يبقي الدكتور محمود محيي الدين وزير الاستثمار الأسبق، الأوفر حظاً بين وزراء عصر المخلوع مبارك، ليس فقط لأنه خرج من الوزارة قبل ثورة 25 يناير 2011 بخمسة شهور فقط، بل لأنه نال شهرة دولية في الأوساط الاقتصادية العالمية بوصوله إلى منصب النائب الأول لرئيس البنك الدولي في الوقت الذي واجه فيه وزراء هذا العصر السجن أو النفي خارج البلاد اختياريا أو إجباريا. التحق "محيي الدين" بالبنك الدولى فى شهر سبتمبر 2010 كأول مدير عربى في البنك، والتى رآها البعض وقتها مكأفاة له من البنك الدولي على تدمير الاستثمار في مصر ولكنه رغم ذلك نجح في منصبه الجديد في تحقيق نجاحات فى جميع الملفات، التى أسندت إليه ومنها ملفات مكافحة الفقر والتنمية المستدامة ومتابعة أهداف برنامج الألفية، ليتم تعيينه مبعوثًا لرئيس البنك لشئون الأهداف الألفية للتنمية وعمليات تمويلها في عام 2013 ثم أمينًا عامًا لمجموعة البنك الدولى في العام الذي يليه. وفي يناير الماضي تولى منصب نائب أول رئيس البنك الدولي للتنمية المستدامة والأمم المتحدة والمشاركات الدولية في سابقة هي الأولى من نوعها ليصبح أول مصري وعربي يتولى هذا المنصب في تاريخ البنك منذ تأسيسه عام 1944 ليتولى مسئولية متابعة تمويل وتنفيذ إجراءات البنك لمساندة الدول في مجال التنمية. صعد نجم "محيي الدين"، آخر وزير للاستثمار في عهد المخلوع، وسط مجموعة محسوبة على نجله الأصغر جمال مبارك، أطلقت على نفسها "فريق الإصلاح" وضمت لجنة السياسات في الحزب الوطني المنحل وعدداً من الوزراء الجدد، أمثال رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة ويوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق. عمل "محيي الدين" وزيراً للاستثمار في حكومة نظيف علي مدى أكثر من 4 آلاف يوماً ارتبط اسمه بالعديد من الوقائع المتعلقة بخصخصة مصانع وشركات القطاع العام التي شابها فساد كبير، ليلقب بوزير الخصخصة من خلال تسهيل عمليات بيع ممتلكات الدولة لرجال الأعمال المحسوبين على النظام آنذاك، كما ارتبط أيضاً بمشروع قانون الصكوك الشعبية أحد أبرز "فناكيش" عصر مبارك الذي لم يلق قبولا لدي المجتمع. لاحقته قضايا الفساد والبلاغات مثل جميع أعضاء حكومة أحمد نظيف أعقاب 25 يناير، ولكن كان آمنا في سربه في واشنطن مقر البنك الدولي، في الوقت الذي كان فيه رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة الأسبق يتنقل بحذر بين الإماراتو قطر والسعودية وبريطانيا وتركيا، والهارب الأخر يوسف بطرس غالي وزير المالية الأسبق منفياً في لندن. وكما أنه كان الأكثر حظا في خروجه المبكر آمنا من مصر فى وقت مناسب، كان نصيبه من البلاغات المقدمة للنائب العام التي لاحقت جميع وزراء حكومة نظيف الأقل عدداً،و خرج منها مثل "الشعرة من العجين"، حيث لم يتورط في أية مشكلات أو تهم أو قضايا فساد، بحسب تحريات النيابة. وبصفته وزيراً للاستثمار كان من نصيبه بلاغين قدمهما يحيى حسين عبدالهادي، رئيس حركة "لا لبيع مصر" في مايو 2011، للمستشار عبدالمجيد محمود، النائب العام في حينها، بتهمتي الإضرار العمدي بالمال العام وتسهيل الاستيلاء عليه في قضية عمر أفندي، ونفس التهمتين في قضية بيع أرض شركة "إيجوث" بميدان التحرير. فيما جاءت القضية الثانية التى أحالها المستشار طلعت عبدالله، النائب العام في عهد المعزول محمد مرسي، بعد البلاغ المقدم من أسامة على، أحد مساهمي شركة أجواء للصناعات الغذائية، ضد وزير الاستثمار الأسبق، إلى نيابة شرق القاهرة للتحقيق، وذلك لاتهامه بالفساد في البورصة المصرية واللعب في بيع وشراء أسهم الشركة والتربح غير القانوني. لم يقتصر الأمر علي اتهامه محلياً في قضايا فساد، بل امتد لملاحقته دوليا بحكم منصبه بالبنك الدولي، ففي عام 2011 تقدمت منظمة "جاب" الأمريكية، وهي منظمة من نشطاء دوليين ضد الفساد، بطلب إلى البنك بالإفصاح عن إقرارات الذمة المالية لمحمود محي الدين، وكما وأن التحقيقات لم تثبت تورطه في أي قضايا فساد في مصر، رفضت إدارة البنك الدولى الكشف عن ذمته المالية بل وقامت بترقيته. ومؤخراً جاءت دعوة الدكتور مصطفى الفقي، المفكر السياسي، باستدعاء الدكتور محمود محيي الدين، وزير الاستثمار الأسبق، لاستشارته في الوضع الاقتصادي إذا لم يكن مدان قانوناً، وقبلها كانت زيارته الأولى لمصر بعد أكثر من أربعة سنوات كاملة علي تركه البلاد منذ 2011، لاسيما وأن اسمه لم يكن ضمن قوائم المطلوبين في أي من القضايا التي تلاحق الوزراء والمسئولين في عهد المخلوع. وعلى الرغم من أن خروج محمود محيي الدين قبل 5 سنوات بدد حلمه في أن يصبح وقتها رئيسا للحكومة، هناك من يقوم بترشيح محيي الدين لمنصب رئيس الوزراء، عقب انتهاء عمر حكومة المهندس شريف إسماعيل التي أوشك رصيدها على النفاذ لدى الشارع المصري.