كشفت مصادر مطلعة إن إيران تتجسّس على الشرق الأوسط وذلك باختراق المئات من الأهداف حول العالم من بينهم وزراء مالية عرب ومسؤول كبير في السفارة القطرية في لندن والكثير من الشخصيات والمؤسسات السعودية والصحفيين ونشطاء حقوق الإنسان في المنطقة. وذكرت مصادر من شركة "كلير سكاي" في إسرائيل أن قراصنة إيرانيون اخترقوا بيانات إسرائيلية حساسة وحصلوا على معلومات حول العشرات من الشخصيات العسكرية رفيعة المستوى فضلا عن قواعد بيانات شركات أمنية. وأشارت المصادر حسب صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" على موقعها الإلكتروني، الاثنين، إلى أن الهجمات الإلكترونية الإيرانية التي تتم بشكل يومي منذ عام تقريبا "تحقق نجاحا كبيرا". ويأتي هذا بعد أيام من حديث تقارير غربية عن شكوك حول تجسّس إسرائيل على المحادثات النووية التي تجري بين إيران والدول الست الكبرى في الفنادق التي احتضنت المفاوضات عبر زرع فيروس "كروم 2" المتطور في ثلاثة منها في سويسرا. وكانت إسرائيل نفت، الخميس الماضي، تورطها في التجسس على المفاوضات التي جرت في الأشهر الماضية في سويسرا والنمسا اللتين تحققان في ذلك الاختراق غير المسبوق. وفي الوقت الذي لم يتسن لنا التأكد من صحة هذه المعلومات من مصدر مستقل، لم تعلق طهران على هذه المعطيات الجديدة التي تدخل في سياق الحرب النفسية بين الجانبين، وفق محللين. واستنادا لمصادر متطابقة، فإن تلك الهجمات بدأت منذ يوليو الماضي وأن باحثين يعملون في الشركة اكتشفوا اختراق 550 بريدا إلكترونيا "حساس" من بينهم 40 بريدا إلكترونيا يعود إلى ضباط إسرائيليين كبار متخصصين في الغالب في مجال بحوث الشرق الأوسط وإيران والعلاقات الدولية. واستخدم "الهاكرز" الإيرانيون تقنيات "التصيّد المستهدف" الذي يقوم من خلاله بجمع بيانات عن المستخدم باستخدام صفحات إنترنت كاذبة تبدو وكأنها حقيقية، وكان أبرز ضحاياهم من السعودية بنسبة 40 بالمئة، تليها إسرائيل 14 بالمئة ومن ثم اليمن 11 بالمئة. ويقول المتخصصون في الأمن المعلوماتي إن من يشن تلك الهجمات، الأولى على ما يبدو بهذا الحجم، هي مجموعة إيرانية تطلق على نفسها "أجاكس تيم" وهي تعمل منذ 2010 بدوافع أيديولوجية وتابعة للحرس الثوري الإيراني على الأرجح. كما أوضحوا أن مستوى الحرفية للمجموعة مرتفع على الرغم من أن الوسائل المستخدمة ليست بنفس المستوى، وأنه من الملاحظ وجود أخطاء فنية وقعوا فيها وكذلك أخطاء واضحة في النصوص التي أرسلوها إلى الضحايا لإغرائهم. ووصف خبراء في الأمن الإلكتروني أن هذه الهجمات لو تأكدت صحتها فإنها تعتبر الأعنف منذ فترة طويلة وذلك نظرا لاستمراريتها وإصرارها على الوصول إلى هدفها الذي ترسمه بعناية. وشملت الهجمات محاولة ضرب قواعد بيانات منشآت حيوية وبنى تحتية رقمية، حيث كان هدفها الأساس هو تحويلها إلى قاعدة للوصول إلى المزيد من الضحايا مثل السيطرة على عشرات الآلاف من البريد الإلكتروني وسرقة ما فيه من معلومات واستخدام هذا البريد في أغراض "خطيرة". ومع أن تلك الأخطاء التي كانت من بين أسباب التشكك في طبيعة الرسائل الواردة للبريد الإلكتروني للمستهدفين، لكن المحققين أكدوا أن القراصنة نجحوا في مهمتهم إلى حد كبير وأن الشهر الماضي وحده شهد العديد من الاختراقات الخطيرة لحواسب حساسة وسرقة تفاصيل في غاية السرية. ويعتقد العديد من المراقبين أنه حتى لو لم يتم التأكد من أن إيران وإسرائيل تطلقان عمليات للتجسس على بعضهما البعض أو حتى على غيرهما من دول الشرق الأوسط، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه لا توجد حرب خفية في الظلام بينهما حول امتلاك التكنولوجية والقدرات المتطورة في عالم المنافسة الإلكترونية ولأن التجسس الإلكتروني يعتبره الكثيرون حربا حقيقية، فهي تحتاج إلى عدوين، فالدول الغربية وإسرائيل ليست الطرف الوحيد الذي يقوم بمحاولات الاختراق وابتكار فيروسات التجسس بل هناك أيضا في الطرف المقابل إيران ودول أخرى حليفة معها تقوم بمحاولات لاختراق الشبكات الحيوية في إسرائيل وكثير من تلك المحاولات يتم التصدي لها. ويتزامن الإعلان عن عمليات التجسس الإيرانية مع زيارة وفد إسرائيلي رفيع يقوده مستشار الأمن القومي الإسرائيلي يوسي كوهين إلى واشنطن لبحث المفاوضات النووية مع الجانب الأميركي في محاولة اللحظات الأخيرة للتأثير على التوقيع على اتفاقية نووية مع إيران. واجتمع كوهين مع نظيرته سوزان رايس فضلا عن أعضاء من فريق التفاوض مع إيران للسعي إلى التأثير على تفاصيل الاتفاقيات بما يتماشى مع مصالح إسرائيل، قبل إبرام اتفاق نهائي بحلول الشهر الجاري. ورغم أن إيران التي طلبت من الحكومة النمساوية اتخاذ تدابير فورية لحماية مكان المفاوضات النووية بعد اكتشاف التجسس الإسرائيلي، كونها في سباق مع الزمن لإبرام اتفاق نووي مع القوى العظمى يخرجها من أزمتها الاقتصادية الخانقة، إلا أن المؤشرات تدل على أن المباحثات قد تطول وذلك بعد أن لوّح وزير الخارجية الأميركي جون كيري بذلك. يذكر أن شركة مكافحة التجسّس الروسية "كاسبرسكاي" كشفت عن فيروس "دوكو" الذي له علاقة بفيروس "ستوكسنت" الذي تعقبت بواسطته إسرائيل البرنامج النووي الإيراني قبل عدة أشهر أو سنوات عن طريق التأثير في بعض أنظمة الكمبيوتر وأجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم بعد أن أطلق سراحه في العام 2010.