عاد التوتر السياسي بين الجزائر والمغرب بشأن قضية الصحراء الغربية إلى واجهة علاقات البلدين مجددا، حيث خرج في صورة تصريحات متضاربة بين مسئوليهما بشأن الطرف المسئول عن الجمود بذلك الملف. ففي الوقت الذي تتهم الرباطالجزائر بعدم التعاون في حل القضية، ترى الأخيرة أن القضية تتعلق بتصفية "استعمار" وتعود مسئوليتها بالتالي للأمم المتحدة دون غيرها. ونقلت وسائل إعلام جزائرية اليوم عن الناطق باسم الخارجية عمار بلاني، قوله إن "قضية الصحراء تبقى من مسئولية منظمة الأممالمتحدة وحدها، وكلّ العالم يعرف ذلك". وجاء حديث بلاني ردا على تصريحات، تناقلتها بشكل واسع وسائل إعلام فرنسية، لرئيس الوزراء المغربي عبد الإله بن كيران قال فيها إنه "لو تمكننا من إيجاد حل بيننا وبين أشقائنا الجزائريين في ما يتعلق بمسألة الصحراء، كنا لنتعاون بشكل أفضل واستطعنا كلانا حل هذه المشاكل"، في إشارة إلى الأزمة في مالي. وقالت الخارجية الجزائرية ردا على ذلك: "إخواننا المغاربة أول من يعرف جيّدا بأن مسألة الصحراء مسجلة وحاضرة منذ مدة طويلة على طاولات الأممالمتحدة بشأن ال16 إقليما الغير مستقلة إلى اليوم، ومن بينها الصحراء، ومحلّ متابعة من طرف اللجنة الأممية الرابعة لتصفية الاستعمار في العالم، المكلفة بتنفيذ إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة". ووصف بلاني ربط رئيس الوزراء المغربي بين الخلاف بين البلدين حول ملف الصحراء وغياب التعاون في أزمة مالي ب"المخادعة"، قائلا إن "هذه الرؤية إلى المشاكل التي تطبع المنطقة وفقا للمنظور المغربي، لا تنبع من تحليل تبسيطي فقط، وإنما أيضا من مخادعة وسببية مصطنعة". وتشهد العلاقات الجزائرية المغربية توترا منذ سبعينيات القرن الماضي بسبب ملف إقليم الصحراء، وهي مستعمرة إسبانية سابقة، ضمها المغرب بعد انسحاب أسبانيا، ومتنازع عليها حاليا بين المغرب الذي يديرها بصفتها الأقاليم الجنوبية، وجبهة البوليساريو المطالبة باستقلالها. وتصر الرباط على أحقيتها في الإقليم وتقترح كحل حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، في حين تطالب جبهة البوليساريو بتنظيم استفتاء لتقرير مصيرها وفق لوائح للأمم المتحدة وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي النازحين الفارين من الإقليم بعد سيطرة المغرب عليه. وطالبت الجزائر المغرب، أكثر من مرة، بفصل النزاع الصحراوي، عن العلاقات بين البلدين، لتطويرها، لكن تصريحات المسئولين المغاربة بشأن تورط الجزائر في دعم جبهة البوليساريو في خيار الاستقلال تعيد التوتر إلى هذه العلاقات.