أوضح داميين شاركوف، مراسل مجلة نيوزويك الأمريكية في لندن, أنه للمرة الرابعة خلال عام، التقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قبل أيام رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو. وبدا مرتاحين وهما يتصافحان في الكرملين. ورأى شاركوف، أن زيارة نتانياهو لافتة، رغم أن تلك هي المرة الثالثة، منذ خريف 2015، التي يحط فيها نتانياهو في موسكو، بحجة الاحتفال بمرور ربع قرن على إقامة علاقات ديبلوماسية بين روسيا وإسرائيل. ويلفت شاركوف إلى أن الكرملين وتل أبيب لم يتواصلا عبر قنوات رسمية، إلا قبل 25 عاماً. فقد اعتبر الاتحاد السوفياتي إسرائيل كدولة مدعومة أمريكياً، وأيد قرار الأممالمتحدة في عام 1975، القاضي بموازاة الصهيونية بالعنصرية. وفي نفس الوقت، نظرت إسرائيل إلى موسكو باعتبارها داعمة لخصومها الإقليميين كسوريا ومصر. لكن الحال تغيّر الآن بدرجة كبيرة. وكتبت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عشية اللقاء: "لم تكن العلاقات بين إسرائيل وروسيا أفضل مما هي عليه اليوم". ولبوتين ونتانياهو مجموعة من المبررات التي تقرب بينهما، وليس من المستبعد أن يتواصلا في مناسبات أخرى. ويشير المراسل إلى تنفيذ البلدين عمليات عسكرية في سوريا المنكوبة بصراع دموي. وقد بدا أن سوء فهم أدى لإسقاط تركيا لمقاتلة روسية في نوفمبر 2015، بعدما ادعت تركيا بأن المقاتلة دخلت مجالها الجوي. ولذا يعتقد ستيفين سيستانوفيتش من مجلس العلاقات الخارجية، أنه من الضروري إبقاء قنوات التواصل مفتوحة بين الجانبين. ويقول سيستانوفيتش إن" العلاقة بين الدولتين واضحة، وخاصة بعد تدخل روسيا في المنطقة في العام الماضي. ويحرص الإسرائيليون على تقليل خطر حدوث صدامات مع عملياتهم العسكرية في المنطقة". ويرى داراج ماكدويل، المحلل الرئيسي حول أوروبا ووسط آسيا في فيريسك مابليكروفت لإدارة المخاطر أنه بالنسبة إلى تل أبيب "تساعد العلاقات مع موسكو في التأثير على سلوك كل من سورياوإيران، شركاء روسيا في المنطقة". ويلفت شاركوف إلى أنه في حين كانت الولاياتالمتحدة ضامنة قوية لحماية إسرائيل من إيران، عارض نتايناهو بشدة الصفقة الإيرانية التي وقعتها إدارة الرئيس أوباما مع طهران. وفي نفس الوقت، تصدّر روسيا السلاح لإيران، وتقوم حالياً بتسليمها نظام صواريخ إس 300. وتأمل إسرائيل أن تساعدها علاقتها الوثيقة بروسيا في منع مليشيات مدعومة من إيران من الحصول على أسلحة جديدة. يقول ماكدويل:" تقبلت إسرائيل قرار موسكو بتسليم إيران نظام الصواريخ، ولكنها تثمن قدرة روسيا على إقناع طهران بعدم نقل الأسلحة، وسواها من المعدات العسكرية إلى حزب الله، وسواه من وكلائها في المنطقة". في المقابل، يقول شاركوف، أدى التدخل العسكري الروسي في سوريا لتقوية تواجد موسكو في المنطقة، وهي تعمل حالياً من خلال قاعدة جوية قريبة من اللاذقية، وأخرى عسكرية في طرطوس. وإذا كانت روسيا تنوي البقاء لمدة طويلة في الشرق الأوسط عبر سوريا، فستكون إسرائيل حليفاً استراتيجياً لها. ولا بد أن تستفيد موسكو من الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية. وبالإضافة إليه، لكل من البلدين حصة في ما يجري في سوريا، ومن شأن تعزيز التعاون بينهما أن لا يكرر حوادث مشابهة لإسقاط تركيا لمقاتلة روسية. إلى ذلك، ينوي نتانياهو الاحتفاظ بهضبة الجولان، وهو ما أكد عليه عند زيارته لموسكو في إبريل( نيسان)، واصفاً الحديث عن السيطرة على المنطقة ب" الخط الأحمر". ونظراً لكون روسيا تمثل أكبر حليف للحكومة السورية، فإن إقامة علاقة وثيقة مع الكرملين تقوي بالتأكيد موقف إسرائيل إذا سعت لنيل اعتراف دولي بسيطرتها على الجولان. ويقول شاركوف إنه بسبب إخفاق روسيا في إقناع شركاء للغرب في المنطقة، مثل تركيا والمملكة السعودية، بدعم نظام الأسد، فإن توثيق علاقتها مع إسرائيل، حليفة استراتيجية لأمريكا، سيؤدي لتعزيز مصداقيتها كقوة ديبلوماسية على حساب الولاياتالمتحدة. ومن جانبه، يطمح ناتانياهو لحصد أصوات اليهود من أصل روسي الذين هاجروا إلى إسرائيل، وباتت لهم كتلة انتخابية نافذة.