رغم سوء حظ نادي باريس سان جيرمان الذي أوقعته القرعة لملاقاة برشلونة عملاق كرة القدم العالمية في دور الثمانية للتشامينز ليج مما يهدد استكمال مسيرته الأوروبية الناجحة حتى الآن إلا أن مجرد تواجد الفريق الفرنسي بين الثمانية الأوروبيين الكبار يثبت أن باريس سان جيرمان هو الفريق الفرنسي الوحيد القادر في الوقت الحالي على اللعب مع الكبار على الساحة الكروية الأوروبية بفضل الدعم المالي لصندوق قطر للاستثمار الذي اشتراه في منتصف 2011 في أوج عثرته المالية بنحو 50 مليون يورو بهدف الارتقاء بمستواه إلى قامة الأوروبيين الكبار . فقد أثبتت سياسة قطر القائمة على زيادة ميزانية الفريق لتقترب من ميزانيات العمالقة الأوروبيين ( نحو 300 مليون يورو ) أنها بالفعل السبيل الوحيد لتحقيق الهدف المنشود لتحويل نادي العاصمة الفرنسية إلى عملاق عالمي تقترب قامته من قامة برشلونة و ريال مدريد و بايرن ميونيخ و مانشستر يونايتد . و تعد النتائج التي لا تكذب و لا تتجمل بمثابة أفضل دليل على صحة موقف قطر القائم على رفع ميزانية باريس سان جيرمان ( 100 مليون يورو تقريبا في عام 2011 ) بمعدل ثلاثة أضعاف رغم ما تلقاه قطر ثالث أكبر منتج للغاز في العالم من انتقادات على الساحتين الفرنسية و الأوروبية بزعم البذخ في الإنفاق على النادي الباريسي لا سيما إنفاق ما يقرب من 200 مليون يورو لتدعيم صفوف الفريق بنجوم متميزين على رأسهم زلاتان إبراهيموفيتش نجم هجوم السويد و لوكاس نجم وسط شباب البرازيل و ديفيد بيكهام نجم الكرة الإنجليزية . ففريق باريس سان جيرمان أصبح اليوم الفريق الفرنسي الوحيد ضمن ثلاث فرق أوروبية الذي يقاتل على ثلاث جبهات هي بطولة الأندية الأوروبية ( التشامبينز ليج ) و الدوري الفرنسي و كأس فرنسا . فمثلث الشرف هذا لم يعد يحتضن في الوقت الحالي في أوروبا إلى جانب باريس سان جيرمان سوى فريقين فقط هما ريال مدريد و بايرن ميونيخ بعد أن خرج سيد أندية العالم برشلونة من المنافسة على إدراك هذا الشرف الثلاثي إثر هزيمته الثقيلة في كأس ملك أسبانيا على ملعبه كامب نو من ريال مدريد 3/ 1 بعد تعادلهما في مباراة الذهاب على ملعب سانتياجو بيرنابيو 1/1 . كما جاء خروج نادي بوردو الفرنسي من بطولة دوري أوروبا( أبطال الكؤوس ) بعد الهزيمة من بنفيكا البرتغالي ليؤكد أن باريس سان جيرمان أصبح الوحيد القادر بالفعل على حمل لواء الكرة الفرنسية على الساحة الأوروبية . و على الرغم من أن القطريين يدركون أنهم بحاجة إلى مزيد من الوقت للوصول بقامة باريس سان جيرمان إلى قامة البارسا و الريال و الباير إلا أنه بعد مرور 18 شهرا على شرائهم للنادي الباريسي فإنه يمكن القول بأن إدارة النادي بقيادة ناصر الخليفي تسير على الطريق الصحيح . فقبل انطلاق الموسم الحالي عقد ناصر الخليفي اجتماعا مع المدير الفني للفريق الإيطالي كارلو أنشيلوتي و المدير الرياضي للنادي البرازيلي ليوناردو حيث اتفقوا على تحقيق ثلاثة أهداف عاجلة و هي تخطي دوري المجموعات للوصول إلى دور الثمانية للتشامبينز ليج و هو ما حدث بالفعل بعد غياب 18 عاما و الفوز ببطولة الدوري بعد غياب نحو 20 عاما و الفوز بكأس فرنسا بعد غياب ثلاث سنوات . وقد تمكن الرجال الثلاثة من تحقيق الهدف الأول بالفعل و هو الوصول لدور الثمانية فهل يمكن أن يحقق باريس سان جيرمان المعجزة و يفوز على برشلونة في ظل غياب أفضل لاعب في الفريق المهاجم السويدي العملاق زلاتان إبراهيموفيتش للإيقاف في مباراة الذهاب بباريس يوم 2 إبريل القادم ؟ . يؤكد المدير الفني للفريق كارلو أنشيلوتي أنه من الممكن الفوز على برشلونة رغم صعوبة المهمة بوصفه المرشح الأول للفوز بالبطولة الحالية . و أضاف أنشيلوتي في تصريحات لقناة " بي إن سبورت " القطرية المشفرة بعد أن وضعت القرعة باريس سان جيرمان في مواجهة برشلونة في دور الثمانية " إن ملاقاة برشلونة يعد أمرا رائعا لكنه في نفس الوقت أمرا صعبا و مثيرا ". و اعترف أنشيلوتي بالقدرات العالية لفريق برشلونة و بخبرته العريضة لكنه أكد أن كل شيء جائز الحدوث و أن فريقه سيلعب 180 دقيقة أمام البارسا سيعمل خلالها على بذل كل الجهود اللازمة لتحقيق التأهل للدور قبل النهائي لا سيما خلال ال 90 دقيقة الأولى التي ستجري على ملعب باريس سان جيرمان "بارك دو برينس " بباريس . و من جانبه اعتبر المدير الرياضي للفريق البرازيلي ليوناردو أن القرعة كانت قاسية على فريقه ليس فقط لأن برشلونة اكتسح إيه سي ميلان الرهيب 4 / صفر في دور ال 16 و لكن لأن برشلونة هو بالفعل أفضل فريق في العالم خلال السنوات الأخيرة . و أضاف أن لقاء برشلونة في مباراة الذهاب يوم 2 إبريل القادم لن يكون عيدا كرويا لباريس فحسب لكنه سيكون في نفس الوقت فرصة كبيرة لباريس سان جيرمان لمناطحة واحد من أفضل 3 فرق في تاريخ كرة القدم العالمية .وأرجع ليوناردو قسوة القرعة إلى أنها لم تضع فقط باريس سان جيرمان في مواجهة أفضل فريق في العالم في الوقت الحالي لكن قسوتها بلغت ذروتها عندما منحت أيضا برشلونة مباراة العودة الحاسمة بملعبه "كامب نو" في 10 إبريل القادم . و يتساءل البعض لما لا يكرر باريس سان جيرمان ما حققه منذ 18 عاما عندما تمكن الفريق الباريسي آنذاك بقيادة المدرب لويس فيرنانديز و المهاجم الليبيري الشهير جورج وياه من الفوز على برشلونة بقيادة المدرب و اللاعب الفذ الهولندي يوهان كرويف في نفس الدور من البطولة الأوروبية التي أقيمت عام 1995 ؟ الإجابة هي أن برشلونة عام 1995 بقيادة النجوم من أمثال هاجي و جوارديولا و ستويكتوف ليسوا بقامة برشلونة 2013 بقيادة الساحر ميسي و أنيستا و بيكيه مهما علا شأنهم . أما الهدف الثاني الذي اتفق الخليفي و أنشيلوتي و ليوناردو على تحقيقه هو الفوز ببطولة الدوري الفرنسي . ويمكن القول أن الأمور في هذا الصدد تسير وفقا لما خططوا إليه فباريس سان جيرمان ( 57 نقطة ) يتقدم على ليون الثاني في الترتيب ( 53 نقطة ) بأربع نقاط و بستة نقاط كاملة عن النادي الأكثر جماهيرية في فرنسا و هو مارسيليا و ذلك قبل 10 أسابيع من إنتهاء الدوري الفرنسي . كما تزايدت فرصة باريس سان جيرمان في الفوز بكأس فرنسا بعد أن تمكن من الإطاحة بمارسيليا من الكأس في دور الثمانية بالفوز عليه 2/ صفر ليصل إلى الدور قبل النهائي حيث من المقرر أن يلتقي في هذا الدور يوم 17 إبريل القادم مع فريق إيفيان تي جي أحد فرق المؤخرة في الدوري الفرنسي . و يبقى السؤال و هو هل يمكن أن يحقق باريس سان جيرمان المعجزة و يفوز بالبطولات الثلاثة الإجابة هي أن كل شيء ممكن في كرة القدم مادامت العزيمة و الإصرار و الروح القتالية متوافرة لكنه حتى لو اكتفى الفريق الفرنسي بالفوز بالبطولتين المحليتين و بالأداء المشرف أمام فريق الساحر ميسي فإن ذلك يعني أن القطريين يقودون باريس سان جيرمان في الطريق الصحيح تمهيدا لإطالة قامته لتطال قامة الأندية الأوروبية الكبرى و هي أمنية طالما تمنى الفرنسيون أن يحققها أحد أنديتهم .