ضريح رخام فيه السعيد اندفن.. وحفرة فيها الشريد من غير كفن.. مريت عليهم.. قلت يا للعجب لاتنين ريحتهم لها نفس العفن وعجبى .. للموت درجات وللقبور أيضاً درجات، فهناك مقابر للغلابة ومقابر للذوات "ولاد الأكابر"، والمال هو الذى يحدد درجتك! فالمقابر أصبح ثمنها يعادل ثمن شقة تشطيب لوكس وكل شىء موجود، وحسب الطلب، فهناك المقابر التقليدية والمقابر المستخدم فيها الرخام أو السيراميك أو الحجر الفرعونى أو الحجر الحلوانى، وهناك المقابر المنقوشة بالآيات القرآنية، وأيضاً يوجد المقابر التى تقع على ناصيتين أو على ناصية واحدة، وكل هذا حسب "جيبك" أيها المواطن، فلم يعد شيئاً عجيباً أن نقرأ فى بعض الصحف عن شركات متخصصة فى إنشاء المقابر أو ترميمها أو بيعها أو شرائها. فقبور الموتى تحولت إلى تجارة ولها تجار يتحكمون فى أسعارها، فأقل مقبرة سعرها 16 ألف جنيه، وأغلى مقبرة قد يصل سعرها إلى 450 ألف جنيه، وكل منطقة لها سعرها! وعن تجربته مع تجارة المقابر، قال محمد بدر: المقابر بالنسبة لى تجارة، حيث أقوم بشراء المقبرة بسعر وأبيعها بسعر أغلى "بيزنس يعنى" ، تجارة مربحة، وكلما زادت إمكانيات المقبرة كلما زاد سعرها، فمثلاً مقبرة بعين واحدة تختلف عن المقبرة بعينين، وأيضاً موقع المقبرة يختلف فى السعر وتشطيبات المقبرة داخلياً وخارجياً بالجرانيت أو الرخام يرفع السعر. وعلى الرغم من تجارة "بدر" المربحة إلا أنه لا يمتلك مقبرة، وأضاف: أنا أريد ان أدفن بمقابر العائلة القديمة برغم أنها تحتاج لترميم، ولكن خسارة أن أدفع حوالى 50 ألف جنيه فى ترميم مقبرة. ومن عم محمد بدر للواء( نبيل فكرى) الذى عبر عن سعادته بترميم مقبرة والدته قائلا: حبى الشديد لوالدتى هو الذى دفعنى لترميمها وأيضاً الشكل العام للمقبرة لا يليق بها، فالمقبرة قديمة ومتهالكة، لذلك كان يجب أن أكسوها بالرخام المنقوش بالآيات القرآنية، وقد كلفنى الترميم 40 ألف جنيه، وبعد الترميم أصبحت المقبرة لا تقل عن مقابر الأصدقاء والمعارف! . أما الحاجة (مديحة كامل) فقالت: أردت يوماً أن أشترى مقبرة بعيداً عن مقابر العائلة، ففوجئت أن سعر المقبرة بدون حوش واحدة، 30 ألف جنيه! فرفضت على الرغم من وجود هذا المبلغ معى إلا أن هذا المبلغ يمكن أن اضعه فى عمل خيرى ويصبح صدقة جارية لى بعد وفاتى. وعن كيفية الحصول على مقبرة، فالأمر يتطلب محضر استلام للشقة التى تملكها قبل عام 2000 وأن تكون الشقة مسجلة باسمك وتتجه إلى أقرب جهاز مدينة تكون تابعا له، وتقدم الأوراق المطلوبة بما فيها قسيمة زواجك، هذه الشروط بالنسبة لساكنى المدن الجديدة، ثم تنتظر دورك فى القرعة، وإذا فزت بمقبرة عليك أن تختارها بنفسك، فمقبرة بسيطة بالطوب بدون حوش تتراوح ما بين ال 15 ألف جنيه و20 ألف جنيه، أما المقبرة بالحوش فتتراوح ما بين ال 50 ألف جنيه و55 ألف جنيه. الكفن غالى الموت مكلف حقاً! فعملية الغسل والتكفين والدفن ومراسم العزاء مكلفة أيضاً، فقد أكد (محمد عادل صاحب محل أكفان بالإسكندرية) أن أسعار الكفن تترواح بين 80 جنيها و170 جنيها، وبعض التجار يبعون بسعر أغلى من ذلك، ومن المتوقع زيادة سعر الكفن بأكثر من ذلك نتيجة لارتفاع سعر القطن. أما (ممدوح أبوزيد، صاحب دار مناسبات المنار بالإسكندرية)، فهو فخور بعمله، قائلا: أمتلك هذه الدار منذ سنوات وأشعر بارتياح فى العمل، فذكر الله دائماَ فى عملى، وعن سعر حجز الدار شاملة أكد أن المشروبات فقط تتكلف 1000 جنيه، أما بالنسبة للمقرئ فهناك من يحصل على 150 جنيها وهناك من يحصل على 500 جنيه. تجار المقابر لكل منطقة من مناطق القاهرة مسئول عنها ويسمى "الحانوتى" أو "التربى"، فلم يعد عمل التربى أو الحانوتى يقتصر فقط على عملية الغسل والتكفين والدفن أو مراسم العزاء، بل أيضاً "تجار مقابر"، فإذا أردت شراء مقبرة فاتجه إلى أقرب حانوتى، أو أردت ترميم مقبرة أيضاً يوفر لك الحانوتى كل ما تتمناه و"كل شىء بثمنه"! ويحكى لنا المعلم حسام عطية، حانوتى بمنطقة مدينة نصر، حكايته ك"حانوتى بالوراثة" فيقول: لا أعرف مهنة أخرى غير "الحانوتى"، فوالدى كان يمهتنها، وأيضاً والده، وقد ورثت المهنة بعدهما، ف"الحانوتى" تطور كثيراً عما مضى من قبل، فاليوم لم ينتظر موت شخص حتى يرزق، فبيع المقابر أو ترميمها مكسب. وأوضح عطية أن سبب تفاوت الأسعار يعود لشكل المقبرة، فتبدأ مساحة المقبرة من 40 متراً وتصل إلى 60 متراً وهناك مقابر مزودة بحوش كبير محاط بالأشجار ونباتات الزينة والزهور ومغطاة بمظلات للإستقبال الضيوف ، أما عن شكل المقبرة، فهناك مقابر بعين واحدة أو عينين أو أربعة، وتشطب المقبرة بالرخام أو السيراميك والأرضية أيضاً رخام!، أما الشكل الخارجى فيستخدم الحجر الفرعونى او الهاشمى منقوش بالآيات القرآنية، وهناك مقابر بدون حوش، فثمن الحوش هو الذى يساعد فى ارتفاع السعر وأيضاً المساحة. ومكان المقبرة يحدد سعرها، كما أكد (عطية ) أن فرقاً كبيراً فى السعر بين المقبرة التى تقع على شارع رئيسى أو على ناصيتن، وبين مقبرة التى تقع على ناصية واحدة، وأيضاً المنطقة التى تقع فيها المقبرة عامل أساسى فى تحديد السعر، فالمناطق الراقية تختلف عن المناطق الجديدة وعن المناطق الفقيرة. ويكمل ( عطيه ) : والأمر لم يقتصر على بيع مقبرة فقط بل أيضاً ترميمها فصاحب المقبرة إذا أرد أن يرمم مقبرته فيتجه للحانوتى الذى يتكفل بكل شئ ويحصل على نسبة معقولة بعد الترميم. ويختتم عطية حديثه بتنفيذ قرار بشأن المدافن من قبل الحكومة، قائلاً: منذ فترة وهناك قرار بنقل مدافن المدن القديمة إلى مدينة "15 مايو"، وبالفعل تم نقل جزء من مدافن "باب النصر" إلى مدينة "15 مايو"، أما بالنسبة للقرى فشكل المقابر معروف بسيط وخالٍ من أى مظاهر ومساحة المقبرة من مترين إلى 8 أمتار، ولكل عائلة المقبرة الخاصة بها. وأضاف المعلم حسام أن أسعار المقابر ارتفعت كثيرا وأن لكل منطقة سعراً يختلف عن المنطقة الأخرى، فمثلاً فى مدينة نصر تبدأ الأسعار من 350 ألف جنيه وتصل إلى 450 ألف جنيه مقبرة كاملة وبحوش، اما فى بعض المناطق الأخرى كمدينة 15 مايو أو القطامية أو 6 أكتوبر، فتبدأ من 200 ألف جنيه "تشطيب كامل"، وهناك مقابر سعرها 60 ألف جنيه فقط فى بعض المناطق، ولكنها ليست حديثة، أما مقابر الفقراء فتبدأ من 5 آلاف جنيه وتصل إلى 10 آلاف جنيه. وإذا تحدثنا عن المقابر فيجب أن نشير إلى مقابر عائلات "مبارك والمشير وثابت" وغيرهم من العائلات الكبيرة، فمقابرهم تكلفتها ملايين، وأشهرهم مقبرة حسنى مبارك فتكلفتها حوالى 10 ملايين ومساحتها 1000 متر مربع وتم تشييدها بالحجر الحلوانى وأن أبواب المقبرة مصنوع من معدن الحديد الفولاذي، وربما يكون زجاجها مضادا للرصاص.