الإخوان يغتالون قائدهم «عباس السيسى» بشائعة «مليكة تيتانى» فريق عمل خاص فى تركيا لنشر شائعة «والدة السيسى اليهودية» الجماعة تكرر ما قالته عن عبدالناصر حول أصوله اليهودية.. يواجه تنظيم الإخوان عدة أزمات معقدة لعل أهمها انهيار الصورة الأخلاقية للجماعة ربما إلى الأبد. وأصبح الرهان على «الناس بتوع ربنا» لدى جموع المصريين يشبه الاعتقاد بوجود حاخام يهودى من «شاس» يؤمن بالسلام أو القناعة بأن أدولف هتلر كان يتأذى من رؤية الدماء.! وتجاوزت الجماعة منذ سقوطها المروع فى 30 يونيو الماضى كل الأعراف والحدود فى إدارة الصراع السياسى ونقلت المعركة إلى خانة التكفير والتهويم على بسطاء الشعب (الذى أصبح لا يطيقهم.. وهم لا يصدقون) بأن الحرب الدائرة هى فى الأصل على الإسلام. واستخدمت الجماعة كل الطرق لكنها وصلت إلى حدود غير مسبوقة فى الحرب على الفريق أول عبد الفتاح السيسى عندما ألحت عبر وسائط التواصل الاجتماعى التابعة للجماعة أو لحركة حماس أو من خلال الصفحات التى تدار من تركيا على تكريس فكرة أن والدة الفريق «يهودية من المغرب». سفالة؟.. بلا شك.. جن?ن.. أو حالة من اللدد فى الخصومة كانت من أول ما نهى عنه الإسلام.. بكل تأكيد.. لكن الإخوان من حيث لم يحتسبوا وكما يفعلون دائما يكونون أول ضحايا حملاتهم المسعورة لماذا.. لأن الفريق عبد الفتاح السيسى يمت بنسب عائلى بالفعل إلى واحد من كبار قادة الجماعة ومؤسسيها وأحد أبرز تلامذة حسن البنا.. وهذا هو موضوع التحقيق. بعد يوم 3 يوليو وعندما أعلن الفريق عبد الفتاح السيسى خارطة الطريق كانت الصدمة الهائلة لدى الإخوان.. وكان أمام الجماعة طريقان؛ الأول: الوقوف لمعرفة ما حدث ولماذا ثار الشعب وكيف كانت استجابة الجيش «لازمة».. الطريق الثانى «الحرب» بكل معنى الكلمة.. ضد الدولة والشعب.. وكان أن استهدفت الجماعة الفريق السيسى وبحثت عما يمكن أن يدينه أمام الرأى العام المحلى أو الرأى العام الخارجى قريب الصلة بالجماعة والمشارك لها فى خططها التى أجهضت.. وبالإضافة إلى أوصاف كثيرة وسباب متطاير كانت قصة والدة الفريق «اليهودية» هى الأكثر ا?تشارا على مواقع التواصل الإخوانية.. بتأكيد وإلحاح يومى ونشر صور لشخصيات وهمية لها علاقة بشخصية وهمية هى «مليكة تيتانى».. الاسم الذى اخترعه الإخوان «المسلمون» لوالدة الفريق. فى كواليس هذه القصة لابد وأن يظهر اسم «عباس السيسى» القيادة الإخوانية الكبيرة وأحد المقربين من حسن البنا مؤسس التنظيم. لقد ظهر اسم هذا الرجل مرتبطا بتساؤلات كثيرة حول حقيقة قرابته للفريق السيسى وذلك بعد أن قرر الرئيس المعزول محمد مرسى الإطاحة بالمشير طنطاوى والفريق سامى عنان. فى هذه الأثناء قيل إن مرسى اختار السيسى؛ لأن له جذورا إخوانية وغذى هذه الفكرة ما تردد على نطاق واسع حول أن عم الفريق هو «عباس السيسى» وبالتالى فالرجل كان أحد جنود الإخوان المجهولين داخل الجيش جاء فى لحظة تاريخية معينة ليثأر للجماعة من صدام طويل بينها وبين مؤسسات الدولة التى تعقبت الجماعة على مدار عقود. ويكشف تاريخ القيادى الإخوانى «عباس السيسى» عن مفارقة مهمة تتكرر كثيرا فى التاريخ المصرى؛ فالعائلة الواحدة قد يخرج من بينها قيادة عسكرية ورجل قضاء و«متطرف» وفنان.. وبالتالى فتاريخ عباس السيسى يختلف تماما عن ح?ضر ومستقبل الفريق. لكن هل يمكن القول إن عباس السيسى الذى كتب الإخوان فيه مدائح وكتبا وقصائد بفضل إخلاصه للدعوة وما عرف عنه من بعد عن المناصب لدرجة أنه هو الوحيد من بين أعضاء مكتب الإرشاد الذى قرر- بمحض إرادته– ترك موقعه فى الإرشاد هل يمكن لهذا الرجل أن يترك ابن عمه يتزوج يهودية آتية من المغرب ولها صلات قوية بأحزاب صهيوينة؟! يقول تاريخ عباس السيسى إنه ولد فى 28 نوفمبر عام 1918 فى نفس المحافظة التى ولد فيها المرشد العام للإخوان «حسن البنا» وحصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية ثم تطوع بمدرسة الصناعات الحربية بتوجيه من حسن البنا وعمل بصناعة الألبان لمدة عشرين عاما فى مدينة رشيد، وقد بدأ تجارته مع شريكه «يوسف ندا» وتعرف على جماعة الإخوان المسلمين عام 1936، وتقابل مع حسن البنا فى نفس العام واعتقل فى عام 48 لمدة ستة أشهر وتم اعتقاله فى عام 54 لمدة عامين بعد الصدام الشهير بين عبدالناصر والإخوان كما تم اعتقاله فى قضية سيد قطب الشهيرة عام 65 وظل رهن الاعتقال حتى عام 74 بعد أن قرر السادات الإفراج عن معظم قيادات التيار الإسلامى المتشدد. بالنسبة للإخوان أنفسهم يعتبرون «عباس السيسى» واحدا من أهم وأكبر رموزهم وبحسب « ويكيبديا الإخوان « يعد « من أشهر من ساهموا فى إحياء جماعة الاخوان وبعثها من جديد بعد خروجه من المعتقل فى السبعينيات، وكان عضوا فى مكتب إرشاد الإخوان لسنوات طويلة وقد قرر الاعتذار عن موقعه ليترك فرصة لمن يأتى بعده ليجدد وي?ور، وقد أسس «دار القبس» للنشر فى الإسكندرية وتحولت خلال السبعينيات إلى قبلة لكل قيادات الجماعة على مستوى الجمهورية. وقد ألف ونشر عباس السيسى عددا من الكتب قال عنها الإخوان إنها كتب فى رقائق القلوب وفى الوعظ الدينى باستخدام الروح المرحة المحبة للحياة.. وطول الكتابات الإخوانية عن الرجل يتم التركيز على روح الدعابة عنده وعن وجهه الضاحك دائما لمن قابله. لكن عباس السيسى من ناحية أخرى مثل كل قيادات الإخوان يحمل داخله تناقضا هائلا بين كونه «مسلما» وكونه «إخوانيا» فضرورات التغلب على المجتمع والتمكين تجعل من «الدموي?» ملمحا أساسيا فى شخصية كل قيادات الجماعة. فالرجل الذى تؤكد كل الكتابات التى نشرت عنه أنه من رموز التسامح والدعوة إلى الله بالحسنى هو نفسه الذى كتب فى أثناء حادث المنشية كتابات غاية فى الخطورة لعلها تكشف ما يدور الآن وتفسر حرفيا ما يجرى من عنف بطول البلاد وعرضها فقد قال عن محاولة الإخوان اغتيال جمال عبدالناصر فى الإسكندرية «أما من الناحية الفنية فإنه من المعلوم أنه كان هناك التنظيم الخاص..
وهو أمر كان معروفا لدى جمال عبدالناصر، وهذا التنظيم كانت له قيادات فى كل البلاد وكان فى الإسكندرية تنظيمها الخاص فلو ك?ن الإخوان المسلمون يريدون اغتيال عبدالناصر وهم بلا شك كانوا يقدرون ويدركون خطورة الفشل فى هذا الأمر.. خطورته على الدعوة وخطورته على الجماعة خاصة. وقد أدركوا خلال الشهور السابقة تربص عبدالناصر بهم، وأنه يريد أن يتخلص منهم بشكل أو بآخر ولو كانوا يريدون فعلا التخلص منه لكان التنظيم الخاص أولى بالعملية ولأعدوا له الإمكانيات والاحتياطات التى تضمن لهم تنفيذ هدفهم فليس من المعقول أن تكون هذه التمثيلية الهزيلة خطة جماعة منظمة. هل يتصور أحد أن يضع الإخوان المسلمون خطة تعتمد على وضع مسدس على بعد 20 مترا كما قيل فى ا?تحقيق، وهل يستطيع إنسان أن يحسن التصويب وسط الجماهير الغفيرة؟. لقد كان تنظيم الإسكندرية عنده من الأسلحة والمتفجرات ما يمكنه من تدمير مدينة الإسكندرية وعنده من الرجال المدنيين والعسكريين ما يجعلهم فى غنى عن حضور واحد مثل محمود عبد اللطيف من القاهرة ليضرب عبدالناصر من الإسكندرية. لقد كان هناك مجموعة من ضباط البحرية فى تنظيم الإسكندرية وكانت الإسكندرية أغنى المناطق على الإطلاق بالأسلحة وبالذات المتفجرات التى كانت تجمع من الصحراء الغربية «.. هذه هى شهادة الرجل التى وثقها المؤرخ الإخوانى جابر رزق فى كتابه «مذاب? الإخوان فى سجون ناصر» وهى شهادة تكشف عن رجل لا يدين العنف ولا الإرهاب من أى ناحية؛ بل يعترف أن للتنظيم قدرة على تدمير مدينة كاملة. هذا الرجل الذى يحظى باحترام بالغ من قيادات الإخوان توفى فى عام 2004 وكتب عنه كل قيادات الجماعة رثاء حارا.
خيرت الشاطر «القيادى الإخوانى المحبوس حاليا» قال «ودعنا رجلا من رجالات دعوة الإخوان المسلمين البارزين كان وسيظل معلما بارزا فى مسيرة دعوتنا حيث كان له دور متميز داخل هذه الدعوة منذ الخمسينيات وحتى مطلع السبعينيات ثم فى مرحلة إعادة التأسيس فى السبعينيات وحتى مرضه فى المرحلة?السنوات الأخيرة وليس فقط على مستوى الإسكندرية ولا على مستوى مصر بأسرها بل على مستوى العالم العربى والعالم كله ولقد ترك آثارا واضحة وبصمات فى كل مكان ذهب إليه وارتبط اسمه بالحب والبشر «.. لم يتحدث الشاطر عن آراء عباس السيسى الحقيقية.. فقد كتب مرة «بدون شرع لله فلا نظام ولا أحكام» وهى مقولة سبق بها عباس كل أنصار «الأناركية « الذين لا يعترفون بأى نظام إلا الذى يحقق طموحاتهم فى الفوضى الشاملة. أيضا فقد أكد نفس الرأى المرشد العام السابق المحبوس حاليا مهدى عاكف الذى قال إن عباس السيسى رمز مخلص من رموز دعوة الإخو?ن وهو أكبر من حمل عبء أن تكون الدعوة سهلة يسيرة وكان «يبغض العنف بكل صوره وأشكاله». إذن الإخوان يعترفون للرجل بأنه من قيادات الدعوة ومن المؤمنين المناضلين ومن الذين يحسبون كل كلمة بميزان دقيق فكيف يقبل رجل مثل هذا أن يتزوج ابن عمه من يهودية صهيونية أتت إلى مصر مهاجرة من المغرب؟.. لم يذكر الرجل فى مذكراته ولا كتبه ولا مقالاته أى شىء عن هذه القصة الوهمية التى يروجها الإخوان الآن بل العكس هو الصحيح. ففى الحديث عن العلاقة بين الفريق عبد الفتاح السيسى وعباس السيسى قال معاذ نجل الداعية الإخوانى بعد تولى الفريق ا?سيسى منصب وزير الدفاع فى عهد الرئيس المعزول محمد مرسى: «الفريق عبد الفتاح السيسى بالفعل من نفس العائلة وشخصية نحترمها ونشرف أن يكون أخانا لكنه لا ينتمى للجماعة».
معاذ ليس فقط مجرد نجل عباس السيسى بل هو أيضا قيادى فى حزب الحرية والعدالة ونائب الحزب فى انتخابات البرلمان 2012 عن دائرة بدرشين وهو رجل أعمال استفاد ضمن من استفادوا من رجال الإخوان من علاقات متميزة تقترب من «التبعية الكاملة» من تركيا وقد حققت شركته «أجياد» للاستثمار عوائد مالية ضخمة فى عهد مرسى ودون بالطبع وجود أى رقابة من أى نوع!.. المهم.. أنه إذ? كان الإخوان يعتبرون عباس السيسى رجلا فاضلا إلى هذا الحد فكيف يطعنونه هكذا بعد رحيلة بتسع سنوات ويتهمونه باتهام بشع مثل هذا من أجل الرغبة فى اختلاق أى قصة حول الفريق عبد الفتاح السيسى الذى قاد الجيش للاستجابة لمطالب الشعب فى الثورة على نظام مرسى البائس. كيف يشوهون سيرته بالحديث عن قبوله فكرة أن يدخل فى علاقة نسب ومصاهرة مع فتاة يهودية جاءت من المغرب لتخدم إسرائيل. صحيح أن الفريق السيسى عاش مع والده فى القاهرة بينما عائلة عباس السيسى وأبناؤه عاشوا فى البدرشين لكن هذا لا يمنع أنه من المستحيل أن يتم ذلك دون ع?م أو اعتراض أحد من العائلة خاصة وإذا كان قيادة «إسلامية» مثل عباس السيسى الذى يمدحه الإخوان آناء الليل وأطراف النهار!. قصة والدة السيسى اليهودية كلام تافه للغاية شبيه بالكلام الوضيع الذى أطلقه الإخوان فى حق عبدالناصر، حيث تكررت فى الكتب والدراسات الإخوانية قصة أن والدة عبدالناصر تنتمى لأصول من يهود اليمن.. تخاريف يكررها الإخوان الذين لا يتعلمون شيئا من متواليات الغباء والتطرف التى سكنت جينات الجماعة جيلا وراء جيل. والخلاصة.. كان عباس السيسى رحمه الله إرهابيا قديرا مثل باقى قيادات الإخوان، وكان من مفاجآت ال?در أن يكون من نفس عائلته الفريق عبد الفتاح السيسى، فيخرج من عائلة واحدة رجل ينشر التطرف ويؤمن بالعنف وهو ليس أكثر من درويش تائه لم يدرس شيئا من الدين «مثل باقى قيادات الإخوان»، وقائد عسكرى آخر يعبر عن الدولة الوطنية التى تعرف خطورة الأفكار الطائفية والإرهابية القابعة فى تكوين الجماعة دائما أبدا.