أكد نشطاء الأقباط أن الأحداث الإرهابية التي شهدتها الكنائس المصرية مؤخراً درأت شبح الفتنة الطائفية الذي كانت تعتمد عليه الجماعات المتطرفة في مخططاتها لتفتيت النسيج الوطني بين المسلمين والمسيحيين. وأوضحوا أن الجماعات المتطرفة تنفذ مخططاً شيطانياً لهدم الدولة المصرية وزعزعة الاستقرار داخلها من خلال توجيه ضرباتها ضد المسيحيين عبر التستر خلف عباءة الدين. قال جرجس بشرى الناشط الحقوقي إن استهداف الكنائس والأقباط محاولة لنقل رسالة إلي الخارج بأن مصر غير مستقرة لضرب الاقتصاد المصري وتوصيل رسالة بأن القيادة السياسية في مصر غير قادرة على حماية وتأمين الأقباط وكنائسهم. وتابع: منذ 30 يونيو 2013 هناك محاولات مستميتة تقودها الجماعات المتطرفة والإرهابية ضد الأقباط بسبب دعمهم للرئيس عبد الفتاح السيسي ولذلك فهم يسعون دائما للانتقام منهم بتلك الجرائم الإرهابية من ناحية وكذلك زعزعة ثقتهم بالرئيس السيسي وإضعاف شعبيته لديهم من ناحية أخري. ولفت بشرى إلي أن تصاعد وتيرة التفجيرات واستهداف الكنائس خلال الفترة الأخيرة يعد محاولة لاستصراخ الأقباط للمطالبة بحماية دولية وتدخل أجنبي في مصر . وقال "رغم الآلام والأحزان التي يعاني منها الأقباط نتيجة لهذه الجرائم إلا أن وطنية الكنيسة وتاريخها يرفض أي تدخل أجنبي أو حماية دولية لهم" ،مؤكداً أن الأقباط أحد أهم ضمانات وركائز استقرار مصر وأمنها ولا يمكن المزايدة عليهم. وأشاد بشرى بدور البابا تواضروس الثاني ومواقفه الحكيمة في التعامل مع تلك الأحداث، موضحاً أنها تجهض مخططات الإرهاب الأسود في إثارة الفتن وزعزعة الوحدة الوطنية بهدف إسقاط الدولة المصرية . وطالب الناشط الحقوقي الحكومة بضرورة وضع إستراتيجية جادة لمقاومة الإرهاب وحصاره من خلال منظومة متكاملة ومتزامنة معا. وقال "يجب أن تتضمن الإستراتيجية سرعة تحقيق العدالة الناجزة والأحكام السريعة على المتهمين في الجرائم الإرهابية لكي يكون هناك رادع لهؤلاء المتطرفين". وتابع: لابد من تفعيل قانون الطوارئ على المتهمين بالتحريض أو التواطؤ أو المشاركة في جرائم إرهابية تروع الآمنين.. مشدداً علي أهمية تطوير الخطاب الديني ونشر فكر الإسلام الوسطي المستنير لوأد الفكر المتطرف ومواجهتهن وهذا لن يتحقق إلا من خلال تطوير المناهج التعليمية وعودة الأزهر الشريف لريادته كمنارة للإسلام إضافة إلي أهمية مراقبة الجمعيات التي تنشر أفكاراً متطرفة بين النشء وغلقها وتتبع تمويلها ومصادرة أموالها المشبوهة. واستنكر بشري ممارسات الخطاب الإعلامي مؤخراً وحرصه علي تقديم ذوي الإرهابيين وأسرهم علي شاشات التليفزيون وتقديمهم للمشاهدين للتعاطف معهم ، وقال إن الإعلام كافئ أهالي المجرمين بظهورهم و"الطبطبة" عليهم رغم أن الأسرة تعد شريكاً أساسياً ولكن بشكل غير مباشر في هذه الجريمة لأنها أنتجت للمجتمع هؤلاء المتطرفين. وفي نفس السياق أكد الدكتور فريدي البياضي البرلماني السابق والقيادي بالحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي أن الأعمال الإرهابية التي شهدتها الكنائس المصرية في الفترة الأخيرة تهدف إلي ضرب استقرار الدولة واقتصادها وإحراج قيادتها السياسية وإظهارها عاجزة عن حماية مواطنيها . وقال إن الجماعات المتطرفة توجه جرائمها ضد المسيحيين بالتستر خلف عباءة الدين لتنفيذ مخططاتها التي تدعمها وتمولها جهات خارجية بهدف إرهاب الأقباط وإجهاض مسيرات التنمية. وأشاد البياضي بدور الجهات الأمنية في سرعة الكشف عن المتورطين في حوادث تفجير الكنائس، مطالباً بتكثيف عملهم خلال الفترة المقبلة للكشف عن البؤر الإرهابية وإحباط الجرائم قبل وقوعها. وأوضح أن الجماعات المتطرفة اعتادت تنفيذ مخططاتها الإجرامية ضد الأقباط قبل الأعياد وذلك لإفساد فرحتهم وإرهابهم لمنع ذهابهم للكنائس. ورفض الباضي اختزال تلك الأحداث في مسمي "الفتن الطائفية" قائلاً إن هذه الجرائم تقوم بها جماعات إرهابية متطرفة ليس لهم علاقة بالمسلمين المعتدلين الذين يمثلون الأغلبية في مصر ويؤمنون بالمواطنة وحقوق شركائهم الأقباط في الوطن والدليل علي ذلك أنه عقب كل حادثة يزداد التقارب والتعاطف بين المسلمين والأقباط ومشاركتهم أحزانهم وآلامهم. وأكد أن الأحداث الأخيرة أثبتت للجميع أنه كلما زادت الجرائم ضد الأقباط زاد حبهم لوطنهم وزاد إقبالهم علي الصلاة بكنائسهم. وأوضح البياضي أن مواجهة الإرهاب تتطلب إلي جانب الدور الأمني في الكشف عنهم وملاحقتهم تبني الدولة لعدد من الخطط بعيدة المدى منها تغير الخطاب الديني داخل المناهج وفي المساجد ونبذ خطاب الكراهية والتمييز علي أساس العقيدة من خلال تفعيل مواد الدستور لتطبيق المواطنة. وقال هاني عزت مؤسس رابطة منكوبي الأحوال الشخصية إن الجرائم التي شهدتها الكنائس الأيام الماضية تقودها تنظيمات دموية شرهة للدماء تهدف إلى كسر فرحة الأقباط بأعيادهم من ناحية وزعزعة استقرار الدولة بهدف إسقاطها من ناحية أخري . وأوضح أن الإرهاب يشن حرباً ضد الدولة المصرية لإضعافها وعرقلة خططها نحو التقدم والتنمية من خلال ضرب اقتصادها وتهديد السلام المجتمعى مما أدي إلي رفع حالة الاستنفار الأمنى وفرض الطوارئ. واستبعد عزت نجاح الإرهاب في تحقيق أهدافه ضد الدولة قائلاً "عانى المصريون علي مدار العقود الماضية من أزمات وأوقات عصيبة كان الإرهاب بطل رئيسي في أحداثها لكن باتحاد المصريين وصمودهم استطاعوا دحرها ومواجهتها". من جانبه قال مينا مجدي، المنسق العام لاتحاد شباب ماسبيرو، إن الحوادث الإرهابية التى قامت بها داعش كانت ترنو إلى تحقيق أكثر من هدف منها إرهاب الأقباط وإضعاف الدولة المصرية وإظهارها أنها غير قادرة على حماية مواطنيها.. موضحاً أن تنظيم داعش يتعمد اختيار الكنائس الكبرى حتي يكون هناك أكبر عدد من المتضررين. وأكد مجدي أن هجمات داعش لن تنجح فى تحقيق أهدافها وقال "الأمر الذى كان متوقعا بعد تفجير كنيستي طنطا والإسكندرية أن يخاف الأقباط وتصبح الكنائس خالية من المصلين، ولكنهم لم يخافوا وامتلأت الكنائس بالمصلين وهو ما يعكس شجاعتهم". واستبعد أن تؤدي هذه الأحداث لإثارة الفتن الطائفية، لأن الوحدة الوطنية بين المصريين قوية جداً، ولا يمكن لأحد ان يقتنص منها.. مشيراً إلى مجدي أن وزارة الداخلية لم تقصر في تأمين الكنائس ولكن من الضروري أن يكون هناك تأمين أكثر لكافة المنشآت الحيوية بالدولة. وتابع "لا يمكن أن ننسى أن الإرهاب أيديولوجية وفكرة فى الأساس ولذلك على الدولة أن تحارب الفكر المتشدد بالفكر المستنير المتسامح الذي يؤمن بقبول الآخر وهذا لن يتحقق إلا عبر تجديد الخطاب الدينى". ومن جانبه قال فادي يوسف، مؤسس ائتلاف أقباط مصر، إن تفجير الكنائس مخطط من الجماعات الإرهابية لاحراج الدولة والأقباط، موضحاً أن عملية غسيل المخ التى يمر بها الانتحاريين تؤهلهم لفعل تلك الجرائم بضمير مستريح، طمعاً في دخول الجنة. وتابع "الجماعات الإرهابية التي تعلن مسئوليتها عن تفجير الكنائس لها أهداف إما مادية من دول تدعمهم أو سلطاوية حيث تسعى إلى التحكم في أكبر عدد من عقول تابعيها أو دينية فى تنفيذ تعاليم مغلوطة متوارثة من أزمنة قديمة". وأشار يوسف إلي أن الحوادث الإرهابية التي تحدث من وقت لآخر لم تحقق أهدافها فى الانقسام الشعبى، خاصة أن الأقباط لهم رصيد من الوطنية يشهد له التاريخ ويجعلهم حائط صد لتحقيق تلك الأهداف، ولذلك لا يمكن أن تتحول هذه الأحداث إلي فتنة طائفية بين أبناء الشعب الواحد. وقال مينا كمال، الناشط القبطي وعضو اللجنة المركزية للمواطنة بحزب الوفد، إن الأحداث الإرهابية الأخيرة ضد الكنائس تأتي في إطار الرد علي حرب مصر علي الإرهاب التي يخوضها الشعب المصري ضد تيار تكفيري، يسعي إلي إرهاب المجتمع ككل وليس الأقباط فقط. وأكد كمال أن غضب الأقباط وخروجهم للتظاهر الآن هو هدف الجماعات الإرهابية التي تسعي الي إسقاط النظام الحالي، موضحاً أن الهجوم علي النظام في مصر يأتي في مصلحة التيارات الجهادية وخير مثال علي ذلك ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا. وأضاف "علينا أن نحافظ علي الوطن ونلتف حول قيادتنا، ومن المؤكد أن الحس الوطني لدي الأقباط الذي أحبط هدف الإرهاب في ضرب وحدتنا الوطنية، لن يتغير الآن، خاصة وأنهم مستهدفون منذ الثمانينيات".