فى خطوة جديدة لتحسس الأزمات والعمل على بترها، التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي بالبابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الأسبوع الماضي بقصر الإتحادية، وأعقب لقائهم بلقاءا موسعا مع قادة ورؤساء الطوائف المسيحية الأخرى، ورغم أن اللقاء لم يستغرق أكثر من ساعة إلا أن السيسي ناقش خلاله عدد من الموضوعات والقضايا أبرزها ظاهرة اختطاف المسيحيين التى تتنامى بشكل خاص فى صعيد مصر، بالإضافة إلى مسألة بناء دور العبادة المسيحية، كما نوه الرئيس إلى الدور الوطني للمسيحيين منذ بداية الثورة المصرية، مشيرا إلى أن هذه الوطنية طالما اتسم بها أقباط مصر، موضحا أن مشاكل المسيحيين ستكون محل اهتمام الدولة. رؤساء الكنائس عبروا عن سعادتهم بدعوة الرئيس لهم للتواصل والتعرف على أهم المشاكل التى تواجههم، مؤكدين أن هذه الخطوة سيذكرها التاريخ، خاصة وأنها تعد المرة الأولى التى يجتمع فيها السيسي برؤساء الكنائس. كما أوضحوا أن الرئيس وعد بحل مشاكل الكنيسة القبطية قريبا، وشدد على ضرورة المشاركة في دعم الاقتصاد المصري. من جانبه أوضح البابا تواضروس الثانى، بابا الأسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن لقائه بالرئيس عبد الفتاح السيسي كان بمثابة الجلسة الطيبة، لافتا إلى أن الرئيس قدم كل التقدير لكل أقباط مصر خاصة أبناء الكنيسة القبطية الأرثوذكسية باعتبارها الاقدم والأكثر وطنية، نافيا أن يكون اللقاء قد تطرق لانتخابات البرلمان المقبل أو التمثيل القبطي فيه. وتابع البابا: مصر كلها تضع أمالها علي أكتاف الرئيس، ولأنه يسير نحو الأفضل دائما، قدمت له شكر الكنيسة على البدء فى مشروع قناة السويس الجديد، فالمشروع هدية من مصر للعالم، ويبين أن مصر كبيرة، لا تنظر لأهلها وشعبها فقط بل تعمل دائما على خدمة العالم كله. وأكد البابا أن اللقاء بدأ بعرض مشاكل الكنيسة القبطية أولا ومن ثم تطرق الحوار لمشاكل الأقباط فى الدول العربية المجاورة، موضحا أن الرئيس أوكل الكنيسة دورا هما فى دعم الاقتصاد والتعليم والإعلام والمجتمع المصرى ككل، فضلا عن رؤية السيسي الرائعة فى التلاحم الوطني القوى بين المسلمين والمسيحيين خاصة وأن هذا موجود علي أرض الواقع. وفيما يخص الشأن القبطي والكنسي، أوضح البابا أنه تحدث إلي الرئيس حول قضايا عدة مثل حالات الاختطاف وبناء دور العبادة وكيف تطوير المناهج التعليمية، ودور الإعلام الإيجابي فى تجديد الخطاب الدينى ودعم المواطنة، لافتا إلى أن الرئيس كان يردد دائما "يوم الدولة بسنة" غير قاصد تأجيل، بل تأكيد على أن تطبيق الرؤى الجديدة تحتاج لوقت طويل. وأردف البابا أن لقاء الرئيس برؤساء الطوائف المسيحية يعكس رؤية وتقدير مؤسسة الرئاسة لأقباط المحروسة، وأن الكنيسة ركن من أركان المجتمع تماما كالأزهر الشريف والقوات المسلحة والشرطة والقضاء الشامخ والفن. وأضاف بقوله: الرئيس استمع جيدا لكل ما قيل، ووجدنا تحليلات للشأن القبطي والمصري والعربي، كذا اتفقنا على رفض موقف الحكومات الغربية التى لا تستطيع أن تتفهم ماحدث في مصر وتأخذ وجهة نظر عكسية، كذلك بعثنا من خلال اللقاء برسالة قوية فى الداخل والخارج تؤكد أننا نسير على الطريق الصحيح. ووجه البابا في نهاية كلمته المسجلة رسالة للمصريين والمسيحيين ورجال الأعمال وأهل الفكر والثقافة، قائلا: "يجب أن نعمل، العمل وحده سيجعل مصر ثابتة قوية، لها كلمة مسموعة، لذا علينا ندعم الاقتصاد، فالبلد فى حاجة لكل مساهمة ليكون اقتصادنا علي أرض صلبة قوية تصمد ضد الرغبات الشريرية التي تحيط بنا من أى جانب. ودعا رأس الكنيسة المصرية كافة المصريين في الداخل والخارج إلى ضرورة المشاركة فى دعم مصر، لاستعادة قوة اقتصادنا ودعم مشروع قناة السويس، من خلال صندوق "تحيا مصر". فى الصدد نفسه أوضح الأنبا إبراهيم إسحق، بطريرك الأقباط الكاثوليك، أن لقاء رؤساء الكنائس مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، كان وديا للغاية، حيث تضمن اللقاء الحديث حول عدة مجالات منها الأوضاع الراهنة للبلاد وآليات تضافر جهود الكنيسة والدولة لبناء مصر، مضيفا أن الرئيس تفهم وجود طلبات خاصة للكنائس، كذا تناول الحديث مشاكل الكنائس التى تعرضت للهدم والاعتداء من قبل المتشددين في أغسطس العام المنصرم، والتي لم يكتمل بناؤها وإعمارها، حيث وعد الرئيس باتمام اعمال البناء والترميم، وأنه سيتابع الأمر بنفسه. ولفت أسحق إلى أن الحديث تطرق إلى قانون بناء الكنائس الموحد، مشيرا إلى أن الرئيس كان رده واضح ومحدد حيث قال إن الصلاة حق مكفول لكل المصريين، وإنه وفق الدستور الجديد سيتم إقرار قانون بناء الكنائس، وإننا فى انتظار البرلمان المقبل لإقرار كل القوانين، مشددا على أن مصر للجميع. وأشار إلى أن اللقاء تطرق إلى المشاكل الاقتصادية التي تواجه البلاد، وضرورة تكاتف أبناء الوطن كافة للخروج منها، وإنه رغم صعوبتها فإن البلاد تسير بثبات، كذا اللقاء تناول الأوضاع بالمنطقة وما يجرى بالعراق، وكان موقف الرئيس واضحا في نبذ تلك الأفعال ووصفها بأن هناك مخططا يريد هدم المنطقة بأكملها وعلى الجميع التوعية بهذه الأمور، مطالبا رؤساء الكنائس بأن يكون لهم دور فى دعم العراق، وهو ما رحب به الرئيس ووعد بوضع آلياته. وأوضح بطريرك الكاثوليك أن اللقاء لم يتطرق إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة، مؤكدا أن أمور الانتخابات لم تناقش لأن هناك ضعفا للأحزاب، ولا سيما استغلال البعض لحالة الفقر، وعلى المجتمع أخذ ذلك بالاعتبار والعمل على التوعية ونشر الثقافة. وعلى نحو ذى صلة قال الدكتور القس صفوت البياضى، رئيس الطائفة الإنجيلية، إنه طالب الرئيس عبد الفتاح السيسى بأن تفتح مصر باب قبول الذين يطردون من ديارهم على أساس هويتهم الدينية، حيث قال "كما فعلنا مع إخوتنا السودانيين فلنرحب بإخوتنا المسيحيين العراقيين". وأضاف: "الرئيس خلال استقباله رؤساء الطوائف المسيحية من مصريين ويونانيين ولبنانيين وعراقيين الذين لهم كنائس فى مصر، كان حواره مبنيا على التفاؤل والعزم والإرادة وأن مصر تغيرت، وتبنى قواعدها على أسس متينة من الكرامة الإنسانية، وحقوق المواطنة والحرية الدينية، وأن الكل شركاء الوطن لا فرق بينهم". من جهته أكد المطران فيليب نجم رئيس الكنيسة الكلدانية بمصر، أن اجتماع رؤساء الكنائس المصرية مع الرئيس عبد الفتاح السيسى تطرق إلى أهم التحديات التى تواجه مصر الآن والتى تتمثل فى الثقافة والتربية خاصة النشء والشباب، موضحا أنه تم التطرق للحديث حول ملف المصالحة مع الإخوان المسلمين والرئيس حيث قال "من يريد أن يسير فى هذا الاتجاه أهلا وسهلا به"، مشيرا إلى أن هذه هى الجملة الوحيدة، التى قالها فى هذا الموضوع. وأضاف نجم أن الرئيس تحدث فى كيفية نشر ثقافة قبول الآخر محذرا مما يحدث الآن فى المنطقة العربية، موضحا أنه أكد ضرورة التكاتف فى مواجهة الجماعات الإرهابية وتماسك نسيج الأمة أمام هذه التحديات. وتابع "الحديث تطرق إلى كيفية بناء البنية التحتية للمجتمع المصرى حتى يتم مواجهة كل التحديات الاقتصادية والأخلاقية، وتم التطرق إلى الحديث عن أحداث المنطقه عامة وأوضاع العراق خاصة، والتأكيد على ضرورة توخى الحذر فى الفترة المقبلة واستيعاب الدرس من أحداث العراق. وقد حضر اللقاء البابا تواضروس الثانى، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والدكتور القس صفوت البياضى رئيس الكنيسة الإنجيلية، والأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الأقباط الكاثوليك، والقسيس سامى فوزى نيابة عن المطران منير حنا أنيس مطران الكنيسة الأسقفية فى مصر، نظرًا لسفره بالخارج، وعدد من المطارنة الكاثوليك منهم جورج بكر مطران الروم الكاثوليك وفيليب نجم مطران الكلدان، إلى جانب رؤساء الكنائس المصرية. وقد تباينت اراء النشطاء الاقباط عقب انتهاء الزيارة، حيث أكد البعض ان لقاء الرئيس برؤساء الكنائس امر جيد ويدل علي بداية جديدة بين الكنيسة ومؤسسة الرئاسة بعد توتر الأوضاع بينهم في عهد الرئيس السابق محمد مرسي، بينما قال البعض الآخر هناك حالة من الغموض يشهدها هذا اللقاء فما اعلن من جانب الطرفين قليل جدا ولا يوجد أي تفاصيل تذكر عن هذا اللقاء، الا معلومات تم الاتفاق بين الطرفين علي قلقله اعلانها. ومن جانبه انتقد هاني رمسيس، أحد اعضاء اتحاد شباب ماسبيرو، حالة الغموض التي تسيطر علي البيانات التي صدرات من مؤسسة الرئاسة والكنيسة فيما يخص اللقاء، رافضا أن يتم اختزال الاقباط في عدد من الاباء الكهنة. وطالب من الرئيس أن يلتقي بالنشطاء الأقباط خاصة وانهم من دفعوا الثمن اثناء مشاركتهم في الثورة لا الأباء الكهنة، وأضاف "هناك حالة من الاصرار من قبل الدولة علي اختزالنا في شخص البابا، ولكن نحن نرفض ذلك ولن نقبل بهذا الأمر مرة اخري". وأوضح رمسيسي أن ما تم اعلنه من موضوعات تم مناقشتها خلال اللقاء جيده جدا، ولكن لا يوجد رد واضح من قبل الرئيس علي هذه الموضوعات. وعن مطالب الأقباط التي لم يقدمها البابا للرئيس، فقال " البابا لم يوضح للرئيس مدي أهمال الدولة للاقباط، ولذلك لابد من الاعتماد علي الاقباط بشكل اكبر في مؤسسات الدولة، بالاضافة الي تولي قيادات الاقباط للمناصب العليا بالدولة. وتابع قائلا "لقد مللنا من الوجوه التي تعتمد عليها الدولة في التعامل مع الأقباط، وعلي الدولة أن تتوقف عن اختزال الاقباط في شخص واحد حتي لا تصطدم مع الشعب القبطي من جديد". واختلف معه كريم كمال، رئيس الإتحاد العام لأقباط من أجل الوطن، حيث أكد أن لقاء الرئيس برؤساء الكنائس حدث سيذكره التأريخ، مؤكدا أن نتائج اللقاء تبشر بتحسن العلاقات بين الدولة والكنيسة خلال الفترة المقبلة. لافتا الي أن رؤساء الكنائس تحدثوا مع الرئيس بشافيه وكشفوا عن جميع مخاوفهم، واشاد بطلب رئيس الطائفة الإنجيلية والتي طالب فيها الرئيس بأن تفتح مصر باب قبول الذين يطردون من ديارهم على أساس هويتهم الدينية. وأشار كمال الي أن رؤساء الكنائس استطاعوا ان يعبروا عن مطالب الأقباط ولم يغفلوا أي شئ يساهم في حل مشاكلهم، مؤكدا ان الاقباط ليس لهم مطالب خاصة ولكنهم مثل جميع المصريين وتحسن اوضاع المصريين ككل سيعود علي الأقباط بشكل خاص. واتفق معه في الرأي فادي يوسف مؤسس ائتلاف اقباط مصر، حيث قال اللقاء له دلالال كثيرة فهى تعطى اطمنأن لدى عامة الشعب ان هناك توافق بين القيادة المصرية والقيادة الكنسية، بالاضافة الي توضيح مدي اهتمام المؤسسة الرئاسية بمصر بجميع مواطنيها، هذا الي جانب مراعاة الرئيس لكافة الطوائف المسيحية بمصر وليس الطائفة الغالبة عددا وهو الارثوذكس التى يتراسها البابا تؤاضروس الثانى". موضحا أن الرئيس السيسي يتجه نحو مواطنه حقيقية داخل المجتمع المصرى ويستمع للجميع ويحقق مطالب الجميع، وهذا يظهر من خلال ترميم عدد من الكنائس التي تم الاعتداء عليها عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة، بالاضافة الي انه وعد بتشريع عدد من القوانين تؤكد على وحدة هذا الشعب. وتابع "لقد عانينا خلال العصور السابقة من رؤساء لا ينصتون لمطالنا وهى مطالب مصرية مشروعة مثل دور عبادة موحد وقانون احوال شخصية و تنظيم التحول الدينى". واكد يوسف أن الائتلاف لديه كامل الثقة للادراة الكنسية فى ان تمثل الأقباط امام السطات المصرية الي أن يتم انتخاب مجلس النواب ويكون الطريق الشرعى والرئيسى فى تقديم تلك المطالب. وأشار الي أن اللقاء لم يسع لتقديم جميع مشاكل الاقباط، ولكن تم وضع الاولويات، وتمني أن يكون هناك لقاءات اخري يتم فيها نقاش الجوانب الآخري التي لم يتم تغطيتها في هذا اللقاء.