق أول صدقى صبحى ومشواره العسكرى الحافل تؤكد قدرة الرجل على قيادة وزارة الدفاع فى الفترة الحالية، فهو من مواليد عام 1955، تخرج فى الكلية الحربية عام 1976 ضمن الدفعة 68 حربية، ثم حصل على ماجستير العلوم العسكرية من كلية القادة والأركان عام 1986، وزمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا عام 2003، وزمالة كلية الحرب العليا الأمريكية عام 2005. كذلك حصل الفريق صبحى على جميع الفِرق الحتمية بسلاح المشاة.
بدأ صبحى الخدمة كضابط فى إبريل 1976، وخدم بالجيش الثالث الميدانى وتتدرج فى الوظائف القيادية العسكرية كقائد كتيبة مشاة ميكانيكى ورئيس أركان اللواء 34 مشاة ميكانيكى، ثم عمل قائدًا للواء 34 مشاة ميكانيكى، ورئيسًا لأركان الفرقة 19 مشاة ميكانيكى، حتى وصل إلى قائد الفرقة 19 مشاة ميكانيكى. وتولى بعدها منصب رئيس شعبة عمليات الجيش الثالث الميدانى، فرئيس أركان الجيش الثالث الميدانى، وأخيرًا كقائد للجيش الثالث الميدانى عام 2009، قبل أن يعين رئيسًا لأركان حرب القوات المسلحة عام 2012 خلفًا للفريق سامى عنان. وعلى مدى نحو أربعين عامًا حصل على عديد من الأنواط والنياشين منها ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة، ونوط الخدمة الممتازة، ونوط الواجب العسكرى من الطبقة الثانية، ونوط 25 إبريل، وميدالية اليوبيل الفضى لتحرير سيناء، وميدالية 25 يناير 2011، ونوط الواجب العسكرى من الطبقة الأولى. وقد برز اسم صبحى ودوره اللافت فى أثناء وبعد ثورة 25 يناير 2011، حينما كان قائدًا للجيش الثالث الميدانى، ونجح فى التصدى لأعمال الفوضى، وتمكن من السيطرة على الانفلات الأمنى فى محافظاتالسويس وجنوب سيناء والبحر الأحمر، بالإضافة لعقده عديدًا من اللقاءات مع القوى السياسية والحزبية وشباب الثورة فى مدينة السويس الباسلة. فور توليه منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة، كان فى مقدمة اهتماماته، رفع الكفاءة القتالية واللياقة البدنية لبناء الفرد المقاتل القادر على أداء المهام المكلف بها فى مختلف الظروف. بعد انتهاء دور المشير حسين طنطاوى ورئيس أركانه الفريق سامى عنان وتعيين السيسى قائدًا عامًا، اختير صبحى رئيسًا للأركان، وأثار قرب صبحى من السيسى شكوك الإخوان، الذين عمدوا إلى إطلاق حملة تسريبات عن اتصالات تجريها القيادة السياسية متمثلة فى الرئيس السابق محمد مرسى ومرشده للتخلص من السيسى، غير أن الجيش أثبت أن قادته على قلب رجل واحد. كما واصل صبحى دوره المزدوج كقائد عسكرى مسئول فنيًا عن إعداد القوات ومخططاتها من جهة، وداعمًا ومشاركًا لقائده فى تعبئة جهود رجاله فى المهمة الصعبة التى يواجهونها لحماية الجبهة الداخلية، وهى مهام إضافية لم يتذمر العسكريون من إضافتها لهم مرة أخرى بعد التجربة الأولى المريرة التى سحبت من رصيد علاقتهم بالشعب خلال المرحلة الانتقالية الأولى.
ومع انطلاق شرارة ثورة الثلاثين من يونيو، رافق الفريق صبحى المشير السيسى فى اللحظات الفارقة من تاريخ الوطن، حيث أطلق حملة تطهير سيناء التى كبلها النظام الإخوانى خلال عهد مرسى، وأصبحت العمليات فى شمال سيناء تشهد نجاحًا ملحوظًا فى محاصرة الإرهاب.