تطرق الصحفى البريطانى مارتن تشولوف, إلى استخدام "التجويع" كسلاح للحرب في سوريا، لأن المساعدات التي تصل إلى المناطق المحاصرة ضئيلة، وأشار الى تسجيل مزيد من الوفيات بسبب الجوع وسوء التغذية المنتشرين على نطاق واسع. وأوضح فى تقرير له بصحيفة جارديان البريطانية، أنه على الرغم من وقف إطلاق النار الجزئي الذي يهدف خصوصاً إلى تخفيف المعاناة الإنسانية العميقة وتمهيد الطريق لمسار سياسي يمكن أن يضع نهاية للحرب في سوريا، فإن "التجويع" لا يزال مُستخدماً كسلاح في هذه الحرب. ومع مرور قرابة ستة أسابيع على تنفيذ وقف النار أو "الهدنة"، يرى مسؤولون بالمنظمات غير الحكومية أنه لم يمكن تحقيق أي من هذين الهدفين، ولا تزال المساعدات التي يتم توفيرها إلى المناطق المحاصرة من الحكومة السورية "ضئيلة". وبحسب منظمة "أطباء بلا حدود"، شهدت المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية قرب دمشق ظروفاً قاسية خلال الأسبوعين الماضيين تحديداً، إذ قصف مستشفيان وقتل آخر طبيب في منطقة الزبداني على يد أحد القناصة، وأزيلت الأدوات الطبية الأساسية من قوافل المساعدات، فيما لا يزال الطريق إلى المناطق الأكثر حرماناً مقطوعاً. ويلفت التقرير إلى تحذيرات الأممالمتحدة من تفاقم الأزمة الإنسانية بسبب رفض المسؤولين الحكوميين السوريين، بشكل متكرر، الموافقة على منح التصاريح اللازمة لدخول الشاحنات المحملة بالمواد الغذائية والأدوية إلى المناطق المحاصرة (عددها 15 منطقة). وصرح يان إيجلاند، المستشار الخاص لمبعوث الأممالمتحدة إلى سوريا "أن أربعة قوافل للمساعدات، من أصل خمسة، لم يُسمح لها بالتحرك في الأيام الأخيرة". ويضيف إيجلاند: "حصل حوالي 45 ألف شخص، في المنطقتين اللتين استطعنا الذهاب إليهما (تل ملح وعفرين)، على الإغاثة. ومنذ بداية العام وحتى الآن، وصلنا إلى 446 ألف شخص تقريباً في المناطق المحاصرة، ولكن الأمور لا تسير نحو الأفضل؛ إذ إننا في الواقع نعاني من التباطؤ". ويرى التقرير أن المناطق التي يصعب الوصول إليها هي تلك المحاصرة من النظام السوري أو وكلائه. وثمة ثلاثة أجزاء أخرى من سوريا واقعة تحت الحصار؛ إذ يفرض تنظيم داعش الإرهابي حصاره على اثنين منهما، أما الثالث فهو محاصر من فصائل إسلامية في شمال حلب التي تطوق جزئياً قريتين شيعيتين. ولكن التقرير يشير إلى أن المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية في الغوطة وبرزة وداريا بضواحي دمشق والزبداني ومضايا، الأقرب إلى الحدود اللبنانية، تُعد الأكثر تضرراً، مسجلاً حصول وفيات جديدة بسبب الجوع وسوء التغذية المنتشرين على نطاق واسع. ويلفت التقرير إلى رسالة كتبتها نساء في مدينة داريا هذا الأسبوع من أجل الحض على بذل مزيد من الجهود لتقديم المساعدات. ووصفت تلك الرسالة الحالة الإنسانية المزرية التي يعانيها سكان المدينة في ظل الافتقار الى المواد الغذائية وانتشار حالات سوء التغذية، وحرمان الأطفال من الحليب أو حتى الرضاعة بسبب سوء تغذية الأمهات، فضلاً عن عدم توافر الأشياء البسيطة والضرورية من مواد التنظيف للوقاية من الأمراض. يقول التقرير: "عقب وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعهد المسؤولون السوريون السماح بوصول مزيد من المساعدات إلى المناطق المحاصرة. وفعلاً، تراجعت الهجمات، ولكن الاتفاق لا يشمل المناطق التي تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية مثل داعش وجبهة النصرة، كما استهدفت أيضاً جماعات المعارضة وخصوصاً في المناطق المحرومة". وبحسب منظمة أطباء بلا حدود، تعرض مستشفيان تدعمها في منطقة الغوطة الشرقية إلى القصف الأسبوع الماضي، الأمر الذي أسفر عن مقتل 38 شخصاً وإصابة 87 آخرين، من بينهم خمسة أفراد من الطاقم الطبي. وتضيف المنظمة: "لم يتلق الأطباء الذين نتحدث إليهم أي نوع من المساعدات في مدينتي داريا ودوما، ولا يزالون محرومين تماماً من المساعدات الإنسانية الرسمية، ويحصل الأمر نفسه في مناطق أخرى مثل برزة بالقرب من دمشق". وتنقل منظمة أطباء بلا حدود عن أطباء أن قوافل المساعدات التي تصل إلى مناطق أخرى لا تحتوي على الأدوات الطبية الأساسية مثل الإمدادات الجراحية والتخديرية وأكياس الدم، كما أن كميات سوائل الحقن الوريدي كانت دائماً غير كافية. ومع أنه من المقرر استئناف مفاوضات جنيف للسلام هذا الشهر، يتوقع مارتن تشولوف، كاتب التقرير أن تمضي المفاوضات، على الأرجح، في اتجاه طريق مسدود في شأن مصير الرئيس السوري بشار الأسد، الذي تصر جماعات المعارضة على رحيله قبل دخول الانتقال السياسي حيز التنفيذ، بينما يرى كل من روسيا وإيران أن دوره ومصيره غير قابلين للنقاش.