سريعًا بدأت التكهنات تتدفق فى وسائل الإعلام المختلفة بشأن ملامح البرنامج الانتخابى الذى سيطرحه المشير السيسى على الشعب المصرى حال اتخاذه قرار الترشح لمنصب الرئيس، وحاول الكثيرون تحديد المحاور الرئيسية التى سيبنى عليها الرجل حملته للفوز بهذا المنصب الرفيع. «مصر ستكون شريكًا استراتيجيًا لدول الخليج، التى ستسهم فى مشروع تنمية قناة السويس ومشروع الربط البرى مع مصر، وهما مشروعان عملاقان يوفران فرص عمل لسد أزمة البطالة المتفاقمة، إضافة إلى سد عجز الموازنة، كما سيمول الصندوق المشترك صفقات تسلح للجيش المصرى لضمان حماية الأمن القومى العربى». بهذه الكلمات لخص مصدر قريب من السيسى برنامجه الانتخابى ل«الصباح»، مؤكدًا أن برنامج المشير سيعتمد أساسًا على نهضة اقتصادية عبر «مشروع قومى ضخم»، وأن من أهم أسباب تأخر إعلان السيسى لموقفه من الترشح هو اكتمال ملامح هذا البرنامج الذى لابد أن يلبى طموحات الشعب المصرى والآمال العريضة التى يضعها الملايين على السيسى كمنقذ ورمز وبطل شعبى، وليس فقط كمرشح لرئاسة الجمهورية. المصدر أكد أن أى مرشح يمكن أن يقدم قائمة طويلة بمشروعات من الممكن أن تحقق نقلة نوعية فى الحياة المصرية، لكن تظل عقبة التمويل هى العقبة الكبرى التى تقف أمام تنفيذ المشروع القومى الذى ينوى السيسى طرحه كبرنامج انتخابى . المفاجأة التى فجرها المصدر ل«الصباح» أن المشروع الاقتصادى الذى سيطرحه المشير عبدالفتاح السيسى يتضمن خططًا تنموية واسعة النطاق، معتمدًا على دراسات وأبحاث قامت بها ليس مراكز اختصاصية مصرية، و لكن خليجية أيضًا. واعتمد السيسى على خبرته العسكرية التى تجعل من التخطيط الاستراتيجى المتكامل نقطة ارتكاز لأى مشروع، قبل أن يتم البدء فيها، ويتم حساب كل فرص النجاح والفشل بنسب علمية دقيقة . سياسيًا المشروع يضع الموقف الراهن فى البلاد العربية محورًا لأن دول الخليج، خصوصًا السعودية والكويتوالإمارات، لديها قناعة بضرورة أن تلعب دورًا كبيرًا فى إعاده إصلاح منطقة الشرق الأوسط، وتحقيق صحوة عربية سياسية واقتصادية وتنموية كبيرة، لمنع تكرار الظروف التى أدت إلى حصول الإخوان على السلطة فى مصر، والتى باتت تهدد دولها بداية من مظاهرات البحرين إلى إخوان الكويت واستحواذهم على مقاعد البرلمان، مرورًا بالقلاقل التى نجحت الإمارات والسعودية فى السيطرة عليها إلى الآن. المصدر الذى اطلع على صياغة المشروع القومى للسيسى، كشف لنا ان الدراسات التى استند اليها البرنامج اعتبرت أن الاخوان ظهروا كحلفاء لإيران وتركيا، ولكليهما أطماع بالمنطقة، كما أن استخدام حركة حماس وحزب الله فى زعزعة الاستقرار الأمنى وفتح قنوات مع جماعات راديكالية مثل القاعدة وأنصار بيت المقدس كلها أمور هددت تهدد استقرار المنطقة كلها وليس دولة واحدة فقط. ويقوم المشروع على إعادة بعث المحور الذى نشأ بعد حرب الخليج الأولى، ووقف التدخلات الدولية والاقليمية وتحقيق تنمية كبرى بالمنطقة، عن طريق اتفاق بين مصر والسعودية والإماراتوالكويت خصوصًا، يحقق الأمن القومى العربى ويحل قضايا اقتصادية مهمة ثبت أن تأثيراتها فى المنطقة تهدد الاستقرار. ورأى المصدر أن صفقة السلاح الروسى - المصرى التى ناقشها السيسى فى موسكو أخيرًا نموذج يعكس الرؤية الاستراتيجية للمشروع الذى يتضمن إنشاء صندوق عربى لمساعدة التنمية بمصر، وتعاون عسكرى ومشروع عربى يجمع السعودية والإماراتوالكويت، ومصر فى السنوات العشر المقبلة.
ووفقًا للمشروع، فإن مصر ستكون شريكًا استراتيجيًا لدول الخليج التى ستسهم فى مشروع تنمية قناة السويس ومشروع الربط البرى مع مصر، وهما مشروعان عملاقان يوفران فرص عمل لسد أزمة البطالة المتفاقمة بمصر، إضافة إلى سد عجز الموازنة، كما سيمول الصندوق صفقات تسلح للجيش المصرى.
لكن الأهم أن السيسى اشترط أن تتم تلك المشروعات بسواعد بشرية مصرية، حيث يتضمن مشروع تنمية قناة السويس وحده على إجمالى المساحة ستصل إلى أكثر من76 ألف كيلو متر، وسيصل إجمالى عدد السكان فى منطقة المشروع إلى أكثر من2٫7 مليون نسمة، مما يعنى إعادة تعمير سيناء، الحلم الذى تأخر ثلاثين عاما . المصدر قال إن هناك اقتراحًا مرتبطًا بالمشروع القومى يقضى بنقل العاصمة إداريًا من القاهرة، وهو المشروع الذى عجزت حكومات متتالية عن تنفيذه، وهو ما أوصت به اللجنة الاستشارية المصرية بهدف نقل الوزارات والمصالح وتنفيذ مشروع العاصمة الإدارية واستغلال الأراضى والمنشآت فى القاهرة وفقًا لتخطيط عمرانى متكامل جديد، يتيح توفير رأس مال يعالج عجز الموازنة الحكومية، ويعيد صورة قاهرة الخمسينيات بعد أن أصبح تطويرها كابوسًا لا يمكن إحداث تنمية شاملة فيه بدون جراحات استئصالية للبؤر العشوائية وللمصالح الحكومية. ومن أهم أهداف المشروع التى تضمنتها الدراسة، هو تحول مصر إلى مركز اقتصادى ولوجيستى عالمى صناعى وتجارى مؤثر فى التجارة العالمية مما يعود بالنفع على الاقتصاد القومى المصرى وزيادة معدل دخل قناة السويس من العملة الصعبة، والذى يصب فى خزانة الدولة مباشرة، إضافة إلى إيجاد فرص عمل جديدة للشباب المصرى تتجاوز مليون فرصة عمل ترتفع إلى ثلاثة ملايين فرصة خلال خمس سنوات، إضافة إلى إتاحة فرص استثمارية للشركات الوطنية والأجنبية وتحويل ديمجرافى للسكان من القاهرة والمناطق ذات الكثافة العالية إلى محافظات لتنفيذ المشروع وتنوع وتوسع الأنشطة الحالية فى المنطقة وخاصة الموانئ والمناطق الصناعية وزيادة نشاط نقل البضائع نتيجة تزايد حجم الصادرات والواردات، إضافة إلى تعمير سيناء وربطها بثلاثة أنفاق تمر أسفل قناة السويس إلى جانب نفق أحمد حمدى أحدهم فى الإسماعيلية والآخر فى بورسعيد، وإتمام منطقة الربط البرى العربى عبر السعودية مباشرة أو عبر الأردن . وأكد المصدر موافقة فورية من دول الخليج على الفكرة القومية، ووضوح الرؤية الخليجية مع القيادة المصرية التى كانت تتصور أنها ستخوض معركة وحدها، واكتشفت ان دول الخليج معها بالخندق نفسه، خصوصًا فى ضوء القضايا الاقليمية العربية إذ صار مطلوبًا أن تلعب مصر دورًا فى تحقيق الاستقرار بسورية وتنمية التعاون مع دول الخليج بهذا الشأن، والسعى نحو استقرار طائفى بالمنطقة، وإلا يتم تسليح الطوائف ومنع صراع سنى - شيعى فى الخليج.
ويضمن المشروع تعافى الاقتصاد المصرى وسد عجز الموازنة، وتفادى الأزمات بقطاعى الطاقة والغذاء، وإقامة مشاريع تنموية سريعة أو طويلة المدى تعطى الإحساس للشعب المصرى بثمار التعاون المصرى - الخليجى، ووعد بخطة كبيرة لإعادة طرح أراضٍ فى المناطق الواعدة للمشاريع الصناعية والزراعية، ودخول رجال أعمال خليجيين للاستثمار فيها، وتجديد شبكات السكك الحديد والصرف والكهرباء والمياه، مع ضخ مالى كبير من صندوق ينشأ لهذه الأغراض.
وفى السياق ذاته بدأت الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية والإماراتوالكويت فى ممارسة ضغوط سياسية ضخمة على قطر بلغت التهديد بطردها خارج مجلس التعاون الخليجى، بعد تورطها فى أحداث العنف داخل مصر ووجود دلائل مؤكدة على رعايتها لأحداث العنف الخيرة سواء بالتمويل لرءوس الإرهاب أو بدعم العقول المدبرة، المحتمين داخل أراضيها. واضطر الأمير تميم أميردولة قطر للكويت إلى الذهاب بنفسه خلال الأسبوع الماضى لمقر انعقاد مؤتمر وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجى بالعاصمة الكويتية، حيث شهد الاجتماع إجماعًا خليجيًا رافضًا الدور القذر الذى تلعبه قطر لتنفيذ المخطط التركى الأمريكى لتفتيت الشرق الوسط، وأكدوا له أن المستفيد الوحيد سيكون إيران التى تهدد بأن تطال نيرانها جيرانها فى الخليج العربى. غضب المملكة العربية السعودية كان الأشد، للدرجة التى أعلنت مراجعة جميع الاتفاقات الثنائية، وهددت بمنع مرور الطيران القطرى من حدودها، وأبلغ المجتمعون من دول الخليج الستة الأمير القطرى إنذارًا شديد اللهجة وحددوا مطالب تتلخص نقاطه الأساسية فى : - عدم التدخل فى الشأن الداخلى السياسى المصرى والتوقف عن دعم رموز التيارات المتشددة فيه . - وقف الدعم القطرى للأعمال الإرهابية فى مصر سواء بالتمويل أو التأييد. - طرد كل القيادات الإخوانية، والتى تتخذ من قطر مستقرًا و مقامًا تدير منها خطط التنظيم الدولى الموجه للدول العربية وتسليمها لمصر. - وقف يوسف القرضاوى عن الحديث فى السياسة ومنعه من التطاول على أى من البلاد العربية بما فيها مصر. وبالفعل أبدى تميم وفقًا لمصدر سيادى استعداده لقبول التفاوض على تلك المطالب، خاصة بعد الاجماع الذى رآه من الدول الخليجية، والمظاهرات التى شهدتها بلاده واضطراره للاستعانة بقوات المارينز الأمريكية الموجودة فى القاعدة العسكرية بقطر لقمع الشباب التى خرجت للأسبوع الثالث على التوالى تطالب بعزل تميم نفسه وتراجع قطر عن مواقفها الداعمة للإرهاب.. وأكد المصدر أن عددًا من القيادات الإخوانية اتجهوا بالفعل إلى العاصمة البريطانية لندن بعد أن رفض تميم مسألة تسليمهم للإنتربول الدولى أو لمصر حتى لا يتعرضوا للمحاكمة. ووفقًا للمصدر فإن اللائحة الخليجية التى طالبت الحكومة القطرية بمغادرتها هم من الصف الأول من القيادات الإخوانية والجماعة الإسلامية الهاربين لديها كعاصم عبدالماجد، وطارق الزمر، القياديين بالجماعة الإسلامية ومحمد محسوب، وأشرف بدر الدين، ومحمود حسين، وحمزة زوبع المتحدث الرسمى باسم الحرية والعدالة وجميعهم طولبوا بالرحيل للعاصمة الإنجيلزية لندن.