أصدرت وزارة الثقافة المغربية، للشاعر رشيد طلبي {مواليد79 بني ملال} ديوان شعر موسوم ب "الرقص على إيقاع الصمت" في 122 صفحة عن مطبعة دار المناهل. ويضم الديوان 37 نصا شعريا وتزين غلاف الديوان لوحة للتشكيلية أحلام لمسفر. سلسلة الكتاب الأول كانت موضوع احتفاء خاص من لدن فعاليات المعرض الدولي الأخير للنشر والكتاب بالدار البيضاء، وهي السلسلة التي شكلت كوة ضوء لأقلام شابة لم تستطع مواجهة إكراهات النشر ورغم ما حظيت به هذه السلسلة من احتفاء وتنويه إلا أن تطوير آلياتها واستراتيجيتها كفيلة بأن تتحول الى تقليد ثقافي يسهم في الكشف على وجوه إبداعية مغربية تشكل مستقبلا أعمدة أفق الثقافة المغربية. ونفترض أن النقد الأدبي في المغرب يحتاج لانفتاح بليغ على هذه الجغرافية من النصوص الإبداعية المنسية. كي يكشف على سماتها وعلى خصوصيتها وأسئلتها. الشاعر رشيد طلبي ضمن هؤلاء الذين ضخوا بنصوصهم الشعرية دماء جديدة للمشهد الإبداعي في المغرب، شاعر شاب بانكسارات كبرى وبجحيم خسارات لا نهائية. إذ على امتداد نصوص الديوان نكتشف زخما هائلا من لغة الانكسار والغياب والموت والخسارات، متوالية من السواد تلف عوالم النصوص ال 37. ورغم افتراضنا أن تجميع القصائد خاضع لشرطه الموضوعي، الديوان الأول. إلا أن تسلسل القصائد بدلالات ما تحتويه من نفس شعري متواصل، وتماسك في صياغة مقولات شعرية تستجيب لهذا الحس الفجائعي للغياب، نكتشف لنا عن شعرية الانكسار تلخص رؤى القصائد ككل. قصائد ترقص على إيقاع الصمت، لكنها لا ترقص انتشاء ولا فرحا بل لتجسير هوة ذات منكسرة أرهقها حجم الخسارات المتواصل، وحتى زخم ما تحتويه النصوص من ثقل وفواجع هذه الخسارات يدفعنا للتساؤل عن مصير هذه التجارب الشعرية والتي تصرح منذ بدايتها بشعرية انكسار تصبح سمة طافحة من معالم الديوان ككل. وخصوصية لكتابة شعرية تفتح جراحها على أفق الكتابة. وحتى حين يشير الشاعر لسؤال الكتابة، وهاجس القصيدة يجعلهما يندسان في عمق وجراح ذاته وهواجسه الدخيلة. بل يصبحا جزءا أساسيا ومكونا دالا لهوية الذات والقصيدة معا. في "قصيدة متعبة" كما يسمها الديوان و"حروفها متشردة" لكنها قصيدة "بيضاء" بياض حضور "الأم" المضمر في النصوص. وهو الغياب/ الختم الذي تضعه القصائد فكما تحتفي بأمكنة وشخوص تحديدا من خلال ما تمثله من صور لدى ذات شاعر مثقل بالانكسارات فإن عنصر "الغياب" هو أيضا يعبر بملمحه وحضوره اللافت في الديوان على هذه الخيبة لشاعر ازداد "على إيقاع الصمت" لكنه، صمت بصخب وويلات وانكسار العالم حوله. ولعله استباق مجازي للانهيار الكبير الذي حاولت النصوص وعلى امتداد قصائد الديوان ترسيخه كدلالة مركزية.