وزارة العدل الأمريكية تحقق فى القضية بعد حصوله على رشاوى من مؤسسة "ناشيونال جيوجرافيك" قام بإعطاء تصاريح بشكل متواصل للمؤسسة التى يعمل بها للتصوير داخل الأهرامات التحقيقات الأمريكية أكدت أن ناشيونال جيوجرافيك كانت تدفع له 200 ألف دولار سنويا للحصول على عدد من المزايا بالمخالفة للقانون الحكم بسجن حواس ومنعه من السفر لفت أنظار جهات التحقيق الأمريكية عن علاقته بالمؤسسة التعليمية الأكبر فى العالم تواجه قناة ومؤسسة "ناشيونال جيوجرافيك" تحديا غير مسبوق لسمعتها باعتبارها واحدة من المؤسسات التعليمية والعلمية الأكثر احتراما في العالم، وذلك وسط تقارير مؤكدة يتم التحقيق فيها الآن في الولاياتالمتحدة بشأن علاقاتها مع وزير الآثار الأسبق زاهي حواس، والتي امتدت لسنوات طويلة قامت فيها المؤسسة باستغلال نفوذ وسطوة الرجل الذي يملك مفاتيح الآثار في مصر. وتجري جهات التحقيق الأمريكية الآن تحقيقا موسعا عن المعلومات التي وردت اليها والتي تؤكد أن المؤسسة التى تتخذ من واشنطن مقرا لها ، قد انتهكت القوانين الأمريكية الصارمة بدفع رشاوي لمسئولين في بعض الحكومات الأجنبية، بدءا من العام 2001 منهم زاهي حواس، الذي كان حتى الإطاحة بحسني مبارك، هو الحارس الوحيد والأقوى على كل الآثار المصرية، وذلك من خلال رئاسته للمجلس الأعلى للأثار لسنوات طويلة وهيمنته على كل الآثار وزيادة نفوذه بشكل قوى من خلال توطيد علاقاته بالأسرة الحاكمة خاصة زوجة الرئيس سوزان مبارك ونجليها علاء وجمال. وتشير صحيفة الإندبندنت الأمريكية التى نشرت التقرير الى أن حواس لعب دورا كبيرا وحاسما لمدة عشر سنوات في إعطاء تصاريح دخول وتصوير بشكل متواصل ل"ناشيونال جيوجرافيك" للمواقع الآثرية المصرية، بما في ذلك الأهرامات وكنوز توت عنخ آمون، والأخيرة بالذات هي التي أصبحت تمثل العمود الفقري والأساس لتوسع القناة والمؤسسة البحثية بسبب شعبيتها بين الجمهور في جميع ارجاء العالم وفي الولاياتالمتحدة تحديدا. وتؤكد التحقيقات أن الرسوم التي دفعتها المؤسسة لحواس مقابل تقديمه لهذه الخدمات، ووفقا أيضا لموقع "فوكاتيف" ، تراوحت بين 80 و200 ألف دولار سنويا، والتي كانت تذهب بأكملها الى جيوب "الحارس المؤتمن" على الأثار المصرية التي لا تقدر بثمن، والتي تعد بموجب كل من القانون المصري والأمريكي رشاوى غير مشروعة وتضع متلقيها ودافعها تحت طائلة القانون. ويقول الموقع في تقريره , إن وزارة العدل الأمريكية رفضت الإدلاء بأي معلومات تفصيلية عن الواقعة محل التحقيق، على اعتبار أن ذلك جزء من سياسة طويلة الأمد تخص الوزارة والتحقيقات الجارية فيها، وقال بيتر كار، المتحدث باسم الشعبة الجنائية بوزارة العدل الأمريكية: نحن عموما لا نؤكد أو ننفي ما إذا كانت المسألة قيد التحقيق الآن؛ وعلى الجانب الآخر قال المتحدث الرسمي باسم "ناشيونال جيوجرافيك" في بيان منفصل: "لقد التزمت الشركة بجميع القوانين المعمول بها وتصرفت بشكل مناسب فيما يتعلق بعلاقتها مع زاهي حواس وحكومة مصر؛ فيما نفي حواس بشدة تلقيه أي أموال غير مشروعة من الشركة , مؤكدا أن هذه الأموال كانت عبارة عن "عقد" مع المؤسسة الأمريكية ولم تكن رشوة، نافيا ان يكون اعطى اى امتيازات للمؤسسة. ويقول الموقع : رغم نفي كل من مؤسسة ناشيونال جيوجرافيك وزاهي حواس للأمر، وسواء كانت مخالفتهما للقانون غير واضحة حتى الآن أم لا، إلا أن علاقة المؤسسة مع حواس تقدم فكرة هامة عن العالم المتشابك بين المال والعلوم والأعمال التجارية؛ كما توضح أن حقيقة ووضع العمل الذي يجري حول القطع الأثرية في مصر. ويضيف مسئول سابق في المؤسسة: الحقيقة إن حواس وناشيونال جيوجرافيك - على الأقل في عيون المؤسسة- هما متلازمين ومترادفان، ويوافقه الرأي عضو آخر بالمؤسسة يقول: "كانت لدي دائما شكوك في أن المؤسسة كانت تدفع دائما الأموال للوصول إلى ما لم يستطيعوا الوصول إليه بطرق مشروعة. وتعود قصة تورط هذا المؤسسة في تلك المخالفات القانونية بالتزامن مع قرارها بإطلاق قناة الكابل الأمريكية فبعد سبعة أشهر من إطلاقها، أعلنت ناشيونال جيوجرافيك أنه تم إضافة زاهي حواس لفريق العمل بالقناة كمستكشف في المواقع الأثرية، وكان حواس بالفعل غير مشهور في ذلك الوقت، لكن بعد العمل مع المؤسسة صعد نجمه وبدأ اسمه يتردد بقوة على ألسنة المهتمين بالآثار الفرعونية والمصرية، حتى أن المكافأة الأولي التي قدمتها له القناة سنويا وصلت الى 80 ألف دولار، وهي تمثل اضعاف راتبه من العمل في الحكومة المصرية ويعترف حواس بذلك تماما لكنه يقول : إنه لا شيء غير قانوني فى هذا الأمر، ويضيف: عندما أصبحت مستكشفا، وقعت عقدا لتأليف عدد من الكتب والقاء المحاضرات، وطبقا للقانون المصري، إذا كنت مسئولا حكوميا ووقعت على عقد للتأليف وإلقاء المحاضرات، فعليك أن تحصل على موافقة الحكومة، وقد فعلت!. وكانت السنوات القليلة التالية لذلك تمثل ازدهارا كبيرا لحواس والمؤسسة معا، حيث أصبح الأول محط الأنظار في "سيرك" الأثار المصرية، والمثال الرئيسي لذلك ما تمت اذاعته عن كشف الغرف السرية بالأهرامات، والتي بثتها القناة مباشرة ل 141 بلدا, كما سمح حواس للقناة بوضع روبوت صغير داخل الهرم الاكبر لمعرفة ما يوجد على الجانب الآخر من الثقب الصغير، وما وراء الأبواب الغامضة بالهرم ، وتم ذلك وسط ترويج محموم للعرض، حتى أن صحيفة "تايمز اوف لندن" وصفته بمحاولة لكشف أحد الأسرار النهائية لآخر ما تبقى من العالم القديم. ويضيف الموقع أن العلاقة بين حواس والقناة كانت قوية جدا، ويقول خبير قانوني أمريكي إنها شكلت تحديات فريدة من نوعها في اللعب بالقانون وتفسيره، فكل عامين، كان حواس يوقع إتفاق جديد كمستكشف مع ناشيونال جيوجرافيك، التى كانت تدفع له المزيد من الأموال, وفي العقد كان على حواس الإقرار بأن خدماته للمؤسسة خارج مهامه الرسمية والحكومية، وأنها شرعية بموجب القانون المصري. لكن يقول خبراء آخرون إن المسألة تبعا للقانون الأمريكي، قد تكون مختلفة تماما، فقانون الممارسات الأجنبية الفاسدة يجعل من غير الشرعى دفع أموال للمسئولين الأجانب لتأمين أي ميزة غير لائقة، ويمكن أن العقوبات الجنائية للرشوة قاسية للغاية، وتصل لفرض غرامات على الشركة تصل إلى 2 مليون دولار، كما يمكن وضع الأفراد لخمس سنوات في السجن وغرامة أكثر من 250 ألف دولار؛ ويرى الخبراء أن الإشكالية هنا تكمن فى أن المؤسسة قامت بأعمال تجارية مع الهيئة الحكومية التي يديرها حواس، وبالتأكيد هذا يثير الشكوك. وأفضل مثال على علاقة حواس المعقدة مع المؤسسة، هو معرض القطع الأثرية للملك توت عنخ آمون الذي عقد في المتحف الأمريكي في 2005؛ والذي شاهده 8 ملايين شخص، ويقول مدير المتحف "جون نورمان: إن حواس أوصى بأن يتحدث المتحف لناشيونال جيوجرافيك لمعرفة ما إذا كانوا يريدون أن يشاركوا في تنظيم هذا المعرض أم لا، وفي نفس الوقت تقريبا،، قامت القتاة بتصوير فيلم عن توت عنخ آمون، وهو الفيلم الذي ظهر فيه حواس ليقدم ما أسماه استخدام التكنولوجيا الفائقة لكشف نتائج جديدة عن مقتل توت عنخ آمون، وكان هو أيضا على غلاف مجلة ناشيونال جيوجرافيك، وفي الشهر نفسه، أصدرت المؤسسة كتابا مصاحب لهذا المعرض، وكذلك إصدار للأطفال، وكان حواس هو مؤلف الاثنين معا. وعلى الرغم من إعلان حواس دائما أن اهتمامه الأساسي كان ينصب على حماية آثار مصر، إلا أن الحقيقة انه تلقى 120ألف دولار عام 2005 لعمله كمستكشف للمؤسسة الأمريكية، واستفاد أيضا من مبيعات الكتب واللقاءات التلفزيونية رغم أنه مكلف رسميا بحماية آثار بلاده، ويقول أحد المدعين العموميين الفيدراليين سابقا بحسب التقرير: عندما تبدأ في مثل هذا العمل مع عدم وضوح وتحديد للأدوار بهذا الشكل، فمن الصعب معرفة ما هي القواعد التي يتم اتباعها في كل هذه الأدوار التي تلعبها؟. ويؤكد الموقع أنه ربما كان هذا هو السبب في أن العاملين في المؤسسة كانوا يشعرون في كثير من الأحيان بعدم الارتياح إزاء هذه الترتيبات مع حواس، وكانت شكوكهم تدور حول السبب الذي تدفع المؤسسة من أجله الأموال الى مسئول حكومي مصري مثل حواس؟!. ويتعجب الكثير من الموظفين في ناشيونال جيوجرافيك بشدة من زاهي حواس الذي ذهب مؤخرا للعمل مع قناة "ديسكفري"، المنافس الأول لمؤسستهم، على الرغم من الاتفاقيات السابقة بينهما والتى منحهم من خلالها الحق في انتاج أفلام حصرية عن الآثار المصرية!. وقد كان الربيع العربي صعبا على حواس، ففي 2011، أعلن انه تنحى عن دوره كمستكشف للآثار، بعد ترقيته الى وزيرا للآثار، مما صنع موقف غير قانوني بالنسبة لتلقيه الأموال من الخارج.. لكن لم يمض وقت طويل حتى حكمت عليه المحكمة بالسجن لمدة سنة بتهم تتعلق بمخالفات في ابرام عقد مع إحدى المتاجر الواقعة بالمتحف المصري، ورغم إلغاء الحكم، إلا أنه تم إقالته من الحكومة. كما كان عصر مرسي أكثر عناء لحواس، وأيضا ل"ناشيونال جيوجرافيك"، حيث وجدت المحكمة أن معرض كليوباترا الذي وافق عليه حواس، كان لا بد من إعادته إلى مصر، بسبب أن الصفقة التي عقدها لشحن الآثار خارج البلاد كانت غير قانونية، كما حظرت النيابة العامة حواس من السفر، ورغم تبرئته في نهاية المطاف، إلا أن تلك الضجة ربما تكون هي التي لفتت انظار وزارة العدل الامريكية لعلاقته مع المؤسسة. ويضيف الموقع أن حواس لديه شعور ب"الأنا" متضخم جدا، حيث أكد أكثر من مرة أن مبلغ ال 200 ألف دولار التي دفعتها له ناشيونال جيوجرافيك في عام 2010 لا شيء" بالنسبة له، قائلا – أى حواس- : رسوم محاضراتي كبيرة جدا، فأحيانا اتقاضى 50 ألف دولار للمحاضرة، ومحاضراتي في الولاياتالمتحدة لها شعبية كبيرة ويحضرها أكثر من 4 آلاف شخص، وكل منهم يدفع 20 دولارا لحضورها.