حالة من الخوف والترقب يعيشها أهالي منطقة مثلث ماسبيرو بعد إعلان محافظة القاهرة عن تطوير المنطقة بالتعاون مع وزارتي الإسكان والتطوير الحضاري والعشوائيات . مخاوف أهالى مثلث ماسبيرو التى ترجع لعدة سنوات مضت تجددت هذه المرة بعد زيارة المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، للمنطقة حيث عقد لقاء شعبيا الجمعة الماضية بحضور الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة التطوير الحضري والعشوائيات، والدكتور جلال سعيد، محافظ القاهرة، مع أهالي ماسبيرو، لشرح مشروعات التطوير المقرر تنفيذها، والتأكيد على أن أحدا من الأهالى لن يضار نتيجة تنفيذ هذا المشروع. وخلال الاجتماع أكد "محلب" للأهالى أن الحكومة تسعى لإعادة تطوير منطقة مثلث ماسبيرو بما لا يضر احدا من أبناء المنطقة ، وأن الحكومة ستوقع وثيقة مع الأهالي والمستثمرين خلال الثلاثة أشهر المقبلة لتطوير المنطقة ، وأن الرئاسة تولي اهتماما بهذا الملف، وأنه تم تكليف الوزراء المعنيين بملف تطوير منطقة ماسبيرو بمراعاة مصلحة أهالي المنطقة أولا ، وعدم تهجير الأهالى من منازلهم . ذكريات السنين الماضية التي عاشها الأهالي ، تجعلهم قلقين وحذرين من التهجير القسرى، ونقلهم من مساكنهم التي عاشوا فيها عشرات السنين ، حيث تتمتع المنطقة بمواصفات متميزة يجعلها مطمعا لكثير من المستثمرين، نظرا لموقعها علي النيل. بدأت ملامح مخطط مشروع تطوير منطقة مثلث ماسبيرو منذ عام 2010 في عهد محافظ القاهرة الأسبق عبد العظيم وزير، تحت قيادة جمال مبارك وأباطرة الحزب الوطني المنحل بدعوى التطوير، حيث اتجهت المحافظة إلي نقل بعض الأسر لمساكن بمنطقتي النهضة وأكتوبر، وهو ما قوبل بالرفض من الأهالي ، نظراً لافتقار هذه الوحدات التى كان من المزمع نقلهم إليها للمرافق وبعدها عن الخدمات وأماكن عملهم. وأكد الأهالى وقتها أن الحكومة تتحايل عليهم للحصول على الأرض المقام عليها منازلهم ، والتى تدخل ضمن مشروع القاهرة 2050 .. كما اتهم الأهالي الحكومة بأنها تسعى لإخراجهم من المنطقة لصالح رجال الأعمال والمستثمرين المصريين والأجانب ، وأنها تستكثر على الفقراء العيش فى منطقة حيوية يتجاوز سعر المتر فيها 15 ألف جنيه. لم تكترث الحكومة فى ذلك الوقت بمخاوف أهالى مثلث ماسبيرو وتحفظاتهم بل ورفضهم التام للمشروع، وسعت لاستصدار قرارا بنزع ملكية أصحاب المنازل فى المنطقة تمهيداً لإزالتها.. واستمر الحال بين الحكومة والأهالي ما بين شد وجذب ، إلى أن جاءت ثورة 25 يناير 2011حيث تم تأجيل البت فى المشروع. ومع الانتخابات الرئاسية الأولى بعد ثورة يناير ، استقر الحكم في ايدى جماعة الإخوان بعد تولى الدكتور محمد مرسى رئاسة الجمهورية ، حيث تناولت وسائل الإعلام وثيقة قطرية تؤكد اتجاه الإخوان لبيع المنطقة لمستثمرين قطريين وتهجير أهلها ، فضلاً عن الاستيلاء على مبنى التلفزيون . وكشفت الوثيقة القطرية الصادرة من وحدة التعاون الدولي بوزارة الثقافة القطرية عن اتفاق خيرت الشاطر مع قطر على إخلاء مبنى "ماسبيرو" ونقل العاملين به وكافة أنشطة التليفزيون الرسمي إلى مدينة الإنتاج الإعلامي، وتسليمه إلى قطر، إضافة إلى منطقة مثلث ماسبيرو المحيط به. وجاء فى الوثيقة الصادرة بتاريخ 21 يناير 2013 والتي أرسلها مدير وحدة التعاون الدولي القطري محمد أحمد منصور السعدي إلى وزير الثقافة والفنون والتراث القطري حمد بن عبد العزيز الكوارى " بشأن ما ورد إلينا مؤخراً وتأكيداً على ما جاء بكتاب السيد المهندس محمد خيرت الشاطر، الخاص بالانتهاء من ملف "بناية ومثلث ماسبيرو" وسرعة تنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه نود إحاطة سعادتكم بأن اللجنة التي كلفت بالسفر إلى القاهرة والمشمولة بتوجيهاتكم الكريمة، والمنوط بها بحث وتحليل جميع النقاط التى وردت بكتاب المهندس محمد خيرت الشاطر قد أفادت واستقر وجدانها على الآتى: أولاً: التأكيد على حرص المهندس محمد خيرت الشاطر على تنفيذ كافة بنود الاتفاق الموقع فى الدوحة بشأن البناية الخاصة بالتليفزيون الرسمى لجمهورية مصر العربية والمعروفة باسم بناية ماسبيرو". وأشارت الوثيقة إلى أن وزير الثقافة القطرى أوصى بزيادة التعويضات للضعف وسرعة صرفها لأهالى منطقة مثلث ماسبيرو حتى لا يدفعون أكثر مستقبلاً. وأكدت الوثيقة الانتهاء من جميع الإجراءات الخاصة بنقل جميع نشاطات التليفزيون المصري إلى مدينة الإنتاج الإعلامي بالسادس من أكتوبر فى موعد أقصاه نهاية عام 2015 وتسليم البناية فى الأول من يناير 2016. كما شددت الوثيقة على استحالة تنفيذ البنود الخاصة بإخلاء المناطق المسماة مثلث ماسبيرو قبل الاتفاق مع جميع الشركات السعودية والكويتية المالكة لمساحة تزيد على 40% من مساحة المثلث الكلية البالغة 74 فداناً، أى ما يقرب من 311 ألف متر مربع. وأشارت الوثيقة إلى أن اللجنة ترى ضرورة السعي نحو تصعيد المباحثات إلى المستويات السياسية العليا لخلق الحلول اللازمة للتنازل. كما أكدت اللجنة ضرورة زيادة الميزانية المخصصة لصرف التعويضات اللازمة لسكان ما يسمى مثلث ماسبيرو بمقدار الضعف مع ضرورة الإسراع فى ذلك الأمر حتى لا نجد أنفسنا فى اضطرار لزيادات مالية أكثر فى المستقبل. وبناءا علي ذلك تعامل الشاطر وجماعته مع منطقة مثلث ماسبيرو ومبنى التلفزيون على أنهما من املاك الجماعة الخاصة أو أملاك مكتب الإرشاد، حيث يمتلكون حرية التصرف بها وهو ما أظهرته الوثيقة سالفة الذكر . ولم يكن غريبًا أن تمارس حكومة الدكتور هشام قنديل في ذلك الوقت ضغوطا على مسئولي مشروع مخطط القاهرة الاستراتيجي وعلى مسئولى محافظة القاهرة من أجل إخلاء منطقة ماسبيرو وبولاق من سكانها، كما كانت هناك ضغوطاً إخوانية كبيرة على مسئولى وزارة الإسكان بعد الاتفاقات السرية التى جرت بين حكومتي مصر وقطر بشأن هذه المنطقة تحديداً. ورغم ان مخطط تهجير سكان مثلث ماسبيرو لصالح عدد من المستثمرين نشأ فى أحضان حكومة الحزب الوطنى المنحل وبرعاية جمال مبارك ثم رعاه بعد الثورة الإخوان ومكتب الإرشاد لصالح عدد من المستثمرين القطريين إلا أن حكومة المهندس إبراهيم محلب تصر على تنفيذ المخطط وكأن شيئا لم يتغير.