على الرغم من إنشغال وسائل الإعلام العربية والأجنبية بقائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، الذي قتلته غارة أمريكية قرب مطار بغداد مؤخراً، من خلال دوره في الحملة الدموية ضد الولاياتالمتحدة في العراق والتي كلفت أرواح أكثر من 600 جندي أمريكي، إلا أنه في الحقيقة سليماني لم يكن له الفضل كاملاً في ذلك، لكن هناك ضباط آخرون ضمن "فيلق القدس" ساعدوا سليماني في تحقيق أهدافه، وأبرز هؤلاء الجنرال "أحمد فروزنده". وذكر موقع "ديلي بيست" الأمريكي، في تقرير له، أن الجنرال "أحمد فروزنده"، قائد "فيلق رمضان"، أحد أذرع فيلق القدس، يعتبر القيادي الغامض في العراق، والذي يوصف بقائد الظل الأسطوري الذي يتمتع بقدرات خارقة ويتسم بالذكاء والقدرة على التخفي والهرب. واشتهر "فيلق القدس" التابع ل "الحرس الثوري الإيراني" بتعقب وقتل أعضاء التحالف الدولي الذي تقوده الولاياتالمتحدة في العراق ضد تنظيم "داعش"، والعراقيين الذين يعملون معه، وكل أولئك الذين يُعدون معادين للنفوذ الإيراني في العراق، وقام في سبيل ذلك بتهريب الجواسيس والمال والأسلحة إلى داخل العراق، حيث زرع الفوضى، بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003. وترأس أحمد فروزنده "فيلق رمضان"، وهو جزء من "فيلق القدس"، خلال منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وكان له قبل ذلك دور بارز في الحرب العراقيةالإيرانية من 1980 حتى 1988. وتقدم وثائق حصل عليها موقع "ديلي بيست" الأمريكي تفاصيل جديدة عن كيفية قيام فروزنده والحرس الثوري بنقل الأسلحة والمال والجواسيس إلى العراق، واغتيال الأمركيين والعراقيين، وتؤكد تلك الوثائق أن فروزنده ساعد إيران على قتل مئات الأمريكيين خلال حرب العراق، وأنه ربما لم يتقاعد منذ سنوات كما أُشيع، وأنه استمر في التشاور مع رئيسه السابق، قاسم سليماني، فترة طويلة. وتبين الوثائق أن فيلق رمضان، الذي يترأسه فروزنده، يتكون من قيادة استخبارات إيرانية تقدم التوجيه والتمويل للعراقيين التي جندتهم من جيش المهدي، ومنظمة بدر، وحزب الفضيلة، وغيرها من الأحزاب الطائفية العراقية، والمليشيات التي قامت بعمليات اغتيال ضد الأعضاء السابقين بحزب البعث، والعراقيون الذين لا يدعمون النفوذ الإيراني في بغداد. ونقل الضباط الإيرانيون الأعضاء العراقيين بفرق الاغتيال إلى الأحواز في إيران، مقر قيادة وحدة "فجر رمضان" من أجل التدريب، الذي يستمر لمدة 10 أيام، ويتضمن توجيهات بشأن جمع المعلومات لدعم استهدف قوات التحالف في العراق، وعمليات الاغتيال، واستخدام أنظمة الإطلاق غير المباشرة، مثل صواريخ كاتيوشا ومورتر. كما دربت إيران وكلاءها على استخدام ما وصف بمتفجرات متطورة للغاية يمكنها اختراق أسلحة قوات التحالف، في إشارة إلى ما يبدو للقذائف إيرانية الصنع التي قتلت مئات من أفراد القوات الأمريكية وشوهتهم. وأوضحت الوثائق أنه عندما يحين وقت اتخاذ القرار بشأن من سيجرى قتله، يضع ضباط فيلق القدس عملية للنظر في أهداف عملية الاغتيال، ويعطون الحلفاء العراقيين دورًا في العملية. وأشارت الوثائق إلى أن العراقيين من الوكلاء الإيرانيين مسموح لهم وضع قوائم بمن سيتم اغتيالهم، ومعظم هؤلاء المصرح لهم باتخاذ قرارات تتعلق بمن ستقتله "فرقة القتل الذهبية" هم أعضاء بالحكومة العراقية وقوات الأمن. وأفادت تقارير بأن لقاءات فرقة القتل جرت في مكتب محافظ البصرة، حيث كان أعضاء استخبارات شرطة البصرة يحضرون بشكل دوري. وذكر تقرير "ديلي بيست"، أن "فيلق رمضان" شكل القوة المكلفة داخل الحرس الثوري بإزكاء روح الفوضى في العراق، على الأقل في الوقت الذي تولى فيه فروزنده قيادته، وقبلها عندما كان فروزنده نائبًا لرئيس الفيلق، عمل مع قيادة الفجر، القاعدة العسكرية في منطقة الأهواز الإيرانية، والتي تولت العمليات في البصرة وجنوب العراق. وأظهرت وثائق أخرى تدخل فروزنده في مساعدة أحد أعضاء الميليشيات العراقية الحليفة له، بعدما اعتقلته قوات التحالف، ويدعى هذا الشخص مهدي عبد المهدي الخالصي، والذي تولى ميليشيا صغيرة مدعومة إيرانيًا تستهدف أعضاء حزب البعث وتدعى "منتدى الولاية". وذكر تقرير "ديلي بيست" أن فروزنده عمل في الأيام الأولى من الثورة الإيرانية رفقة الحرس الثوري لاضطهاد واعتقال المواطنين العرب في مدينة خرمشهر المعارضين للحكومة الجديدة، مما أظهر ولاءه للسلطات الجديدة، وجعله لائقًا للعب دورًا استخباراتيًا عند بدء الحرب الإيرانيةالعراقية. وصنفت الولاياتالمتحدة فروزنده إرهابيًا، وكذبت ما قاله لشبكة إخبارية إيرانية إنه تقاعد من عمله بفيلق القدس عام 2008، وإنه يعمل على مشروع تاريخي حول مسقط رأسه. وبدأ فروزنده خطواته الأولى في عالم العمليات السرية خلال الحرب العراقيةالإيرانية، ولقي نجاحًا متوسطًا، لكن بحلول الوقت الذي ظهرت فيه الولاياتالمتحدة على عتبة إيران في العراق، كان فروزنده ينفذ حرب عصابات وعمليات سرية عبر الحدود الإيرانيةالعراقية مع الأشخاص أنفسهم والمنظمات منذ نحو 20 عامًا. ويقول دوج وايز، الضابط السابق بوكالة الاستخبارات الأمريكية، الذي عمل في بغداد: "كانوا يتمتعون بميزة محلية، هؤلاء الرجال كانوا يقومون بعمليات خاصة في هذه المنطقة طوال حياتهم، كانت لديهم خبرة غير عادية في إدارة العمليات التي يُطلب منهم القيام بها". وكان فروزنده قد أُدرج على لائحة العقوبات الأميركية في عام 2007، على أثر قيامه بتخطيط وقيادة عمليات إرهابية ضد القوات الأمريكية في العراق والتخطيط لاغتيال شخصيات عراقية رفيعة. وتظهر وثائق ل"ويكيليكس" وجود تواصل بين الخالصي وفروزنده حول اغتيال القوات البريطانية في محافظة ميسان العراقية عام 2003، من خلال برقيات مشفرة. وأشارت تقارير إلى أن فروزنده قد سمح بإنفاق حوالي 500 ألف دولار في تأمين عملية إطلاق سراح الخالصي، بعد أن تم اعتقاله على يد قوات التحالف في عام 2005. وأوضح الباحث في كلية الدراسات العليا البحرية الأميركية، أفشون أوستوفار، أنه: "برغم أن قاسم سليماني هو المهندس للاستراتيجية الإيرانية الخارجية، كان هناك ملازمون أقل شهرة يديرون ويراقبون العمليات، وكان أحمد فروزنده واحداً من أبرز العاملين في ساحة العمليات بالعراق، لكن لم يكن اسمه معروفًا".