مع اقتراب احتفالات الشيعة بمصر لإحياء ذكرى عاشوراء، تجددت معركة «المد الشيعى» وتصاعدت تحذيرات السلفيين من إقامة تلك الاحتفالات، حتى إن ناصر رضوان، مؤسس ائتلاف أحفاد الصحابة وآل البيت هدد بالرد عليهم، فى حال إحيائهم تلك الذكرى فى مسجد الحسين، على طريقتهم التى يراها تتعارض مع صحيح الإسلام. «رضوان» قال ل «الصباح» إن «أحفاد الصحابة» أهم منبر دعوى يدافع عن السُنة النبوية، شكل غرفة عمليات لرصد وتلقى أى بلاغات عن أى تواجد شيعى بمسجد الحسين أو أى ممارسة لأية طقوس شركية من قبل الشيعة، مشيرًا إلى أن الرد سيكون بالقانون، من خلال تقديم كل من يمارس هذه الطقوس الشيعية للجهات المعنية، بتهمة تكدير السلم العام، والدعوة لممارسة عبادات طائفية لا تمت بصلة لدين الإسلام. وعن وجود الحسينيات فى مصر، واعتبارها منارات ثقافية، أكد «رضوان» أنها لا علاقة لها بالثقافة إطلاقًا، بل تجمعات لسب ولعن وتكفير الصحابة وأمهات المؤمنين رضى الله عنهم جميعًا، وعقد زيجات المتعة المشبوهة، ورفع شعارات عدائية لأهل السُنة لاعتقادهم أن كل من لم يكن شيعيًا شارك فى قتل الحسين رضى الله عنه، مثل قولهم: «يا لثارات الحسين» متسائلًا: «مِنْ مَنْ سيثأر هؤلاء؟». وأكد «رضوان» أن الشيعة لن يحصلوا على هذه التصاريح، موضحًا أن السلطات سبق وأن أغلقت مسجد الحسين العام الماضى، وطردتهم عندما قاموا بمثل هذه الطقوس، برغم أن ذلك كان فى عهد الإخوان الذين انفتحوا على الإيرانيين، مستدركًا: «دورنا ودور كل محب لمصرنا الحبيبة أن يتقدم للجهات المعنية عند رصده لأى ممارسات سواء فى الدعوة إلى التشيع أو الطقوس الشيعية نفسها». وأوضح أن الصوفية لا يلطمون الخدود أو يشقون الجيوب أو يلعنون الصحابة حزنًا على الحسين رضى الله عنه، بل كثير منهم عقلاء، وعندما يعلمون حقيقة الشيعة ينضمون إلى ائتلافات تواجههم، نافيًا وجود حسينيات فى مصر، ومؤكدًا أن ما يروجه الشيعة كذب، وأنه لو وجدت مثل هذه الحسينيات فهى عبارة عن شقق سكنية لشيعة يمارسون فيها هذه الطقوس بعيدًا عن الأعين. وفيما يخص هدم الأضرحة، خاصة أن زيارات الأضرحة تنشط مع موسم عاشوراء كل عام، أشار رضوان إلى أن هدم الأضرحة أو تركها يرتبط بالمصالح والمفاسد، موضحًا: «لنا فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسوة حسنة، حين قال لأمنا أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها (لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت الكعبة، ولجعلتها على أساس إبراهيم، فإن قريشًا حين بنت البيت استقصرت، ولجعلت لها خلفا)، وعمومًا هدمها أو تركها أمر لا يخص الائتلاف، ويقتصر دوره على الدعوة والنصيحة». ووجه وليد إسماعيل، منسق «ائتلاف الدفاع عن الصحابة والآل»، رسالة مماثلة للشيعة محذرًا من أى ممارسات تؤدى للصدام معهم. فى المقابل، شنت وكالة «نبأ» الفارسية هجومًا شرسًا على السلفيين المصريين بمناسبة قرب الاحتفال بذكرى عاشوراء، واتهمتهم بتلقى أموال من السعودية، وقالت الوكالة إن الحسينيات هو المكان الذى يتضمن المنبر، وبعض المفروشات ومظاهر الحزن ولوحات الرثاء والسواد، وتمثل مركزًا للنشر الفكرى والثقافى، ومناقشة الموضوعات الاجتماعية والتاريخية، بقصد الإصلاح والتغيير والبناء الذاتي، ولو لم تكن هذه الرسالة الإنسانية واضحة المعالم فى بلادنا الشيعية، لما احتضنتها بلاد الغرب البعيدة، وحتى البلاد التى تقطنها الأقلية الشيعية. وتابع: «أما الفتنة التى يتحدث عنها السلفيون فى مصر، فهى فى إثارة دفائن العقول ورواسب الأذهان من حقائق تاريخية مشوهة، أو حتى جهل مطبق عن هوية أصحاب يوم عاشوراء، بل هنالك جهل واضح فى الدين بشكل عام لدى شريحة لا بأس بها فى مصر، كما فى سائر بلادنا الإسلامية، وتأتى الحسينيات لتزيل تلك الرواسب وتمزق الحجب، وتكشف الحقائق التاريخية التى تتحدث عنها المصادر المعروفة، عن الظلم والانحراف فى الأمة، ودور الإمام الحسين، عليه السلام، فى التصدى لهذا الانحراف، ثم الانفجار فى نهضة دامية ومدوية لهزّ الضمائر والنفوس، وتعبئتها ضد ذلك الظلم والانحراف والطغيان، وهذا تحديدًا ما يخشاه السلفيون، فقد أكد لنا المطلعون من رموز الشيعة فى مصر، أن مشكلة التشيع فى مصر، هى جهل الناس بالتشيع، لذا نجد الانتشار السريع والقناعة والتبنى لقضايا أهل البيت، عليهم السلام، لاسيما قضية عاشوراء، لأنها تمس الوجدان والضمير، ولا علاقة لها بالجدل السياسى أو العقائدى، إنما المسألة إنسانية بامتياز، فما كان يدعو إليه الإمام الحسين، عليه السلام، يبحث عنه المسلمون فى كل مكان، فى مقدمتها الحرية والكرامة، وهو ما شحت عنه سائر التيارات الفكرية والعقائدية، بل نجد العكس تمامًا، لاسيما من التيار السلفى، حيث أثبت للمسلمين وللعالم أنه غير معنى بحرية الإنسان وكرامته وقناعاته، إنما بقواعد وأطر يعدونها ممثلة للدين، حسب تصوراتهم وقناعاتهم، لذا يحصل التقاطع والتضارب، بينهم وبين عامة الناس، ومن ثم يكون السهم الأخير هو التكفير والقتل والسحل والذبح». ويزعم التقرير أن القيم والمبادئ السامية التى أضيئت فى صحراء كربلاء سنة 61 للهجرة، يجب أن تأخذ مكانتها الحقيقية فى المجتمع والأمة، ولا تنحصر بين جدران بناية تحمل اسم «حسينية»، مع الدور الذى تقوم به فى التوعية والتثقيف، فالحديث عن القضية الحسينية، وإقامة الشعائر الحسينية، أمور ظاهرية على السطح، نشهدها بشكل مركز فى بعض بلادنا الإسلامية، وبشكل آخر فى بلاد أخرى، إلا أننا نشهد افتقارًا واضحًا للثقافة الحسينية فى الشارع والحياة العامة، فمظاهر من قبيل الفساد الإدارى والظلم والمحسوبية وكبت الحريات والتمييز، يجب أن يتحدث عنها الناس فى كل مكان، وليس فقط يسمعونها من على المنبر، لأن الخطيب شخص واحد، بينما الآخرون، وهم بالعشرات، وربما بالمئات، جلوس صامتون. من جانبه، أكد عبدالله الناصر، أمين عام القوى الصوفية، ووكيل مؤسسى حزب آل البيت، أن قرار الأوقاف بغلق الحسينيات، ومنع الشيعة من ممارسة شعائرهم، حجر على حرية العقيدة وهو ما لا يمكن قبوله، على حد قوله. وأشار الناصر إلى ضرورة احترام المذهب أو العقيدة التى ينتمى لها كل شخص، قائلًا إنه من حق أى شخص أن يعتنق أى مذهب أو يتبع أى ديانة، الأمر الذى يتنافى مع قرار الأوقاف. وأوضح أنه بهذا القرار سيلجأ الشيعة إلى اتباع مذهبهم وممارسة شعائرهم فى الخفاء، مما يولد الضغينة والكراهية الشديدة بين فصائل الشعب، ويزرع بدايات للعنف الطائفى مرة أخرى. ووصف محمد زارع، الناشط الحقوقى، قرار الإفتاء بحظر الحسينيات، وملاحقة الشيعة ب«الظالم»، مؤكدًا أن القرار ليس له أى أساس قانونى، على اعتبار أن الشيعة فى الأساس مسلمون، ولكنهم مختلفون مع السُنة فى المذهب. من جانبه، قال الطاهر الهاشمى، عضو المجمع العالمى لآل البيت، ونقيب أشراف البحيرة، وأحد قيادات التيار الشيعى فى مصر، إنه ليس أدلّ على المخاوف من تحقق الامتداد الشيعى – الحسينى فى الأوساط الاجتماعية، حظر أى تمثيل للشيعة فى «لجنة الخمسين» الخاصة بتعديل الدستور، فيما حظى حزب النور السلفى بحضور فاعل فى هذه اللجنة، وهو ما عدّه الهاشمى «استعداء» للتيار الإسلامى السمح صاحب الرسالة الوسطية و«إرضاء آل سعود». وأشار إلى العلاقة بين السلفية و«القاعدة» ونهجها التكفيرى – الإرهابى، موضحًا أن هنالك خشية واضحة من الثقافة الحسينية فى مصر، لكونها تمثل البلسم والدواء الناجع لظاهرة العنف والصدام التى ابتلى به الشعب المصرى المتطلع إلى التغيير والحرية. من ناحية أخرى، أعلن الأمين العام لحزب الله فى العراق واثق البطاط، عن تشكيل ما سماه «جيش المختار المصرى» لحفظ الأمن ودرء المفاسد وأخذ ثأر الشهداء، ودعا المصريين إلى الانتماء لهذا الجيش من دون تمييز، وأكد أن جميع «التكفيريين هم أهداف لجيش المختار، وفى مقدمتهم سبعة مطلوبين أبرزهم الرئيس المصرى المعزول محمد مرسى ورجل الدين يوسف القرضاوى». وأضاف البطاط، الذى أطلق على نفسه لقب القائد العام لتنظيمات جيش المختار فى عموم العالم، أن «أولى عمليات الجيش ستكون أخذ ثار الشهيد الشيخ المجاهد حسن محمد شحاتة ورفاقه الأوفياء» فى ذكرى عاشوراء، مشيرًا إلى أن «جميع سفهاء الجيش التكفيرى هم أهداف لنيران جيشنا، وعلى رأس المطلوبين الجلف الجافى محمد مرسى، وشيخ المنافقين محمد الزغبى، وشيخ الدجالين محمد حسان، وشيخ المرتدين ناصر رضوان، وشيخ المارقين رامى عيسى، وشيخ المنافقين والدجالين والكذابين يوسف القرضاوى»، حسب وصفه. واعتبر «البطاط» أن القضاء على هؤلاء «قضاءً على الفتنة»، لافتًا إلى أن «الجيش يقبل فى صفوفه جميع أبناء المسلمين دون تمييز كون أبناء المذاهب الخمسة إخوانًا لا فرق بينهم. وأكد البطاط «إننا لن نواجه قوات الأمن المصرية، وسنعمل بنفس المبادئ التى نعمل بها فى العراق»، مبينًا أن «تنظيمنا فى مصر فيه مثقفون سيقومون بالحوار مع مؤسسات الدولة لتفهم دورنا ومسئوليتنا فى الحفاظ عن الإسلام وكرامة الناس». وشدد البطاط أنه «ليس لدينا استعداد للتضحية بدماء أخرى كما حدث للشيخ شحاتة من تكفير وقتل وتمثيل وسحل بالشوارع». حسب تعبيره.