نجحت زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان لمصر في إذابة الجليد بين الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية ، بعد انشقاق دام لنحو 16 قرنا بسبب الخلافات العقائدية بين الكنيستين, حيث شهدت الزيارة توقيع أول وثيقة بين البابا فرنسيس والبابا تواضروس الثاني والتي ضمت 12 بنداً، كان أبرز ما فيها هو , عدم إعادة سر المعمودية الذي تمَّ منحه في كلٍّ من الكنيستين لأي شخص يريد الانضمام للكنيسة الأخرى. والمعمودية هي أحد الأسرار ال7 للكنيستين الأرثوذكسية والكاثوليكية، وتمثل طقس دخول الإنسان للمسيحية. وتعد اقتداء بمعمودية المسيح في نهر الأردن، ويتمثل طقسها في أن الآباء الكهنة يغطسون الأطفال 3 مرات داخل إناء ممتلئ بالماء مرددين باسم "الأب والابن والروح القدس"، يأتي ذلك بعد تلاوة الصلوات الخاصة بالمعمودية وهي "تقديس الماء، صلاة الشكر، قانون الإيمان، صلاة تطهير الأم"، ثم "الرشم بزيت الميرون المقدس" ويقضى الاتفاق باعتراف الكنيسة المصرية بمعمودية الكنائس الأخرى، حيث كانت الكنيسة المصرية لا تعترف بمعمودية الكنائس الأخرى، وتلزم المسيحي الذي يتحول إليها من أي كنيسة أخرى بإعادة التعميد وفقا لطقوسها. وقد واجهت هذه الخطوة انقساما بين فريقين داخل الكنيسة الأرثوذكسية أحدهما يعارض هذه المعمودية ويطالب بحوار مسكونى بين الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية لاحتواء الخلافات الإيمانية بينهما والفريق الآخر يؤيدها لتشجيع فكرة توحيد الكنائس. من جانبه قال المستشار منصف سليمان، المستشار القانوني للكنيسة الأرثوذكسية، "علي الرغم من عدم إطلاعي علي الوثيقه إلا إنني أثق دائماً في البابا تواضروس الثاني والأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ ودمياط والبرارى ، وهذه الثقة تجعلني علي يقين بأنهم لن يفعلوا أي شيء يتنافي مع العقيدة الأرثوذكسية". وأشار مستشار الكنيسة إلي أن هذه الوثيقة تهدف إلي تحقيق التقارب بين الطائفتين من خلال اعتراف كل كنيسة بمعمودية الأخري. وقال هذه الوثيقة تعد خطوة نحو إذابة الخلافات بين الطوائف، وهذه خطه تسير عليها الكنيسة منذ عشرات السنين خصوصا أن هذا يعتبر أمل مسيحي منذ زمن بعيد وتم اتخاذ عدد من الخطوات فيه، موضحاً أن أهم خطوة تم اتخاذها للتقارب بين الكنيستين كان توحيد قانون الإيمان المسيحي. وأوضح مينا أسعد أستاذ اللاهوت الدفاعي بالكنيسة الأرثوذكسية , أن زيارة بابا الفاتيكان لمصر "تاريخية" ولها من الأهميه ما يجعلها تعد زيارة القرن نتيجة لآثارها الإيجابية علي مصر سياسياً واقتصادياً. وتابع: توقيع البابا لأي اتفاقية على المستوى الديني هو حدث يكتب في التاريخ ،لذا كان ينبغي الإعداد جيداً لاتفاقية "سر المعمودية" بين الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية حتي لا تثير هذا الجدل واللغط بين الأقباط. وأضاف: كنا نتمنى أن يتم التوقيع بعد جلسات حوار لاهوتي بين الكنيستين بقيادة اللجان المختصة بالمجمع المقدس كما هي العادة المؤصلة في قوانين الكنيسة . وأوضح أسعد أنه علي الرغم من أهميه الوثيقة فان عدم تمريرها بالخطوات التقليدية أورد فيها أخطاء كارثية– علي حد وصفه-. وقال: ذكرت الوثيقة في أحد بنودها تعبير "جسد المسيح السري" وهو تعبير مرفوض لدي الأرثوذكسية وسبق أن تناوله بالتفصيل البابا شنودة الراحل في كتابه "بدع حديثة" ،هذا بالإضافة لحالة الغموض حول صيغه البيان الذي صدر عن الكنيسة الأرثوذكسية عقب الإعلان عن توقيع الوثيقة وتضارب التصريحات بشأنها. وأكد أن طرح الكنيسة لمسألة " سر المعمودية"للحوار اللاهوتي سوف يحل مشكلة الخلافات الإيمانية في الأمور العقائدية والأحوال الشخصية وبالتالي يخدم فكرة توحيد الكنائس وتوافقها علي نحو سليم. وأشار الأنبا رفيق جريش المتحدث الرسمى باسم الكنيسة الكاثوليكية، إلى أن الكاثوليك يعتمدون معموديات الطوائف الأخرى دون إعادتها. وقال إن توقيع الاتفاقية يعد خطوة هامة في سبيل الوحدة بين الكنيستين والاعتراف بالمعمودية الواحدة لكل منهما، وهي سر التأسيس في المسيحية. وتابع: إقرار المعمودية الكاثوليكية سوف يحل بعض المشاكل العالقة بين الكنيستين ومنها تسهيل زواج الكاثوليك والأرثوذكس دون أن يضطر أحدهما لتغيير ملته والعماد مرة أخرى. وقال مينا مجدي، المنسق العام لاتحاد شباب ماسبيرو، "الوثيقة التى تم توقيعها بين البابا فرنسيس والبابا تواضروس هى وثيقة تاريخية "، موضحاً أن البابا شنودة الراحل كان قد بدأ الحوارات اللاهوتية مع البابا بولس السادس بابا الفاتيكان الأسبق , وأكمل البابا تواضروس الثانى هذه الحوارات. وواصل حديثه: "يفهم من الوثيقة الرغبة فى عدم إعادة المعمودية للشخص الذى يريد الانضمام إلى الكنيسة الأخرى، وهو أمر كان معمول به منذ سنوات عدة فالوثيقة قد أقرت أمرا واقعا، فلماذا يتعجب البعض من هذا القرار الآن؟". وأضاف مجدي: "قبول المعمودية لا يترتب عليه قبول أى سر آخر، حيث إن قبول بقية الأسرار الكنسية مرهونا بالاتفاق اللاهوتى الكامل وهو ما لم يحدث ولكن نتمناه ونسعى إليه حتى نصل الى الوحدة الكاملة". وأضاف: "الكنيسة الأرثوذكسية تعرف أن الكنيسة الكاثوليكية هى كنيسة تقليدية رسولية و لا غضاضة من قبول المعمودية التى تتم بها". جدير بالذكر أن الكنيسة الأرثوذكسية ترفض معمودية الكاثوليك عن طريق إعادتها لمن رغب الزواج داخل جدرانها أو أراد الانضمام إلى رعاياها وهو منهج قديم سارت عليه الكنيسة الأرثوذكسية فى إطار الخلافات العقائدية بين الطائفتين الأرثوذكسية والكاثوليكية فالفرق يكمن فى أن الكاثوليك لا يقومون بالتغطيس فى المعمودية ويكتفون بسكب طبق صغير على رأس الطفل، أما الأرثوذكس فيلجأون للتغطيس الكامل للطفل فى المعمودية. وسبق أن أعلنت الكنيسة الارثوذكسية عن تشكيل لجنة بحثية فى اجتماع سابق للمجمع المقدس لدراسة اعتماد معمودية الطوائف المسيحية وعلى رأسها معمودية الكنيسة الكاثوليكية تنفيذًا لما تم الاتفاق عليه مع البابا فرنسيس بابا الفاتيكان .