تتعدد وجوه الإرهاب، لكن يظل الأصل واحدا، فرغم كثرة أسماء الجماعات التكفيرية، فى مصر، التى يتمركز معظمها فى سيناء، إلا أن الأصل يظل واحداً لكل تلك التنظيمات، فالخيوط جميعها تصل فى النهاية إلى تنظيم «القاعدة»، الخارج من تحت عباءة جماعة «الإخوان» الإرهابية، ولا يعد تنظيم «الذئاب المنفردة»، أحدث مولود فى سلسلة التنظيمات الإرهابية، غريباً عن تلك الأجواء، فهو أحد الثمار الخبيثة لفكر القاعدة وأحدث تلاميذها. «الصباح» تأكدت أن تنظيم «القاعدة»، الذى يتواجد زعيمه أيمن الظواهرى فى أفغانستان، له العديد من الأنشطة التخريبية فى مصر، من خلال جماعات إرهابية عدة، كان آخرها ظهورا على سطح الأحداث، جماعة أطلقت على نفسها لقب «كتيبة الذئاب المنفردة»، تبنت العديد من التفجيرات والأعمال الإرهابية، منها تفجير مولدات الكهرباء لمبنى المخابرات الحربية بأنشاص، والهجوم على قسمى شرطة شبرا الخيمة والعطارين، وادعوا أنهم من نفذوا عملية خطف ابنة قائد القوات الخاصة بوزارة الداخلية، وقائد عملية فض اعتصام «رابعة العدوية»، 14 أغسطس الماضى، وأرسلوا معها رسالة خطية لوالدها بعدما تركوها فى مدينة «6 أكتوبر»، كنوع من التحذير. ويعتمد تنظيم «الذئاب المنفردة»، وفقا للمعلومات التى حصلت عليها «الصباح»، فى الأساس على مجموعة جهادية صغيرة، غير معروفة للجهات الأمنية، ما يمكنها من التخطيط وتنفذ هجمات مفاجئة لقوات الأمن، وأن هذه المجموعات الإرهابية، متواجدة فى سيناء والمحافظات القريبة منها، وهى تعبير عن الأسلوب الجديد الذى تتبعه «القاعدة» فى عملياتها الأخيرة، فى محاولة لتجنب انكشاف خططها. وأكدت مصادر جهادية ل«الصباح» أن «الذئاب المنفردة» خرج من رحم جيش «جلجلت»، وجيش «الإسلام»، وجند «أنصار الإسلام»، وجميعها جماعات فلسطينية تعمل فى قطاع غزة، قبل أن تنجح حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، فى القضاء عليها، لكن مجموعة من شباب تلك التنظميات هربوا عبر الأنفاق، من قطاع غزة إلى سيناء، حيث تمركزوا فى الأخيرة لممارسة أعمال تهريب الأسلحة والبضائع. وتابعت المصادر: «الذئاب التى تنتمى إلى جيش جلجلت، هم من تورطوا فى مذبحة رفح الأولى، أغسطس 2012، التى راح ضحيتها 16 مجنداً، حيث بلغ عدد «الذئاب» فى سيناء، وفقا لتقديرات أجهزة الأمن 1500 شخص، منهم حسين رافع الرداح، الذى تعرف خلال فترة اعتقاله على الطبيب الفلسطينى رمزى موافى، فى سجن «وادى النطرون»، وتمكنا من الهروب، عقب أحداث ثورة 25 يناير، واستطاعا جمع الكثير من أعضاء جيش «جلجلت»، لينفذوا عمليات إرهابية فى سيناء. ومن أعضاء التنظيم، مسعود خليل النصراوى، والذى تدرب بخان يونس وحضر إلى سيناء متسللا عام 2009، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه مؤخراً، وكذلك عبدالله السورى، والذى كان يدرب «الذئاب» على فنون القتال، والفلسطينى سعد سرحان، الذى شارك فى اقتحام قسم ثان العريش ومباحث أمن الدولة، أثناء أحداث الثورة. وأكدت مصادر جهادية مقربة من القاعدة، ل«الصباح»، أن الشيخ «أبو مصعب السورى» والذى يلقب ب«مهندس القاعدة الجديدة»، هو من طرح فكرة تنظيمات «الذئاب المنفردة»، كمنهج جديد للقاعدة يمكن أفرادها من تجنب الملاحقات الأمنية فى العالم، والذى يتلخص فكرته أن» كل مسلم يجب أن يمثل جيشا من رجل واحد»، وأطلق عليها منهج «الذئاب المنفردة» أو «الجنود التائهة». وتحولت فكرة «أبو مصعب» إلى واقع، بعد أن تلقفتها العديد من المجموعات التكفيرية فى العالم، التى بدأت فى تكوين مجموعات صغيرة من الجهاديين يعتنقون الأفكار الجهادية، ويرتبطون أيديولوجيا بتنظيمات متشددة على غرار «القاعدة»، ويقومون بالتخطيط لعمليات إرهابية بصورة مستقلة. القيادى الجهادى محمد أبوسمرة، قال ل«الصباح» إن معلوماته عن أعضاء «الذئاب المنفردة»، تنحصر فى كونهم مجموعة صغيرة من الجهاديين، يتبنون فكر «القاعدة»، لكنهم لا يتبعون التنظيم الأم فى أفغانستان من الناحية التنظيمية، وهم تعلموا صناعة القنابل اليدوية واستخدام السلاح من متابعة بعض المنتديات التكفيرية والمواقع الجهادية على شبكة المعلومات الدولية «الإنترنت»، فضلاً عن اتباع نظريات «القاعدة» لتشتيت الأجهزة الأمنية، بتقسيم المجموعة التكفيرية إلى خلايا عدة لتنفيذ ضربات ضد الجيش والشرطة، تحت مسميات مختلفة، ما يصعب من عملية رصدها أو اختراقها أمنياً. فى السياق، قال رئيس أركان حرب القوات المسلحة الأسبق والخبير الاستراتيجى، اللواء محمد على بلال، إن تنظيم «الذئاب المنفردة» ينتمى إلى «القاعدة» شكلياً، حيث يتبع نفس الأسلوب التكفيرى وتنفيذ عمليات إرهابية جبانة، لكنه لا يتبع «القاعدة» فعلياً، لأن التنظيم الأم لم يعد لديه سيطرة على التنظيمات الخارجة من تحت عباءته، متوقعاً أن ترتفع وتيرة العمليات الإرهابية فى الأيام القليلة المقبلة، التى قد تطول الكثير من أبناء الجيش والشرطة والمنشآت السيادية، وذلك لتخويف المصريين من النزول والمشاركة فى الاستفتاء على التعديلات الدستورية. فى المقابل، قال القيادى السابق ب«الجماعة الإسلامية»، محمد كروم، إن «الذئاب المنفردة»، جماعة وهمية، ليس لها أى أساس من الصحة، وأن ميليشيات «الإخوان» الإلكترونية، هى من تقف خلف إطلاق هذه الأكذوبة، بهدف إثارة الرأى العام وإرباك الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن «الإخوان» هم من أصدروا وثيقة مزورة باسم تنظيم «الذئاب المنفردة»، الذى تبنى تفجير أنشاص فى محافظة الشرقية، وغيرها من الأعمال الإرهابية، مشيراً إلى أن لا وجود غير مرجعيات القاعدة أو تنظيمات الجهاد لما يسمى ب«الذئاب المنفردة».