أصبح المال هو عصب كرة القدم في العالم فكلما أنفق نادي على شراء اللاعبين المتميزين وتوفير رواتب عالية لهم والألتزام بتسديدها في مواعيدها المحددة كلما حصل على نتائج إيجابية في البطولات المحلية والدولية و العكس صحيح. ويعد فريق سان جيرمان الفرنسي الذي تمتلكه قطر بمثابة مثال حي على أهمية توافر المال في النهوض بمستوى فرق كرة القدم ،فنادي العاصمة الفرنسية أصبح اليوم الفريق الفرنسي الوحيد الذي يمثل فرنسا على المستوى الأوروبي بعد أن وصل إلى دور الثمانية لدورى الأبطال الأوروبى ليتقابل مع برشلونة الرهيب في 2 أبريل القادم أملا في الوصول إلى الدور قبل النهائي للبطولة الأوروبية الشهيرة رغم صعوبة المهمة في مواجهة الساحر ميسي و زملائه . كما أن باريس سان جيرمان يتربع حتى الآن على قمة الدوري الفرنسي برصيد 58 نقطة بفارق 5 نقاط عن ليون الثاني و بثماني نقاط كاملة عن مارسيليا النادي الأكثر شعبية في فرنسا (51 نقطة ) . ولو عقدنا مقارنة بين باريس سان جيرمان ومارسيليا سنجد أن توافر الموارد المالية كان السبب الرئيسي الذي أدى إلى تزعم الفريق الأول للكرة الفرنسية بعد غياب دام نحو 20 عاما عن الساحتين الفرنسية والأوروبية وإلى تراجع مستوى الفريق الثاني لدرجة أن نتائج مارسيليا كانت قد تدهورت في الموسم الماضي ليتراجع الفريق إلى المركز العاشر ليغيب عن بطولتي أوروبا للأندية للمرة الأولى منذ زمن طويل . فباريس سان جيرمان أصبح اليوم يجمع بين صفوفه أكبر ثلاث رواتب لاعبين في الدوري الفرنسي و هم بالترتيب راتب نجم هجوم السويد زلاتان إبراهيموفيتش ( مليون و 250 ألف يورو في الشهر أي ما يقرب من 14 مليون يورو في العام ) ثم زميله في الفريق البرازيلي تياجو سيلفا ( 820 ألف يورو في الشهر أي 10 ملايين يورو تقريبا في العام ) ثم الأرجنتيني أزكييل لافيزي (550 ألف يورو أي ما يقرب من 7 ملايين يورو فى العام) . وفي المقابل فإن أكبر راتب يتقضاه حاليا لاعب في مارسيليا هو أندريه بيير جينياك ( 330 ألف يورو في الشهر أي ما يقرب من 4 ملايين يورو في العام ) ثم راتب أندريه آيو نجم غانا ( 310 ألف يورو في الشهر أي ما يقرب من 5ر3 مليون يورو في العام ) ثم ستيف مانداندا ( 300 ألف يورو في الشهر ) . و في الوقت الذي ترتكز فيه خطة جهاز قطر للإستثمار الذي اشترى باريس سان جيرمان في منتصف 2011 على رفع ميزانية النادي إلى نحو 300 مليون يورو لكي يتمكن من اللعب على الساحة الأوروبية مع الكبار من أمثال برشلونة وريال مدريد وبايرن ميونيخ ومانشتسر يونايتد فإن مارسيليا يعتزم تخفيض النفقات بسبب المشاكل المادية التي يمر بها النادي المملوك لعائلة دريفوس اليهودية الشهيرة . و لو عقدنا مقارنة بين إجمالي الرواتب التي سيدفعها باريس سان جيرمان في عام 2013 و بين الرواتب التي سيدفعها مارسيليا خلال نفس العام بما فيها رواتب أعضاء الجهاز الفني سنجد أن رواتب اللاعبين و الجهاز الفني في باريس سان جيرمان يزيد عن ضعف رواتب لاعبي مارسيليا و جهازهم الفني . فقيمة فاتورة الرواتب التي ستسددها إدارة باريس سان جيرمان في عام 2013 ستصل إلى 5ر5 مليون يورو في حين ستتراجع فاتورة رواتب لاعبي مارسيليا وجهازهم الفني إلى2ر2 مليون يورو خلال نفس العام . كما أدى إضطرار إدارة مارسيليا إلى بيع عدد من نجوم الفريق في بداية الموسم لتقليص النفقات بمقدار 50 مليون يورو إلى تراجع القيمة السوقية للاعبي الفريق ففي الوقت الذي قفزت فيه القيمة السوقية للاعبي باريس سان جيرمان إلى 212 مليون يورو في 2013 تراجعت فيه القيمة السوقية للاعبي مارسيليا إلى 68 مليون يورو فقط . وقد دفعت الصعوبات المالية التي تواجه عائلة دريفوس إلى بيع مجموعة من أكفأ اللاعبين في الفريق الساحلي مثل بيع سيزار أزبيليكويتا لنادي تشيلسي الإنجليزي مقابل 8 ملايين يورو وستيفان مبيا الذي إشتراه كوين بارك رينجرز الإنجليزي بنحو 6 ملايين يورو في حين دفع نفس النادي الأنجليزي ما يقرب من 11 مليون يورو في صفقة شراء لوييك ريمي. وتشير بعض المعلومات الصحفية إلى أن عائلة دريفوس اليهودية تفكر بشدة في بيع الجوهرة الغانية أندريه آيو لنادي مانشستر يونايتد الإنجليزي مقبل مبلغ قد يصل إلى 30 مليون يورو في إطار تخفيض نفقات النادي . و كانت الصعوبات المادية التي يواجهها ملاك نادي مارسيليا قد بلغت إلى حد أنها لم تمكنها من تدعيم صفوف الفريق في فترة الانتقالات الشتوية للموسم الحالي سوى بلاعبين لم تزد رواتبهم عن 90 ألف يورو فقط في الشهر و هو رقم لا يرتقي إلى رواتب فريق يريد أن ينافس على البطولتين الأوروبيتين "دوري الأبطال ، الدوري الأوروبي" أو حتى على الدوري الفرنسي" ليج 1 ". فلو عقدنا مقارنة بين الصفقات التي أبرمها باريس سان جيرمان و بين مارسيليا في فترة الإنتقالات الشتوية للموسم الحالي سنجد على سبيل المثال أن باريس سان جيرمان إشترى لوكاس مورا نجم وسط فريق الشباب البرازيلي بنحو 45 مليون يورو و منحه راتب شهري قدره 250 ألف يورو في حين أن مارسيليا دعم صفوفه باليكسيز روماو القادم من لوريون براتب قدره 90 ألف يورو و هو نفس الراتب الذي تم منحه لفؤاد قدير القادم من فالينسيان . و لا غرابة إذن لو علمنا أن جماهير مارسيليا أصبحت ناقمة على لاعبيها و إدارة ناديها لدرجة أن سخط الجماهير وصل إلى حد تعطيل حافلة اللاعبين لأكثر من مرة في تعبير عملي عكس مدى تراجع مستوى الفريق بسبب الصعوبات المالية بعد أن أصبح المال عصب كرة القدم إثر تحول الساحرة المستديرة إلى صناعة بالمليارات .