شيعة لبنان يحاربون داعش في سوريا ويبيعون لهم "الحشيش" في سهل البقاع تنظيم الدولة الإسلامية يحصل على 2 طن حشيش شهريا من المزارعين في لبنان لبيعه بالتجزئة مخدر الحشيش يتم زراعته فوق جبال القلمون التي تفصل وادي البقاع عن سوريا ومنها يتم تسليمه إلى "داعش" تعد تجارة "الحشيش" أحد الأسباب الرئيسية فى ثراء تنظيم الدولة الإسلامية فى بلاد العراق والشام والمعروف اختصارا ب "داعش" .. هذا ماشدد عليه الكاتب جيسي روزنفيلد في تقرير له بصحيفة ذا ديلي بيست الأمريكية, لافتا إلى أن معظم تجارة الحشيش بالتجزئة يسيطر عليها اللبنانيون الشيعة الذين يكنون العداء للتنظيم السني "داعش" ،ولكن هذا العداء لا يمنعهم من بيع طن أو اثنين لهم وأضاف روزنفيلد أن سهل البقاع في لبنان يشهد معارك دامية بين السوريين واللبنانيين ويسقط قتلى بأعداد فلكية نتيجة هذا القتال الذي يهدف في الأساس إلى السيطرة على جزء من مرتفعات لبنان ،ففي الجبال فقط تقع حقول المزارعين الفقراء من الشيعة الذين يزرعون الحشيش ويبيعونه إلى مسلحي داعش الذين يبيعونه بدورهم للحصول على التمويل اللازم لعملياتهم. ونقل الكاتب عن أحد المزارعين ويدعى عماد قوله إنه باع خلال الشهر الماضي حوالي طن من الحشيش لعناصر داعش والذي يزرع على مساحة 15 فدان فوق جبال القلمون التي تفصل وادي البقاع عن سوريا ،علما بأن والده البالغ من العمر 50 عاما وستة آخرون ممن يعرفهم جيدا يحاربون إلى جانب حزب الله ضد داعش في سوريا ،كما أن أحد أصدقائه المقربين تم قطع رأسه على يد مسلحي التنظيم في بلدة عرسال الحدودية التي تعد القاعدة الرئيسية لدعم التنظيم في لبنان والتي غالبا ما يتم فيها عمليات القتل الجماعي والاغتصاب والتعذيب تمهيدا لإعلان انفصالها عن لبنان وضمها لما يسمى الخلافة. لكن كل هذه الأمور لم تمنع عماد وبعض زملائه المزارعين من التوسط في صفقات المخدرات لصالح داعش والتي تضم أيضا عدد من المخدرات المتنوعة مثل الكوكايين والترامادول. وأوضح روزنفيلد , أن المقاتلين الموالين للرئيس السورى بشار الأسد أيضا يفضلون الذهاب للحرب وهم في حالة سكر حتى الثمالة ولذلك يلجأون إلى لبنان كواحدة من أكبر الدول المصدرة لكل أنواع المخدرات والمشروبات الروحية ،حيث أشار عماد إلى أنهم يبيعون إنتاجهم لعناصر الجيش السوري أيضا ولكن بنسبة أقل إذا ما تمت المقارنة بما يباع لداعش حيث يطلبون كيلوا أو اثنين من المخدرات في المرة الواحدة. "عماد" الذي يصفه "روزنفيلد" بأنه ذو جسم رياضي وملابس أنيقة أقر بأنه يكره داعش ويحمل لعناصرها عاطفة مريرة حتى أنه أقسم بأنه سوف يتعقبهم ويقتلهم في "عرسال" عقابا على ذبحهم أحد أقاربه ولكن العمل ليس له علاقة بهذه الأمور ،ووفقا له فالحرب تسببت في إعاقة طرق التجارة التقليدية عبر سوريا إلى الأسواق في الأردن وتركيا ولم يتبق سوى البيع للمسلحين كوسيلة لجني الأرباح. وقال عماد إنه قبل اندلاع المعارك في سوريا كان من السهل عبور الجبل بحوالي 200 كيلو جرام من الحشيش وبيعها بنظام التجزئة والحصول على النقدية والعودة بأمان ،أما في الوقت الحاضر لا يمكن تصدير أي نوع من المخدرات لسوريا إلا بأوامر من المسلحين. ووصف روزنفيلد الأجواء من حوله خلال حواره مع عماد قائل:ا إن الغيوم بدأت تغطي المكان المرتفع نسبيا فوق الوادي الخصيب حيث الأرض رطبة ودافئة بسبب فصل الربيع والمزارع الشيعي بدأ ينحني ويتفقد محصوله المزروع حديثا بيده المتصلبة ورفع بلطف ورقة خضراء مدببة حيث لديه قدرة فائقة على قراءة هذه الأوراق لمعرفة مدى صحتها بطرق ورثها من خلال أجداده المزارعين على مدى قرون وقد تخصصوا في زراعة نبتة الحشيش أو البانجو في هذه المنطقة ،مما جعل سهل البقاع هو المنطقة التقليدية لتجارة الحشيش. وقال روزنفيلد إن كل من داعش وجبهة النصرة لديهما القدرة على تطوير اقتصاد بيع الحشيش ،ونقل الكاتب عن أحمد الموصلي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية ببيروت والمتخصص في الحركات الإسلامية ،قوله إن التنظيم الإرهابي حقق مكاسب إقليمية واسعة على الحدود السورية مع لبنان حيث سيطر على مساحات كبيرة زرعها بنبات القنب بهدف التجارة والتربح ولكن هذه الأرباح تزداد صعوبة الحصول عليها على الأقل في لبنان ،فعلى الرغم من أن الحرب خلقت نوعا من الرواج لتجارة الحشيش في سهل البقاع كما تسببت أيضا في تغيير الطرق السرية لهذه التجارة وسحبت انتباه قوات الأمن بعيدا عن المزارعين لهذه الأعشاب إلا أن الزيادة الكبيرة في الإنتاج في نفس الوادي تسببت في تراجع الأسعار. ونتيجة لكل ذلك فقد أصبح هناك وفرة في الإنتاج بشكل استثنائي مع وجود أماكن أقل لبيعها وفقا لأحد تجار التجزئة الذي رفض ذكر اسمه لروزنفيلد وأطلق على نفسه لقب أبو حسين . وقد أكد أبو حسين أن العام الحالي شهد محصولا جيدا للحشيش ولكن كانت هناك صعوبة في التوزيع , وأشار روزنفيلد إلى أنه التقى بأبو حسين في بلدة بريتال الواقعة في سهل البقاع والمعروفة بأنها مركز الجريمة في لبنان ،كما أنها مركز لتجمع الشيعة حيث يوجد بها 20 ألف شيعي والذين يعملون في الغالب في تجارة المخدرات والأسلحة فضلا عن تزوير جوازات السفر. ووفقا لأبو حسين فإن معارك ضارية شهدتها بلدته بين عناصر حزب الله وأعدائهم من داعش مما دفع الأهالي للتراجع إلى الوراء مخلفين بعض مناطق زراعة الحشيش. واستعرض أبو حسين أمام روزنفيلد أحد طرق إخفاء الحشيش لبيعها ،حيث جلب من تحت الأريكة كيس به حوالي 10 رطل من الحشيش البني المحمر الذي لا يزال ينتظر الضغط على طاولة القهوة لتعبئته بعد ذلك ،حيث تفوح منه رائحة تجعل سنوب بوب يشعر بالفخر وفقا للكاتب ،ودوج أحد أشهر المغنيين الأمريكيين من أصل أفريقي والذي سجن بسبب تدخين الحشيش وأكد أبو حسين إنه يجب جلب حوالي 200 مليون دولار من تجارة الحشيش للوادي مما يعني أنه يجب بيع الكثير منه وعلى الأقل يجب توزيعه لحوالي 100 مصدر رئيسي. ويقول روزنفيلد إنه على الرغم من أن تجارة الحشيش يسيطر عليها بشكل رئيسي المزارعين الشيعة إلا أن أبو حسين يقول إن هناك عدد من القرويين السنة إضافة إلى عدد آخر من الطوائف الأخرى ومن بينهم المسيحيين الذين يعيشون في الجوار يعملون أيضا بنفس التجارة ،فهذه التجارة هي صناعة تصدير جماعية تعتمد على رشوة المسئولين الحكوميين وفقا لأبو حسين. وأشار أبو حسين إلى أن التدفق الهائل لأكثر من مليون لاجئ سوري إلى لبنان التي يبلغ عدد سكانها حوالي 4 ملايين نسمة تسبب في زيادة البطالة بشكل كبير ،والكثير من السوريين توجهوا إلى العمل في تجارة الحشيش وهم كانوا في الأساس مصدرا للعمالة الرخيصة التي تعمل في هذا المجال منذ أن احتل الجيش السوري مناطق من لبنان وسعى لمحوا الحدود مع سوريا. ووفقا لروزنفيلد فإن تجارة الحشيش تنتهي معظمها منذ بدء الأزمة السورية في مصر وسوريا والخليج ولكن أبو حسين أكد أنه يتم التوزيع إلى إسرائيل أيضا حيث يقوم الموزعون بالسفر إلى الأردن ومنها إلى دولة الاحتلال ،أو يتم إلقاء الحقائب عبر السياج الحدودي بين لبنان وشمال إسرائيل في مقابل الحصول على أكياس النقود من الخلف. ووفقا للمعلومات التي حصل عليها الكاتب فإن المزارعين يكون نصيبهم في النهاية حوالي 60 ألف دولار فقط من كل الحصاد بينما يتم البيع بحوالي 16 ضعف هذه الأموال ،وقد يفضل البعض منهم زراعة البطاطس أو الخضروات وقد حاول عدد منهم بالفعل ذلك لكن خسروا ما يقرب من 60 ألف دولار وفقا لقولهم مما يجل توجههم لهذا النوع من الزراعة ضربا من الخيال. ووفقا للمزارعين فإن السبب في توجههم لزراعة الحشيش هو عدم دعم الحكومة للزراعات العادية وكل المشرعات التي طرحتها الحكومة بهذا الشأن فشلت بسبب الفساد وفقا لقولهم. وقال روزنفيلد إن توارث زراعة وتجارة الحشيش في مرتفعات الوادي هي التي دفعت الزعيم الدرزي وليد جنبلاط رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان إلى المطالبة بإضفاء الشرعية على هذه الصناعة التي تخلق فرص العمل للفقراء , ولم تواجه مطالب جنبلاط بهذا الشأن معارضة كبيرة ،علما بأن هذا المطلب كان أيضا من بين مناوراته السياسية التي أراد بها إظهار دعمه للمزارعين من جانب والتقرب من الشيعة من جانب آخر . وأوضح روزنفيلد أن تجارة الحشيش هي إحدى التجارات الهامة جدا بالنسبة لتاريخ لبنان وسوف تكون مهمة لسنوات مقبلة سواء أصبحت شرعية أو غير شرعية.