أكد الكاتب الأمريكى, إيلي ليك، أن الانتخابات الإيرانية جاءت بالأسوأ على مدار التاريخ لتولى مناصب قيادية بالدولة وأوضح الكاتب في مقاله الذي نشرته وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن مجلس صيانة الدستور الإيراني حرم معظم الإصلاحيين من الترشح في يناير ولكن بفضل سحر السياسة الإيرانية، أصبح كثير من متشددي الأمس إصلاحيو اليوم. وضرب الكاتب مثلاً بالمرشح كاظم جلالي الذي ظل يُصنَّف حتى هذا الشهر كأحد هؤلاء المتشددين الذين كان الرئيس باراك أوباما يأمل في تهميشهم عبر الاتفاق النووي، وكان جلالي دعا لإصدار حكم بالإعدام على اثنين من قادة الحركة الخضراء، اللذين يخضعان حالياً للإقامة الجبرية، ورغم ذلك، ترشح على قائمة الإصلاحيين في انتخابات يوم الجمعة. وبالمثل، هناك وزيران سابقان في الاستخبارات، كانت المعارضة الديمقراطية الإيرانية وجهت لهما اتهامات باغتيال معارضين، وهما محمد محمدي ريشهري وقربان علي دري نجف آبادي، ترشحا أيضاً على القائمة التي أقرها الرئيس المعتدل حسن روحاني لمجلس الخبراء، وهي الهيئة المنوط بها اختيار المرشد الأعلى القادم. وينوه الكاتب إلى أن حركة الإصلاح الإيرانية الأولى في أواخر التسعينيات طالبت بمزيد من الحريات الاجتماعية والسياسية للمؤسسات غير المنتخبة من الحكومة الإيرانية، مثل مكتب المرشد الأعلى ومجلس صيانة الدستور. ومع مرور الوقت، عملت هذه المؤسسات غير المنتخبة على إحباط التغييرات التي دعمها إصلاحيون مثل محمد خاتمي، الذي شغل منصب الرئيس بين عامي 1997 و2005، وعندما تقدم الجيل التالي من الإصلاحيين للرئاسة في عام 2009 تحت لواء الحركة الخضراء، ألقت المؤسسات غير المنتخبة للدولة القبض على أنصارها عندما تظاهروا ضد ما اعتبروه انتخابات مسروقة. ويوم الجمعة، ترشح العديد من المتشددين الذين عارضوا الإصلاحيين في أواخر التسعينيات وعام 2009، تعمل تحت لواء هذا الشعار. ونقل الكاتب عن الخبير في السياسة الإيرانية بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات الأمريكية سعيد قاسمي نجاد، قوله: "إن منح المتشددين علامة إصلاحي أو معتدل لا يجعل منهم إصلاحيين أو معتدلين". وأشار الكاتب أن التحول حدث بسرعة شديدة لدرجة أن المرشحين أنفسهم فوجئوا بذلك في بعض الحالات، وكما كتبت المحللة في مشروع التهديدات الحرجة بمعهد المؤسسة الأمريكية كيتلين شايدا بندلتون، أن اثنين من المرشحين على قائمة روحاني لمجلس الخبراء، وهما آية الله علي موحدي كرمانلي وآية الله محمد علي تسخيري، ذكرا للصحافيين إنهما لم يطلبا ضمهما لقائمة الإصلاحيين المزعومة. وقال تسخيري: "أعتقد أن المحافظين يمثلون الطريقة الصحيحة، بينما يمثل الإصلاحيون أو المعتدلون الطريقة غير صحيحة". وأضافت بندلتون أن "كثيراً من المرشحين الذين يتم وصفهم بالإصلاحيين، وليس كلهم، في كل من الانتخابات البرلمانية وانتخابات مجلس الخبراء هم في الواقع معتدلين أقرهم القادة الإصلاحيين كاحتياطي، بعد استبعاد مجلس صيانة الدستور لمعظم الإصلاحيين الذين حاولوا الترشح". وينبه الكاتب إلى ضرورة أن تكون هناك عناية أكبر عند وضع عناوين الصحف التي تروي قصصاً أخرى، مثل الغارديان التي قالت إن "الانتخابات الإيرانية وجهت ضربة للمتشددين مع حصد الإصلاحيين للمكاسب"، وشبكة "بي بي سي" التي خلصت إلى: "فوز الإصلاحيين بجميع مقاعد طهران البالغة 30" وغيرهما. وبرغم كل شيء، قام الرئيس حسن روحاني، وهو سياسي معتدل وليس سياسي إصلاحي، بالاحتفال بالنتائج الأولية للانتخابات معتبرها انتصاراً كبيراً، وبعد انتقاده عمليات الاستبعاد، حاول تحقيق أكبر قدر من الفوائد من وضع سيء، مشجعاً الإيرانيين على التصويت برغم كل شيء. وينطبق الشيء نفسه على كثير من الإصلاحيين المهمشين، ومنهم خاتمي، الذي أصدرت الدولة مرسوماً يقضي بعدم ذكر اسمه في وسائل الإعلام الإيرانية، إذ أرسل رسالة عبر شبكة التواصل الاجتماعي "تليغرام"، يحث فيها مواطنيه على التصويت. ويرى الكاتب أن المنطق وراء تلك الدعوات لمواصلة التصويت، هو أن يصوت الناخبون لصالح المتشددين الأقل رجعية، لهزيمة المتشددين الأكثر رجعية، وهذا لا يُعد انتصاراً للتغيير الديمقراطي في إيران، ومن المهم أن يدرك ذلك الغربيون الذين يحاولون فهم الانتخابات الإيرانية. ويحذر الكاتب الغرب من الانجراف وراء الساسة الإيرانيين الذين يريدون الخروج بأفضل نتيجة من وضع سيء، فالصحافيون والمحللون الغربيون ليسوا بحاجة، كما يقول الكاتب، إلى إضفاء شرعية على انتخابات غير شرعية، ولا ينبغي لهم أن يطلقوا على المتشددين "إصلاحيين"، ومن المهم، على أقل تقدير، الاحتفاظ بمستوى أعلى لليوم الذي يُسمح فيه للإصلاحيين الحقيقيين التنافس بصورة عادلة على السلطة في إيران. ويلقي الكاتب باللوم على بعض الأنصار المزعومين لإيران في الغرب، ممن لا يكشفون خديعة الانتخابات في إيران مثل الناشط الإيراني السويدي تريتا بارسي، الذي لعبت مؤسسته الأمريكية دوراً رئيسياً في الضغط من أجل الاتفاق النووي، الذي كتب مساء الأحد أن منتقدي الانتخابات أساؤوا فهم ما سماه مجازاً "العيوب الموجودة في النظام السياسي الإيراني"، مشيراً إلى أن "الناخبين الإيرانيين يتمتعون بالنضج والحكمة لتغيير المجتمع بشكل سلمي من الداخل، دون أي دعم أو تدخل من الخارج". وفي الختام، يبدي الكاتب إيلي ليك استغرابه من إيراني يدعي دعمه لانفتاح المجتمع الإيراني، بينما يشيد ب"نضج وحكمة" ناخبين اختاروا "إصلاحيين" يدعمون استبعاد الإصلاحيين، وهذا هو سحر الانتخابات الإيرانية، حيث لا يحتاج المرشد الأعلى الإيراني للدفاع عن شرعيته في الوقت الذي يوجد هناك الكثير في الغرب ممن يحرصون على القيام بهذه المهمة.