رئيس جامعة الإسكندرية: دعم الطلاب المتعثرين في المصروفات    بالصور جامعة أسيوط الأهلية تستقبل العام الدراسي الجديد برفع العلم والنشيد الوطني    بالصور- رئيس جامعة بنها يتفقد سير العملية التعليمية ويشارك الطلاب تحية العلم    وزير التعليم العالي يطمئن على انتظام الدراسة بجامعة حلوان    تعليمات جديدة من الأزهر مع بداية العام الدراسي الجديد (صور)    السبت 28 سبتمبر 2024.. نشرة أسعار الحديد والأسمنت في المصانع المحلية اليوم    «حياة كريمة»: افتتاح منافذ جديدة لبيع اللحوم البلدي والمجمدة بأسعار مدعمة    التضامن والعمل الدولية تبحثان تعزيز أوجه التعاون في الملفات المتعلقة بالتشغيل والعمالة غير المنتظمة    الضرائب: إتاحة 62 إتفاقية تجنب ازدواج ضريبى على الموقع الإلكتروني باللغتين العربية والإنجليزية    صفارات الإنذار تدوى في مستوطنات شرق تل أبيب    مراسل «القاهرة الإخبارية»: الاحتلال الإسرائيلي يشن هجمات عنيفة على لبنان    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 41 ألفًا و586 فلسطينيًا    عواد يقترب من الانضمام لمعسكر المنتخب في أكتوبر    أسيوط: تحرير 67 محضرا خلال حملات تموينية بمركز ديروط    أسيوط: مواصلة شن حملات لإزالة التعديات على حرم الطرق وضبط الأسواق بمركز أبوتيج    «تعليم القاهرة» تطلق حملة «ابدأ بصحة» في المدارس غدًا    تامر حسني: فيلم "ريستارت" هينزل في عيد الفطر وليس رأس السنة    كانت بتراضيني.. إسماعيل فرغلي يتحدث عن زوجته الراحلة بكلمات مؤثرة    الاثنين.. القومي للسينما يعرض فيلم الطير المسافر في نقابة الصحفيين    بمشاركة مسار إجباري.. حكيم يُشعل المنيا الجديدة بحفل ضخم وكلمات مؤثرة    رانيا فريد شوقي وحورية فرغلي تهنئان الزمالك بحصد السوبر الإفريقي    عمرو سلامة يوجه الشكر ل هشام جمال لهذا السبب    الإفتاء في اليوم العالمي للمسنين: رعاية كبار السن واجب ديني واجتماعي    «الزراعة»: مصر لديها إمكانيات طبية وبشرية للقضاء على مرض السعار    «وداعا للمسكنات».. 6 أطعمة تخفف من آلام الدورة الشهرية    رئيس هيئة الدواء: أزمة النقص الدوائي تنتهي خلال أسابيع ونتبنى استراتيجية للتسعيرة العادلة    خطة المدن الجديدة لاستقبال فصل الشتاء.. غرف عمليات وإجراءات استباقية    إصابة 3 أشخاص في حادث على طريق العريش الدولي بالإسماعيلية    رئيس أركان الجيش الإسرائيلي بعد الإعلان عن مقتل نصر الله: هذا ليس آخر ما في جعبتنا    30 يومًا.. خريطة التحويلات المرورية والمسارات البديلة بعد غلق الطريق الدائري    وزير خارجية الصين يشيد بدور مصر المحوري على الصعيدين الإقليمي والدولي    الهند تحذر:استمرار باكستان في الإرهاب سيؤدي إلى عواقب وخيمة    تداول 47 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحر الأحمر    تشكيل أرسنال المتوقع أمام ليستر سيتي.. تروسارد يقود الهجوم    جمهور الزمالك يهاجم إمام عاشور واللاعب يرد (صور)    وزير الخارجية والهجرة يلتقي مع وزيرة خارجية جمهورية الكونغو الديموقراطية    حفيد عبد الناصر: الزعيم يعيش فى قلب كل مصرى    4 نوفمبر المقبل .. وزارة الإسكان تشرح للمواطنين مزايا التصالح على المباني المخالفة    سعر الدينار الكويتي مقابل الجنيه المصري اليوم السبت 28-9-2024 في البنوك    الجيش الإسرائيلي يؤكد اغتيال حسن نصر الله    وزارة الصحة: إرسال قافلة طبية لدولة الصومال لتقديم الخدمات الطبية    مقتل شخص في مشاجرة بسبب خلافات سابقة بالغربية    شهداء وجرحى في غارات إسرائيلية متواصلة تستهدف بعلبك والمناطق الجنوبية اللبنانية    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا 29 سبتمبر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط» 28 سبتمبر 2024    أمين الفتوى: حصن نفسك بهذا الأمر ولا تذهب إلى السحرة    عاجل.. أول تحرك من الخطيب بعد خسارة الأهلي السوبر الأفريقي    مواقف مؤثرة بين إسماعيل فرغلي وزوجته الراحلة.. أبكته على الهواء    جوميز: الزمالك ناد كبير ونسعى دائمًا للفوز    حسام موافي: لا يوجد علاج لتنميل القدمين حتى الآن    زيزو: قرار استمراري مع الزمالك الأفضل في حياتي    ستوري نجوم كرة القدم.. احتفال لاعبي الزمالك بالسوبر.. بيلينجهام وزيدان.. تحية الونش للجماهير    برج القوس.. حظك اليوم السبت 28 سبتمبر 2024: لديك استعداد للتخلي عن حبك    فتوح أحمد: الزمالك استحق اللقب.. والروح القتالية سبب الفوز    وزير الخارجية يتفقد القنصلية المصرية في نيويورك ويلتقي بعض ممثلي الجالية    تزامنا مع مباراة الأهلي والزمالك.. «الأزهر للفتوى» يحذر من التعصب الرياضي    أذكار الصباح والمساء في يوم الجمعة..دليلك لحماية النفس وتحقيق راحة البال    علي جمعة: من المستحب الدعاء بكثرة للميت يوم الجمعة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ستيفن كوك .. "الشيطان الأمريكى" الذى جنده أوباما ل "اغتيال السيسى"
نشر في الموجز يوم 31 - 10 - 2016


يخصص مقالاته فى جميع الصحف لمهاجمة التظام الحاكم
يزعم أن سياسات النظام المصرى هى السبب فى انتشار الإرهاب فى ليبيا وقتل أطفال سوريا
يحرض المجتمع الدولي على عدم الاستماع ل "السيسي" وحجب جميع المساعدات عن الحكومة الحالية
يطالب المجتمع الدولى بمحاصرة الرئيس المصرى .. ومنح الإخوان فرصة مرة أخرى للاندماج فى الحياة السياسية
حمل الجيش المصرى مسئولية حصار قطاع غزة لغلقه الحدود والأنفاق متناسيا الجنود الذين يتساقطون يوما بعد الآخر
يبدو أن الغرب لا يزال يسلط سوطه صوب مصر أملا في أن يقضي على الدولة العربية الأكبر ومن ثم يؤول لهم كل الشرق لأوسط وقد جندت بعض الدل عددا من الكتاب والباحثين للقيام بهذا الدور ،ومن بين هؤلاء الكتاب الأمريكى ستيفن كوك, الذي نشر مقالا مطولا له في أحد أهم المجلات أمريكية وهي فورين بوليسي حيث زعم أن ما يحدث في مصر هو سبب كل أزمات الشرق الأوسط.
وردا على المقال نشرت صفحة وزارة الخارجية على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، مقال للمستشار أحمدأبوزيد، المتحدث الرسمي باسم الوزارة، فى دورية فورين أفريز (الشئون الدولية) لدحض هذه الاتهامات.
حيث قال أبوزيد في مقاله إن محاولة تحليل وشرح السياسة الداخلية والخارجية لدولة بأسرها من زاوية ضيقة هو أمر شديد الصعوبة، بل قد يضحي عديم الجدوى، وينطبق هذا الأمر علي المقال الأخير للمحلل المتخصص في شئون الشرق الأوسط ستيفن كوك بعنوان: "كابوس مصر: حرب السيسي الخطيرة على الإرهاب"، الذى يهدف إلي التأكيد على أن الدافع الوحيد وراء كل سياسات مصر كدولة هو هوس الثأر من جماعة الإخوان المسلمين. ومن المؤسف أن يتبني كوك وهو كاتب يحظى باحترام كبير في مجال تحليل شئون الشرق الأوسط، هذا النهج التبسيطي والسطحي في تناوله لسياسات مصر.
وأكد "أبو زيد" أن المؤلف حاول جاهدا أن يرسم رابطا ممكنا بين انتقاده للشئون الداخلية في مصر، وهجومه على سياسة مصر الخارجية، وجماعة الإخوان باعتبارها نقطة ارتكاز لحجته، على هذا النحو، يتأرجح المقال تحت وطأة هذا الأمر، مما أدى إلى خروجه علي نحو ضعيف وغير متماسك، ورغم ذلك، سنحاول الرد على بعض المزاعم الواردة بالمقال لتدارك ما به من مغالطات، ويرتكز هذا الرد علي التصدي لاثنين من العناصر الرئيسية لهذا المقال وهما: التصوير غير الدقيق للشئون السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر، فضلا عن التحليل الخاطئ للشئون الإقليمية ودور مصر فيها. حيث يزعم المقال إن الحكومة المصرية لا تركز سوي علي شيء واحد تحسنه صنعا ألا وهو: "قمع المواطنين "، حيث يمضي في ذكر أرقام وإحصاءات قد تم اجترارها كثيرا من قبل، كما فُضح زيفها لاحقا، ومن بين هذه المزاعم هو الادعاء بأن مئات المصريين اختفوا قسرا، وهو ادعاء لا يتسق والحجة الأصلية للمقال، ويبدو أنه قد حُشر بهدف وحيد وهو الإساءة إلي الحكومة المصرية، حيث ثبت أن هذا الادعاء ليس إلا محض خيال، فقد كشف تقرير صدر مؤخرا عن المجلس القومي لحقوق الإنسان أنه من بين 267 حالة، فإن 238 حالة تضمنت إما متهمين في انتظار المحاكمة أو أفراد أٌفرج عنهم بالفعل، وفقا لوزارة الداخلية، ويشير المقال أيضا إلى العدد الذي يتم الاستشهاد به كثيرا وهو وجود 40 ألف معتقل في مصر، دون وجود أية قائمة بأسماء هؤلاء الأفراد، ولا أي دليل عملي يدفع لتصديق هذا الرقم. تلك الادعاءات التى يتم ترويجها نجحت للأسف جزئيا فى تحقيق هدف الترويج لكذبة حتى تصبح حقيقة. وأوضح أبو زيد , أن الكاتب شجب أيضا السياسات الاقتصادية في مصر ونتائجها المزعومة، حيث يرسم صورة قاتمة بشأن الأفق المتاح، فضلا عن الإشارة إلي تدهور البنية التحتية والأنظمة الصحية، ومن هنا لا يتضح لنا كيف أن الهجوم علي الأداء الاقتصادي للحكومة المصرية يخدم حجته حول هاجس الحكومة بالقضاء على جماعة الإخوان، وهو ما يجعله مجرد نقد انتقائي يتجاهل الكثير من الاعتبارات الهامة
وأوضح أبو زيد أنه صحيح أن مصر تواجه تحديات اقتصادية خطيرة، ولكن إلقاء اللوم بطريقة أو بأخرى على الحكومة الحالية هو بمثابة غض الطرف عما مرت به البلاد من تحديات اقتصادية على مدار ثلاثين عاما، وزادت حدتها خلال السنوات الخمس الاخيرة من هزة سياسية، بالإضافة إلي السياق الاقتصادي الإقليمي والدولي المعقد.
وأضاف أبو زيد , أن الحكومة المصرية اتخذت قرارا جريئا بمعالجة المشكلات الهيكلية طويلة الأجل بالتوازي مع الاختلالات الاقتصادية قصيرة الأجل التي نتجت عن خمس سنوات من عدم الاستقرار والتحول السياسي، لافتا إلى أن الرؤية الطموحة لمصر 2030 تشمل خططا ومشاريع قطاعية من شأنها أن تسفر عن نتائج على المدى الطويل والقصير والمتوسط. كما يجري تطوير مشروعات ضخمة للتعامل مع الاحتياجات الهيكلية وكذلك تعزيز الاقتصاد، وخلق فرص عمل مؤقتة ودائمة.
وأضاف أن المقال بعد أن تبنى نهجاً متسرعاً في الحكم على الأوضاع الاقتصادية في مصر، تناول حيثيات فرضيته الأساسية بشأن الهواجس المزعومة التي تتملك الحكومة المصرية إزاء جماعة الإخوان، وتداعيات هذا الأمر على الأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية، بل وعلى المنطقة برمتها، فكاتب المقال يرى أن شعوب كل من غزة وسوريا وليبيا قد بدأت في دفع ثمن ما أسماه" مساعي مصر للقضاء علي جماعة الإخوان"، وهي الجماعة – على حد وصف الكاتب – التي تتمتع بجذور متأصلة في المجتمع المصري، وتتبنى مبادئ الأصالة والوطنية والإصلاح الديني التي تروق لجموع المصريين. ويهدف المقال من هذا المنطلق بأن حجم الخراب الذي يدّعي أن مصر ألحقته بالمنطقة في خضم محاولتها استئصال جماعة سياسية مسالمة، الأمر الذي ينطوي في الواقع على مغالطات شديدة.
ولعله من المفيد، وقبل أي شئ، التوصل إلى فهم واضح لحقيقة جماعة الإخوان وما تمثله، وذلك من أجل الوقوف على المسالب الواردة في تقييم كوك بشأن السياسات المصرية في المنطقة، فبالرغم من الصورة التي يحرص المقال على نقلها لقرائه، إلا إن الإخوان في حقيقة الأمر جماعة إرهابية، تتبني أيديولوجية وأفكار متطرفة وتلعب دوراًمحورياً في نشر هذه الأفكار، لقد كان من المتصور أن تعدد وتوافر الأسس التاريخية حول نشأة وتطور هذه الجماعة سيغنينا عن سرد الأدلة الدامغة التي تؤكد هذه الحقيقة، إلا أن المقال وللأسف الشديد فرض علينا خلاف ذلك، فحسن البنا، مؤسس الجماعة، تماشى بل ولجأ للعنف منذ البداية بحثاً عن تحقيق غايته، كما أن عرّابها الأول سيد قطب تبنى مبدأه المعروف ب "التكفير"، معتبراً أن من لا يتبنى هذا المبدأ مرتد وهدف للعنف، وقد أكد الخبير في شئون الشرق الأوسط إيريك تريجر في كتابه الأخير "الخريف العربي – كيف فاز الإخوان بحكم مصر وخسروه في 891 يوما" أن سيد قطب هو بمثابة الملهم لإرهابيّ هذا العصر كأنور العواقلى وأيمن الظواهرى. ومن المستغرب أن جماعة الإخوان لم تتبرأ قط من أفكار قطب رغم إدعائها الوسطية، بل أنها تتخفى خلف ستار من المسالمة في مخاطبتها للغرب في الوقت الذي تبث فيها أيديولوجيتها الكريهة داخل الشرق الأوسط.
واستكمل أبو زيد بأن سياسة مصر في المنطقة لا ترتبط بجماعة الإخوان ولا تستهدفها، بل هي موجهة ضد أفكار التطرف والإرهاب، تلك الأفكار التي تتعارض مع ما تعليه مصر من مبادئ وقيم على المستويين الداخلي والدولي. فحرب مصر ليست ضد الإخوان، بل ضد ظاهرة التطرف في عمومها وضد ظاهرة الإرهاب، الذي زرعت بذوره هذه الجماعة. فهذه الظاهرة تشكل خطراً محدقاً بكافة دول المنطقة وتمثل تهديداً وجودياً للنظام الإقليمي، باستهدافها للأبرياء على نحو يومي بمختلف المدن حول العالم.
وقال "أبو زيد" إن قراءة "كوك" لسياسة مصر الإقليمية لم تولي أدنى اعتبار لمقتضيات محاربة الإرهاب، حيث وجه سهام نقده لمحاولة مصر فرض حصار أحادى الجانب "يخنق" أبناء غزة لتدميرها الأنفاق، متجاهلاً في ذلك الحرب الضروس التي تخوضها ضد الإرهاب في شمال سيناء. فتدمير هذه الأنفاق لا يستهدف غزة بل هو ضرورة لأمن مصر القومي، ومن اللافت أن المقال تناسى الطبيعة غير القانونية والسرية لهذه الأنفاق التي لا تخضع للمراقبة، إلا أنه من المدهش أنه أقر بحقيقة استخدام الأنفاق لتهريب السلاح. وعليه، فإن الطرح المقدم بضرورة عدم إعاقة مصر لعمل هذه الأنفاق إنما يدعو إلى السخرية ويعد بمثابة موافقة على تسليح الإرهابيين على أرض مصر.
وأضاف أنه حتى الحكومة الإسرائيلية ، والتى يثنى الكاتب على دورها المزعوم فى توفير شريان الحياة الوحيد لأبناء غزة، تقر بما تشكله هذه الانفاق من تهديد لأمنها القومى، فإذا كان من غير الواضح ما إذا كان "كوك" يدفع نحو قيام الولايات المتحدة بالتخلي عن أمن إسرائيل القومي، إنه من الجليّ أن كاتب المقال يسعى، في محاولة لتبرير منطقه، إلى محو الجهود المصرية المبذولة عبر عقود دعماً لحقوق الشعب الفلسطيني ودفعاً لعملية السلام،وتواصلها المستمر مع كافة الأطرف لهذا الغرض.
وأكد أبو زيد أن المقال ملئ بالسقطات والهفوات في تناوله لسياسة مصر إزاء ليبيا، فعلى النقيض من الإدعاء المخزي الذي يتبناه المقال بمساهمة مصر في "عدم استقرار ليبيا" و"الإسراع بوتيرة تفككها" جراء محاولتها تحجيم الإخوان، إلا أن سياسة مصر تولي الاعتبار الأول في حقيقة الأمر حماية استقرار ليبيا ووحدتها الإقليمية، فموقف مصر يقوم على دعم اتفاق الصخيّرات لما يمثله من انعكاس لحالة التوافق بين الليبيين وكركيزة لاستقرار الدولة، حيث تساند مصر المؤسسات الوطنية التي أفرزها هذا الاتفاق كالمجلس الرئاسي ومجلس النواب وحكومة الوفاق الوطني فضلاً عن الجيش الليبي.
وعلق أبو زيد على إصرار كاتب المقال على الإدعاء بأن مصر تحرص على الانتقاص من حكومة الوفاق الوطني الحالية متناسياً أنها لم تحظ بثقة مجلس النواب بما أثر على شرعيتها، فمصر تؤكد على أهمية تشكيل حكومة وحدة وطنية وتقر كغيرها من أعضاء المجتمع الدولي بأهمية حصول هذه الحكومة على ثقة مجلس النواب.
وعليه فإن التغافل عن هذا الشرط للإيحاء للقارئ بأن مصر تعمل ضد مؤسسات الدولة الليبية لهو أمر أبعد ما يكون عن الحقيقة. بل إن مساندة مصر لجهود بناء مؤسسات الدولة الليبية قد امتدت للعب دور محوري في تشكيل المجلس الرئاسي الليبي والذي يضم في عضويته ممثلين عن التيار الإسلامي، بما يبرهن على دعم مصر للمؤسسية في ليبيا بعيداً عن أى فصيل سياسي، ومن هذا المنطلق يأتي دعم مصر للجيش الوطني الليبي في حربه ضد الميليشيات المتطرفة المتمردة والمنظمات الإرهابية في ليبيا (وليس شخص بعينه كما يدعي المقال).
وعلاوة على ذلك، جاء توصيف المقال المغلوط لسياسة مصر تجاه سوريا تأكيداً لما يقدمه من أطروحات مريبة. حيث يدعي أن الحكومة المصرية تدعم بشار الأسد "وتداوم على ترديد آرائه ومواقفه"، وذلك من أجل ضمان عدم حصول جماعة الإخوان على موطئ قدم لها في سوريا، وهو افتراض يستند بشكل كامل إلى اعتبارات واهية دون أى دليل على صحته. فالمقال يقر بأن مصر لم تدعم نظام الأسد بالسلاح أو المال أو الجنود، وإن كانت تكتفي بالدعم الرمزي، ولعل التساؤل الذي يطرح نفسه هو عن طبيعة هذا الدعم الرمزي فيظل عدم إصدار مصر لأى بيان داعم للأسد، ناهيك عن استضافة القاهرة لاجتماعات المعارضة المعتدلة في سوريا دليلا على عدم صحة كلامه.
وقال أبو زيد, إن موقف مصر إزاء الأزمة السورية كان واضحاً من البداية، فمصر تؤكد على حتمية الحل السياسي الذي يضم كافة الأطراف (في ظل قناعتها باستحالة الحل العسكري)، كما تطالب باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للتخفيف من المعاناة الإنسانية للشعب السوري، ومحاربة الإرهاب، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية ومؤسساتها الوطنية، وهي العناصر التي تشكل جوهر محددات مؤتمريّ جنيف كإطار عام للعملية الانتقالية. وقد أثمرت جهود الوساطة المصرية عن إبرام اتفاق لإجلاء المصابين وكبار السن من مدينة حلب, فهذه الجهود ما هي إلا نتاج لسياسة مصر، التي دائما ما تقف إلى جانب الشعب السوري دون غيره.
وقال أبو زيد إنه على ما يبدو أن السيد كوك لم يلتفت إلى حجم وعظمة هذا التحدي، فجوهر نقده لسياسة مصر الخارجية يعد بمثابة دعوة إلى التساهل مع الإرهاب والتطرف، التساهل مع تهريب الأسلحة في غزة، ومع الميليشيات في ليبيا بالرغم ما تشنه من حرب على الدولة، ومع المتطرفين في سوريا من أجل إسقاط الأسد.
وربما وهذا هو الأخطر، يدعو الكاتب إلى منح الإخوان فرصة أخرى في مصر رغم لفظ الشعب المصري لهم ولطغيانهم ولحكمهم والذي كان وللطف الأقدار لفترة وجيزة، وأضاف أن حرب مصر ضد الإرهاب والتطرف تقوم على مبادئ ثابتة في سياستها الداخلية والخارجية على حد سواء، وهي المبادئ التي يبدو أن "كوك" يصر على أنها تتسبب في حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، بل ويختزلها في مجرد صراع سياسي مع الإخوان، فأن هذه المبادئ هي التي ساعدت مصر على تجاوز العاصفة والاستمرار كعامل رئيسي لاستقرار المنطقة والتي لا تحظي بالكثير من هذا الاستقرار.
وأشار أبو زيد إلى أن مقال "كوك" ينحى باللائمة على مصر فيما يشهده الشرق الأوسط من مشاكل دون أى منطق أو مبرر، وقد أثار دون قصد تساؤلاً محورياً: كيف وصل الحال بالشرق الأوسط إلى ما يعانيه الآن من انكسار؟ فمحنة أبناء غزة مروعة ولكنها ليست بجديدة، إنها نتاج عقود من ازدواجية المعايير والتقاعس والمماطلة من جانب المجتمع الدولي بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.
وقال إن المتسبب في حالة الفوضى التي تموج بها ليبيا هو من رفض استكمال مهمته، فالحملة الدولية التي هدفت في الأساس إلى حماية الشعب الليبي لم تسفر إلا عن انهيار بناء الدولة القائم حينئذ، في ظل غياب أى شكل من أشكال التصور لكيفية إعادة البناء، لتقع ليبيا فريسة للإرهابيين والمرتزقة، موضحا أن الصراع في سوريا قد دخل في حلقة مفرغة وممتدة من العنف، وهو ما يعزى دون شك وإلى حد كبير إلى سياسات ضيقة الأفق تغض الطرف عما تمارسه فصائل تحارب بالوكالة لتحقيق مصالح سياسية لدول بعينها. ولعلنا نتساءل ما إذا كانت السياسات التي تنتهجها بعض الدوائر الغربية في السنوات الأخيرة باستمالة واحتواء قوى التطرف، والتي يؤيدها "كوك"، قد عجّلت وساهمت في التصاعد السريع والخطير للإرهاب والفوضى في المنطقة.
جدير بالذكر أن "كوك" كان قد بدأ مقاله بالحديث عن ثورة 2011، مشيرا إلى أنها بعثت التفاؤل لدى المصريين في ميدان التحرير، حيث ارتفع هتاف "ارفع رأسك أنت مصري"، لكنه سرعان ما تحول إلى النقد قائلا , اليوم لم يبق ما يدعو للفخر والأمل، فقد عادت البلاد إلى ما أسمته حكم ديكتاتور عسكري، زاعما أن السيسي أنشأ نظاما أكثر استبدادا من نظام مبارك، فأصبحت مصر اليوم، وبالمقاييس كلها، أسوأ مما كانت عليه قبل الثورة، فبقي الاقتصاد راكدا، وتدهور احتياطي مصر من العملة الصعبة إلى مستوى خطير، حيث وصل في شهر يوليو إلى 16 مليار دولار، وهو أدنى مستوى منذ سنة ونصف، وهو ما يكفي بالكاد لتغطية ثلاثة شهور من الاستيراد، بالإضافة إلى انهيار الجنيه المصري عندما بدأت الحكومة بتقنين إنفاق الدولارات
ورغم الانتقاد اللاذع للنظام الحالي اعترف كوك بوجود أسباب وجيهة لدى المصريين لكراهيتهم للإخوان، بعد تجربتهم القصيرة في الحكم ، موضحا بأن للإخوان جذورا عميقة في المجتمع المصري، تعود إلى عام 1928، عندما أنشأها حسن البنا، وكيف وجدت أفكارها صدى لدى الكثير من المصريين، بسبب معارضتها للصهيونية في الثلاثينيات، ثم معارضتها للملكية في الأربعينيات، وبعد ذلك معارضتها للاستعمار البريطاني في الخمسينيات، وأخيرا معارضتها للهيمنة الأمريكية حديثا. كما اعترف بأن مرسي لم يكن ملاكا، فقد هدد بتخبطه وعدائيته نسيج المجتمع المصري، وكان الجنرالات محقين في التخلص منه،إلا أنه عاد وانتقد المؤسسة العسكرية قائلا إن ضلوع الجيش في القضاء على مؤيديه لم يزد الأمور إلا سوءا، حيث زعزع استقرار البلد من الأعماق، ورفع من فرص انهياره التام
ولم يستطع كوك أن "يكمل" مقاله وهو يعترف بخطر مرسي والإخوان على المجتمع حيث استدرك قائلا : مع أن السيسي، وبدعم من الإعلام، استطاع أن يهول من الخطر الذي يشكله الإخوان المسلمون على البلد، وحشد دعما شعبيا لحكومته، إلا أن هناك أشياء عليه أن يركز عليها، مثل الفساد، والجمود البيروقراطي، الذي يشل النمو الاقتصادي، وقد أنفق السيسي أكثر من ثمانية مليارات دولار على توسيع قناة السويس، إلا أن الدخل من القناة لم يزد؛ لأن الزيادة المتوقعة في حركة السفن لم تحصل، وكان الأحرى إنفاق الأموال على تطوير البنية التحتية، التي يمكن لها تحفيز الاقتصاد، مثل شبكة المواصلات، كما يبقى هناك نقص في تمويل النظام التعليمي ونظام الرعاية الصحية، ولا تزال الحكومة قادرة بالكاد توفير مياه الشرب ، التى تسبب التهاب الكبد الوبائي (ج) على نطاق واسع.
وزعم كوك أن السيسي منذ وصوله للحكم سعى إلى تدمير حركة حماس، إلى درجة أنه حاول تشجيع إسرائيل خلال حربها على القطاع عام 2014 بأن تعيد احتلال غزة، موجهة الضربة القاضية لحركة حماس، لكن الإسرائيليين رفضوا على حد زعمه، ومنذ ذلك الحين أخذ السيسي الأمر على عاتقه، وفعل ما باستطاعته لخنق قطاع غزة، فقامت حكومته بخفض عدد الفلسطينيين الذين يستطيعون دخول مصر، وقام بإغلاق العديد من أنفاق التهريب بين غزة ومصر، التي كانت شريانا مهما لدخول السلع الغذائية لغزة ومواد البناء والأدوات والكماليات والأسلحة، وفي أواخرعام 2014 قام الجيش المصري بإنشاء منطقة عازلة، عرضها ربع ميل، حيث تم تدمير 800 بيت في العملية، وقام الجيش بعد ذلك بتوسيعها إلى نصف ميل، بتدمير 500 بيت آخر، ومع منتصف عام 2016 كان الجيش قد أزال بلدة رفح كلها، وأنشأ حزاما أمنيا، عرضه يتراوح بين 3 إلى 5 أميال، ويحتوي هذا الحزام على خندق في بعض أجزائه". ولم يوضح الكاتب أن سيناء أصبحت مهددة بالارهاب منذ ثورة 30 يونيو وكان قطاع غزة المصدر الرئيسي لمد الإرهابيين بكل ما يحتاجونه من عناصر وسلاح ومؤن ،كما نسى أن معبر رفح مجرد معبر حدودي لعبور أفراد وليس السلع ولم يذكر أن إسرائيل هي التي تحاصر القطاع منذ سنوات ،كما لم يذكر أن حماس هي أحد أفرع الجماعة بل زعم أنها منظمة إسلامية، ولها علاقة بالإخوان المسليمين، إلا أنهما تنظيمان مختلفان وبأجندتين وأسلوبين مختلفين، بالإضافة إلى أنه لا يوجد دليل واضح يشير إلى أن حركة حماس والإخوان المسلمين عملا معا لتقويض النظام المصري وفقا لقوله.
وادعى كوك أن مخاوف السيسي من الإخوان هي التي عملت على صياغة سياساته مع ازمات المنطقة ففي سوريا يرى أن الأولوية يجب أن تكون لمحاربة الإرهاب. موضحا أن إرهاب بالنسبة للرئيس المصري يعني الإخوان المسلمين وفي ليبيا يدعم القوى الليبرالية في مواجهة القوى السلمية زاعما بأن هذه السياسة أدت إلى زعزعة الاستقرار هناك.
وحمل مقال الكاتب أيضا إشارات وتلميحات لضرورة التدخل الأمريكي لمواجهة السياسات المصرية محذرا الكونجرس من ضم الجماعة في قائمة الإرهاب وموضحا أن هذا الأمر سيكون ضد المصالح الأمريكية في المنطقة .
وشجع كذلك على التدخل الأجنبي في القطاع قائلا "أما بالنسبة لغزة، فيحتاج الدبلوماسيون الأمريكيون إلى تشجيع الأتراك والقطريين، الذين يؤدون دورا في إعادة بناء غزة لتنسيق جهودهم لتخفيف ضغط الحصار المفروض من إسرائيل ومصر لمنع غزة من الانزلاق إلى الفوضى".
أما في سوريا، فيقول "كوك" إن فرصة واشنطن في النجاح في التخفيف من أثر دعم القاهرة للأسد أقل، فلمدة سنوات كانت سياسة أمريكا في سوريا "جبانة"، وسمحت للقوات الموالية للأسد بأن تحقق مكاسب على الأرض، وما لم تتدخل أمريكا بصورة أقوى فإن لديها القليل من الوسائل لضغط عليه.
أما في ليبيا، فيرى إن على أمريكا وأوروبا والأمم المتحدة دعم الحكومة الجديدة في طرابلس اقتصاديا وأمنيا، فدعم حكومة الوحدة في ليبيا قد يضطر المصريين إلى تغيير توجههم، وهو ما سيضعف حفتر".
واللافت أن الكاتب منذ فترة أخذ على عاتقه نقد الرئيس المصري ومحاولة تشويهه ففي سبتمبر الماضي طالب "كوك" بعدم تصديق الخطاب الذي سيدلي به الرئيس السيسي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة , متوقعا أن يكون حديثا مفروشا بالورود، على نحو يغاير الواقع الذي يعيش فيه المجتمع.
وشبه "كوك" في مقال له على موقع مجلس العلاقات الخارجية، إصرار السيسي على الادعاء بحدوث تقدم في مصر بمقولة أمريكية مفادها "التكرار الكثير لكذبة ما يحولها إلى حقيقة"، مستدلا بادعاءات فرنسا في خمسينيات القرن الماضي بأن الجزائر جزء أصيل منها.
وفي مقال آخر تحت عنوان "مصر إلى المجهول" نشر في نهاية العام الماضي على موقع مجلس للعلاقات الخارجية , مقالا ادعى فيه أن الدولة المصرية واهنة, وقادتها إما في حالة ذعر أو ارتباك مستمر, ولا أحد يملك السيطرة ،كما لا توجد سابقة لمثل هذه المجموعة المحددة من الظروف في تاريخ الدولة الشرق أوسطية، أو نموذج مألوف يساعد المراقبين على إدراك معنى ما يحدث وما سيأتي لاحقا لكن مهما كانت ماهية ذلك المجهول، يبدو أنه سيضحى ذاتي التدمير".
كما خصص "كوك مقالا" بموقع "مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي" للرد على مقال السيسي بصحيفة وول ستريت جورنال الذي نشر في أكتوبر من العام الماضى,
حيث زعم إن السيسي لم يكتب حقيقة المقال، وإن اختيار وول ستريت جورنال يرجع إلى تبنيها نهجا أكثر ودا مع الرئيس المصري، من نيويورك تايمز وواشنطن بوست
وانتقد ما جاء بالمقال قائلا: "سواء كان مقصودا أم لا، يكشف المقال أن السيسي يفهم ما يمكن أن يلامس المصريين، لكنه لا يفهم أن نهجه في الحكم يتناقض مع رغبات شعبه التي تتجاوز ذلك، المتمثلة في الكرامة، والتنمية الاقتصادية، والعدالة الاجتماعية، وحكومة تمثله". واتهم الباحث في مقاله السيسي، بأنه يشرف على نظام جرى تزويره لصالح القلة، تاركا باقي المجتمع في رحمة قضاء ظالم، وأجهزة أمنية وحشية، وبيروقراطية غير مبالية، على حد قوله. ووصف "كوك" ما حدث من تدخل عسكري لوضع نهاية لحكم مرسي القصير، بأنه استعاد نظاما يبقى ظالما بشكل عميق، ويخلو من الكرامة، بحسب وصفه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.