قالت مجلة كومنتري الأمريكية إن من أكبر الفرص التي ضيعتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش، كان إدارة ظهرها لحركة إيرانية شبيهة بتلك التي نظمها "ليش فاليسا" في بولندا، قبل أكثر من خمس وعشرين عاماً. وفي حين يكثر أنصار القوة الناعمة ومن يسعون لتمكين المجتمع المدني، الحديث عن دور المنظمات غير الحكومية "إن جي أو"، فإن الحقيقة الساطعة في معظم دول الشرق الأوسط هي أن الحكومات هي التي تسيطر على عمل تلك المنظمات، وأن قلة منها تعمل خارج ذلك الإطار. وفي أحدث أعدادها الإلكترونية وكان ذلك هو الحال دوماً في الجمهورية الإسلامية في طهران، بحيث يدير اليوم الحرس الثوري والهيئات الثورية، والدولة نفسها 40٪ من النشاطات الاقتصادية في إيران. وقد داست الدولة على حقوق العمال الذين لم يتقاض بعضهم أجورهم منذ أكثر من ثمانية أشهر. وتقول المجلة إن العيش في ظل تلك الظروف القاهرة هي التي دفعت منصور "أوسانلو" للخروج عن صمته ليقول "كفى". فقد كان الرجل زعيماً لنقابة سائقي فاهد للحافلات، وقاد في عام 2005 "إضراباً غير قانوني". وقد ألقي القبض عليه، ولكنه انتصر في نهاية الأمر، ونشأت أول نقابة عمالية مستقلة في إيران. ومن ثم تبع تلك الخطوة إنشاء نقابة عمال قصب السكر في إقليم خوزستان الإيراني. ولكن، حاربت إدارة الرئيس حسن روحاني زعماء النقابات العمالية (أو أفراد أسرهم)، المطالبين بحقوقهم، وتم اعتقالهم، وإعدام بعضهم. وتم كل ذلك في ظل الدعاية لروحاني بوصفه الرئيس الإصلاحي. وتشير المجلة، إلى أن كل ذلك لم يمنع العمال الإيرانيين من المطالبة بحقوقهم. وبحسب وكالة أخبار العمال الإيرانية شبه الرسمية، شن آلاف المعلمين احتجاجاً ليس في طهران وحسب، جميع المدن الإيرانية شهدت احتجاجات للمعلمين باستثناء مشهد والأهواز. والأهم من ذلك كله، أن الاحتجاجات وقعت بعد يوم واحد من استدعاء السلطات الإيرانية لمدرسين واعتقالهم وعدم الإفراج عنهم ما لم يوقعوا على تعهد بعدم المشاركة في الاحتجاجات التي أعلن عن تنظيمها في وقت سابق. وقد امتدت مطالب المعلمين الإيرانيين بدءاً من رفع الأجور إلى إطلاق سراح المعلمين، وهم أيضاً سجناء سياسيون، وصولاً لوجوب استشارتهم في اختيار المدراء والمطالبة باستقالة وزير التعليم بسبب عدم الكفاءة .وبحسب وكالة ايلنا الإيرانية شبه الرسمية، رفع المعلمون لافتات كتب عليها أن خط الفقر يقف عند أجر شهري يبلغ ثلاثة ملايين تومان إيراني( ألف دولار تقريباً) فيما يتقاضى المدرسون أجوراً لا تزيد عن ثلث ذلك المبلغ. وكان ذلك هو ثالث احتجاج للمعلمين في إيران نظموه خلال أشهر قليلة. وتقول كومنتري، بإنه مما يدعو للسخرية بأن معظم اليساريين الأوروبيين ومنهم ديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي، تجاهلوا ذكر تلك الاحتجاجات، بل هم يبررون الخطوات الدبلوماسية التي يتخذونها تجاه إيران على افتراض أن الحوار سوف يثمر عن تحسين ظروف معيشة أبناء الشعب الإيراني. ومن الواضح أن آلاف المدرسين من كافة المدن الإيرانية لا يتفقون مع ذلك الرأي. وترى المجلة بأنه بعدما تسلمت إيران، في الفترة الأخيرة، 119 مليار دولار من خلال تخفيف العقوبات على أموالها غير المجمدة، فمن الأجدر أن يدرك من يلوحون بأن تلك الأموال سوف تفيد الشعب الإيراني، بأنها سوف تنفق، عوضاً عن ذلك، لدعم المشاريع العسكرية . وكانت احتجاجات المعلمين في معظم المدن الإيرانية أكبر شاهد على ذلك. وبحسب كومنتري، وحتى عند تجاهل تلك التحركات، فمن الواضح أن الحركة العمالية الإيرانية حركة قوية وقادرة، كما فعلت قبل يومين، وكما تظاهر أعضاؤها في يوم 16 إبريل وكذلك في 1 مارس في القضاء على أي اتجاهات سياسية تقدمها المسيرات المؤيدة للنظام الإيراني . وتختم المجلة رأيها بأنه مما يدعو للسخرية أن يتجاهل الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وكذلك أعضاء مجلس الشيوخ من الديموقراطيين أمثال اليزابيث وارين وبيرني ساندرز، ووزيرة الخارجية الأمريكية السابقة، هيلاري كلينتون، ممن يدَّعون حماية العمال ومناصرة النقابات العمالية، بأن يديروا ظهورهم للعمال المضطهدين في دول مثل إيران، والذي خرجوا للمطالبة بإنهاء معاناتهم.